هناك من النصوص ما يشي بوضوح بوحدات بنائيتهوآليات اشتغاله والمعطيات التي ترد في نسيجه لسانياً واسلوبياً وثقافياً..غير ان هناكمن الماورائيات ما يستدعي القراءة السطرية والبحث في الايحاءات والتلميحات واستقراءالاشارات المنضوية في المتون بقراءة تأويلية تستنطق المكتوب وتطارد العلامات بغية الوقوفعلى كنه النصوص ومرامي الكاتب واجتراح افق نقدي يفك المغاليق ويوضح العلاقات بين المفرداتوسياقاتها وصولاً الى المعنى واقعياً كان ام متخيلاً.النصية هي الجذر التي انطلقت منها"نظرية التناص" ببعدها الحداثي التي كان عراب بدايتها ميخائيل باختين عندما ذكر ان (كل نص يقع عند ملتقى مجموعةمن النصوص الأخرى؛ يعيد قراءتها ويؤكدها ويكثفها ويحولها ويعمقها في نفس الوقت)، فليسهنالك نص بريء لم يمتص او يتداخل او يتعالق او يقترض او يستشهد بنصوص اخرى، ليس هناكمن نص منقطع عن ماضويته ومحيطه مكتفٍ بذاته..فالنص فضاء تسبح فيه عديد النصوص لفظاومعنى ورؤية، قراءة وتأولياً وتلميحاً واشهاراً، اقتراضاً واستشهاداً وتحويلاً.. ينولد النص وفي جعبته حصيلة لتراكمات وقراءات ومحفوظاتثقافية وفكرية سابقة كما يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: ( اعلم ان لعمل الشعر، واحكام صناعته شروطاً، اولهاالحفظ من جنسه، حتى تنشأ في النفس ملكة ينسج على منوالها.. ومن كان خالياً من المحفوظفنظمه قاصر رديء ولا يعطيه الرونق والحلاوة الا كثرة المحفوظ، فمن قل حفظه او عدم لميكن له شعر، ثم بعد الامتلاء من الشعر وشحذ القريحة للنسج على المنوال يقبل على النظم،وبالاكثار منه تستحكم ملكته وترسخ، وربما يقال ان من شرطه نسيان ذلك المحفوظ، لتمحيرسومه الحرفية الظاهرة، اذ هي صادرة عن استعمالها بعينها فاذا نسيتها، وقد تكتفت النفسبها، انتعش الاسلوب فيها كأنه منوال يؤخذ بالنسج عليه بأمثالها من كلمات اخرى ضرورة).هذه الملكة التي اكد عليها ابن خلدون هي الارض البكر التي ينبغي حرثها وتغذيتها لغةومعنى بالاخيلة والمفردات والتمكن منها وتوظيفها لانبعاث نصوص تحمل فرادتها ونضوجهاوقوة ايصاليتها واثمار كل ما تجود به القرائح من ابداع..تقع في الصميم من نظرية التناصوان تعارف العرب على استخدام ملفوظي الاقتباس والتضمين عوضاً عن التناص بمجالها الاوسعوالادق في تقعيد الظواهر الادبية والاختصاص بوظيفتها وانواعها وانماطها ومتبنياتهاببعديها المزدوجين المبنى والمعنى. وان اختلفت التسمية بين التناص الغربي والتضمينالعربي فالدكتور احمد الزعبي يوضح في كتابه (التناص نظرياً وتطبيقياً)

( عراقي يكتب سيرته) هو الاصدار الرابعللشاعر عبد الحسين بريسم عن دار الفراهيدي2013م، اعتكز في اغلب نصوصه على التناص الدينيوالتعالق مع الايات والقصص القرآنية، بصورة مباشرة وغير مباشرة بغية اسناد المعنى وتعميقهوالايجاز في توصيله الى الاذهان مستشهداً بالقصص والحكاية السردية التي وردت في القرآنالكريم، ففي نص (حلم داخل حلم) يذكر بريسم( انا اغني بلا كلمات/ وما تبعني الغاوون)في اشارة الى الاية (والشعراء يتبعهم الغاوون) من سورة الشعراء، وفي قصة خلق آدم وحواءيكتب الشاعر


عمل الشاعر عبد الحسين بريسم على استثمارممكنات السرد في بنائية الجملة وخلق الحبكات وتوتر اللغة وتفجرها،غير انه قد وضع موجهاقرائياً في مدخل مجموعته الشعرية لرسول حمزاتوف يذكر فيه (جمال القصيدة في بساطة كلماتها)،البساطة تعني اسلوب الطرح الذي ينبغي ان يتوافر على سلاسة العبارة موجزاً في الفكرةسهل الايصال للمعنى..حفلت مجموعة الشاعر ببعض القصائد التي تقترب من التقريرية المباشرةوتلك وظيفة النثر الاخباري الوصفي كما جاء في نص(بغداد بعد العاصفة)

تعليق