دور المرأة في بناء المجتمع الإسلامي
في مرحله البناء في إيران الإسلامية كان كلٌّ من الشعب و الحكومة الإسلامية يحاولان تحقيق مسألة إعادة البناء مادياً و اجتماعياً و معنوياً إعادة حقيقة في هذا البلد الإسلامي ، و ذلك بالاتكاء و الاعتماد على الأيدي العاملة ؛ فإذا أرادت أي دولة أن تحقق مسألة إعادة البناء و إعمار البلاد بصورته الحقيقة و المؤثرة ، وجب أن يكون اهتماما الأول بالأيدي العاملة في تلك البلاد .
و عندما نشير إلى اليد العاملة يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار أن النساء يشكلن نصف عدد هذه الأيدي في البلاد ، لذا نقول : إذا كانت هناك نظرة خاطئة للمرأة في المجتمع ، فأنه لا يمكن تحقيق مسألة الاعمار و إعادة البناء الشامل .
يجب أن تتمتع النساء في بلادنا بالوعي الكامل و الالمام الشامل لنظرة الإسلام للمرأة و مكانتها فيه ؛ لتستطيع أن تدافع عن حقوقها بالاتكاء و الاعتماد على هذه النظرة السامية الرفيعة للمرأة .
يجب على كل أفراد المجتمع و على الرجال في البلاد الاسلامية ، أن يعلموا أن دور المرأة في نظر الإسلام هو عبارة عن وجودها في كل مجالات الحياة ، و تعلّمها و جدّها و سعيها في كل الجوانب الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و العلمية في المجتمع ، و يجب أيضاً أن يعلموا ما هو دور المرأة و واجبها في محيط الاسرة و خارجه ؟ .
إن للإسلام نظرة بيّنة و واضحة بالنسبة للمرأة ، و إذا أردنا أن نقارن هذه النظرة مع نظرة الثقافات الأخرى كالثقافة الغربية ، نجد أن النظرة الاسلامية لم تقطع اشواطاً كبيرة و متقدمة فقط ، بل إن لها تأريخاً قديماً يفوق ما هو عليه بالنسبة للرجل ، و هذه النظرة الاسلامية الصحيحة للمرأة هي بسبب نجاح و تقدم البلاد الاسلامية ، و ارتقاء مستوي النساء فيها .
أرجو من الأخوات العزيزات و خاصة جيل الشابات و صاحبات الهمم العظيمة و الأهداف السامية ، أن يصغين إلى ما اذكره من مختصر الكلام المطروح في هذا الوقت المحدود .
إن من يجب أن يكون له نشاط في هذا المجال ( مجال شؤون المرأة ) هن نساء مجتمعنا ، و إذا كان هناك قصور في المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي ، سواء كان في إيران او بعض الدول الإسلامية ، فباعتقادي أن جزءاً منه يرجع إلى النساء أنفسهن ، و الجزء الآخر يكون بسبب الرجال ؛ لأن من يجب عليه أن يعرف حقوق المرأة في الإسلام و أن يدافع عنها ، هي المرأة بالدرجة الأولى . يجب على النساء أن يعرفن ماذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم عن المرأة ، و ماذا يريد منها ، و يجب أيضاً أن يعرفن من الذي يحدّد مسؤولية المرأة حتى تستطيع أن تدافع عن حقها بما يقوله الإسلام و في إطار الإسلام ؛ و إذا كانت المرأة بعيدة عن هذه الأمور ، فسوف تسمح لفاقدي القيم الإنسانية أن يمارسوا الظلم لها ، كما نلاحظ في المجتمع الغربي الخاضع للأنظمة المادية ، بالرغم من كل هذه الشعارات المرفوعة لمصلحة المرأة . حيث نجد أن أكثر الظلم الذي يقع على المرأة في هذه المجتمع هو من قبل الرجال ، فنجد ظلم الأب لابنته و الأخ لأخته و الزوج لزوجته ، و نجد حسب الإحصائيات و الأرقام الموجودة على المستوى العالمي ، أن نسبة كبيرة من الظلم للمرأة و التعدي عليها يمارس من قبل رجال هذه المجتمعات الغربية .
إذا تحلّ القيم المعنوية مكانها الطبيعي ، و إذا لم تكن هي السائدة في نظام من الأنظمة ، فسوف تخلو القلوب من القوة المعنوية الإلهية ، و سيجد الرجال طريقة لظلم المرأة مستعيناً بقدرته الجسمانية المادية . إن الرادع الحقيقي لممارسة الظلم يتمثل في الله و الإيمان و القانون ، و أيضاً في معرفة المرأة لحقها الإنساني و الإلهي و الدفاع عنه و سعيها لتحقيقه بكل معنى الكلمة .
