بسم الله الرحمن الرحيم
من الزيارات التي أكّد عليها الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ، وأوصى بها صاحب الزمان (عليه السلام) في مواطن كثيرة ، هي زيارة عاشوراء . فهي من أعظم الزيارات سنداً ودلالة ، وإنّها نشيد الله على لسان الملك العظيم جبرئيل الأمين (عليه السلام) ، فإنّه بأمر من الله سبحانه بشّر به النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) وكلّ من في السماوات والأرض.
وإنّها رويت بطريقين وسندين :السند الأوّل :
كامل الزيارات للمحدّث الجليل ابن قولويه القمّي ( الصفحة 333 )[1] ، بسنده الصحيح عن علقمة بن محمّد الحضرمي ومحمّد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال :من زار الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء من المحرّم حتّى يظلّ عنده باكياً لقي الله تعالى يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجّة ، وألفي ألف عمرة ، وألفي ألف غزوة ، وثواب كلّ حجّة وعمرة وغزوة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع الأئمة الراشدين صلوات الله عليهم أجمعين.قال : قلت : جعلت فداك ، فما لمن كان في بُعد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم ؟قال : إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره ، وأومأ إليه بالسلام ، واجتهد على قاتله بالدعاء ، وصلّى بعده ركعتين يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ، ثمّ ليندب الحسين (عليه السلام) ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه ، ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه ، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضاً في البيوت ، وليعزِّ بعضهم بعضاً بمصاب الحسين (عليه السلام) ، فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عزّ وجلّ جميع هذا الثواب.فقلت : جعلت فداك ، وأنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك والزعيم به ؟قال : أنا الضامن لهم والزعيم لمن فعل ذلك.قال : قلت : فكيف يعزّي بعضهم بعضاً ؟قال : يقولون : عظّم الله اُجورنا بمصابنا بالحسين (عليه السلام) وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الإمام المهدي من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل ، فإنّه يوم نحس لا تنقضي فيه حاجة ، وإن قُضيت لم يبارك له فيها ولم يرَ رُشداً ، ولا تدّخرن لمنزلك شيئاً ، فإنّه من ادّخر لمنزله شيئاً في ذلك اليوم لم يبارك له في ما يدّخره ، ولا يبارك له في أهله ، فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجّة وألف ألف عمرة ، وألف ألف غزوة كلّها مع رسول الله ، وكان له ثواب مصيبة كلّ نبيّ ورسول وصدّيق وشهيد مات أو قُتل منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة.قال صالح بن عقبة الجهني وسيف بن عميرة : قال علقمة بن محمّد الحضرمي : فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) : علّمني دعاءً أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قريب ، ودعاءً أدعو به إذا لم أزره من قريب ، أومأت إليه من بُعد البلاد ومن سطح داري بالسلام.قال : فقال : يا علقمة ، إذا أنت صلّيت ركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقلت عند الإيماء إليه ومن بعد الركعتين هذا القول ، فإنّك إذا قلت ذلك ، فقد دعوت بما يدعو به من زاره من الملائكة ، وكتب الله لك بها ألف ألف حسنة ومحى عنك ألف ألف سيّئة ورفع لك مائة ألف ألف درجة ، وكنت ممّن استشهد مع الحسين بن علي (عليهما السلام) حتّى تشاركهم في درجاتهم ، ولا تُعرف إلاّ في الشهداء الذين استشهدوا معه ، وكتب لك ثواب كلّ نبيّ ورسول وزيارة من زار الحسين بن علي (عليهما السلام) منذ يوم قتل : « السلام عليك يا أبا عبد الله ... » إلى آخر زيارة عاشوراء كما في مفاتيح الجنان.قال علقمة : قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) : يا علقمة ، إن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل ، فلك ثواب جميع ذلك إن شاء الله تعالى.
