الجزء الثاني
• وفي ( تفسير الإمام العسكري عليه السّلام ) أنّ أصحاب الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام قالوا له: يا ابن رسول الله، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ذكر مِن أمر المختار ولم يقلْ متى يكون قتلُه لمَن يقتل. فقال عليه السّلام: صدق أمير المؤمنين، أوَ لا أُخبركم متى يكون ؟ قالوا: بلى، قال: يومَ كذا إلى ثلاث سنين مِن قولي هذا، وسيُوتى برأس عبيدالله بن زياد وشمر بن ذي الجوشن في يوم كذا وكذا وسنأكل وهما بين أيدينا ننظر إليهما.
قال: فلمّا كان في اليوم الذي أخبرهم أنّه يكون فيه القتلُ من المختار لأصحاب بني أُميّة، كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام مع أصحابه على مائدةٍ إذ قال: معاشرَ إخواننا؛ طِيبوا نَفْساً وكُلُوا؛ فإنّكم تأكلون، وظَلَمةُ بني أُميّة يُحصَدون! قالوا: أين ؟! قال عليه السّلام: في موضع كذا، يقتلهم المختار وسيُوتى بالرأسَين يوم كذا وكذا.
فلمّا كان في ذلك اليوم أُتيَ بالرأسين.. ( تفسير الإمام العسكريّ عليه السّلام 547 / ح 327 ـ وعنه: إثبات الهداة للشيخ الحرّ العاملي 21:3 ـ 22 / ح 45، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي 339:45 / ح 6، وعوالم العلوم والمعارف للشيخ عبدالله البحراني 655:17 / ح 2 ).
• وروى الشيخ الصدوق بسندٍ ينتهي إلى سفيان بن عُيَينة عن الزُّهري أنّه قال: كنتُ عند عليّ بن الحسين فجاءه رجلٌ من أصحابه، فقال عليّ بن الحسين: ما خبرُك أيُّها الرجل ؟ قال: يا ابن رسول الله إنّي أصحبتُ وعلَيّ أربعُمائةِ دينار دَين لا قضاءَ عندي لها، ولي عيالٌ ثقال ليس لي ما أعود عليهم به!
قال الزهري: فبكى عليّ بن الحسين عليهما السّلام بكاءً شديداً، فقلت له: ما يبكيك يا ابن رسول الله ؟ فقال: هل يُعَدّ البكاء إلاّ للمصائب والمحن الكبار ؟! قالوا: كذلك يا ابن رسول الله، قال: فأيّ محنةٍ ومصيبةٍ أعظمُ على حُرٍّ مؤمنٍ من أن يرى بأخيه المؤمن خلّةً فلا يمكنه سدُّها، ويشاهده على فاقةٍ فلا يُطيق رفعَها؟!
قال الزهري: فتفرّقوا عن مجلسهم ذلك، فقال بعض المنافقين وهو يطعن على عليّ ابن الحسين: عجباً لهؤلاء! يدّعون مَرّةً أنّ السماء والأرض وكلَّ شيءٍ يُطيعهم، وأنّ الله لا يردُّهم عن شيءٍ من طلباتهم، ثمّ يعترفون أُخرى بالعجز عن إصلاح حالِ خواصِّ إخوانهم!
فاتّصل ذلك بالرجل صاحبِ القصّة، فجاء عليَّ بن الحسين فقال له: يا ابن رسول الله، بلَغَني عن فلانٍ كذا وكذا، وكان ذلك أغلَظَ علَيّ مِن محنتي. فقال عليّ بن الحسين: فقد أذِنَ اللهُ في فَرَجِك.. ( ثم نادى: ) يا فلانة، احملي سحوري وفطوري. فحملت قرصين، فقال عليّ بن الحسين للرجل: خُذْهما، فليس عندنا غيرهما؛ فإنّ الله يكشف عنك بهما ويُنيلك خيراً واسعاً منهما.
فأخذهما الرجل ودخل السوق.. لا يدري ما يصنع بهما! يتفكّر في ثِقْل دَينه وسوءِ حال عياله ويوسوس إليه الشيطانُ أين موقع هاتينِ من حاجتك ؟! فمرّ بسمّاك قد بارتْ عليه سمكة قد أراحت ( أي ظهرت رائحتها ) فقال: سمكتك هذه بائرة عليك، وإحدى قرصتَيّ هاتين بائرة علَيّ، فهل لك أن تُعطيني سمكتك البائرة وتأخذ قرصتي هذه البائرة ؟ فقال: نعم. فأعطاه السمكة، وأخذ القرصة.
ثمّ مرّ برجلٍ معه ملح قليل مزهودٍ فيه، فقال له: هل لك أن تُعطيني ملحك هذا المزهودَ فيه بقرصتي هذه المزهودِ فيها ؟ قال: نعم. ففعل.. فجاء الرجل بالسمكة والملح، فقال: أُصلح هذه بهذا. فلمّا شقَّ بطنَ السمكة وجد فيها لؤلؤتَينِ فاخرتين، فحَمِد اللهَ عليهما، فبينما هو في سرور ذلك إذ قُرِع بابُه، فخرج ينظر مَن بالباب، فإذا صاحبُ السمكة وصاحب الملح قد جاءا، يقول كلُّ واحدٍ منهما له: يا عبدَالله! جَهِدنا أن نأكل نحن أو واحد من عيالنا هذا القرص فلم تعملْ فيه أسناننا، وما نظنّك إلاّ وقد تناهيتَ عن سوء الحال، ومَرَنتَ على الشقاء، وقد رددنا إليك هذا الخبز وحلّلنا لك ما أخذتَه منّا. فأخذ القرصين منهما.