إن الإسلام قد عيّن حدّاً وسطاً في مسالة حقوق المرأة خالياً من الإفراط و التفريط ، حيث لم يعط للمرأة حق ممارسة الظلم . و في نفس الوقت لم يغض النظر عن الطبيعة الحاكمة التي تميّز الرجل عن المرأة ، إن الصراط المستقيم و القويم هو الصراط الإسلامي الذي حدّده الإسلام ، و نحن نشير إليه بصورة مختصرة .
عين الإسلام ثلاثة مجالات لنشاطات المرأة :
المجال الأول : التكامل و النمو و الترقي المعنوي للمرأة . إنّ المرأة لا تختلف عن الرجل في هذا المجال ، أي إن المرأة تستطيع أن تصل إلى أعلى درجات الكمال المعنوي ، كما يستطيع الرجل أن يصل إلى هذه الدرجات الرفيعة ، و القرآن الكريم عندما يريد أن يذكر نموذجاً للإنسان المؤمن يختاره من بين النساء كما يختاره من بين الرجال : ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ... ﴾ 1 . الله سبحانه و تعالى يذكر نموذجين من النساء بصفتهما رمزاً للإنسان المؤمن لا رمزاً للمرأة المؤمنة ، يعني أن الله تعالى عندما أراد أن يذكر نموذجاً و مثلاً لأعلى درجات الانسانية و التكامل المعنوي ذكره من النساء ، حيث ذكر امرأتين نموذجاً حياً لذلك إحداهما امرأة فرعون : ﴿ ... إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ 1 . لقد كافحت هذه المرأة تلك القدرة المتغطرسة الطاغوتية المتمثلة بزوجها ، و لم تخضع لظلمه المقتدر . إن عظمة هذه المرأة تتجلى في أن زوجها لم يستطع أن يفرض عليها طريق الظلال و هي في بيته ، مع أن عظمته و قدرته الواسعة استطاعت أن تسيطر و تهيمن على ملايين الرجال و جعلتهم رهن إرادته ، بل عاشت هذه المرأة حرّة و آمنت بالله و تركت طريق فرعون و طريق الضلال اختارت الطريق الإلهي القويم ، لذا ذكرها القرآن الكريم نموذجاً بارزاً لا لبني جنسها فقط بل للبشرية جمعاً رجالاً و نساءً .
المرأة الأخرى التي ذكرها القرآن الكريم هي مريم بنت عمران ( عليها السلام ) و أم عيسى ( عليه السلام ) ؛ هذه المرأة التي وقفت كالجبل الاشمّ أمام كل الظنون السيئة و التهم التي توجهت إليها من قبل سكان مدينتها و منطقتها ، و أخذت بيدها روح الله و كلمته ، هذه الآية العظمى التي زرعها الله تعالى في رحمها الطاهرة بقدرته و إرادته ، لتشقّ بها الظلام الذي كان مهيمناً على العالم في ذلك الزمان ؛ فهاتان المرأتان قد ملأتا الدنيا بنورهما و ضيائهما .
إذن المجال الأول هو مجال النمو و التكامل الروحي للإنسان ، و لا يوجد في هذا المجال فرق بين المرأة و الرجل ، المرأة مثل الرجل و الرجل أيضا مثل المرأة ، يستطيعان أن يصلا إلى أعلى مدارج الكمال المعنوي و التقرب إلى الله تعالى ، لذا يذكر القرآن الكريم هذه الآية المباركة : ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ... ﴾ 2 . نلاحظ ذكر الله تعالى المرأة إلى جانب الرجل : ﴿ ... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ 2 . إذن كلاهما في هذا الشأن سواء .
المجال الثاني : هو مجال النشاطات الاجتماعية الذي يشمل النشاطات الاقتصادية و السياسية و النشاطات الاجتماعية بالمعنى الأخص ، و أيضا تشمل النشاطات العلمية و طلب العلم و التدريس و السعي في سبيل الله و الجهاد و كل ميادين العمل في المجتمع . و في هذا المجال أيضا لا يجد الإسلام فرقاً بين الرجل و المرأة في ممارسه هذه النشاطات . و إذا كان هناك ادعاء أن الرجل يستطيع أن يدرس و المرأة لا تستطيع ، أو أن الرجل يستطيع أن يدرّس و المرأة لا تستطيع ، أو أن الرجل يستطيع أن تكون له نشاطات اقتصادية و المرأة لا تستطيع ، فهذا ادعاء يخالف نظرة الدين الإسلامي .