السند الثاني :
عن سيف بن عميرة ، قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمّـال وجماعة من أصحابنا إلى الغري بعد أن خرج أبو عبد الله (عليه السلام) فسرنا من الحيرة إلى المدينة.فلمّـا فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله (عليه السلام)فقال لنا : تزورون الحسين (عليه السلام) من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين صلوات الله عليه من ها هنا ، وأومأ إليه أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا معه . قال : فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين (عليه السلام) وودّع في دبرهما أمير المؤمنين (عليه السلام)وأومأ إلى الحسين بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه ، وودّع ، وكان فيما دعاه في دبرها : « يا الله يا الله يا الله ، يا مجيب دعوة المضطرّين ـ إلى آخر الدعاء في المفاتيح بعد زيارة عاشوراء ونسبها إلى علقمة سهواً وهي دعاء صفوان ـ ».قال سيف : فسألت صفوان فقلت له : إنّ علقمة بن محمّد لم يأتِنا بهذا عن أبي جعفر (عليه السلام) ، إنّما أتانا بدعاء الزيارة ، فقال صفوان : وردت مع سيّدي أبي عبد الله (عليه السلام) إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ، ودعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلّى كما صلّينا ، وودّع كما ودّعناه.ثمّ قال لي صفوان : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : تعاهد هذه الزيارة ـ أي عليك بهذه الزيارة دائماً كما كان سلفنا الصالح من يقرأها كلّ يوم ـ وادعُ بهذا الدعاء وزُر به ، فإنّي ضامن على الله تعالى لكلّ من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بُعد ، أنّ زيارته مقبولة ، وسعيه مشكور ، وسلامه واصل غير محجوب ، وحاجته مقضيّة من الله تعالى ، بالغاً ما بلغت ، ولا يخيّبه.يا صفوان ، وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي وأبي عن علي ابن الحسين (عليه السلام) مضموناً بهذا الضمان عن الحسين ، والحسين عن أخيه الحسن مضموناً بهذا الضمان ، والحسن عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) مضموناً بهذا الضمان ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله مضموناً بهذا الضمان ، ورسول الله عن جبرئيل مضموناً بهذا الضمان ، وجبرئيل عن الله عزّ وجلّ مضموناً بهذا الضمان.وقد آلى الله على نفسه عزّ وجلّ أنّ من زار الحسين (عليه السلام) بهذه الزيارة من قرب أو بُعد ودعا بهذا الدعاء قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغاً ما بلغت ، وأعطيته سؤله ، ثمّ لا ينقلب عنّي خائباً ، وأقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته ، والفوز بالجنّة والعتق من النار ، وشفعته في كلّ من شفع خلا ناصب لنا أهل البيت ، آلى الله تعالى بذلك على نفسه ، وأشهدنا به ملائكة ملكوته على ذلك.ثمّ قال جبرئيل : يا رسول الله ، إنّ الله أرسلني إليك سروراً وبشرى لك ، وسروراً وبشرى لعليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وإلى الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة ، فدام يا محمّد سرورك وسرور عليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث.ثمّ قال لي صفوان : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : يا صفوان ، إذا حدث لك حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت ، وادعُ بهذا الدعاء ، وسل ربّك حاجتك ، تأتِك من الله ، والله غير مخلف وعده رسوله (صلى الله عليه وآله) بمنّه ، والحمد لله[2].دلالة الزيارة :لهذه الزيارة العظيمة دلالات ومفاهيم عديدة ، يشعّ منها أنوار الهداية ، ويطفح منها بركات الحياة الطيّبة ، تسودها السعادة والقرب من الله سبحانه . ومن أهمّ ما فيها هو التصريح بأمر عظيم وخطير جدّاً في حياة المؤمن ، ألا وهو أمر الولاية ، المتبلورة بالتولّي لله ولرسوله والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، والتبرّي من أعدائهم ، وأنّ السلام والصلاة مظهر التولّي ، كما أنّ اللعن مظهر التبرّي ، والعجيب أنّ اللعن مقدّم على السلام ، فإنّ التخلية مقدّمة على التحلية ـ كما في علم الأخلاق ـ ثمّ المهمّ في اللعن هو بيان المصاديق ومن استوجب اللعن الإلهي ، حتّى لا يلتبس الأمر على الناس ، والحديث في هذا الوادي طويل وعريض جدّاً ، وشرح الزيارة وبيان مفرداتها يحتاج إلى مجلّدات قطورة ، إلاّ أ نّه يكفيني أن أشير إجمالا إلى قول ( السلام عليك يا أبا عبد الله ) واُبيّن بعض معالمه ، لتكون الزيارة على معرفة إن شاء الله تعالى.ولا يخفى أنّ هذه الزيارة من الله سبحانه وهذا يعني أنّ أوّل زائر للحسين (عليه السلام) في عالم الأنوار والأشباح هو الله سبحانه وتعالى ، فهو الذي كنّى الحسين (عليه السلام) بأبي عبد الله قبل ولادته ، فما معنى ذلك ؟ وهذا يستلزم أن نتعرّض إلى الكلمات الثلاثة في المقطع الأوّل من الزيارة الشريفة ، وهي : السلام ، العبادة ، الاُبوّة.
--------------------------------------------------------------------------------[1]البحار 98 : 290 ، طبعة بيروت ، وطبعة إيران 101 : 290 ، وكذلك المستدرك 10 : 293 و 315 ، عنه صدره الوسائل 14 : 494 ، رواه الشيخ في مصباحه : 772 بإسناده عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن الباقر (عليه السلام) ، أورده السيّد ابن طاووس في مصباح الزائر : 147 ، والكفعمي في مصباحه : 483 ، والبلد الأمين : 269.[2]البحار 98 : 300 ، عن مصباح الطوسي : 542.
