الفقير
همّ ألم به مع الظلماء****** ***** فنأى بمقلته عن الاغفاء
نفس أقام الحزن بين ضلوعه ****** والحزن نار غير ذات ضياء
يرعى نجوم الليل ليس به هوى ******** ويخاله كلفا بهنّ الرائي
في قلبه نار (الخليل) وانما ******** في وجنتيه أدمع (الخنساء)
قد عضة اليأس الشديد بنابه *******في نفسه والجوع في الاحشاء
يبكي بكاء الطفل فارق أمه ********ما حيل المحزون غير بكاء!
فأقام حلس الدار وهو كأنه ******-لخلو تلك الدار_ في بيداء
حيران لا يدري أيقتل نفسه ********عمدا فيخلص من أذى الدنياء
أم يستمر على الغضاضة والقذى ***** والعيش لا يحلو مع الضراء
طرد الكرى وأقام يشكو ليله ******** يا ليل طلت وطال فيك عنائي
يا ليل قد أغريت جسمي بالضنا ******حتى ليؤلم فقده أعضائي
ورميتني يا ليل بالهم الذي ********يفري الحشا، والهم أعسر داء
يا ليل مالك لا ترق لحالتي ******** أتراك والأيام من أعدائي؟
يا ليل حسبي ما لقيت من الشقا ******رحماك لست بصخرة صماء
بن يا ظلام عن العيون فربّما ****** طلع الصباح وكان فيه عزائي
وارحمتا للبائسين فانهم موتى ******** وتحسبهم من الاحياء
إني وجدت حظوظهم مسودّة ******* فكأنما قدت من الظلماء
ابدأ يسر الزمان ومالهم ******** حظ كغيرهم من السرّاء
ما في أكفهم من الدنيا سوى ******** ان يكثروا الأحلام بالنعماء
تدنو بهم آمالهم نحو الهنا ******** هيهات يدنو بالخيال النائي
ابطر الأنام من السرور وعندهم ****** ان السرور مرادف العنقاء
إني لاحزن ان تكون نفوسهم ******** غرض الخطوب وعرضة الارزاء
أنا ما وقفت لكي اشبب بالطلا******** مالي وللتشبب بالصهباء؟
لا تسألوني المدح أو وصف الدمى******** إني نبذت سفاسف الشعراء
باعوا لأجل المال ماء حيائهم ******** مدحا وبت أصون ماء حيائي
لم يفهموا ما الشعر؛ إلا انه ******** قد بات واسطة إلى الاثراء
فلذاك ما لاقيت غير مشبب ******** بالغانيات وطالب لعطاء
ضاقت به الدنيا الرحيبة فانثنى ******* بالشعر يستجدي بني حواء
شقي القريض بهم وما سعدوا به ******* لولاهم اضحى من السعداء
نادوا علينا بالمحبة والهوى ********و صدورهم طبعت على البغضاء
ألفوا الرياء فصار من عادتهم ******** لعن المهيمن شخص كل مرائي!
إن يغضبوا مما أقول فطالما ********* كره الأديب جماعة الغوغاء
أو ينكروا أدبي فلا تتعجبوا***********فالرمد طلوع ذكاء
أو كلما نصر الحقيقة فاضل ********* قامت عليه قيامة السفهاء
أنا ما وقفت اليوم فيكم موقفي ********* إلا لأندب حالة التعساء
عليّ احرّك بالقريض قلوبكم ******** ان القلوب مواطن الاهواء
لهفي على المحتاج بين ربوعكم ******** يمسي و يصبح وهو قيد شقاء
امسى سواء ليله وصباحه ********** شتان بين الصبح والامساء
قطع القنوط عليه خيط رجائه ********* والمرء لا يحيا بغير رجاء
لهفي! ولو أجدى التعيس تلهفي ********* لسفكت دمعي عنده ودمائي
قل للغني المستعز بماله ********** مهلا لقد اسرفت في الخيلاء
جبل الفقير أخوك من طين ومن ********** ماء، ومن طين جبلت وماء
فمن القساوة ان تكون منعما ********** ويكون رهن مصائب وبلاء
وتظل ترفل بالحرير أمامه ********** في حين قد امسى بغير كساء
اتضن بالدينار في اسعافه ************* وتجود بالآلاف في الفحشاء
انصر أخاك فان فعلت كفيته*********** ذلّ السؤال ومنة البخلاء
أذوي اليسار وما اليسار بنافع********** إن لم يكن أهلوه أهل سخاء
كم ذا الجحود ومالكم رهن البلا******** وبم الغرور وكلكم لفناء؟
ان الضعيف بحاجة لنضاركم ********* لا تقعدوا عن نصرة الضعفاء
انا لا اذكّر منكم أهل الندى ************ ليس الصحيح بحاجة لدواء
ان كانت الفقراء لا تجزيكم ************* فاللّه يجزيكم عن الفقراء
ايليا ابو ماضي
تعليق