فلمّا استقرّ بعد انصرافهما عنه.. قُرِع بابه، فإذا رسولُ عليِّ بن الحسين، فدخل فقال: إنّه عليه السّلام يقول لك: إنّ الله قد أتاك بالفَرَج، فاردُدْ إلينا طعامنا؛ فإنّه لا يأكله غيرنا.
وباع الرجل اللؤلؤتين بمالٍ عظيم قضى منه دَينَه، وحَسُن بعد ذلك حاله. فقال بعض المنافقين: ما أشدَّ هذا التفاوت! بينا عليّ بن الحسين لا يَقْدر أن يسدّ منه فاقةً إذْ أغناه هذا الغَناءَ العظيم! كيف يكون هذا، وكيف يعجز عن سدّ الفاقة مَن يَقْدر على هذا الغِنى العظيم ؟! فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: هكذا قالت قريش للنبيّ صلّى الله عليه وآله: كيف يمضي إلى بيت المَقْدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة.. ويرجع إليها في ليلةٍ واحدة مَن لا يَقْدر أن يبلغ من مكّة إلى المدينة إلاّ في اثني عشر يوماً ؟!
وذلك حين هاجر منها.
ثمّ قال عليّ بن الحسين ( والحديث ما زال للزهريّ وهو من محدّثي السنّة ): جَهِلوا ـ واللهِ ـ أمرَ الله وأمرَ أوليائه معه، إنّ المراتب الرفيعة لا تُنال إلاّ بالتسليم لله جلّ ثناؤه، وتركِ الاقتراحِ عليه، والرضى بما يُدبّرهم به، وإنّ أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يُساوِهِم فيه غيرهم، فجازاهمُ الله عن ذلك بأن أوجبَ لهم نُجْحَ جميع طلباتهم، لكنهم مع ذلك لا يُريدون منه إلاّ ما يريده لهم. ( أمالي الصدوق 367 / ح 3. مناقب آل طالب لابن شهرآشوب 146:4. روضة الواعظين للفتّال النيسابوري 196 ـ باختلافٍ يسير. إثبات الهداة للحرّ العاملي 10:3 / ح 13.. رواه عن ( أمالي الصدوق )، وقال في آخره: رواه قطب الدين الراونديّ في ( الخرائج والجرائح ) مرسَلاً ).
• وعن أبي بصير قال: سمعتُ أبا جعفر ( الباقر ) عليه السّلام يقول:
كان أبو خالد الكابلي يخدم محمّدَ بن الحنفيّة دهراً، وما كان يشكّ في أنّه إمام، حتّى أتاه ذات يومٍ فقال له: جُعِلتُ فداك، إنّ لي حُرمةً ومودّةً وانقطاعاً، فأسألك بحرمة رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام إلاّ أخبرتَني: أنت الإمامُ الذي فرَضَ الله طاعتَه على خَلْقه ؟ فقال: الإمام عليُّ بن الحسين علَيّ وعليك وعلى كلّ مسلم.
فأقبلَ أبو خالد لمّا أن سمع ما قاله محمّد بن الحنفيّة.. استأذن عليه فأُخبِر أنّ أبا خالد بالباب، فأذِنَ له، فجاء إلى عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فلمّا دخل عليه دنا منه، قال: مرحباً يا كنكر، ما كنتَ لنا بزائر، ما بدا لك فينا ؟!
فخرّ أبو خالد ساجداً شاكراً لله، فأسمع منه تعالى ممّا سمع من عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فقال: الحمد لله الذي لم يُمتْني حتّى عَرَفتُ إمامي. فقال له عليّ عليه السّلام: وكيف عَرَفتَ إمامك يا أبا خالد ؟! قال: إنّك دَعَوتَني باسميَ الذي سَمّتْني أُمّي التي وَلَدتْني، وقد كنتُ في عمياء من أمري، ولقد خدمتُ محمّدَ بن الحنفيّة عُمراً من عمري ولا أشكّ إلاّ وإنّه إمام، حتّى إذا كان قريباً سألتُه بحرمةِ الله وبحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، فأرْشَدَني إليك وقال: هو الإمام علَيّ وعليك وعلى خَلقْ الله كلِّهم، ثمّ أذِنْتَ لي فجئتُ فدنوتُ منك، وسمّيتَني باسميَ الذي سمّتني ( أُمّي )، فعلمتُ أنك الإمام الذي فرَضَ اللهُ طاعتَه علَيّ وعلى كلّ مسلم.
