إن المعصية ولو كانت صغيره تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها، ولا يدرك صاحبها خطرها، وتتسرب واحدة وراء الأخرى إلى قلبه، حتى لا يبالي بها، ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها، فيضعف في قلبه تعظيم الله وتعظيم حرماته، كما أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخر وتعوقه أو توقفه فلا تدعه يخطوا إلى الله خطوة، فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر، وينكس الطالب."]
{كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
إن نعمة رقة القلب من أجل النعم وأعظمها، وما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعوداً بعذاب الله فقد قال سبحانه {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر:22)، وما رق قلب لله وانكسر إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات، شمراً إلى الطاعات، أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبته، وأبعد ما يكون من معاصيه.
فمن عرف ربه حق المعرفة رق قلبه، ومن جهل ربه قسا قلبه، وما وجدت قلباً قاسياً إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله - عز وجل - وأبعدهم عن المعرفة به، وكلما عظم الجهل بالله كلما كان العبد أكثر جرأة على حدوده ومحارمه، وكلما وجدت الشخص يديم التفكير في ملكوت الله، ويتذكر نعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى، كلما وجدت في قلبه رقة الأنس ثمرة الطاعة والمحبة..فكل مطيع لله مستأنس... وكل عاص لله مستوحش.
رأيت الذنوب تميت القلوب * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * وخير لنفسك عصيانها
تعليق