الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 11-1
إليك ملخص الجلسة الحادية عشر من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.
لا أصالة للعناء ولكنه ضروري لجهاد النفس وإنتاج القيمة المضافة
إن طريق حركتنا الرئيس على أساس خصائص الإنسان والحياة، هو جهاد النفس. فإنّكم عندما تسيرون في درب الدين والكمال والأعمال الصالحة، طريقكم الرئيس هو مخالفة الأهواء بطبيعة حال الحياة وبمقتضى خصائص الإنسان. إن مخالفة الأهواء والرغبات سواء أكانت عبر الأوامر والتكليف أم كانت عبر الفرض والتقدير فهي ما نسميه بالعناء. وهو ما لا تخلو حياتنا منه وإن لم تخل من النّعم واليسر أيضا. إن طريقنا هو طريق جهاد النفس ولا أصالة للعناء، ولكنّه أمر لابدّ منه في عمليّة جهاد النفس. لا يخفى أن العناء الذي يحصل عبر جهاد النفس من خلال البرنامج الإلهي يختلف عن كثير من المعاناة الأخرى، وبودّي أن أسلّط الضوء في هذه الجلسة على هذا الموضوع.
لا أصالة للعناء، ولكنّنا قد خلقنا من أجل إنتاج القيمة المضافة وهذا ما يحتاج إلى جهاد النفس، وجهاد النفس لا ينفك عن العناء.
عادة ما يصطدم الإنسان بمشاكله دون نعمه، فلابد أن يحدّد موقفه تجاه العناء
من بين التكاليف الإلهية قد ينسجم هوانا مع بعض الأوامر والنواهي ولكن الأساس في الأوامر والأعمال الصالحة التي لها دور رئيس في رشدنا هي تلك الأعمال التي لا تنسجم مع هوانا. كما أن العامل الحاسم في تعيين مقامنا من الله سبحانه وتعالى هو الصبر والرضا في المعاناة التي نعيشها في حياتنا، وليس ساعات الراحة واللذة في حياتنا. طبعا لا شك في أن المسرات واللذات طبيعية ولا تخلو منها الحياة ويجب أداء شكرها في المقابل، ولكن أساس العمل الصالح هو المعاناة في سبيل الله. لماذا؟
من جانب يقول الإمام الصادق(ع): «جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ ينْفَعُهَا وَ بُغْضِ مَنْ أَضَرَّ بِهَا»[الكافي/ج8/ص152]. ومن جانب آخر، من طبائع الإنسان هي أنه ينسى مئات النعم، ولكنه يجعل الألم الصغير وقصير الأمد نصب عينيه. وعليه فإذا منّ الله على الإنسان بمئات النعم ووسائل اليسر، ويبتلى معها بعلّة واحدة، يلتفت عن كل نعمه ومسراته إلى تلك العلّة الواحدة. ولهذا فإن خلي الإنسان مع ربّه ليصارحه عن ما في قلبه، قد يضع كل نعمه ودواعي يسره إلى جانب ويعاتب الله لعلة واحدة أو مصيبة واحدة أصابه بها في حياته!
بعبارة أخرى، عادة ما يصطدم الإنسان بمصائبه ويلتفت إليها دون النّعم، ولهذا ومن أجل أن يقدر على السير في هذا الدرب بنجاح، لابدّ في بداية الأمر أن يحدّد موقفه تجاه العناء. فإن كانت نفسك تبحث عن مفرّ من العناء في هذه الدنيا، فهذا وهم باطل وإنك مخطئ في حساباتك. فلابدّ أن نخاطب نفسنا الفارة من العناء ونقول لها بصراحة: إن الحياة غير منفكة عن المعاناة، وإن السّلوك نحو الله سبحانه وتعالى هو صعود وتسلّق عبر طريق مرتفع صعب، وليس بطريق معبد منحدر.
لا نفرّ من الدين بغية الفرار من معاناة التكليف والتقدير فلا فائدة منه
إن طريقنا الرئيس هو جهاد النفس، وأهم قضية تواجهنا في مسار هذا الجهاد هو العناء. فلابدّ أن نحدد موقفنا تجاه العناء ونقبل بوجود أصل العناء ونوطن أنفسنا على مواجهة مختلف المعاناة ولا نفرّ من الدين بغية الفرار من المعاناة إذ لا فائدة منه.
