بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على صبره ونسأله المزيد بالتوفيق لشكره,وصلى الله على أسمائه الحسنى محمد وال محمد ...
ألواح التدابير
الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) هو صبر الله تعالى,وصبر الله هو جريان المقادير في الواح التدابير,ومخالفة العباد في تدابيرهم المادية لمقاديرهم النورانية الإنشائية هو مسار هذه الحياة الدنيا بوعد ووعيد الإغواء الشيطاني.
لكل إنسان قدر في لوحيات العلم الإلهي,يكون فيه أجمل وأكمل مخلوقات الله تعالى,وله أيضا قدر يكون فيه أقبح وانقص مخلوقاته,فإذا دخل العبد الجنة قيل له انظر قدرك النفسي الاسوائي فيرى نفسه في أقبح واسوء ما يكون من العذابات التي لاتطاق,فيقال له لو دخلت النار لكان هذا حالك,وإذا دخل العبد النار ,قيل له انظر إلى قدرك النوراني الروحي فيرى نفسه في أجمل وأحسن ما يكون من النعيم واللذة وهو يتلألأ نورا وسرورا فيقال له لو دخلت الجنة لكان هذا حالك.
نحن نختار قدرنا النوراني الروحي أو الظلماوي النفسي
نحن نختار القدر الروحي أو النفسي لان القدر الروحي ثابت لا تغيير فيه وهو واقع كلية الحسن والخير كونه السنة الإلهية الثابتة وفطرة الله التي فطر الناس عليها جميعا .
إما القدر النفسي فهو ثابت أيضا لكن ثباته بالشر والقبح وما كان إلا لان القدر الروحي في الكون مغلق ومحدود فلزم من محدودية نورانية القدر الروحي ظلمة القدر النفسي وإلا فالقدر النفسي غير مراد لله تعالى وإنما لمحدودية عالمنا وجد وكان.ثم إن ثباته إلى حين انتهاء عالم المادة فينتهي بانتهاء عالم المادة.
فقط القدر الروحي يبقى ثابتا في كل العوالم لأنه فعل الله تعالى ,وفعله هو قوانينه الكونية التي تحكم عالم المادة والمعبر عنها(الحكومة الإلهية) كما شعت به أنوار الدعاء الكميلي اللطيف(ولايمكن الفرار من حكومتك)
يبقى العقل هو محور التحرك والتغير لان الاختيار منوط به فله ان يقبل على القدر الروحي فيصبح العقل( عقلا إيحائيا) أي عقلا يتلقى الفيض النوراني من قدره الروحي,وللعقل ان يدبر عن الروح ويقبل على القدر النفسي فيصبح العقل حينها (عقلا اهوائيا) أي عقلا يتلقى الفيض النفسي ألسوئي من امارية النفس وفيض النفس هوى وضلالة.
اذن نحن بين قدرين ثابتين احدهما ثابت في كل العوالم وهو القدر الروحي والأخر ثابت فقط في الحياة الدنيا وهو القدر النفسي,فاذا متنا وتحولنا لعالم البرزخ يسقط تبعا لمادية البدن (قدر النفس) لان هذا القدر عارض وليس باصيل وقد انظره الله تعالى الى الوقت المعلوم.
مثل القدر الروحي والنفسي في الأفاق وفي الأنفس
أن القدر الروحي له نسخة ملكوتية في الأفاق وله نسخة ملكوتية في الأنفس يعني فينا وفي الأشياء الأخرى ,والقدر الروحي نسخته الملكوتية في الأفاق هو الأمام الحسين(عليه السلام) يعني محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين ,والنسخة الملكوتية في الأنفس هي الروح وما بينهما اتحاد وترابط.
إما القدر النفسي فله نسخة جهلوتية في الأفاق وله نسخة جهلوتية في الأنفس ,والقدر النفسي نسخته الجهلوتية في الأفاق هي الشيطان الرجيم من الجن والإنس ,ونسخته في الأنفس هي النفس الإمارة بالسوء,وبينها اتحاد وترابط أيضا.
ثم ان مثل القدر الروحي هو الجنة ,ومثل القدر النفسي هي النار ,فالقدر الروحي مبدأ فيض أنوار الجنان,والقدر النفسي مبدأ غيض فوران النيران في جهنم,ونحن نتصير بينهما ولكن لا نشعر ولا نرى بسبب كثافة المادة على إبصار قلوبنا .
علينا إن لا نتأثر بمسارات الإغواء الشيطاني
علينا أن نؤدي رسالتنا وان لا نتأثر بمسارات الإغواء الجزئي الشيطاني فأنصار الإمام الحسين هم جزئية مسار الآخرة ودمعة في أسى الحسين الكلي,وعلينا أن نوسع صدورنا لما يخالف قولنا.
فان الحسين هو قول الله تعالى على مر العوالم كلها كونه ذاتية المقادير النورانية,والشيطان قد خالف قول الحسين (عليه السلام) فقال (أنا خير منه) وقوله هذا هو واقع مسار الحياة الدنيا فما من باطل وسوء ألا وهو قول الشيطان ,ومن حق وحس إلا وهو قول الحسين(عليه السلام).
فالقولان احدهما يمثل كل ما هو ذاتي والأخر يمثل كل ما هو عرضي فلنصبر على من يخالفنا فان الواقع كفيل بزواله لان كل كلام لا يتفق مع الواقع زبد, والزبد يذهب جفاءا , فالأحوال والأقوال الشيطانية زبد يذهب جفاءا ووقته وحده إلى هو عالم البدن وعالم المادة والطبيعة.
على أننا لن نعيش كل (مسار الحياة الدنيا) بل بعضها فلنصبر فما هو إلا الموت الحائل بيننا وبين ما نستريح إليه,وواقع الصبر هو التوافق الروحي مع التربية الإلهية من خلال دوران الفعل في فلك التربية الحسينية الذاتية .
تعليق