(بحث فلسفي)
البراهين العقلية ناهضة على ان استقلال المعلول وكل شأن من شئونه انما هو بالعلة، وان كل ما له من كمال فهو من اظلال وجود علته ، فلو كان للحسن والجمال حقيقة في الوجود فكماله واستقلاله للواجب تعالى لانه العلة التي ينتهي إليه جميع العلل ، والثناء والحمد هو اظهار موجود ما بوجوده كمال موجود آخر وهو لا محالة علته، وإذا كان كل كمال ينتهي إليه تعالى فحقيقة كل ثناء وحمد تعود وتنتهى إليه تعالى، فالحمدلله رب العالمين . قوله تعالى: إياك نعبد وإياك نستعين الآية، العبد هو المملوك من الانسان أو من كل ذي شعور بتجريد المعنى كما يعطيه قوله تعالى: (إن كل من في السموات والارض إلا اتي الرحمن عبدا) مريم - 93 . والعبادة مأخوذة منه وربما تفرقت اشتقاقاتها أو المعاني المستعملة هي فيها لاختلاف الموارد، وما ذكره الجوهري في الصحاح أن أصل العبودية الخضوع فهو من باب الاخذ بلازم المعنى وإلا فالخضوع متعد باللام والعبادة متعدية بنفسها. وبالجملة فكأن العبادة هي نصب العبد نفسه في مقام المملوكية لربه ولذلك كانت العبادة منافية للاستكبار وغير منافية للاشتراك فمن الجائزان يشترك ازيد من الواحد في ملك رقبة أو في عبادة عبد، قال تعالى: (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) غافر - 60 وقال تعالى(ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) الكهف - 110 فعد الاشراك ممكنا ولذلك نهى عنه، والنهى لا يمكن الا عن ممكن مقدور بخلاف الاستكبار عن العبادة فانه لا يجامعها. والعبودية انما يستقيم بين العبيد ومواليهم فيما يملكه الموالي منهم، واما ما لا يتعلق به الملك من شئون وجود العبد ككونه ابن فلان أو ذا طول في قامته فلا يتعلق به عبادة ولا عبودية، لكن الله سبحانه في ملكه لعباده على خلاف هذا النعت فلا ملكه يشوبه ملك ممن سواه ولا انالعبد يتبعض في نسبته إليه تعالى فيكون شئ منه مملوكا وشئ، آخر غير مملوك، ولا تصرف من التصرفات فيه جائز وتصرف آخر غير جائز كما ان العبيد فيما بيننا شئ منهم مملوك وهو افعالهم الاختيارية وشئ غير مملوك وهو الاوصاف الاضطرارية، وبعض التصرفات فيهم جائز كالاستفادة من فعلهم وبعضها غير جائز كقتلهم من غير جرم مثلا، فهو تعالى مالك على الاطلاق من غير شرط ولا قيد وغيره مملوك على الاطلاق من غير شرط ولا قيد فهناك حصر من جهتين، الرب مقصور في المالكية، والعبد مقصور في العبودية، وهذه هي التي يدل عليه قوله: اياك نعبد حيث قدم المفعول واطلقت العبادة. ثم ان الملك حيث كان مقتوم الوجودبمالكه كما عرفت مما مر، فلا يكون حاجبا عن مالكه ولا يحجب عنه، فانك إذا نظرت إلىدار زيد فان نظرت إليها من جهة انها دار امكنك ان تغفل عن زيد، وان نظرت إليها بما انها ملك زيد لم يمكنك الغفلة عن مالكها وهو زيد. ولكنك عرفت ان ما سواه تعالى ليس لها لا المملوكية فقط وهذه حقيقتة فشئ منه في الحقيقة لا يحجب عنه تعالى، ولا النظر إليه يجامع الغفلة عنه تعالى، فله تعالى الحضور المطلق، قال سبحانه: (أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ألا انهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شئ محيط) حم السجدة - 54 وإذا كان كذلك فحق عبادته تعالى ان يكون عن حضور من الجانبين.