ولابد أن نعلم أن جميع الناس يعانون من مشاكل. فإن وجدنا أحدا يبتسم ولم تبد على ملامحه غبار المصائب فليس ذلك لقلّة معاناته، بل بسبب أنه أكثر صبرا ولعله يسعى لحفظ الظاهر أو أنه إنسان عاقل وفاهم. على أي حال لابدّ لنا أن نحدّد موقفنا تجاه العناء.
لا ينبغي أن ننسى الآلام والمعاناة بل يجب أن نشاهدها بعين مفتوحة، وإلا تخرب عمليّة جهاد النفس ونتهرّب عن المعاناة التكليفية والتقديرية. ثم إن هذا التهرّب لا يرتبط في أكثر الأحيان بقلّة الإيمان. فعندما يواجه الإنسان بعض الناس ممن لم يلتزم بالدين جيدا، قد يقول له: «كن مؤمنا» في حين أنه مؤمن بالفعل ولكنه ليس من أهل تحمّل العناء. إنه مؤمن ولكن قد أخبروه بخبر كاذب فتوّهم أن يوجد مجال في هذه الدنيا لا عناء فيه وهناك طريق مفرّ منه.
إن لم نتعامل مع العناء بالشكل الصحيح، تزدد معاناتنا في الحياة
إن لم نتعامل مع العناء بشكل صحيح، تزدد معاناتنا في الحياة. وقد أشارت روايات كثيرة إلى هذه الحقيقة. روي عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: الجَزَعُ أتْعَبُ مِن الصَّبرِ[غرر الح?م/5620] وقال(ع): «الجَزَعُ عندَ المُصيبَةِ يزيدُها، و الصّبرُ علَيها يبيدُها»[غررالح?م/2043] وقال(ع) في رواية أخرى: «لا تَجْزَعوا مِن قليلِ ما أ?ْرَهَ?ُم، فيوقِعَ?ُم ذل?َ في ?ثيرٍ مِمّا تَ?ْرَهونَ»[غررالح?م/5638] وكذلك روي عن الإمام الكاظم(ع) أنه قال: «المُصيبَةُ للصّابرِ واحدَةٌ ، و للجازعِ اثْنَتانِ»[تحف العقول/414].
يتبع إن شاء الله...
إليك ملخص الجلسة الحادية عشر من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.
لا أصالة للعناء ولكنه ضروري لجهاد النفس وإنتاج القيمة المضافة
إن طريق حركتنا الرئيس على أساس خصائص الإنسان والحياة، هو جهاد النفس. فإنّكم عندما تسيرون في درب الدين والكمال والأعمال الصالحة، طريقكم الرئيس هو مخالفة الأهواء بطبيعة حال الحياة وبمقتضى خصائص الإنسان. إن مخالفة الأهواء والرغبات سواء أكانت عبر الأوامر والتكليف أم كانت عبر الفرض والتقدير فهي ما نسميه بالعناء. وهو ما لا تخلو حياتنا منه وإن لم تخل من النّعم واليسر أيضا. إن طريقنا هو طريق جهاد النفس ولا أصالة للعناء، ولكنّه أمر لابدّ منه في عمليّة جهاد النفس. لا يخفى أن العناء الذي يحصل عبر جهاد النفس من خلال البرنامج الإلهي يختلف عن كثير من المعاناة الأخرى، وبودّي أن أسلّط الضوء في هذه الجلسة على هذا الموضوع.
لا أصالة للعناء، ولكنّنا قد خلقنا من أجل إنتاج القيمة المضافة وهذا ما يحتاج إلى جهاد النفس، وجهاد النفس لا ينفك عن العناء.