( رجال الكشّي ـ اختيار معرفة الرجال ـ للشيخ الطوسي 120/ الرقم 192. الخرائج والجرائح للراوندي قطب الدين 261:1 / ح 6. الثاقب في المناقب لابن حمزة 360/ ح 299.. وفيه: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال: لمّا دخل كنكر الكابليّ على عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما، فقال له: يا وردان. فقال كنكر: ليس اسمي وردان. فقال له عليّ بن الحسين عليهما السّلام: بل تكذب، يوم ولدتك أمُّك سمّتك وردان، فجاء أبوك فسمّاك كنكر. فقال: أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبدُه ورسوله، وأنّك وصيُّه مِن بعده، وأشهد أنّ أُمّي حدّثتني بهذا الحديث بعدما عَقِلتُ. وكذا رواه الحضيني في الهداية الكبرى 46.. وفيه: قال عليه السّلام: وما معنى كنكر ؟ قال: يا مولاي، إنّك أعلم به. قال: إنّك كنتَ ثقيلاً في بطنها وأنت حَمْل، فكانت تقول بلغةٍ كانت تريدك: يا ثقيلَ الحَمْل! مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 147:4.. وفيه عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي عليّ بن الحسين: يا كنكر، ولا واللهِ ما عرفني بهذا الاسم إلاّ أبي وأُمّي. ورُوي هذا الخبر أيضاً في: إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 486:1، وإثبات الهداة للحرّ العاملي 27:3 / ح 65 ـ عن صاحب كتاب مناقب فاطمة وولْدها ).
• وروى عمرو بن شمر عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:
بينا عليّ بن الحسين عليهما السّلام جالس مع أصحابه، إذ أقبلَتْ ظبيةٌ من الصحراء.. حتّى قامت وضربت بذَنَبها وحمحمت، فقال بعض القوم: يا ابنَ رسول الله، ما تقول الظبية ؟ قال: تقول إنّ فلان ابن فلان القرشيّ أخذ خَشْفَها ( أي ولَدَها المولود قريباً ) بالأمس ولم تُرضعْه منذ أمس.
فوقع في قلب الرجل من ذلك شكّ. قال: فأرسل ( أي الإمام عليه السّلام ) على القرشي وقال له: هذه الظبية تشكوك وتزعم أنّك أخذتَ خَشْفها أمس في وقتها كذا وكذا، وأنّه لم يَرضَعْ منذ أمس شيئاً، وقد سألَتْني أن أسألك أن تبعث به إليها أن تُرضعه وتردَّه إليك. قال ( أي القرشي ): والذي بعث محمّداً بالرسالة، لقد صدقتَ. فقال له: أرسِلْ إليَّ الخشف. فلمّا رأته حمحمت، فضربت بذَنَبها، ورضع منها.
فقال له: بحقّي عليك يا فلان إلاّ وهْبْتَه لي.
فوهبه لعليّ بن الحسين عليهما السّلام، ووهبه عليّ بن الحسين لها، فحمحمتْ وضربت بذَنَبِها، وانطلقت مع الخشف. فقالوا: يا ابن رسول الله، ما قالت ؟ قال: دعتِ الله وجزّتْكم خيراً. ( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 86. الاختصاص للشيخ المفيد 299. الهداية الكبرى للحضيني 45 ـ 46. بصائر الدرجات للصفّار القمّي 352/ح14.. رواه عن حمران بن أعيَن، وفي آخره قال عليه السّلام: إنّها تقول: ردّ الله عليكم كلَّ غائب، وغفر لعليّ بن الحسين كما ردّ إليّ وَلَدي. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 259:1 ـ 260. كشف الغمّة للإربلي 109:2. مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 283:3. إثبات الهداة للحرّ العاملي 13:3 / ح 19، 21 و 20 / ح 41 ـ عن بصائر الدرجات، وكشف الغمّة ).
• وروى أبو نُعَيم الإصفهانيّ ـ وهو من علماء السنّة ـ قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الغطريفي، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدّثنا سعيد بن عبيدالله بن الحكم قال: حدّثنا عبدالرحمان بن واقد، حدّثنا يحيى بن ثعلبة الأنصاري، حدّثنا أبو حمزة الثمالي قال: كنتُ عند عليّ بن الحسين فإذا عصافيرُ يَطِرْن حوله يصرخن، فقال: يا أبا حمزة، هل تدري ما يقول هؤلاء العصافير ؟ فقلت لا. قال: إنّها تقدّس ربَّها عزّوجلّ وتسأله قُوتَ يومها. ( حلية الأولياء لأبي نعيم الإصفهاني 140:3 ـ طبعة مطبعة السعادة بمصر. الاختصاص للشيخ المفيد 192.. وفيه: يُسبّحن ربَّهُنّ، ويطلبن رزقَهُنّ. دلائل الإمامة للطبري الإمامي 88. مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 132:4 ـ 133.. وفيه: يا أبا حمزة، عُلِّمنا منطق الطير، وأُوتينا مِن كلّ شيءٍ سبباً. حياة الحيوان للدميري 119:2. الهداية الكبرى للحضيني 217. بصائر الدرجات للصفّار القمّي 341/ح1، وفي ص 343 / ح 9.. قال: يا أبا حمزة، أتدري ما يقُلْن ؟! يتحدّثن أنّ لهنّ وقتاً يسألن فيه قُوتَهنّ. يا أبا حمزة، لا تنامَنّ قبل طلوع الشمس؛ فإنّي أكرهها لك، إنّ الله يقسّم في ذلك الوقت أرزاق العباد، وعلى أيدينا يُجريها ).
