بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام علكيم ورحمة الله وبركاته
من روائع أدعية الامام زين العابدين عليه السلام دعاؤه المعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي الذي يُقرأ في ليالي شهر رمضان المبارك..
وقد اقتطعت هذا المقطع وتأملت فيه فوجدت به على قصوري الكبير هذه الفوائد العظيمة..
والمقطع هو:- ((اَللّـهُمَّ اِنّي كُلَّما قُلْتُ قَدْ تَهَيَّأتُ وَتَعَبَّأتُ وَقُمْتُ لِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَناجَيْتُكَ اَلْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاساً اِذا اَنَا صَلَّيْتُ ، وَسَلَبْتَني مُناجاتِكَ اِذا اَنَا ناجَيْتُ ، مالي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلَحَتْ سَريرَتي ، وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابينَ مَجْلِسي ، عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ اَزالَتْ قَدَمي ، وَحالَتْ بَيْني وَبَيْنَ خِدْمَتِكَ سَيِّدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَني ، وَعَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَني اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَاَقْصَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُعْرِضاً عَنْكَ فَقَلَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَني في مَقامِ الْكاذِبينَ فَرَفَضْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني غَيْرَ شاكِر لِنَعْمائِكَ فَحَرَمْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَني مِنْ مَجالِسِ الْعُلَماءِ فَخَذَلْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني فِى الْغافِلينَ فَمِنْ رَحْمَتِكَ آيَسْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني آلِفَ مَجالِسِ الْبَطّالينَ فَبَيْني وَبَيْنَهُمْ خَلَّيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ لَمْ تُحِبَّ اَنْ تَسْمَعَ دُعائي فَباعَدْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ بِجُرْمي وَجَريرَتي كافَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنْكَ جازَيْتَني ، فَاِنْ عَفَوْتَ يا رَبِّ فَطالما عَفَوْتَ عَنِ الْمُذْنِبينَ قَبْلي...))
فنحن في بعض الأحيان نعيش لذة الطاعة والعبادة فنكون أسعد الناس في هذه اللحظات ونقول في أنفسنا اننا قرُبنا من الله سبحانه وتعالى وهو راض عنا..
ولكن سرعان ماتخبو هذه الجمرة وهذه اللذة فنجلس نعاتب أنفسنا ونراجعها لذنب قد اقترفناه أو معصية فعلناها أو رحم لم نصله وغيرها من الأمور المبعدة عنه تبارك وتعالى..
فما ان أقرا هذه الفقرة أعلاه حتى أعرف بانني قد فعلت أحدها..
فالامام صلوات الله عليه من خلال هذه الكلمات القليلة بعددها العظيمة في معناها يريد أن يفهمنا بانّ هذه هي الموارد المبعدة عن ساحة القدس.. فيتساءل العبد منكسراً ذليلاً بين يدي بارئه يعدد له الأسباب التي قد أبعدته عنه تبارك وتعالى..
فالاستخفاف بالعبادة والطاعة والغفلة عنهما موجبات لطرد الباري عزوجل لعبده ومبعدة عنه..
أو لعلي لجأت الى غيره تعالى ظاناً بانّ الأمر بيد فلان أو تلك الجهة ولولاهما لما حصلت على ما أردته..
أو انّك ياربّ وجدتني كاذباً في أفعالي وأعمالي حتى انّ أقوالي تنافي أفعالي..
أو لم تجد الشكر المفروض أن اؤديه لك على كل تلك النعم التي أغدقتها وتغدقها عليّ..
أو انني غير متفقه في ديني فلا أسال الفقيه عن حلال فاسلكه أو حرام فاتركه فانا أعيش يومي كيفما أتى وبأيّ طريقة..
وآه من الغفلة التي تصيبنا فنغفل عن انّ هناك يوم نفارق هذه الدنيا وهناك يوم للحساب، بل انّنا مشغولون بالكسب وجمع الأموال ونرفع أصواتنا بأنّ رزقنا لايكفي أو اننا نفكر في تأمين مستقبلنا المجهول متناسين عباداتنا ولم خُلقنا أساساً..
أو انني أرافق العطّالين والبطّالين بحجة عدم وجود عمل أو ليس هناك وظيفة ناسياً بانّ الرازق حيّ ولاينسى عبده أبداً..
أو انني لم أصدق بدعائي، أو لم أتوجه ذلك التوجه القلبي المفروض بالدعاء وبذلك لم تحبّ سماع صوتي..
أو كثرة ذنوبي واصراري عليها هي التي حالت بيني وبينك فكانت القطيعة مكافئة لي..
أو انني أفعل كلّ ماتحلو له نفسي من غير حياء متناسياً انني ذلك الحقير المسكين الذي لاحول ولاقوة له إلاّ بك..
ومع كلّ هذا فان كنت من مصاديق هذه المواضع فلا أيأس من رحمتك يا ربّ بل أرجو عفوك ومغفرتك فاني تائب عائد اليك ولا أظنّك يا الهي تطردني من ساحة عفوك وقد عفوت قبلي عمن هم في حالي من الغارقين في الذنوب..
فعفوك عفوك يا مولاي قبل سرابيل القطران عفوك عفوك يا مولاي قبل جهنم والنيران عفوك عفوك يا مولاي قبل أن تغلّ الأيدي إلى الأعناق يا خير الغافرين وأرحم الراحمين وصلّ اللّهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين...
تعليق