عادة ما يصطدم الإنسان بمشاكله دون نعمه، فلابد أن يحدّد موقفه تجاه العناء
من بين التكاليف الإلهية قد ينسجم هوانا مع بعض الأوامر والنواهي ولكن الأساس في الأوامر والأعمال الصالحة التي لها دور رئيس في رشدنا هي تلك الأعمال التي لا تنسجم مع هوانا. كما أن العامل الحاسم في تعيين مقامنا من الله سبحانه وتعالى هو الصبر والرضا في المعاناة التي نعيشها في حياتنا، وليس ساعات الراحة واللذة في حياتنا. طبعا لا شك في أن المسرات واللذات طبيعية ولا تخلو منها الحياة ويجب أداء شكرها في المقابل، ولكن أساس العمل الصالح هو المعاناة في سبيل الله. لماذا؟
من جانب يقول الإمام الصادق(ع): «جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ ينْفَعُهَا وَ بُغْضِ مَنْ أَضَرَّ بِهَا»[الكافي/ج8/ص152]. ومن جانب آخر، من طبائع الإنسان هي أنه ينسى مئات النعم، ولكنه يجعل الألم الصغير وقصير الأمد نصب عينيه. وعليه فإذا منّ الله على الإنسان بمئات النعم ووسائل اليسر، ويبتلى معها بعلّة واحدة، يلتفت عن كل نعمه ومسراته إلى تلك العلّة الواحدة. ولهذا فإن خلي الإنسان مع ربّه ليصارحه عن ما في قلبه، قد يضع كل نعمه ودواعي يسره إلى جانب ويعاتب الله لعلة واحدة أو مصيبة واحدة أصابه بها في حياته!
بعبارة أخرى، عادة ما يصطدم الإنسان بمصائبه ويلتفت إليها دون النّعم، ولهذا ومن أجل أن يقدر على السير في هذا الدرب بنجاح، لابدّ في بداية الأمر أن يحدّد موقفه تجاه العناء. فإن كانت نفسك تبحث عن مفرّ من العناء في هذه الدنيا، فهذا وهم باطل وإنك مخطئ في حساباتك. فلابدّ أن نخاطب نفسنا الفارة من العناء ونقول لها بصراحة: إن الحياة غير منفكة عن المعاناة، وإن السّلوك نحو الله سبحانه وتعالى هو صعود وتسلّق عبر طريق مرتفع صعب، وليس بطريق معبد منحدر.
لا نفرّ من الدين بغية الفرار من معاناة التكليف والتقدير فلا فائدة منه
إن طريقنا الرئيس هو جهاد النفس، وأهم قضية تواجهنا في مسار هذا الجهاد هو العناء. فلابدّ أن نحدد موقفنا تجاه العناء ونقبل بوجود أصل العناء ونوطن أنفسنا على مواجهة مختلف المعاناة ولا نفرّ من الدين بغية الفرار من المعاناة إذ لا فائدة منه.
ولابد أن نعلم أن جميع الناس يعانون من مشاكل. فإن وجدنا أحدا يبتسم ولم تبد على ملامحه غبار المصائب فليس ذلك لقلّة معاناته، بل بسبب أنه أكثر صبرا ولعله يسعى لحفظ الظاهر أو أنه إنسان عاقل وفاهم. على أي حال لابدّ لنا أن نحدّد موقفنا تجاه العناء.
لا ينبغي أن ننسى الآلام والمعاناة بل يجب أن نشاهدها بعين مفتوحة، وإلا تخرب عمليّة جهاد النفس ونتهرّب عن المعاناة التكليفية والتقديرية. ثم إن هذا التهرّب لا يرتبط في أكثر الأحيان بقلّة الإيمان. فعندما يواجه الإنسان بعض الناس ممن لم يلتزم بالدين جيدا، قد يقول له: «كن مؤمنا» في حين أنه مؤمن بالفعل ولكنه ليس من أهل تحمّل العناء. إنه مؤمن ولكن قد أخبروه بخبر كاذب فتوّهم أن يوجد مجال في هذه الدنيا لا عناء فيه وهناك طريق مفرّ منه.
إن لم نتعامل مع العناء بالشكل الصحيح، تزدد معاناتنا في الحياة
إن لم نتعامل مع العناء بشكل صحيح، تزدد معاناتنا في الحياة. وقد أشارت روايات كثيرة إلى هذه الحقيقة. روي عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: الجَزَعُ أتْعَبُ مِن الصَّبرِ[غرر الح?م/5620] وقال(ع): «الجَزَعُ عندَ المُصيبَةِ يزيدُها، و الصّبرُ علَيها يبيدُها»[غررالح?م/2043] وقال(ع) في رواية أخرى: «لا تَجْزَعوا مِن قليلِ ما أ?ْرَهَ?ُم، فيوقِعَ?ُم ذل?َ في ?ثيرٍ مِمّا تَ?ْرَهونَ»[غررالح?م/5638] وكذلك روي عن الإمام الكاظم(ع) أنه قال: «المُصيبَةُ للصّابرِ واحدَةٌ ، و للجازعِ اثْنَتانِ»[تحف العقول/414].
يتبع إن شاء الله...
تعليق