• وروى الشيخ الحرّ العاملي قال: روى محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب ( الغَيبة ) قال: أخبرنا عليّ بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن إسماعيل، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطُّفَيل، عن أبي جعفر ( الباقر ) عليه السّلام، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهما السّلام في حديثٍ قال:
أمَا إنّ في صُلْبه ( يعني ابنَ عبّاس ) وديعةً ذُرِيت لنارِ جهنّم، سيُخرجون أقواماً مِن دِين الله أفواجاً، وستُصبغ الأرض بدماء فراخٍ مِن فراخ آل محمّد عليهم السّلام، تنهض تلك الفراخ في غير وقت، وتطلب غيرَ مُدرَك، ويرابط الذين آمنوا ويصبرون يصابرون حتّى يحكم اللهُ وهو خير الحاكمين. ( إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للحرّ العاملي 18:3 ـ 19 / ح 37، في معجزات عليّ بن الحسين عليهما السّلام ).
• وفي ( صحيفة الرضا عليه السّلام ) رواية أبي عليّ الطبرسي، بإسناده عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام: قال عليّ بن الحسين عليه السّلام:
كأنّي بالقصور وقد شُيّدتْ فوق قبر الحسين عليه السّلام، وكأنّي بالأسواق وقد حفّت حول قبره.. فلا تذهب الأيّام والليالي حتّى يُسارَ إليه مِن الآفاق، وذلك عند انقطاع مُلْك بني مروان. ( إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للحرّ العاملي 14:3 / ح 25، في معجزات عليّ بن الحسين عليهما السّلام ).
• وعن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمران، عن رجلٍ من الأصحاب، عن أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام قال في حديثٍ له أنّ الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام قال لابنه محمّد ( الباقر ) عليه السّلام:
يا بُنيّ، هذه الليلةُ التي وُعِدتُ بها.
فأوصى بناقته أن يُحضَرَ لها حضار وأن يُقام لها علف، فجُعلتْ لها ذلك، فتُوفّي فيها صلوات الله عليه، فلمّا دُفن لم تلبث أن خرجتْ حتّى أتت القبر فضربت بجِرانِها القبر، ورغت وهملت عيناها، فأتى محمّد بن عليّ صلوات الله عليهما، فقيل له: إنّ الناقة قد خرجتَ إلى القبر. فأتاها فقال: صَهْ قُومي، الآنَ قومي، بارك اللهُ فيكِ. فسارت حتّى دخلت موضعَها، فلم تلبث أن خرجتَ حتّى أتت القبر.. فضربت بجرانها ورغت وهملت عيناها، فأتاها.
ورُوي أنّه حجّ عليها أربعين حجّة،.. وإنّه كان يخرج عليها إلى مكّة فيعلّق السوط بالرَّحْل، فما يقرعها قرعةً حتّى يدخل المدينة.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي 482/ح7، و 483/ح11. دلائل الإمامة للطبري الإمامي 90 ـ مختصراً. كشف الغمّة للإربلي 110:2. الكافي للشيخ الكليني 259:1/ح3، و 468:1/ح4. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 773:2 / ح 95 ـ باختلاف. الهداية الكبرى للحضيني 47.. وفيه: فقال: يا بُنيّ، في هذه الليلة وُعِدت لُحوقي بجدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وجدّي أمير المؤمنين عليه السّلام وجدّتي فاطمة وعمّي الحسن وأبي الحسين صلوات الله عليهم أجمعين، فإذا تُوفّيتُ وواريتَني، فخُذْ ناقتي واجعل حظاراً وأقِمْ لها علفاً؛ فإنّها تخرج إلى قبري تضرب بجرانِها الأرضَ حول قبري، وترغو.. فأقِمْها ورُدَّها إلى موضعها؛ فإنّها تُطيعك وترجع إلى موضعها، ثمّ تعاود الخروج فتفعل مثل ما فعلَتْ أوّلاً، فأرفقْ بها ورُدَّها ردّاً رفيقاً؛ فإنّها تنفق ( أي تموت ) بعد ثلاثة أيّام ).
استجابة دعائه
• روى علماء أهل السنّة، منهم: ابن الأثير في المختار من مناقب الأخيار 27، والمبرّد في الفاضل 105، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب 302، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة 183، والشبلنجي الشافعيّ في نور الأبصار 88، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواصّ الأمّة 297، وابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق 235:17، والذهبي في سِيَر أعلام النبلاء 393:4.. وغيرهم. وكذا علماء الشيعة، ومنهم: الشيخ المفيد حيث قال في الإرشاد 256: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جدّه، عن سلمة بن شبيب، عن عبيد الله بن محمّد التيميّ قال: سمعتُ شيخاً من عبدالقيس يقول: قال طاووس ( اليمانيّ ): دخلتُ الحِجْر ( حجر إسماعيل ) في الليل.. فإذا عليُّ بن الحسين عليهما السّلام قد دخل، فقام يصلّي.. فصلّى ما شاء الله ثمّ سجد. فقلت: رجلٌ صالح مِن أهل بيت الخير، لأضغينّ إلى دعائه، فسمعتُه يقول في سجوده:
عبدُك بِفِنائِك، مسكينُك بِفِنائِك، فقيرك بفِنائك، سائلك بفِنائك.
قال طاووس: فما دعوتُ بهنّ في كَرْبٍ إلاّ فُرِّج عنّي.