الإسلام يرى أن الرجال و النساء متساوون في ممارسة كل النشاطات المتعلقة بالمجتمع البشري . طبعاً توجد بعض الإعمال لا تلائم طبيعة جسم المرأة ، و هناك أيضاً بعض الأعمال لا تلائم طبيعة جسم الرجل ، و هذا لا يعني عدم إمكان مشاركه المرأة في النشاطات الاجتماعية ، بل تقسيم العمل يكون حسب القدرة و الرغبة و وجود مجالات تقتضي العمل فيها .
فالمرأة إذا أرادت و كان لها رغبة تستطيع أن يكون لها نشاطات مختلفة ، و تستطيع أن تؤدي أي عمل يتعلق بالمجتمع .
لقد عيّن الإسلام حدوداً لممارسة المرأة لنشاطها ، و هذه الحدود لا تتعلق بجواز مشاركة المرأة في النشاطات الاجتماعية أو عدم جوازها ، و إنما تتعلق بمسائل أخرى مثل الاختلاط بين الرجل و المرأة ، فالإسلام يؤكد أنه يجب أن تكون حدود للاختلاط بينهما ، سواء كان في الشارع أو الدائرة أو المتجر و غيرها من الأماكن الأخرى .
إن الاختلاط بين الرجال و المرأة يختلف عن الاختلاط بين الرجال أنفسهم ، و بين النساء فيما بينهن ، لذا على كل من الرجل و المرأة أن يأخذ هذه المسألة بنظر الاعتبار ، و إذا روعيت هذه المسألة من قبل الطرفين تستطيع المرأة أن تمارس كل النشاطات التي يمارسها الرجل ، و ذلك حسب قدرتها الجسمية و رغبتها في العمل و الفرصة المتاحة لها .
إن النساء يستطعن أن يتابعن مسألة طلب العلم و أن يصلن إلى درجات عالية و مرموقه منه ؛ و إذا كان البعض يعتقد أنه لا يمكن للفتيات طلب العلم ، فهذا اعتقاد خاطئ و خارج عن الصواب . يجب على الفتيات طلب العلم في الفروع التي يرغبن فيها ؛ لأن المجتمع بحاجة إلى الاختصاصات العلمية للفتيات و النساء كما أنه بحاجة إلى اختصاصات الذكور .
و لابد أن يكون الجو الدراسي لكل من الذكر و الأنثى طاهراً و نقيّاً ، و يجب أن تكون الجامعات مكاناً آمناً لأولاد الناس إناثا و ذكوراً ، و المحيط الخارجي يجب أن يكون محيطاً مناسباً من الناحية الأخلاقية ، و مؤهلاّ للمحافظة على عفّة كل من الإناث و الذكور ، و في حالة كون المحيط الخارجي كالشارع و السوق و المدرسة و غيرها محيطاً آمناً و نقيّاً من الناحية الأخلاقية و الفكرية ، يستطيع كل من المرأة و الفتاة المسلمة و الرجل و الصبي المسلم أن يمارس نشاطه في المجتمع .
إن الآباء و الأمهات و المسئولين تقع على عاتقهم مسؤولية إيجاد مثل هذا المحيط السالم أخلاقيا .
و لأجل الابتعاد عن الاختلاط فرض الله تعالى الحجاب . الحجاب هو وسيله من وسائل إيجاد الأمن الأخلاقي ، و بالحجاب يستطيع كل من الرجل و المرأة أن يحافظ على نفسه ، و في حاله ابتعاد المرأة عن الحجاب و سلوكها طريق الخلاعة التعري تضرّ نفسها و تسلب روحها الشعور بالأمن أولاً ، و تضرّ الرجل ثانياً ؛ لأنه كلما كان المحيط خإلياً من المفاسد الاجتماعية ، استطاع كل من الرجل و المرأة أن يؤديا مسؤوليتهما الاجتماعية .
إن الاسلام هو الذي فرض الحجاب باعتباره واحداً من الأحكام المهمة في الإسلام .
إذن المجال الثاني الذي ذكرناه كان عبارة عن النشاطات الاجتماعية و السياسية و العلمية و غيرها ، و المرأة لها حق انجاز مثل هذه النشاطات حسب مقتضيات زمانها و ما تجده واجباً عليها ، و أيضاً لها حق في أن تملأ الفراغ الذي تجده في مجتمعها ، مثلاً تستطيع الفتاه أن تكون طبيبة ، أو أن تخوض المجال الاقتصادي ، أو تشتغل في الحقل العلمي كأن تكون مدرسة تمارس التدريس ، أو تدخل المجالات السياسية ، أو أن تكون صحفية و غير ذلك .
