فقد كان التحدث بحديث الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أمرا مكروها ،بل محظورا من قبل الخلفاء إلى عصر عمر بن عبد العزيز ( 19 - 101 ه ) ، بل إلى عصرالمنصور العباسي ( 341 ه ) ، ولكن كان المجال للتحدث بالأساطير من قبل هؤلاء أمر امسموحا به ، فهذا هو تميم بن أوس الداري من رواة الأساطير ، وقد أسلم سنة تسع للهجرة ، وهو أول من قص بين المسلمين واستأذن عمر أن يقص على الناس قائما ، فأذن له ، وكان يسكن المدينة ثم انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان ( 1 ) . ولما سمحت الظروف لمثل هذا الكتابي أن يتحدث بما تعلم في حياته السابقة ومنع من أراد التحدث بحديث الرسول ، لذا كان المجال خصبا لنشر الأساطير والعقائد الخرافية . يقول الشهرستاني : وضع كثير من اليهود الذين اعتنقوا الإسلام أحاديث متعددة في مسائل التجسيم والتشبيه وكلها مستمدة من التوراة ( 2 ) . وهذا هو المقدسي يتكلم عن وجود هذه العقائد بين عرب الجاهلية ، يقول : وكان فيهم من كل ملة ودين ، وكانت الزندقة والتعطيل في قريش ، والمزدكية والمجوسية في تميم ، واليهودية والنصرانية في غسان ، وعبادة الأوثان في سائرهم ( 3 ) . قال ابن خلدون : إن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية ، وإذا تشوقوا إلى معرفة شئ مما تتوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ، ويستفيدونه منهم ، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى ، مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم ، فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وتساهل المفسرون في مثل ذلك وملأوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها كلها كما قلنا من التوراة أو مماكانوا يفترون ( 4 ).
( 1 ) ابن عبد البر ، الاستيعاب ، في هامش الإصابة ; وابن حجر ، الإصابة 1 :189 ; والجزري ، أسد الغابة 1 : 215 ; والمتقي الهندي ، كنز العمال 1 :281 برقم 29448
2- الشهرستاني ،الملل والنحل 1 :117 .
3 - المقدسي ، البدء والتاريخ 4 :31 .
4 - ابن خلدون ، المقدمة : 439
( 1 ) ابن عبد البر ، الاستيعاب ، في هامش الإصابة ; وابن حجر ، الإصابة 1 :189 ; والجزري ، أسد الغابة 1 : 215 ; والمتقي الهندي ، كنز العمال 1 :281 برقم 29448
2- الشهرستاني ،الملل والنحل 1 :117 .
3 - المقدسي ، البدء والتاريخ 4 :31 .
4 - ابن خلدون ، المقدمة : 439
تعليق