• وفي ( تفسير الإمام العسكري عليه السّلام ) أنّ أصحاب الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام قالوا له: يا ابن رسول الله، إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ذكر مِن أمر المختار ولم يقلْ متى يكون قتلُه لمَن يقتل. فقال عليه السّلام: صدق أمير المؤمنين، أوَ لا أُخبركم متى يكون ؟ قالوا: بلى، قال: يومَ كذا إلى ثلاث سنين مِن قولي هذا، وسيُوتى برأس عبيدالله بن زياد وشمر بن ذي الجوشن في يوم كذا وكذا وسنأكل وهما بين أيدينا ننظر إليهما.
قال: فلمّا كان في اليوم الذي أخبرهم أنّه يكون فيه القتلُ من المختار لأصحاب بني أُميّة، كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام مع أصحابه على مائدةٍ إذ قال: معاشرَ إخواننا؛ طِيبوا نَفْساً وكُلُوا؛ فإنّكم تأكلون، وظَلَمةُ بني أُميّة يُحصَدون! قالوا: أين ؟! قال عليه السّلام: في موضع كذا، يقتلهم المختار وسيُوتى بالرأسَين يوم كذا وكذا.
فلمّا كان في ذلك اليوم أُتيَ بالرأسين.. ( تفسير الإمام العسكريّ عليه السّلام 547 / ح 327 ـ وعنه: إثبات الهداة للشيخ الحرّ العاملي 21:3 ـ 22 / ح 45، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي 339:45 / ح 6، وعوالم العلوم والمعارف للشيخ عبدالله البحراني 655:17 / ح 2 ).
• وروى الشيخ الصدوق بسندٍ ينتهي إلى سفيان بن عُيَينة عن الزُّهري أنّه قال: كنتُ عند عليّ بن الحسين فجاءه رجلٌ من أصحابه، فقال عليّ بن الحسين: ما خبرُك أيُّها الرجل ؟ قال: يا ابن رسول الله إنّي أصحبتُ وعلَيّ أربعُمائةِ دينار دَين لا قضاءَ عندي لها، ولي عيالٌ ثقال ليس لي ما أعود عليهم به!
قال الزهري: فبكى عليّ بن الحسين عليهما السّلام بكاءً شديداً، فقلت له: ما يبكيك يا ابن رسول الله ؟ فقال: هل يُعَدّ البكاء إلاّ للمصائب والمحن الكبار ؟! قالوا: كذلك يا ابن رسول الله، قال: فأيّ محنةٍ ومصيبةٍ أعظمُ على حُرٍّ مؤمنٍ من أن يرى بأخيه المؤمن خلّةً فلا يمكنه سدُّها، ويشاهده على فاقةٍ فلا يُطيق رفعَها؟!
قال الزهري: فتفرّقوا عن مجلسهم ذلك، فقال بعض المنافقين وهو يطعن على عليّ ابن الحسين: عجباً لهؤلاء! يدّعون مَرّةً أنّ السماء والأرض وكلَّ شيءٍ يُطيعهم، وأنّ الله لا يردُّهم عن شيءٍ من طلباتهم، ثمّ يعترفون أُخرى بالعجز عن إصلاح حالِ خواصِّ إخوانهم!
فاتّصل ذلك بالرجل صاحبِ القصّة، فجاء عليَّ بن الحسين فقال له: يا ابن رسول الله، بلَغَني عن فلانٍ كذا وكذا، وكان ذلك أغلَظَ علَيّ مِن محنتي. فقال عليّ بن الحسين: فقد أذِنَ اللهُ في فَرَجِك.. ( ثم نادى: ) يا فلانة، احملي سحوري وفطوري. فحملت قرصين، فقال عليّ بن الحسين للرجل: خُذْهما، فليس عندنا غيرهما؛ فإنّ الله يكشف عنك بهما ويُنيلك خيراً واسعاً منهما.
فأخذهما الرجل ودخل السوق.. لا يدري ما يصنع بهما! يتفكّر في ثِقْل دَينه وسوءِ حال عياله ويوسوس إليه الشيطانُ أين موقع هاتينِ من حاجتك ؟! فمرّ بسمّاك قد بارتْ عليه سمكة قد أراحت ( أي ظهرت رائحتها ) فقال: سمكتك هذه بائرة عليك، وإحدى قرصتَيّ هاتين بائرة علَيّ، فهل لك أن تُعطيني سمكتك البائرة وتأخذ قرصتي هذه البائرة ؟ فقال: نعم. فأعطاه السمكة، وأخذ القرصة.
ثمّ مرّ برجلٍ معه ملح قليل مزهودٍ فيه، فقال له: هل لك أن تُعطيني ملحك هذا المزهودَ فيه بقرصتي هذه المزهودِ فيها ؟ قال: نعم. ففعل.. فجاء الرجل بالسمكة والملح، فقال: أُصلح هذه بهذا. فلمّا شقَّ بطنَ السمكة وجد فيها لؤلؤتَينِ فاخرتين، فحَمِد اللهَ عليهما، فبينما هو في سرور ذلك إذ قُرِع بابُه، فخرج ينظر مَن بالباب، فإذا صاحبُ السمكة وصاحب الملح قد جاءا، يقول كلُّ واحدٍ منهما له: يا عبدَالله! جَهِدنا أن نأكل نحن أو واحد من عيالنا هذا القرص فلم تعملْ فيه أسناننا، وما نظنّك إلاّ وقد تناهيتَ عن سوء الحال، ومَرَنتَ على الشقاء، وقد رددنا إليك هذا الخبز وحلّلنا لك ما أخذتَه منّا. فأخذ القرصين منهما.