إن المجال مفتوح إمامها بشرط أن تحافظ على عفتها ، و أن تبتعد عن الاختلاط . إذن المجال مفتوح لكل من المرأة و الرجل ، و هناك كثير من الكتب الاسلامية تشير إلى أن ما نقوله ، و حتى الاوامر و الواجبات الاسلامية في هذا المجال تحمّل كل من الرجل و المرأة مسؤولية اجتماعية واحدة : " من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم " ؛ هذا الخطاب لا يخص الرجال فقط بل يخاطب النساء أيضاً . على النساء أن يهتممن بشؤون المجتمع المسلم و العالم الإسلامي .
لقد جاء في الآية الشريفة من سورة الأحزاب أن الرجل و المرأة متساويان في الإيمان و القنوت و الخشوع و التصدّق و الصوم و الصبر و الاستقامة و العفة و ذكر الله . إذن النشاطات التي تمارسها المرأة هي نشاطات مباحة ، و ذلك بشرط المحافظة على عفتها ، و بممارسة المرأة لهذه النشاطات تضمن نصف الأيدي العاملة في المجتمع ، فعندما دخلت المرأة ميادين التدريس أصبح عدد المعلمين ضعف ما كان عليه سابقاً ، عندما كان التدريس مقتصراً على الرجال فقط .
إذن لا فرق بين الرجل و المرأة ، فكلٌّ منهما مسؤول أمام مسألة الاعمال و النشاطات الاقتصادية و وسائل التخطيط و التفكير و غيرها ، و أيضاً كلٌّ منهما مسؤول أمام شؤون الدولة و المدينة و القرية ، و حتى في شؤون التجمعات الصغيرة و المسائل الاسرية لكل منهما مسؤولية الخاصة .
أيتها الفتيات و النساء المؤمنات ، إن أوربا التي تدعي حرية المرأة . قبل نصف قرن لم يكن للمرأة الاوربية حق التصرف بثروتها الشخصية ، و كان يجب عليها أن تضعها تحت تصرف أخيها أو أبيها أو زوجها ليستفيد منها لصالحها أو لصالحه ؛ أما في الإسلام فالمرأة هي المالكة لثروتها و لها حق التصرف بها ، سواء رضي الزوج أو الأب أو لم يرض ، و لا يستطيع أحد أن يمنعها .
إن النظرية الإسلامية في استقلإلية المرأة اقتصادياً قد سبقت العالم ، إذ صرّح الإسلام بهذه المسألة قبل ثلاثة عشر قرناً ، أما في أوربا فلم يصرح بهذه المسألة إلّا قبل أربعين أو خمسين سنة ، حتى إن بعض الدول لم تعط للمرأة استقلإلها الاقتصادي إلّا قبل سنين قليلة ، حيث سمح للمرأة و أُعطيت حق التصرف بأموالها ؛ لذا نقول إن الإسلام قد سبق غيره في هذه المسائل .
المجال الثالث : هو مجال الأسرة . لقد أشرنا سابقاً إلى نشاط المرأة في مسألة التكامل المعنوي ، و أيضاً أشرنا إلى الحكم الاسلامي و النظرية الاسلامية بالنسبة لكل أنواع النشاطات الأخرى . أما في هذا القسم فنريد أن نطرح مسألة دور المرأة الاسري ، يعني دور المرأة بصفتها زوجةً و أمّاً ، و الأحكام الإسلامية في هذا المضمار قد وصلت إلى درجة من الوضوح و الجلاء و الرفعة بحيث يشعر الإنسان بالعزة و الفخر عندما يراها و يواجهها . و قد اعطى الإسلام أهمية خاصة للمرأة في كل الأحوال سواء كانت زوجة أو أمّاً .
ففي مسألة انتخاب الزوج ، تملك المرأة الحرية المطلقة في انتخاب شريك حياتها ، و لا يستطيع أحد أن يجبرها حتى أخوها و أبوها ، فضلاً عن سائر أقاربها .
هذه هي نظرية الإسلام و رأيه في مسألة الزواج ؛ و لكن توجد في المجتمع الإسلامي بعض العادات و التقاليد الجاهلية حتى في بعض مناطق إيران ، فمثلاً في بعض العشائر يستطيع ابن العم أن يتدخل في زواج بنت عمه ، و هذا عين الخطأ ؛ لأن الإسلام لم يعط لأحد حق التدخل في هذه المسائل ، و هذه عادات جاهلية لا يمكن أن نتهم الإسلام بها بمجرد ما صدرت عن بعض جلاء المسلمين ، فهؤلاء يتصرفون حسب عادات و تقاليد جاهلية لا تمت بالإسلام و إحكامه الجلية بأي صلة .
