قضى ذلك السيد الجليل و العالم الفاضل و المهذب الكامل حياته في مثل هذا اليوم ، مضى ... لكن مضى مظلوماً غريباً ، في كبده لوعة الثكالى و في قلبه غصة الفراق المرير و في صدره شجون و آلام مضت معه ، كان لا يستطيع ان يبوح بها خوفاً من انكشاف امره و معرفة نسبه حتى لا يودي ذلك بحياته و حياة القرية التي آوى إليها ! ،
ربما فارق ديار القرآن و بيوت الوحي و مضائف الملائكه لكن بقي قلبه هناك ،
امه "نجمة" يعلم آلامها و حرَّ فؤادها ، فواحد من اولادها غريب بأرض طوس ، و أخرى جرت منيتها في قم ... اما هو ففي مكان اخفي على الجميع محله ! ،
اما كفاه فراق الوالد الامام ، الذي وسع كل شيء رحمةً ، اذ كان هو رحمة الله ! ، حتى الفوا خبره قد مات في السجن مقتولاً بسم اللارشيد ! ،
ربما في وقت سماعه ذلك الخبر قال في نفسه ، لئن فقدتك يا ابتاه و اماماه فأنا في كنف اخي الامام علي المسمى بالرضا ، سيمنحني الرب جواره كي اظل باقياً مداوماً على النظر الى وجهه الذي يزيل همومي و يكشف عني الغموم ! ،
لكن مالذي حدث ..!؟ ، هل تنعم ولي الله بجوار اخيه الامام ..؟! ،
كلا ... لقد لاحقه الظالمون و ارادوا اسره و قتله ، اما اخاه الامام فقد قادوه جبراً الى ارض الغربة كي يقضوا عليه بنفس المسمار الذي قضت فيه فاطمة الزهراء (ع) و الذي كان ارث صاحبَي السقيفة لأهل سنتهم !! ،
كل ما لديه هي بنت واحده يشم منها رائحة اجدادها المقتولين و يُشبِّهُها بأمه الثكلى الممتحنه و يُعلِّمها ان امام زمانها هو
( علي بن موسى ) الذي في خرسان ... لكن يا للحسرات و الآهات فهي لا تعرف انها لمن تنتمي و من آبائها ،
هموم لو وضعت على اثقال الجبال الرواسي لزلزاتها و اطاحت بها !! ، ليس له من يفرغ اليه همومه و آهاته ... لكن لعله كان يلجئ الى البأر كي يصرخ ... ( يـــــااااا علــي ... اغثني يا جداه ) او لعله كان يتمتم بشفتيه يحدث اخاه الامام و يشكو اليه همومه الثقال ، و لم تكن المسافات الفاصلة بينه و بين شقيقه الامام كفيلةً بحجب صوته المكروب ، لأن امام الزمان يسمع الهموم و يصغي الى الآهات و يبكي مع شجون النبرات ، فقد كشف الله الغطاء عن ناظري الامام فلا يحجب عنه حجاب ... ،
هكذا بمرارة يتمرمر منها العلقم المر قضى حياته راضياً مرضيا ... ،
لكن .... ماذا جرى ايتها الدنيا ..!؟ ،
ايها القدر كيف جنيت على نفسك هكذا ..!؟ ،
ما لبني فاطمة صاروا يخفون انسابهم ..!؟
كيف صارت ذرية رسول الله (ص) تخشى من اظهار حسبها الاكرمِ ..؟! ،
لا اضحك الله سنك ايها الدهر ... و آل أحمد مظلومون قد قهروا ...
" عظم الله اجوركم و اجورنا بوفاة مولانا القاسم بن موسى الكاظم (ع) " .
تعليق