بســـم الله الرحــــــمن الرحيــــــــم
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يكن له ندٌّ ولا ولد , ثمَّ الصلاة على نبيه المصطفى ، وآله الميامين الشرفا ، الذين خصّهم الله بآية التطهير . يقول تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
سلام من السلام عليكم.
الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يكن له ندٌّ ولا ولد , ثمَّ الصلاة على نبيه المصطفى ، وآله الميامين الشرفا ، الذين خصّهم الله بآية التطهير . يقول تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
سلام من السلام عليكم.
إن الحكم بنجاسة الأشياء وطهارتها لا يكون مبتنيًا على الاعتبارات والاستحسانات وإنَّما يُتلقَّى ذلك من النصوص الشرعية الواردة عن الرسول الكريم (ص) وأهل بيته (ع). أما أنَّ الله عزوجل أكرم الإنسان فهذا صحيح إلا أنَّ هذه الكرامة تسقط بامتهان الإنسان لنفسه وذلك بالتجاوز لحدود الله جلَّ وعلا والكفرِ به. لذلك وصف الله عزوجل الكفار بالأنعام في قوله تعالى: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾()، فأيُّ كرامة من الله لهؤلاء وقد وصفهم بالأنعام بل اعتبرهم أسوأ حالاً من الأنعام. وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾()، وقد اخبر القرآن انَّ الله عزَّوجل مسخ قومًا من اليهود إلى قردة وخنازير. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾(). وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ﴾(). فهل يجتمع التكريم مع مسخهم إلى قردة وخنازير؟ ومن ذلك يتضح أنَّ الكرامة الإلهية ليست لكلَّ إنسان حتى لو تمَّرد على ربَّه. قال تعالى: ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ﴾()، ومعنى الصغار هو التحقير وهو لا يجتمع مع التكريم. وقال تعالى: ﴿فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾(). والخزي هو الذل والهوان وذلك مناف للتكريم أيضًا، وثمة آيات أخرى عديدة تُعبَّر عن أن التكريم الإلهي لا ينال الكافرين، وليس معنى ذلك انَّ الحكم بنجاستهم كان مستندًا إلى هذه الآيات وإنَّما أردنا من ذكر هذه الآيات الإشارةَ إلى أنَّ التكريم الإلهي لا يطال الكافرين بالله جلَّ وعلا فهم ليسوا أهلاً لذلك ما داموا على كفرهم، فإذا ما آمنوا بربَّهم واتبعوا سبيله فإنَّ كرامة الله تسعهم. وأما الآية التي اشرتم إليها وهي قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾()، فهي بصدد التعبير عن امتنان الله عزَّ وجل على الإنسان بأنْ خلقه كريمًا متميَّزًا عن سائر خلقه لذلك يلزمه انْ يعرف لربَّه هذه الكرامة. والمؤكد لإرادة هذا المعنى من الآية المباركة هو ما اشتملت عليه تمام الآية المباركة قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾(). فالتكريم في الآية المباركة يعني التمييز للإنسان على سائر الخلق بالعديد من النعم الإلهية، والمنعم عندما يُعدَّد النعم على مَن أَنعَم عليه إنَّما يكون لغرض البعثِ له على أنْ يعرف للمنعم حقَّ هذه النعم. فليست الآية بصدد النفي لاستحقاق مطلق الانسان للامتهان والسحظ فإنَّه رغم انَّ الله عزوجل قد كرَّم الإنسان وميَّزه ولكنه قد يسخط عليه ويمتهنه إذا تمرَّد عليه، والذي يؤكد هذا المعنى هو الآيات التي سبقت هذه الآية الشريفة قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا﴾(). فالآيات التي سبقت آية التكريم تُحذَّر الانسان من سخط الله تعالى وانَّه قد يخسف به أو يُرسل عليه حاصبًا أو قاصفًا من الريح وذلك يقتضي انَّ التكريم الوارد في الآية التي تلت هذه الآيات ليس بمعنى صون الانسان عنْ ان يكون محلاً لسخط الله حتى لو تمرَّد على ربَّه. ومن ذلك يتضح الحال في الآية الأخرى التي اشرتم إليها وهي قوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾(). |
: - سورة الفرقان/ 44. - سورة التوبة/ 28. - سورة البقرة/ 65. - سورة المائدة/59-60. - سورة الأنعام/ 124. - سورة الزمر/ 26. - سورة الإسراء/70. - سورة الإسراء/70. - سورة الإسراء/ 67-69. - سورة التين/ 4-5. سماحة الشيخ محمد صنقور |
تعليق