يتبع
في مرحله البناء في إيران الإسلامية كان كلٌّ من الشعب و الحكومة الإسلامية يحاولان تحقيق مسألة إعادة البناء مادياً و اجتماعياً و معنوياً إعادة حقيقة في هذا البلد الإسلامي ، و ذلك بالاتكاء و الاعتماد على الأيدي العاملة ؛ فإذا أرادت أي دولة أن تحقق مسألة إعادة البناء و إعمار البلاد بصورته الحقيقة و المؤثرة ، وجب أن يكون اهتماما الأول بالأيدي العاملة في تلك البلاد .
و عندما نشير إلى اليد العاملة يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار أن النساء يشكلن نصف عدد هذه الأيدي في البلاد ، لذا نقول : إذا كانت هناك نظرة خاطئة للمرأة في المجتمع ، فأنه لا يمكن تحقيق مسألة الاعمار و إعادة البناء الشامل .
يجب أن تتمتع النساء في بلادنا بالوعي الكامل و الالمام الشامل لنظرة الإسلام للمرأة و مكانتها فيه ؛ لتستطيع أن تدافع عن حقوقها بالاتكاء و الاعتماد على هذه النظرة السامية الرفيعة للمرأة .
يجب على كل أفراد المجتمع و على الرجال في البلاد الاسلامية ، أن يعلموا أن دور المرأة في نظر الإسلام هو عبارة عن وجودها في كل مجالات الحياة ، و تعلّمها و جدّها و سعيها في كل الجوانب الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و العلمية في المجتمع ، و يجب أيضاً أن يعلموا ما هو دور المرأة و واجبها في محيط الاسرة و خارجه ؟ .
إن للإسلام نظرة بيّنة و واضحة بالنسبة للمرأة ، و إذا أردنا أن نقارن هذه النظرة مع نظرة الثقافات الأخرى كالثقافة الغربية ، نجد أن النظرة الاسلامية لم تقطع اشواطاً كبيرة و متقدمة فقط ، بل إن لها تأريخاً قديماً يفوق ما هو عليه بالنسبة للرجل ، و هذه النظرة الاسلامية الصحيحة للمرأة هي بسبب نجاح و تقدم البلاد الاسلامية ، و ارتقاء مستوي النساء فيها .
أرجو من الأخوات العزيزات و خاصة جيل الشابات و صاحبات الهمم العظيمة و الأهداف السامية ، أن يصغين إلى ما اذكره من مختصر الكلام المطروح في هذا الوقت المحدود .
إن من يجب أن يكون له نشاط في هذا المجال ( مجال شؤون المرأة ) هن نساء مجتمعنا ، و إذا كان هناك قصور في المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي ، سواء كان في إيران او بعض الدول الإسلامية ، فباعتقادي أن جزءاً منه يرجع إلى النساء أنفسهن ، و الجزء الآخر يكون بسبب الرجال ؛ لأن من يجب عليه أن يعرف حقوق المرأة في الإسلام و أن يدافع عنها ، هي المرأة بالدرجة الأولى . يجب على النساء أن يعرفن ماذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم عن المرأة ، و ماذا يريد منها ، و يجب أيضاً أن يعرفن من الذي يحدّد مسؤولية المرأة حتى تستطيع أن تدافع عن حقها بما يقوله الإسلام و في إطار الإسلام ؛ و إذا كانت المرأة بعيدة عن هذه الأمور ، فسوف تسمح لفاقدي القيم الإنسانية أن يمارسوا الظلم لها ، كما نلاحظ في المجتمع الغربي الخاضع للأنظمة المادية ، بالرغم من كل هذه الشعارات المرفوعة لمصلحة المرأة . حيث نجد أن أكثر الظلم الذي يقع على المرأة في هذه المجتمع هو من قبل الرجال ، فنجد ظلم الأب لابنته و الأخ لأخته و الزوج لزوجته ، و نجد حسب الإحصائيات و الأرقام الموجودة على المستوى العالمي ، أن نسبة كبيرة من الظلم للمرأة و التعدي عليها يمارس من قبل رجال هذه المجتمعات الغربية .
إذا تحلّ القيم المعنوية مكانها الطبيعي ، و إذا لم تكن هي السائدة في نظام من الأنظمة ، فسوف تخلو القلوب من القوة المعنوية الإلهية ، و سيجد الرجال طريقة لظلم المرأة مستعيناً بقدرته الجسمانية المادية . إن الرادع الحقيقي لممارسة الظلم يتمثل في الله و الإيمان و القانون ، و أيضاً في معرفة المرأة لحقها الإنساني و الإلهي و الدفاع عنه و سعيها لتحقيقه بكل معنى الكلمة .
