شرح فقرة: "يا خير الرازقين"
بقلم: الدكتور محمود البستاني
ان ظاهرة الرزق تحتاج الى توضيح في مصدره ومستوياته، وهو ما نحاول عرضه الان فنقول: ان الرزق لعل الاشد من غيره تأكيداً من حيث كونه نازلاً من السماء، بدليل ان المعصوم عليه السلام عندما سُئل كيف يرزق الله تعالى الانسان، فأجاب عليه السلام بما مؤداه: كما يميت الله تعالى الانسان يرزق.
وعندما تقول العبارة ان الله تعالى هو (خير الرازقين)، فلا بد ان تكون ثمّة نكتة تقول: بأن الرزق اذا كان من الممكن ان يسعى الى تهيئته شخص ما الى آخر (كالرجل بالنسبة الى اهله واولاده مثلا) فأن الله تعالى هو خير من يحقق ذلك.
ولكن لندع هذا الجانب، ونطرح موضوعاً آخر هو: هل ان الرزق (اذا كان كالموت) يأتي الانسان حتى لو لم يسعَ من أجله؟ الجواب هو: ان الرزق كما ورد عن المعصوم(ع) رزقان: رزق يطلبك ورزق تطلبه، فما كان من النمط الاول فأن الرزق يأتي الانسان كما يأتيه الموت، كيف ذلك؟
قبل ان نجيب عن السؤال المتقدم ينبغي لفت النظر الى جملة نكات، منها: ان درجة وعي الانسان تتدخل في تحديد رزقه من حيث السعة او ضدها، ومنها: ان نمط توكله يتدخل في ذلك، فمثلا ورد حديث عن المعصوم(ع) مؤداه هو: اذا بسطتَ بساطك فقد قضيت ما عليك، اي: اذا عرض الشخص سلعته (بغض النظر عن مكان ذلك او نمطها فان الرزق يتحقق)، وهذا يعني ان ما يعتقده الناس من ان الاعلان او المكان التجاري المعروف هو احد عوامل الرزق وسعته: يظل من الخطأ بمكان كبير، ولعل التجارب المتنوعة لاشخاص يعرضون سلعتهم حتى في دورهم: تؤكد هذه الحقيقة.
يضاف الى ما تقدم: ما تؤكده النصوص الشرعية من ان الله تعالى وسع في رزق الحمقى حتى يتعظ الآخرون بان الذكاء ونحوه لايتدخل في الرزق بقدر ما يتحدد الرزق سعة ً و ضيقاً بما هو مقدر من الله تعالى وصلة ذلك بمصلحة الشخص، اي: ان الله تعالى يرزق هذا الشخص بنحو واسع لانه يستثمر ذلك في مجالات الطاعة، والعكس كذلك.
ثمة ملاحظة مهمة ايضاَ هي: ان المعصية، وعدم الالتزام بما ورد من التوصيات المحققة للرزق تتدخل بدروها في تحديد ذلك، فمثلاً ورد بان النوم بين الطلوعين، يحرم الانسان من سعة الرزق، هكذا... كما ورد ان الالتزام ببعض الادعية يتدخل بدوره في سعة الرزق، وهكذا.
اخيراً لابد وان نعقب موضحين على المقولة الذاهبة بان الرزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك، وذلك بان نضع في الاعتبار ان الرزق المحدد من الله تعالى هو المقدر للانسان مهما كانت ظروفه ونشاطه ودرجة ذكائه، بيد ان الرزق غير المحدد وهو المرتبط بنشاط الانسان هو ما يعنيه الشطر الاخر من التوصية او التقرير الاسلامي القائل بان سعي الشخصية يتكفل بما يطلبه من الرزق.
ولكن في الحالتين حتى الرزق الذي يطلبه الانسان يظل مرتبطاً بتحديد الله تعالى، اي: ان الرزق المرتبط بسعي الانسان يظل بدوره مقدرا بقدر ما حدده تعالى لعبده، وعليه الا يعتقد بان ذكاءه او موقعية تجارته لهما دخل في سعة رزقه، بل يظل هذا الرزق بدوره محكوماً بما قدره تعالى من السعة او القتر.
