الأصل أن قضية الزواج من القضايا الشخصية التي تقوم أساساً على اختيار الرجل ورغبته، وأنه له الحق في قبول ترشيح أهله وله الحق كذلك في رفضه؛ لأن الإسلام جعل له في ذلك حرية واختياراً حتى الفتاة أعطاها الإسلام نفس الحق إلا أنه يحدث أن بعض الأسر ترى أن من حقها تقييد حرية الشاب أو الفتاة وأن الاختيار من حقهم لهم وذلك بحجة أنهم أكبر سناً وأقدم تجربة وأعرف بالواقع وأدرى بالمصلحة إلى غير ذلك من الحجج،
وهذه في الواقع كلها لا تجيز لهم إلغاء شخصية أولادهم والتدخل السافر في تقييد حريتهم، وإنما لهم النصح والتوجيه والتذكير وبيان وجهة نظرهم لأولادهم فإن قبلوها فبها ونعمت وإن رفضها الأولاد فهذا من حقهم، ولهم أن يحاولوا مرات ومرات وهذا من حقهم،
أما الشباب أو الأولاد فنقول لهم:
نعم أنتم أصحاب الحق في الاختيار ولكن مع ذلك لابد من أن تراعوا أموراً كثيرة لا يجوز إغفالها بحال؛ لأن الزواج لا يخصك وحدك وإنما هو تداخل أسر ومصاهرة، بمعنى الانصهار والتلاحم وسمعة وكرامة ونسب وموآخاة، فهو ليس مجرد رباط بين رجل وامرأة وفقط، وإنما هو ارتباط أسر بعضها ببعض، وهنا لابد لك من النظر وأخذ رأي أسرتك بعين الاعتبار، هل هم على حق أم لا؟
لأنهم قطعاً سيتضررون إذا كان النسب غير مناسب، حيث إن الناس سيتكلمون عنهم، وقد يرمونهم ببعض التهم الباطلة والألفاظ الجارحة، لذا أقول حتى وإن كان الحق معك إلا أنه لا ينبغي إغفال جانب الأسرة حتى لا تقطع رحمك وتفسد علاقتك بأهلك، فاجتهد في إقناعهم بوجهة نظرك، واختيارك واطلب منهم بيان سبب الرفض، فإن وجدته مناسباً ومعقولاً فخذ به وإن وجدته غير منطقي وما هو ألا تعنت فقط، فاجتهد في إقناعهم حتى ولو استعنت ببعض الأقارب وحاول وكرر المحاولة فإن رفضوا فأنصحك لا تخسر أهلك.
تعليق