قال الله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت).
هل بإمكان أحد أن يتملص من الامتحان الإلهي؟
وهل شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم مستثنون من الامتحان؟
الجواب واضح وصريح، لا يمكن لأحد الفرار من الامتحان الرباني. فالجميع يخضعون للفتنة, بل كل الدنيا هي في الحقيقة قاعة الامتحان الإلهي يؤدون امتحاناتهم اليومية أمام ربهم، وبحضور من الملائكة الكرام الكاتبين, وبشهود من الزمان والمكان.
ولكن هناك امتحان رئيسي ونهائي بانتظار كثير من الناس ألا وهو يوم خروج الإمام المهدي عليه السلام.
فكم من أناس يتظاهرون اليوم بالإيمان والتقوى ولكن حين خروج الإمام يسقطون في الامتحان ويكفرون بالإمام!!.
وكم من أناس لم يكونوا مؤمنين قبل خروجه ولكنهم يؤمنون به إذا نهض عليه السلام. جاء عن الإمام الصادق عليه السلام: - إذا خرج القائم عليه السلام خرج من هذا الأمر من كان يُري أنه من أهله ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر-. وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على صعوبة الامتحان وشدته وعلي حدّ تعبير الإمام الحسين عليه السلام الذي وصف هذا الامتحان بأعظم البلية حين قال: - أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً-.
ولذا فالإنسان لا يستطيع أن يطمئن على حسن عاقبته بما هو عليه الآن بل لابد أن يجاهد نفسه دائماً حتى لا يسقط عند الامتحان.
من هنا نعرف أن الأمور مرهونة بخواتيمها, والامتحانات المصيرية بنهايتها، حيث تحدد مصير الإنسان. فلا تشفع للإنسان الادعاءات الفارغة أيام الانتظار, ولا تفيده الكلمات المعسولة قبل أيام الخروج, وإنما الإيمان بالإمام المهدي عليه السلام والمواقف البطولية معه تبشره بالفوز والانتصار. وأي تردد أو شك بشخصية الإمام الربانية تؤدي به إلى السقوط ومن ثم لجأت الجحيم. بيد أن الامتحان النهائي المكلل بالنجاح له هو ما يقوم به من الأعمال الصالحة والمواقف الإيمانية الخالصة لله عز وجل, التي يجب على الإنسان القيام بها قبل ذلك، حتى يحقق لنفسه الفوز والنجاح.
ولكن السؤال ما هي تلك الأعمال؟ وما هي تلك المقدمات؟
في الحقيقة نستطيع أن نلخص ذلك في الأمور التالية:
1- ترسيخ الإيمان بأصول الدين وبالأخص بالإمامة والولاية لأهل البيت عليهما السلام.
2- تطهير القلب من الأحقاد والضغائن، ومن حب الدنيا وحب الرئاسة.
3- ضبط النفس من الانزلاق في مستنقع الشهوات والأهواء
4 - التمسك بالمبادئ والقيم الربانية وعدم الانحراف عنها، رغبة في المصالح المادية التي تأتي على حساب الشرع المقدس.
5 - تربية النفس على قبول الحقائق والتسليم لأمر الله، والخضوع للحق والحقيقة وإن كان ذلك مخالفاً لمعتقداته المسبقة. وهذا من أهم النقاط الرئيسية في إيمان العبد فالتسليم لأمر الله مهما كان وإن كان مخالفاً لأهوائه ومعتقداته هو الإيمان بعينه، وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في حقيقة الإسلام: - الإسلام هو التسليم-.
فالوقوف دائماً إلى جانب الحق والحقيقة يسهِّل للإنسان تلبية نداء الإمام عليه السلام يوم ظهوره وخروجه، وإلاّ يكون المرء في مهب التيارات المنحرفة ينجرف شيئاً فشيئاً ويبتعد عن المبادئ والقيم ويترك الحق ويتشبث بالباطل من أجل مصلحة معينة هنا, أو الحصول على منصب معين هناك، مما يجعله في دوامة المصالح والمكاسب غير المشروعة. وهذا هو الشغل الشاغل للكثيرين الذين تصرعهم المطامع المناصب ويسقطون في هذه المزالق, ويتركون المبادئ, إن لم يقفوا في وجهها ويحاربوا أصحابها وتبقي الأقلية المؤمنة التي لم تغرها المصالح الزائلة ولم تسقط في مستنقع المطامع, تبقي وفيّة مع القيم والمبادئ.
فالفتن والابتلاءات في آخر الزمان تسوق الجميع إلى قاعات الامتحانات الإلهية. فكم يا تري من الناس يفوزون ويظلون أوفياء مع مبادئهم وقيمهم؟
تعليق