الانتظار في القرآن
من الملاحظ أنّ الانتظار ذو جذر قرآني، حيث أراد منه القرآن الكريم أن يزوّد به قلب كلّ نفس مؤمنة; لكي ينير عواطفها ومشاعرها وآمالها. ففي تفسير قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى )، قال السيد العلاّمة الطباطبائي([1]):التربّص: الانتظار... وقوله: (كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ ): أي كلّ منّا ومنكم منتظر، فنحن ننتظر ما وعده الله لنا فيكم وفي تقدّم دينه وتمام نوره.
وعن البزنطي قال: قال الرضا(عليه السلام): «ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول الله تعالى: (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ )، وقوله عزّوجلّ (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ الْمُنتَظِرِينَ )، فعليكم بالصبر....»([2]).
وبالإسناد عن محمد بن فضيل، عن الرضا(عليه السلام) قال: سألته عن شيء من الفرج؟ فقال: أليس انتظار الفرج من الفرج؟ إنّ الله عزّوجل يقول: (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ الْمُنتَظِرِينَ )([3])، وقوله تعا لى: (وَقُل لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ )([4]).
ويمكن القول بأنّ الانتظار يمثّل الحالة الوسطى بين حرمة اليأس من روح الله وبين حرمة الأمن من مكر الله.
إذن الانتظار في واحدة من أبعاده أنّه ذو أصل قرآني مهمّ، ويعتبر واحدة من الركائز الأساسية التي تسيّر حركة المجتمع إلى هدفه وغايته، فبالانتظار تُفتح المغالق، وتُذلَّل المصاعب، وتُنوَّر السبل في متاهات هذه الحياة.
الهوامش :
1] ـ الميزان في تفسير القرآن : 14/240 .
[2] ـ تفسير العياشي : 2/20 ح52 ، كمال الدين: 645/4، بحار الأنوار: 52/129 .
[3] ـ تفسير العياشي : 2/168/62 ، كمال الدين: 645/4، بحار الأنوار : 52/128/22 .
[4] ـ هود : 11 / 21 .
تعليق