البراهين العقلية ناهضة على ان استقلال المعلول وكل شأن من شئونه انما هو بالعلة، وان كل ما له من كمال فهو من اظلال وجود علته ، فلو كان للحسن والجمال حقيقة في الوجود فكماله واستقلاله للواجب تعالى لانه العلة التي ينتهي إليه جميع العلل ، والثناء والحمد هو اظهار موجود ما بوجوده كمال موجود آخر وهو لا محالة علته، وإذا كان كل كمال ينتهي إليه تعالى فحقيقة كل ثناء وحمد تعود وتنتهى إليه تعالى، فالحمدلله رب العالمين . قوله تعالى: إياك نعبد وإياك نستعين الآية، العبد هو المملوك من الانسان أو من كل ذي شعور بتجريد المعنى كما يعطيه قوله تعالى: (إن كل من في السموات والارض إلا اتي الرحمن عبدا) مريم - 93 . والعبادة مأخوذة منه وربما تفرقت اشتقاقاتها أو المعاني المستعملة هي فيها لاختلاف الموارد، وما ذكره الجوهري في الصحاح أن أصل العبودية الخضوع فهو من باب الاخذ بلازم المعنى وإلا فالخضوع متعد باللام والعبادة متعدية بنفسها. وبالجملة فكأن العبادة هي نصب العبد نفسه في مقام المملوكية لربه ولذلك كانت العبادة منافية للاستكبار وغير منافية للاشتراك فمن الجائزان يشترك ازيد من الواحد في ملك رقبة أو في عبادة عبد، قال تعالى: (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) غافر - 60 وقال تعالى(ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) الكهف - 110 فعد الاشراك ممكنا ولذلك نهى عنه، والنهى لا يمكن الا عن ممكن مقدور بخلاف الاستكبار عن العبادة فانه لا يجامعها. والعبودية انما يستقيم بين العبيد ومواليهم فيما يملكه الموالي منهم، واما ما لا يتعلق به الملك من شئون وجود العبد ككونه ابن فلان أو ذا طول في قامته فلا يتعلق به عبادة ولا عبودية، لكن الله سبحانه في ملكه لعباده على خلاف هذا النعت فلا ملكه يشوبه ملك ممن سواه ولا انالعبد يتبعض في نسبته إليه تعالى فيكون شئ منه مملوكا وشئ، آخر غير مملوك، ولا تصرف من التصرفات فيه جائز وتصرف آخر غير جائز كما ان العبيد فيما بيننا شئ منهم مملوك وهو افعالهم الاختيارية وشئ غير مملوك وهو الاوصاف الاضطرارية، وبعض التصرفات فيهم جائز كالاستفادة من فعلهم وبعضها غير جائز كقتلهم من غير جرم مثلا، فهو تعالى مالك على الاطلاق من غير شرط ولا قيد وغيره مملوك على الاطلاق من غير شرط ولا قيد فهناك حصر من جهتين، الرب مقصور في المالكية، والعبد مقصور في العبودية، وهذه هي التي يدل عليه قوله: اياك نعبد حيث قدم المفعول واطلقت العبادة. ثم ان الملك حيث كان مقتوم الوجودبمالكه كما عرفت مما مر، فلا يكون حاجبا عن مالكه ولا يحجب عنه، فانك إذا نظرت إلىدار زيد فان نظرت إليها من جهة انها دار امكنك ان تغفل عن زيد، وان نظرت إليها بما انها ملك زيد لم يمكنك الغفلة عن مالكها وهو زيد. ولكنك عرفت ان ما سواه تعالى ليس لها لا المملوكية فقط وهذه حقيقتة فشئ منه في الحقيقة لا يحجب عنه تعالى، ولا النظر إليه يجامع الغفلة عنه تعالى، فله تعالى الحضور المطلق، قال سبحانه: (أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ألا انهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شئ محيط) حم السجدة - 54 وإذا كان كذلك فحق عبادته تعالى ان يكون عن حضور من الجانبين.
تعليق