إن الإسلام قد عيّن حدّاً وسطاً في مسالة حقوق المرأة خالياً من الإفراط و التفريط ، حيث لم يعط للمرأة حق ممارسة الظلم . و في نفس الوقت لم يغض النظر عن الطبيعة الحاكمة التي تميّز الرجل عن المرأة ، إن الصراط المستقيم و القويم هو الصراط الإسلامي الذي حدّده الإسلام ، و نحن نشير إليه بصورة مختصرة .
عين الإسلام ثلاثة مجالات لنشاطات المرأة :
المجال الأول : التكامل و النمو و الترقي المعنوي للمرأة . إنّ المرأة لا تختلف عن الرجل في هذا المجال ، أي إن المرأة تستطيع أن تصل إلى أعلى درجات الكمال المعنوي ، كما يستطيع الرجل أن يصل إلى هذه الدرجات الرفيعة ، و القرآن الكريم عندما يريد أن يذكر نموذجاً للإنسان المؤمن يختاره من بين النساء كما يختاره من بين الرجال : ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ ... ﴾ 1 . الله سبحانه و تعالى يذكر نموذجين من النساء بصفتهما رمزاً للإنسان المؤمن لا رمزاً للمرأة المؤمنة ، يعني أن الله تعالى عندما أراد أن يذكر نموذجاً و مثلاً لأعلى درجات الانسانية و التكامل المعنوي ذكره من النساء ، حيث ذكر امرأتين نموذجاً حياً لذلك إحداهما امرأة فرعون : ﴿ ... إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ 1 . لقد كافحت هذه المرأة تلك القدرة المتغطرسة الطاغوتية المتمثلة بزوجها ، و لم تخضع لظلمه المقتدر . إن عظمة هذه المرأة تتجلى في أن زوجها لم يستطع أن يفرض عليها طريق الظلال و هي في بيته ، مع أن عظمته و قدرته الواسعة استطاعت أن تسيطر و تهيمن على ملايين الرجال و جعلتهم رهن إرادته ، بل عاشت هذه المرأة حرّة و آمنت بالله و تركت طريق فرعون و طريق الضلال اختارت الطريق الإلهي القويم ، لذا ذكرها القرآن الكريم نموذجاً بارزاً لا لبني جنسها فقط بل للبشرية جمعاً رجالاً و نساءً .
المرأة الأخرى التي ذكرها القرآن الكريم هي مريم بنت عمران ( عليها السلام ) و أم عيسى ( عليه السلام ) ؛ هذه المرأة التي وقفت كالجبل الاشمّ أمام كل الظنون السيئة و التهم التي توجهت إليها من قبل سكان مدينتها و منطقتها ، و أخذت بيدها روح الله و كلمته ، هذه الآية العظمى التي زرعها الله تعالى في رحمها الطاهرة بقدرته و إرادته ، لتشقّ بها الظلام الذي كان مهيمناً على العالم في ذلك الزمان ؛ فهاتان المرأتان قد ملأتا الدنيا بنورهما و ضيائهما .
إذن المجال الأول هو مجال النمو و التكامل الروحي للإنسان ، و لا يوجد في هذا المجال فرق بين المرأة و الرجل ، المرأة مثل الرجل و الرجل أيضا مثل المرأة ، يستطيعان أن يصلا إلى أعلى مدارج الكمال المعنوي و التقرب إلى الله تعالى ، لذا يذكر القرآن الكريم هذه الآية المباركة : ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ... ﴾ 2 . نلاحظ ذكر الله تعالى المرأة إلى جانب الرجل : ﴿ ... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ 2 . إذن كلاهما في هذا الشأن سواء .
المجال الثاني : هو مجال النشاطات الاجتماعية الذي يشمل النشاطات الاقتصادية و السياسية و النشاطات الاجتماعية بالمعنى الأخص ، و أيضا تشمل النشاطات العلمية و طلب العلم و التدريس و السعي في سبيل الله و الجهاد و كل ميادين العمل في المجتمع . و في هذا المجال أيضا لا يجد الإسلام فرقاً بين الرجل و المرأة في ممارسه هذه النشاطات . و إذا كان هناك ادعاء أن الرجل يستطيع أن يدرس و المرأة لا تستطيع ، أو أن الرجل يستطيع أن يدرّس و المرأة لا تستطيع ، أو أن الرجل يستطيع أن تكون له نشاطات اقتصادية و المرأة لا تستطيع ، فهذا ادعاء يخالف نظرة الدين الإسلامي .