فلمّا استقرّ بعد انصرافهما عنه.. قُرِع بابه، فإذا رسولُ عليِّ بن الحسين، فدخل فقال: إنّه عليه السّلام يقول لك: إنّ الله قد أتاك بالفَرَج، فاردُدْ إلينا طعامنا؛ فإنّه لا يأكله غيرنا.
وباع الرجل اللؤلؤتين بمالٍ عظيم قضى منه دَينَه، وحَسُن بعد ذلك حاله. فقال بعض المنافقين: ما أشدَّ هذا التفاوت! بينا عليّ بن الحسين لا يَقْدر أن يسدّ منه فاقةً إذْ أغناه هذا الغَناءَ العظيم! كيف يكون هذا، وكيف يعجز عن سدّ الفاقة مَن يَقْدر على هذا الغِنى العظيم ؟! فقال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: هكذا قالت قريش للنبيّ صلّى الله عليه وآله: كيف يمضي إلى بيت المَقْدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة.. ويرجع إليها في ليلةٍ واحدة مَن لا يَقْدر أن يبلغ من مكّة إلى المدينة إلاّ في اثني عشر يوماً ؟!
وذلك حين هاجر منها.
ثمّ قال عليّ بن الحسين ( والحديث ما زال للزهريّ وهو من محدّثي السنّة ): جَهِلوا ـ واللهِ ـ أمرَ الله وأمرَ أوليائه معه، إنّ المراتب الرفيعة لا تُنال إلاّ بالتسليم لله جلّ ثناؤه، وتركِ الاقتراحِ عليه، والرضى بما يُدبّرهم به، وإنّ أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يُساوِهِم فيه غيرهم، فجازاهمُ الله عن ذلك بأن أوجبَ لهم نُجْحَ جميع طلباتهم، لكنهم مع ذلك لا يُريدون منه إلاّ ما يريده لهم. ( أمالي الصدوق 367 / ح 3. مناقب آل طالب لابن شهرآشوب 146:4. روضة الواعظين للفتّال النيسابوري 196 ـ باختلافٍ يسير. إثبات الهداة للحرّ العاملي 10:3 / ح 13.. رواه عن ( أمالي الصدوق )، وقال في آخره: رواه قطب الدين الراونديّ في ( الخرائج والجرائح ) مرسَلاً ).
• وعن أبي بصير قال: سمعتُ أبا جعفر ( الباقر ) عليه السّلام يقول:
كان أبو خالد الكابلي يخدم محمّدَ بن الحنفيّة دهراً، وما كان يشكّ في أنّه إمام، حتّى أتاه ذات يومٍ فقال له: جُعِلتُ فداك، إنّ لي حُرمةً ومودّةً وانقطاعاً، فأسألك بحرمة رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام إلاّ أخبرتَني: أنت الإمامُ الذي فرَضَ الله طاعتَه على خَلْقه ؟ فقال: الإمام عليُّ بن الحسين علَيّ وعليك وعلى كلّ مسلم.
فأقبلَ أبو خالد لمّا أن سمع ما قاله محمّد بن الحنفيّة.. استأذن عليه فأُخبِر أنّ أبا خالد بالباب، فأذِنَ له، فجاء إلى عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فلمّا دخل عليه دنا منه، قال: مرحباً يا كنكر، ما كنتَ لنا بزائر، ما بدا لك فينا ؟!
فخرّ أبو خالد ساجداً شاكراً لله، فأسمع منه تعالى ممّا سمع من عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فقال: الحمد لله الذي لم يُمتْني حتّى عَرَفتُ إمامي. فقال له عليّ عليه السّلام: وكيف عَرَفتَ إمامك يا أبا خالد ؟! قال: إنّك دَعَوتَني باسميَ الذي سَمّتْني أُمّي التي وَلَدتْني، وقد كنتُ في عمياء من أمري، ولقد خدمتُ محمّدَ بن الحنفيّة عُمراً من عمري ولا أشكّ إلاّ وإنّه إمام، حتّى إذا كان قريباً سألتُه بحرمةِ الله وبحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، فأرْشَدَني إليك وقال: هو الإمام علَيّ وعليك وعلى خَلقْ الله كلِّهم، ثمّ أذِنْتَ لي فجئتُ فدنوتُ منك، وسمّيتَني باسميَ الذي سمّتني ( أُمّي )، فعلمتُ أنك الإمام الذي فرَضَ اللهُ طاعتَه علَيّ وعلى كلّ مسلم.
