قصة بطولة ابو الفضل العباس (ع) في معركة النهروان
( القنطرة )
في يوم من الأيام خرج محمد برفقة أفراد عائلته للنزهة في أحضان الطبيعة الخلابة ، وبينما هم في الطريق عبروا على جسرعلى ضفتي نهر ، وقف الأب على الجسر (القنطرة) للحضات وقال : ( سلام الله عليك يا سبع القنطرة )
لقد طرقت هذه الكلمات اُذني محمد ، وعندما أرادوا لتناول الطعام ، سأل محمد أباه قائلاً : بابا لقد سمعتك تذكر إسم (سبع القنطرة) عندما عبرت الجسر فمن هو ؟ وما هي قصته ؟
الأب : إنه أبي الفضل العباس (ع) ، وقد حمل هذا اللقب بعد معركة النهروان الشهيرة ، حيث كان له موقفا عظيماً ويوماً مشهوراً يسمى يوم القنطرة.
محمد : أحكي لنا قصة هذا اليوم العظيم ، فكلنا آذان صاغية
الأب : حباً وكرامة يا بني كما هو معلوم عن أمير المؤمنين قد دخل في ثلاث معارك ضد من عاداه ، وهي : - ( الجمل وصفين والنهروان ) ومعركة النهران هي المعركة خاضها الإمام علي (ع) ضد الخوارج
محمد : على رسلك يا أبتي ، أخبرني من فضلك من الخوارج ولماذا قاتلهم أمير المؤمنين(ع) الأب : لما رجع أمير المؤمنين (ع) من قتال صفين انخزلت طائفة من أصحابه قيل لهم الخوارج اخذوا يحرضون الناس على قتاله في كل بلد يدخلونه حتى وصلوا النهروان ،وكان عليها عبد الله بن الخباب بن الارت واليًا عليها من قبل الإمام علي (ع) ، فقتلوه وأفراد عائلته ، فلما سمع أمير المؤمنين (ع) بذلك خطب أصحابه ونعى إليهم عبد الله ابن الخباب وبكاه وقال :لا قعود بعد قتل العبد الصالح عبد الله ابن الخباب .
ثم تجهز للمسير وسار بعسكره حتى وصل إلى مدينة النهروان فلما سمع به القوم أغلقوا باب السور عليهم وتحصنوا فبعث إليهم عبد الله بن عباس (رض) فخطبهم وذكرهم فلم يفد ذلك . فنهض إليهم الإمام علي (ع) ورفع صوته يخاطبهم محذرا من الفتنة وحاججهم فألجمهم وذكرهم ووعظهم فرجع منهم جماعة عن حربه وأصر الباقون و اعلنوا العناد فعند ذلك شعر الإمام لحربهم واستعد معه أصحابه للحرب فقال (ع) : لا ينهض لحربهم غيري وغير ولدي.
ثم مضى نحوهم ومشى خلفه ولده الحسن ثم الحسين ثم محمد ابن الحنفية (عليهم السلام) فمسك الامام بباب المدينة واقتلعه قالع باب خيبروالقوم يرمونه وولده بالنبل .
وكان لمدينة النهروان أربعة أبواب فقال لولده الحسن (ع) : بني دونك ذلك الباب وأشار للباب الشرقي فمضى الحسن حيث أمره أبوه ،وقال للحسين (ع) :أنت عليك بالباب الغربي ، وقال لمحمد: أنت عليك بالباب الشمالي فمضيا حيث أمرهما أبوهما وانغمس أمير المؤمنين (ع) في وسط المدينة وحمل عليهم بسيفه البتار فتركهم بين طريح وجريح ومنهزم
وبينما هو كذلك وإذا بغلام قد اقبل فنظر إليه فإذا هو ولده ، فقال له: - بني ما الذي جاء بك في هذا الوقت.
قال العباس (ع) (وكان في ذلك الحين غلاما صغيرا) يا أبتاه من هذا وأشار بيده إلى الحسن .ؤ
قال: هذا الحسن.