اذن امكننا ان نعقب على عبارة (يا خير الرازقين)، بما يواكبها من قضايا تتصل بالرزق، سائلين الله تعالى ان يرزقنا خير الدنيا والآخرة، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
بقلم: الدكتور محمود البستاني
ان ظاهرة الرزق تحتاج الى توضيح في مصدره ومستوياته، وهو ما نحاول عرضه الان فنقول: ان الرزق لعل الاشد من غيره تأكيداً من حيث كونه نازلاً من السماء، بدليل ان المعصوم عليه السلام عندما سُئل كيف يرزق الله تعالى الانسان، فأجاب عليه السلام بما مؤداه: كما يميت الله تعالى الانسان يرزق.
وعندما تقول العبارة ان الله تعالى هو (خير الرازقين)، فلا بد ان تكون ثمّة نكتة تقول: بأن الرزق اذا كان من الممكن ان يسعى الى تهيئته شخص ما الى آخر (كالرجل بالنسبة الى اهله واولاده مثلا) فأن الله تعالى هو خير من يحقق ذلك.
ولكن لندع هذا الجانب، ونطرح موضوعاً آخر هو: هل ان الرزق (اذا كان كالموت) يأتي الانسان حتى لو لم يسعَ من أجله؟ الجواب هو: ان الرزق كما ورد عن المعصوم(ع) رزقان: رزق يطلبك ورزق تطلبه، فما كان من النمط الاول فأن الرزق يأتي الانسان كما يأتيه الموت، كيف ذلك؟
قبل ان نجيب عن السؤال المتقدم ينبغي لفت النظر الى جملة نكات، منها: ان درجة وعي الانسان تتدخل في تحديد رزقه من حيث السعة او ضدها، ومنها: ان نمط توكله يتدخل في ذلك، فمثلا ورد حديث عن المعصوم(ع) مؤداه هو: اذا بسطتَ بساطك فقد قضيت ما عليك، اي: اذا عرض الشخص سلعته (بغض النظر عن مكان ذلك او نمطها فان الرزق يتحقق)، وهذا يعني ان ما يعتقده الناس من ان الاعلان او المكان التجاري المعروف هو احد عوامل الرزق وسعته: يظل من الخطأ بمكان كبير، ولعل التجارب المتنوعة لاشخاص يعرضون سلعتهم حتى في دورهم: تؤكد هذه الحقيقة.
يضاف الى ما تقدم: ما تؤكده النصوص الشرعية من ان الله تعالى وسع في رزق الحمقى حتى يتعظ الآخرون بان الذكاء ونحوه لايتدخل في الرزق بقدر ما يتحدد الرزق سعة ً و ضيقاً بما هو مقدر من الله تعالى وصلة ذلك بمصلحة الشخص، اي: ان الله تعالى يرزق هذا الشخص بنحو واسع لانه يستثمر ذلك في مجالات الطاعة، والعكس كذلك.
ثمة ملاحظة مهمة ايضاَ هي: ان المعصية، وعدم الالتزام بما ورد من التوصيات المحققة للرزق تتدخل بدروها في تحديد ذلك، فمثلاً ورد بان النوم بين الطلوعين، يحرم الانسان من سعة الرزق، هكذا... كما ورد ان الالتزام ببعض الادعية يتدخل بدوره في سعة الرزق، وهكذا.
اخيراً لابد وان نعقب موضحين على المقولة الذاهبة بان الرزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك، وذلك بان نضع في الاعتبار ان الرزق المحدد من الله تعالى هو المقدر للانسان مهما كانت ظروفه ونشاطه ودرجة ذكائه، بيد ان الرزق غير المحدد وهو المرتبط بنشاط الانسان هو ما يعنيه الشطر الاخر من التوصية او التقرير الاسلامي القائل بان سعي الشخصية يتكفل بما يطلبه من الرزق.
ولكن في الحالتين حتى الرزق الذي يطلبه الانسان يظل مرتبطاً بتحديد الله تعالى، اي: ان الرزق المرتبط بسعي الانسان يظل بدوره مقدرا بقدر ما حدده تعالى لعبده، وعليه الا يعتقد بان ذكاءه او موقعية تجارته لهما دخل في سعة رزقه، بل يظل هذا الرزق بدوره محكوماً بما قدره تعالى من السعة او القتر.
اذن امكننا ان نعقب على عبارة (يا خير الرازقين)، بما يواكبها من قضايا تتصل بالرزق، سائلين الله تعالى ان يرزقنا خير الدنيا والآخرة، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
تعليق