الإسلام يرى أن الرجال و النساء متساوون في ممارسة كل النشاطات المتعلقة بالمجتمع البشري . طبعاً توجد بعض الإعمال لا تلائم طبيعة جسم المرأة ، و هناك أيضاً بعض الأعمال لا تلائم طبيعة جسم الرجل ، و هذا لا يعني عدم إمكان مشاركه المرأة في النشاطات الاجتماعية ، بل تقسيم العمل يكون حسب القدرة و الرغبة و وجود مجالات تقتضي العمل فيها .
فالمرأة إذا أرادت و كان لها رغبة تستطيع أن يكون لها نشاطات مختلفة ، و تستطيع أن تؤدي أي عمل يتعلق بالمجتمع .
لقد عيّن الإسلام حدوداً لممارسة المرأة لنشاطها ، و هذه الحدود لا تتعلق بجواز مشاركة المرأة في النشاطات الاجتماعية أو عدم جوازها ، و إنما تتعلق بمسائل أخرى مثل الاختلاط بين الرجل و المرأة ، فالإسلام يؤكد أنه يجب أن تكون حدود للاختلاط بينهما ، سواء كان في الشارع أو الدائرة أو المتجر و غيرها من الأماكن الأخرى .
إن الاختلاط بين الرجال و المرأة يختلف عن الاختلاط بين الرجال أنفسهم ، و بين النساء فيما بينهن ، لذا على كل من الرجل و المرأة أن يأخذ هذه المسألة بنظر الاعتبار ، و إذا روعيت هذه المسألة من قبل الطرفين تستطيع المرأة أن تمارس كل النشاطات التي يمارسها الرجل ، و ذلك حسب قدرتها الجسمية و رغبتها في العمل و الفرصة المتاحة لها .
إن النساء يستطعن أن يتابعن مسألة طلب العلم و أن يصلن إلى درجات عالية و مرموقه منه ؛ و إذا كان البعض يعتقد أنه لا يمكن للفتيات طلب العلم ، فهذا اعتقاد خاطئ و خارج عن الصواب . يجب على الفتيات طلب العلم في الفروع التي يرغبن فيها ؛ لأن المجتمع بحاجة إلى الاختصاصات العلمية للفتيات و النساء كما أنه بحاجة إلى اختصاصات الذكور .
و لابد أن يكون الجو الدراسي لكل من الذكر و الأنثى طاهراً و نقيّاً ، و يجب أن تكون الجامعات مكاناً آمناً لأولاد الناس إناثا و ذكوراً ، و المحيط الخارجي يجب أن يكون محيطاً مناسباً من الناحية الأخلاقية ، و مؤهلاّ للمحافظة على عفّة كل من الإناث و الذكور ، و في حالة كون المحيط الخارجي كالشارع و السوق و المدرسة و غيرها محيطاً آمناً و نقيّاً من الناحية الأخلاقية و الفكرية ، يستطيع كل من المرأة و الفتاة المسلمة و الرجل و الصبي المسلم أن يمارس نشاطه في المجتمع .
إن الآباء و الأمهات و المسئولين تقع على عاتقهم مسؤولية إيجاد مثل هذا المحيط السالم أخلاقيا .
و لأجل الابتعاد عن الاختلاط فرض الله تعالى الحجاب . الحجاب هو وسيله من وسائل إيجاد الأمن الأخلاقي ، و بالحجاب يستطيع كل من الرجل و المرأة أن يحافظ على نفسه ، و في حاله ابتعاد المرأة عن الحجاب و سلوكها طريق الخلاعة التعري تضرّ نفسها و تسلب روحها الشعور بالأمن أولاً ، و تضرّ الرجل ثانياً ؛ لأنه كلما كان المحيط خإلياً من المفاسد الاجتماعية ، استطاع كل من الرجل و المرأة أن يؤديا مسؤوليتهما الاجتماعية .
إن الاسلام هو الذي فرض الحجاب باعتباره واحداً من الأحكام المهمة في الإسلام .
إذن المجال الثاني الذي ذكرناه كان عبارة عن النشاطات الاجتماعية و السياسية و العلمية و غيرها ، و المرأة لها حق انجاز مثل هذه النشاطات حسب مقتضيات زمانها و ما تجده واجباً عليها ، و أيضاً لها حق في أن تملأ الفراغ الذي تجده في مجتمعها ، مثلاً تستطيع الفتاه أن تكون طبيبة ، أو أن تخوض المجال الاقتصادي ، أو تشتغل في الحقل العلمي كأن تكون مدرسة تمارس التدريس ، أو تدخل المجالات السياسية ، أو أن تكون صحفية و غير ذلك .