( رجال الكشّي ـ اختيار معرفة الرجال ـ للشيخ الطوسي 120/ الرقم 192. الخرائج والجرائح للراوندي قطب الدين 261:1 / ح 6. الثاقب في المناقب لابن حمزة 360/ ح 299.. وفيه: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال: لمّا دخل كنكر الكابليّ على عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما، فقال له: يا وردان. فقال كنكر: ليس اسمي وردان. فقال له عليّ بن الحسين عليهما السّلام: بل تكذب، يوم ولدتك أمُّك سمّتك وردان، فجاء أبوك فسمّاك كنكر. فقال: أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبدُه ورسوله، وأنّك وصيُّه مِن بعده، وأشهد أنّ أُمّي حدّثتني بهذا الحديث بعدما عَقِلتُ. وكذا رواه الحضيني في الهداية الكبرى 46.. وفيه: قال عليه السّلام: وما معنى كنكر ؟ قال: يا مولاي، إنّك أعلم به. قال: إنّك كنتَ ثقيلاً في بطنها وأنت حَمْل، فكانت تقول بلغةٍ كانت تريدك: يا ثقيلَ الحَمْل! مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 147:4.. وفيه عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي عليّ بن الحسين: يا كنكر، ولا واللهِ ما عرفني بهذا الاسم إلاّ أبي وأُمّي. ورُوي هذا الخبر أيضاً في: إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 486:1، وإثبات الهداة للحرّ العاملي 27:3 / ح 65 ـ عن صاحب كتاب مناقب فاطمة وولْدها ).
• وروى عمرو بن شمر عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:
بينا عليّ بن الحسين عليهما السّلام جالس مع أصحابه، إذ أقبلَتْ ظبيةٌ من الصحراء.. حتّى قامت وضربت بذَنَبها وحمحمت، فقال بعض القوم: يا ابنَ رسول الله، ما تقول الظبية ؟ قال: تقول إنّ فلان ابن فلان القرشيّ أخذ خَشْفَها ( أي ولَدَها المولود قريباً ) بالأمس ولم تُرضعْه منذ أمس.
فوقع في قلب الرجل من ذلك شكّ. قال: فأرسل ( أي الإمام عليه السّلام ) على القرشي وقال له: هذه الظبية تشكوك وتزعم أنّك أخذتَ خَشْفها أمس في وقتها كذا وكذا، وأنّه لم يَرضَعْ منذ أمس شيئاً، وقد سألَتْني أن أسألك أن تبعث به إليها أن تُرضعه وتردَّه إليك. قال ( أي القرشي ): والذي بعث محمّداً بالرسالة، لقد صدقتَ. فقال له: أرسِلْ إليَّ الخشف. فلمّا رأته حمحمت، فضربت بذَنَبها، ورضع منها.
فقال له: بحقّي عليك يا فلان إلاّ وهْبْتَه لي.
فوهبه لعليّ بن الحسين عليهما السّلام، ووهبه عليّ بن الحسين لها، فحمحمتْ وضربت بذَنَبِها، وانطلقت مع الخشف. فقالوا: يا ابن رسول الله، ما قالت ؟ قال: دعتِ الله وجزّتْكم خيراً. ( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 86. الاختصاص للشيخ المفيد 299. الهداية الكبرى للحضيني 45 ـ 46. بصائر الدرجات للصفّار القمّي 352/ح14.. رواه عن حمران بن أعيَن، وفي آخره قال عليه السّلام: إنّها تقول: ردّ الله عليكم كلَّ غائب، وغفر لعليّ بن الحسين كما ردّ إليّ وَلَدي. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 259:1 ـ 260. كشف الغمّة للإربلي 109:2. مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 283:3. إثبات الهداة للحرّ العاملي 13:3 / ح 19، 21 و 20 / ح 41 ـ عن بصائر الدرجات، وكشف الغمّة ).
• وروى أبو نُعَيم الإصفهانيّ ـ وهو من علماء السنّة ـ قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الغطريفي، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إسحاق بن خُزَيمة، حدّثنا سعيد بن عبيدالله بن الحكم قال: حدّثنا عبدالرحمان بن واقد، حدّثنا يحيى بن ثعلبة الأنصاري، حدّثنا أبو حمزة الثمالي قال: كنتُ عند عليّ بن الحسين فإذا عصافيرُ يَطِرْن حوله يصرخن، فقال: يا أبا حمزة، هل تدري ما يقول هؤلاء العصافير ؟ فقلت لا. قال: إنّها تقدّس ربَّها عزّوجلّ وتسأله قُوتَ يومها. ( حلية الأولياء لأبي نعيم الإصفهاني 140:3 ـ طبعة مطبعة السعادة بمصر. الاختصاص للشيخ المفيد 192.. وفيه: يُسبّحن ربَّهُنّ، ويطلبن رزقَهُنّ. دلائل الإمامة للطبري الإمامي 88. مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 132:4 ـ 133.. وفيه: يا أبا حمزة، عُلِّمنا منطق الطير، وأُوتينا مِن كلّ شيءٍ سبباً. حياة الحيوان للدميري 119:2. الهداية الكبرى للحضيني 217. بصائر الدرجات للصفّار القمّي 341/ح1، وفي ص 343 / ح 9.. قال: يا أبا حمزة، أتدري ما يقُلْن ؟! يتحدّثن أنّ لهنّ وقتاً يسألن فيه قُوتَهنّ. يا أبا حمزة، لا تنامَنّ قبل طلوع الشمس؛ فإنّي أكرهها لك، إنّ الله يقسّم في ذلك الوقت أرزاق العباد، وعلى أيدينا يُجريها ).