قال ومن أبوه ؟
قال: أنا أبوك علي .
قال العباس: ومن ذاك ؟
قال علي: هذا أخوك الحسين بن علي .
قال العباس : ومن ذاك وأشار إلى محمد ابن الحنفية ؟
قال علي:ذاك أخوك محمد بن علي.
قال إذا نحن أبناء أب واحد.
قال :نعم يابني. فما الذي تريد بهذا.
قال : ياسيدي أراك قد خصصت كل واحد من أخوتي بباب من أبواب هذه المدينة يكون عليه عند الحملة وما أراك جعلتني على باب من أبواب هذه المدينة وهذا الباب الجنوبي ليس فيه احد من أخوتي واني جئت إليك لهذا الأمر .
فلما سمع الإمام كلام ولده تبسم وقال :يابني أنت غلام صغير بعد.
قال :يا أبتاه ألم تجاهد بين يدي رسول الله و أنت غلام صغير ؟
قال : نعم يا ولدي .
قال وأنا الشبل من ذاك الأسد أسألك بعيش عاشه رسول الله (ص) الا ما جعلتني على ذلك الباب الرابع.
قال علي :إن أمامه نهرا وعلى النهر قنطرة واني أخشى عليك منهم في مثل هذا المكان .
قال العباس:القنطرة لي وإنا لها وانا ولدك.
قال علي (ع) : وأنت كفؤ كريم دونك يا بني ما تريد .
ففرح وذهب مسرعًا نحو الباب المذكور ،ومضى علي (ع) يحمل فيهم كلما تجمع منهم جمع ، ثم صرخ فيهم صرخته المعروفة عند الغضب ، فلم يجدوا بدا من الفرار
قال عبد الله بن حازم الخارجي: لما صرخ علي صرخته المعروفة خلنا الحيطان تتجاوب معه فلذنا بالفرار فلما صرنا إلى الباب الشرقي إذا بالحسن هناك فلما رآنا حمل علينا وصاح فينا قائلا: امن قبلي تفرون وانا ابن أمير المؤمنين (ع)
فملنا إلى الباب الغربي فحمل علينا الحسين (ع) وهو يناد يأمن قبلي تفرون و إنا ابن سيد الوصيين
فصرنا إلى الشمالي وإذا بفتى اسمر اللون حمل علينا وهو ينادي: أنا ابن قائد الغر المحجلين
فسألت عنه فقيل: هذا محمد بن الحنفية فعند ذلك صاح بعضنا ببعض ويلكم عليكم بباب القنطرة . الهرب الهرب من سيف علي وسيوف أولاده فلما صرنا إلى القنطرة إذا نحن بغلام صغير قد جثى على ركبتيه وعيناه تقدحان وبيده سيف وبالأخرى فرس فحمل علينا وهو ينادي: امنقبلي تفرون وأنا ابن الموت الأحمرأنا ابن علي،
فما ترى إلا رؤوسا طائرة وأكفا نادرة وما زال يقاتل حتى انكسر سيفه فكان يأخذ بالفارس وهو على القنطرة ويرمي به في النهر حتى أدركه أبوه علي (ع) وقد انهزم القوم فحمله و وضعه على صدره وهو مبتسم وقبّله ما بين عينيه وقال له: بارك الله فيك يابنياني مدخرك ليوم اعظم من هذا اليوم .
فأجابه (ع) قائلا:لأنعمنك عينا وأنا ولدك.
قال: كفؤ كريم .
وفي هذه الأثناء ملأت الدموع عيني محمد ، وأخذ يجهش بالبكاء ، رفع الأب رأسه وقال له : ما الذي أبكاك يا صغيري
قال محمد : لقد تذكرت ما حل بأبي عبد الله الحسين (ع) في كربلاء عندما فجع بإستشهاد أخيه أبي الفضل العباس (ع) وهو مقطوع الكفين ، فقال حينئذ مقولته الشهيرة : - ( الآن إنكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوّي )
قال الأب : ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون )
تعليق