إن المجال مفتوح إمامها بشرط أن تحافظ على عفتها ، و أن تبتعد عن الاختلاط . إذن المجال مفتوح لكل من المرأة و الرجل ، و هناك كثير من الكتب الاسلامية تشير إلى أن ما نقوله ، و حتى الاوامر و الواجبات الاسلامية في هذا المجال تحمّل كل من الرجل و المرأة مسؤولية اجتماعية واحدة : " من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم " ؛ هذا الخطاب لا يخص الرجال فقط بل يخاطب النساء أيضاً . على النساء أن يهتممن بشؤون المجتمع المسلم و العالم الإسلامي .
لقد جاء في الآية الشريفة من سورة الأحزاب أن الرجل و المرأة متساويان في الإيمان و القنوت و الخشوع و التصدّق و الصوم و الصبر و الاستقامة و العفة و ذكر الله . إذن النشاطات التي تمارسها المرأة هي نشاطات مباحة ، و ذلك بشرط المحافظة على عفتها ، و بممارسة المرأة لهذه النشاطات تضمن نصف الأيدي العاملة في المجتمع ، فعندما دخلت المرأة ميادين التدريس أصبح عدد المعلمين ضعف ما كان عليه سابقاً ، عندما كان التدريس مقتصراً على الرجال فقط .
إذن لا فرق بين الرجل و المرأة ، فكلٌّ منهما مسؤول أمام مسألة الاعمال و النشاطات الاقتصادية و وسائل التخطيط و التفكير و غيرها ، و أيضاً كلٌّ منهما مسؤول أمام شؤون الدولة و المدينة و القرية ، و حتى في شؤون التجمعات الصغيرة و المسائل الاسرية لكل منهما مسؤولية الخاصة .
أيتها الفتيات و النساء المؤمنات ، إن أوربا التي تدعي حرية المرأة . قبل نصف قرن لم يكن للمرأة الاوربية حق التصرف بثروتها الشخصية ، و كان يجب عليها أن تضعها تحت تصرف أخيها أو أبيها أو زوجها ليستفيد منها لصالحها أو لصالحه ؛ أما في الإسلام فالمرأة هي المالكة لثروتها و لها حق التصرف بها ، سواء رضي الزوج أو الأب أو لم يرض ، و لا يستطيع أحد أن يمنعها .
إن النظرية الإسلامية في استقلإلية المرأة اقتصادياً قد سبقت العالم ، إذ صرّح الإسلام بهذه المسألة قبل ثلاثة عشر قرناً ، أما في أوربا فلم يصرح بهذه المسألة إلّا قبل أربعين أو خمسين سنة ، حتى إن بعض الدول لم تعط للمرأة استقلإلها الاقتصادي إلّا قبل سنين قليلة ، حيث سمح للمرأة و أُعطيت حق التصرف بأموالها ؛ لذا نقول إن الإسلام قد سبق غيره في هذه المسائل .
المجال الثالث : هو مجال الأسرة . لقد أشرنا سابقاً إلى نشاط المرأة في مسألة التكامل المعنوي ، و أيضاً أشرنا إلى الحكم الاسلامي و النظرية الاسلامية بالنسبة لكل أنواع النشاطات الأخرى . أما في هذا القسم فنريد أن نطرح مسألة دور المرأة الاسري ، يعني دور المرأة بصفتها زوجةً و أمّاً ، و الأحكام الإسلامية في هذا المضمار قد وصلت إلى درجة من الوضوح و الجلاء و الرفعة بحيث يشعر الإنسان بالعزة و الفخر عندما يراها و يواجهها . و قد اعطى الإسلام أهمية خاصة للمرأة في كل الأحوال سواء كانت زوجة أو أمّاً .
ففي مسألة انتخاب الزوج ، تملك المرأة الحرية المطلقة في انتخاب شريك حياتها ، و لا يستطيع أحد أن يجبرها حتى أخوها و أبوها ، فضلاً عن سائر أقاربها .
هذه هي نظرية الإسلام و رأيه في مسألة الزواج ؛ و لكن توجد في المجتمع الإسلامي بعض العادات و التقاليد الجاهلية حتى في بعض مناطق إيران ، فمثلاً في بعض العشائر يستطيع ابن العم أن يتدخل في زواج بنت عمه ، و هذا عين الخطأ ؛ لأن الإسلام لم يعط لأحد حق التدخل في هذه المسائل ، و هذه عادات جاهلية لا يمكن أن نتهم الإسلام بها بمجرد ما صدرت عن بعض جلاء المسلمين ، فهؤلاء يتصرفون حسب عادات و تقاليد جاهلية لا تمت بالإسلام و إحكامه الجلية بأي صلة .
يتبع
تعليق