العبادةُ والطاعةُ /مفهومهما /والفرقُ بينهما
______________________ __________
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
وعجّلَ اللهُ تعالى فرج وليه الأعظم الحجة بن الحسن روحي فداه في العالمين
إنه قوي عزيز
قال الله تعالى
(( وما خلقتُ الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون))الذاريات :56
إنّ العبادةَ تعني بمفهومها الصحيح هي خضوع وإنقياد العبد لربه (الله تعالى)
خالقه ومُوجده خضوعا وإنقيادا قلبيا وعمليا ليتجلى ذلك بتعاقدات قلبية
و بسلوكيات ظاهرية (طاعات) ترضي ربه تعالى
كإمتثاله لإوامره سبحانه وإنتهائه عن نواهيه عز و جل
والعبادة مفهوم اشمل وأعم من الطاعة لله تعالى في أوامره والإنتهاء عن نواهيه
فهي تعني الخضوع الجانحي (العقلي والقلبي / تعُبد)
والخضوع الجارحي (السلوكي الخارجي/الطاعة )
والعبادة لايستحقها إلاّ الله تعالى فهو المستحق الحقيقي للتقديس والتعبد له سبحانه
أما غيره فيستحق منا الطاعة لا العبادة
كطاعة النبي محمد :صلى الله عليه وآله وسلّم:
وطاعة الأئمة المعصومين:عليهم السلام:
وطاعة الوالدين في رضا الله تعالى وغيرهم ممن يستحق الطاعة شرعا .
لذا ركّز القرآن الكريم على ضرورة حصر العبادة به سبحانه لاغير
في سورة الحمد
((إيّاكَ نعبدُ وإيّاكَ نستعين))
لندرك كيف تنحصر العبادة بالمنعم الحقيقي والخالق الكريم الله تعالى لاغير
وكذا يتبع عبادته تعالى الإستعانة به بمعنى التوكل عليه في إنجاز امورنا الوجودية في الحياة الدنيا
وكونها حقاً لله تعالى مُلزمون به نحن البشر كافة
و أن لا نخضع لغير الله تعالى في صورة التعاطي في هذه الحياة مع أي كائن كان بشرا أو غيره
وخاصة في الصورة التي لاتُرضيه سبحانه من الظلم وقبائح الأمور
وهذا هو معنى التوحيد لله تعالى والإخلاص له إذ أنّكَ بعبادتك وإنقيادك نفسيا
وسلوكيا لربك فحسب لاغير تكون قد وحدته وأخلصتَ له العبادة سبحانه
ذلك إنّ كلّ حقٍ لله تعالى ينبثق من حق عبادته تعالى على البشر
فحق الطاعة مثلا هو حق متفرع من أصل عبادته تعالى
والعبد مالم يعتقد بوجود الله تعالى وفضله في خلقه وإنعامه عليه لايطيعه يقينا
لذا طالبَ القرآن الكريم الإنسان المسلم أولاً بالتوحيد لله تعالى ثم طاعته وهذا امر معلوم للجميع
كون الدين الإسلامي يتشكّل من منظومة عقدية وتشريعية تُطالب الإنسان المسلم بأن يتيقن بوجود الله ويوحده أولاً
ويعترف بنبوة الأنبياء وأفضلهم نبينا محمد :ص وآله والأئمة المعصومين الأثني عشر
ويذعن بعدل الله وجزاءه من الثواب والعقاب بعد المعاد وقيام الناس لرب العالمين.
فالعبادة تدخل في منظومة العقديات الحقة
(اصول الدين الإسلامي الخمسة /التوحيد/النبوة /العدل/الإمامة /المعاد )
واما الطاعة فتدخل في منظومة التشريعات الإلهية من عبادات ومعاملات :
وطاعة الله تعالى هو حق مُؤسَّس له قرآنيا وعقلانيا وترتكز على عناصر مهمة جدا
وهي الإنقياد الطوعي والقبول والقدرة والإختيار والعقل
فالقرآن الكريم أرشد إلى ضرورة طاعة الله تعالى وطاعة أوليائه المتفرعة عن طاعته سبحانه
قال تعالى
((قُل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإنّ الله لايُحبُّ الكافرين))آل عمران32.
وقال تعالى
(( ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم آلآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلا)) النساء59.
فالأية الأولى خاطبت عموم البشر في إطلاقها النصي ووصمت من يعرض عن هذا الحق بالكافر والمبغوض عند الله تعالى
وأما الأية الثانية فهي خاصة بالمؤمنين وعامة وشاملة لكل جيل بشري وفي أي زمان ومكان
لأنّ خطابات القرآن الكريم وخاصة النصوص العقدية هي خطابات وجودية حقيقية وليست خارجية تحيثت بحيثية الزمان والمكان تأريخيا
مثلما يُريدُ أعداء الإسلام أن يُصوروا ذلك
فألله هو الله سرمدي وأزلي ومنعم حقيقي فله حقوقه وعلينا إدراكها وتقدسيها وعدم إنتهاكها عمليا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف
تعليق