من الزيارات التي أكّد عليها الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ، وأوصى بها صاحب الزمان (عليه السلام) في مواطن كثيرة ، هي زيارة عاشوراء . فهي من أعظم الزيارات سنداً ودلالة ، وإنّها نشيد الله على لسان الملك العظيم جبرئيل الأمين (عليه السلام) ، فإنّه بأمر من الله سبحانه بشّر به النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) وكلّ من في السماوات والأرض.
وإنّها رويت بطريقين وسندين :السند الأوّل :
كامل الزيارات للمحدّث الجليل ابن قولويه القمّي ( الصفحة 333 )[1] ، بسنده الصحيح عن علقمة بن محمّد الحضرمي ومحمّد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهني عن أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال :من زار الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء من المحرّم حتّى يظلّ عنده باكياً لقي الله تعالى يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجّة ، وألفي ألف عمرة ، وألفي ألف غزوة ، وثواب كلّ حجّة وعمرة وغزوة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع الأئمة الراشدين صلوات الله عليهم أجمعين.قال : قلت : جعلت فداك ، فما لمن كان في بُعد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم ؟قال : إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره ، وأومأ إليه بالسلام ، واجتهد على قاتله بالدعاء ، وصلّى بعده ركعتين يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ، ثمّ ليندب الحسين (عليه السلام) ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه ، ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه ، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضاً في البيوت ، وليعزِّ بعضهم بعضاً بمصاب الحسين (عليه السلام) ، فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عزّ وجلّ جميع هذا الثواب.فقلت : جعلت فداك ، وأنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك والزعيم به ؟قال : أنا الضامن لهم والزعيم لمن فعل ذلك.قال : قلت : فكيف يعزّي بعضهم بعضاً ؟قال : يقولون : عظّم الله اُجورنا بمصابنا بالحسين (عليه السلام) وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الإمام المهدي من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل ، فإنّه يوم نحس لا تنقضي فيه حاجة ، وإن قُضيت لم يبارك له فيها ولم يرَ رُشداً ، ولا تدّخرن لمنزلك شيئاً ، فإنّه من ادّخر لمنزله شيئاً في ذلك اليوم لم يبارك له في ما يدّخره ، ولا يبارك له في أهله ، فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجّة وألف ألف عمرة ، وألف ألف غزوة كلّها مع رسول الله ، وكان له ثواب مصيبة كلّ نبيّ ورسول وصدّيق وشهيد مات أو قُتل منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة.قال صالح بن عقبة الجهني وسيف بن عميرة : قال علقمة بن محمّد الحضرمي : فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) : علّمني دعاءً أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قريب ، ودعاءً أدعو به إذا لم أزره من قريب ، أومأت إليه من بُعد البلاد ومن سطح داري بالسلام.قال : فقال : يا علقمة ، إذا أنت صلّيت ركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقلت عند الإيماء إليه ومن بعد الركعتين هذا القول ، فإنّك إذا قلت ذلك ، فقد دعوت بما يدعو به من زاره من الملائكة ، وكتب الله لك بها ألف ألف حسنة ومحى عنك ألف ألف سيّئة ورفع لك مائة ألف ألف درجة ، وكنت ممّن استشهد مع الحسين بن علي (عليهما السلام) حتّى تشاركهم في درجاتهم ، ولا تُعرف إلاّ في الشهداء الذين استشهدوا معه ، وكتب لك ثواب كلّ نبيّ ورسول وزيارة من زار الحسين بن علي (عليهما السلام) منذ يوم قتل : « السلام عليك يا أبا عبد الله ... » إلى آخر زيارة عاشوراء كما في مفاتيح الجنان.قال علقمة : قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) : يا علقمة ، إن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دهرك فافعل ، فلك ثواب جميع ذلك إن شاء الله تعالى.