• وروى الشيخ الحرّ العاملي قال: روى محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب ( الغَيبة ) قال: أخبرنا عليّ بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن إسماعيل، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطُّفَيل، عن أبي جعفر ( الباقر ) عليه السّلام، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهما السّلام في حديثٍ قال:
أمَا إنّ في صُلْبه ( يعني ابنَ عبّاس ) وديعةً ذُرِيت لنارِ جهنّم، سيُخرجون أقواماً مِن دِين الله أفواجاً، وستُصبغ الأرض بدماء فراخٍ مِن فراخ آل محمّد عليهم السّلام، تنهض تلك الفراخ في غير وقت، وتطلب غيرَ مُدرَك، ويرابط الذين آمنوا ويصبرون يصابرون حتّى يحكم اللهُ وهو خير الحاكمين. ( إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للحرّ العاملي 18:3 ـ 19 / ح 37، في معجزات عليّ بن الحسين عليهما السّلام ).
• وفي ( صحيفة الرضا عليه السّلام ) رواية أبي عليّ الطبرسي، بإسناده عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام: قال عليّ بن الحسين عليه السّلام:
كأنّي بالقصور وقد شُيّدتْ فوق قبر الحسين عليه السّلام، وكأنّي بالأسواق وقد حفّت حول قبره.. فلا تذهب الأيّام والليالي حتّى يُسارَ إليه مِن الآفاق، وذلك عند انقطاع مُلْك بني مروان. ( إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للحرّ العاملي 14:3 / ح 25، في معجزات عليّ بن الحسين عليهما السّلام ).
• وعن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمران، عن رجلٍ من الأصحاب، عن أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام قال في حديثٍ له أنّ الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام قال لابنه محمّد ( الباقر ) عليه السّلام:
يا بُنيّ، هذه الليلةُ التي وُعِدتُ بها.
فأوصى بناقته أن يُحضَرَ لها حضار وأن يُقام لها علف، فجُعلتْ لها ذلك، فتُوفّي فيها صلوات الله عليه، فلمّا دُفن لم تلبث أن خرجتْ حتّى أتت القبر فضربت بجِرانِها القبر، ورغت وهملت عيناها، فأتى محمّد بن عليّ صلوات الله عليهما، فقيل له: إنّ الناقة قد خرجتَ إلى القبر. فأتاها فقال: صَهْ قُومي، الآنَ قومي، بارك اللهُ فيكِ. فسارت حتّى دخلت موضعَها، فلم تلبث أن خرجتَ حتّى أتت القبر.. فضربت بجرانها ورغت وهملت عيناها، فأتاها.
ورُوي أنّه حجّ عليها أربعين حجّة،.. وإنّه كان يخرج عليها إلى مكّة فيعلّق السوط بالرَّحْل، فما يقرعها قرعةً حتّى يدخل المدينة.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي 482/ح7، و 483/ح11. دلائل الإمامة للطبري الإمامي 90 ـ مختصراً. كشف الغمّة للإربلي 110:2. الكافي للشيخ الكليني 259:1/ح3، و 468:1/ح4. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 773:2 / ح 95 ـ باختلاف. الهداية الكبرى للحضيني 47.. وفيه: فقال: يا بُنيّ، في هذه الليلة وُعِدت لُحوقي بجدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وجدّي أمير المؤمنين عليه السّلام وجدّتي فاطمة وعمّي الحسن وأبي الحسين صلوات الله عليهم أجمعين، فإذا تُوفّيتُ وواريتَني، فخُذْ ناقتي واجعل حظاراً وأقِمْ لها علفاً؛ فإنّها تخرج إلى قبري تضرب بجرانِها الأرضَ حول قبري، وترغو.. فأقِمْها ورُدَّها إلى موضعها؛ فإنّها تُطيعك وترجع إلى موضعها، ثمّ تعاود الخروج فتفعل مثل ما فعلَتْ أوّلاً، فأرفقْ بها ورُدَّها ردّاً رفيقاً؛ فإنّها تنفق ( أي تموت ) بعد ثلاثة أيّام ).
استجابة دعائه
• روى علماء أهل السنّة، منهم: ابن الأثير في المختار من مناقب الأخيار 27، والمبرّد في الفاضل 105، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب 302، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة 183، والشبلنجي الشافعيّ في نور الأبصار 88، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواصّ الأمّة 297، وابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق 235:17، والذهبي في سِيَر أعلام النبلاء 393:4.. وغيرهم. وكذا علماء الشيعة، ومنهم: الشيخ المفيد حيث قال في الإرشاد 256: أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جدّه، عن سلمة بن شبيب، عن عبيد الله بن محمّد التيميّ قال: سمعتُ شيخاً من عبدالقيس يقول: قال طاووس ( اليمانيّ ): دخلتُ الحِجْر ( حجر إسماعيل ) في الليل.. فإذا عليُّ بن الحسين عليهما السّلام قد دخل، فقام يصلّي.. فصلّى ما شاء الله ثمّ سجد. فقلت: رجلٌ صالح مِن أهل بيت الخير، لأضغينّ إلى دعائه، فسمعتُه يقول في سجوده:
عبدُك بِفِنائِك، مسكينُك بِفِنائِك، فقيرك بفِنائك، سائلك بفِنائك.
قال طاووس: فما دعوتُ بهنّ في كَرْبٍ إلاّ فُرِّج عنّي.
تعليق