السند الثاني :
عن سيف بن عميرة ، قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمّـال وجماعة من أصحابنا إلى الغري بعد أن خرج أبو عبد الله (عليه السلام) فسرنا من الحيرة إلى المدينة.فلمّـا فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله (عليه السلام)فقال لنا : تزورون الحسين (عليه السلام) من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين صلوات الله عليه من ها هنا ، وأومأ إليه أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا معه . قال : فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام) في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين (عليه السلام) وودّع في دبرهما أمير المؤمنين (عليه السلام)وأومأ إلى الحسين بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه ، وودّع ، وكان فيما دعاه في دبرها : « يا الله يا الله يا الله ، يا مجيب دعوة المضطرّين ـ إلى آخر الدعاء في المفاتيح بعد زيارة عاشوراء ونسبها إلى علقمة سهواً وهي دعاء صفوان ـ ».قال سيف : فسألت صفوان فقلت له : إنّ علقمة بن محمّد لم يأتِنا بهذا عن أبي جعفر (عليه السلام) ، إنّما أتانا بدعاء الزيارة ، فقال صفوان : وردت مع سيّدي أبي عبد الله (عليه السلام) إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ، ودعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلّى كما صلّينا ، وودّع كما ودّعناه.ثمّ قال لي صفوان : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : تعاهد هذه الزيارة ـ أي عليك بهذه الزيارة دائماً كما كان سلفنا الصالح من يقرأها كلّ يوم ـ وادعُ بهذا الدعاء وزُر به ، فإنّي ضامن على الله تعالى لكلّ من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بُعد ، أنّ زيارته مقبولة ، وسعيه مشكور ، وسلامه واصل غير محجوب ، وحاجته مقضيّة من الله تعالى ، بالغاً ما بلغت ، ولا يخيّبه.يا صفوان ، وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي وأبي عن علي ابن الحسين (عليه السلام) مضموناً بهذا الضمان عن الحسين ، والحسين عن أخيه الحسن مضموناً بهذا الضمان ، والحسن عن أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) مضموناً بهذا الضمان ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله مضموناً بهذا الضمان ، ورسول الله عن جبرئيل مضموناً بهذا الضمان ، وجبرئيل عن الله عزّ وجلّ مضموناً بهذا الضمان.وقد آلى الله على نفسه عزّ وجلّ أنّ من زار الحسين (عليه السلام) بهذه الزيارة من قرب أو بُعد ودعا بهذا الدعاء قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغاً ما بلغت ، وأعطيته سؤله ، ثمّ لا ينقلب عنّي خائباً ، وأقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته ، والفوز بالجنّة والعتق من النار ، وشفعته في كلّ من شفع خلا ناصب لنا أهل البيت ، آلى الله تعالى بذلك على نفسه ، وأشهدنا به ملائكة ملكوته على ذلك.ثمّ قال جبرئيل : يا رسول الله ، إنّ الله أرسلني إليك سروراً وبشرى لك ، وسروراً وبشرى لعليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وإلى الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة ، فدام يا محمّد سرورك وسرور عليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث.ثمّ قال لي صفوان : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : يا صفوان ، إذا حدث لك حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت ، وادعُ بهذا الدعاء ، وسل ربّك حاجتك ، تأتِك من الله ، والله غير مخلف وعده رسوله (صلى الله عليه وآله) بمنّه ، والحمد لله[2].دلالة الزيارة :لهذه الزيارة العظيمة دلالات ومفاهيم عديدة ، يشعّ منها أنوار الهداية ، ويطفح منها بركات الحياة الطيّبة ، تسودها السعادة والقرب من الله سبحانه . ومن أهمّ ما فيها هو التصريح بأمر عظيم وخطير جدّاً في حياة المؤمن ، ألا وهو أمر الولاية ، المتبلورة بالتولّي لله ولرسوله والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، والتبرّي من أعدائهم ، وأنّ السلام والصلاة مظهر التولّي ، كما أنّ اللعن مظهر التبرّي ، والعجيب أنّ اللعن مقدّم على السلام ، فإنّ التخلية مقدّمة على التحلية ـ كما في علم الأخلاق ـ ثمّ المهمّ في اللعن هو بيان المصاديق ومن استوجب اللعن الإلهي ، حتّى لا يلتبس الأمر على الناس ، والحديث في هذا الوادي طويل وعريض جدّاً ، وشرح الزيارة وبيان مفرداتها يحتاج إلى مجلّدات قطورة ، إلاّ أ نّه يكفيني أن أشير إجمالا إلى قول ( السلام عليك يا أبا عبد الله ) واُبيّن بعض معالمه ، لتكون الزيارة على معرفة إن شاء الله تعالى.ولا يخفى أنّ هذه الزيارة من الله سبحانه وهذا يعني أنّ أوّل زائر للحسين (عليه السلام) في عالم الأنوار والأشباح هو الله سبحانه وتعالى ، فهو الذي كنّى الحسين (عليه السلام) بأبي عبد الله قبل ولادته ، فما معنى ذلك ؟ وهذا يستلزم أن نتعرّض إلى الكلمات الثلاثة في المقطع الأوّل من الزيارة الشريفة ، وهي : السلام ، العبادة ، الاُبوّة.
--------------------------------------------------------------------------------[1]البحار 98 : 290 ، طبعة بيروت ، وطبعة إيران 101 : 290 ، وكذلك المستدرك 10 : 293 و 315 ، عنه صدره الوسائل 14 : 494 ، رواه الشيخ في مصباحه : 772 بإسناده عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن الباقر (عليه السلام) ، أورده السيّد ابن طاووس في مصباح الزائر : 147 ، والكفعمي في مصباحه : 483 ، والبلد الأمين : 269.[2]البحار 98 : 300 ، عن مصباح الطوسي : 542.
تعليق