سلوك الأبناء بين الثواب والعقاب
لا نعتقد بأن العنف وحده سبب المشاكل في شخصية الفرد، بل قلة الحنان، وترك الآباء لأبنائهم عندما يتعدون مرحلة الطفولة ويدخلون المدارس، على اعتقاد أنهم كبروا ولا يحتاجون للحب والحنان، بل حتى العناق، ما الضير إذا جالست أولادك وحدثتهم؟ أو تزورهم عند النوم وتقبلهم، هل هذا في عالم التلفاز فقط؟!
ينصح المتخصصون في مثل هذا الموضوع على إثابة الطفل جراء سلوكه الجيد والمقبول، فالإثابة تحفزه على تكرار هذا السلوك في المستقبل، كما هو حال الكبار عندما يثابون ويشكرون على شيء تجدهم يتميزون في فيه، ويقسمون الإثابة إلى نوعين:
الأولى: الاجتماعية، من خلال الابتسامة والتقبيل والمعانقة والمديح، وإظهار الاهتمام، وعمل نشاط بيتي مشترك ما بين الآباء والأبناء، لا الانشغال في العمل وتحصيل المال فقط.
أما الإثابة الثانية: فهي المادية، بالإضافة للأولى، يُعطى للطفل بعض المكافئات المالية أو اصطحابه في سفرات ترفيهية إلى حديقة الحيوان وغيرها، وإعطاؤه ألعاب جميلة، ووعده بأفضل منها، إذا أصبح سلوكه أفضل، أو الابتعاد عن سلوك ما، مع ملاحظة تنفيذ المكافئات عاجلاً؛ لكي لا تقل ثقة الطفل بوالديه؛ بسبب الانشغال أو النسيان.
ويذكر بعض المهتمين نصائح عدة لا اختلاف في أهميتها ودورها الفعال:
اقض بعض الوقت مع أولادك كل منهم على حدة، تناول مع احدهم وجبة طعام خارج البيت، احتفل بإنجازاتهم, بنجاحهم، بأعياد ميلادهم، اخرج البوم صور أولادك وهم صغار، واحكي لهم قصص تلك الفترات التي لا يتذكرونها، اندمج مع أولادك في اللعب، كأن تتسخ معهم ببعض الألعاب، اعرف أصدقاء أولادك ومدرسيهم لتسألهم عن التفاصيل، زرهم قبل النوم وعندما يصحوا، وعلمهم على التحية الصباحية وما قبل النوم، بدلا من أن تقول لابنك: أنت فعلت هذا بطريقة خاطئة، قل له: لِمَ لا تفعل هذا بالطريقة الآتية، احضن أولادك وقبلهم وقل لهم بأنك تحبهم كل يوم، حتى وان كبروا وتزوجوا وأصبح لديهم أولاد... وهذا فن لا بد أن يبدع فيه الآباء.
التربية مسؤولية كبيرة جداً وأكبر مما يتصور البعض، لا تعتقد بأن أولادك عبيد لديك, بمجرد ما بلغوا فتحت لهم باب العمل، وأغلقت باب الدراسة والتربية، فزمانهم غير زمانك، وأيامهم غير أيامك، عن أمير المؤمنين وخير المربين علي بن أبي طالب (ع): " لا تقسروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم" (شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد المعتزلي/ ج20).
فأين نحن من هذا؟ لماذا في مجتمعاتنا على الولد أن يعيش في جلباب أبيه..؟! أن يحقق أحلام أبيه لا أحلامه..؟! أن يتزوج من تريدها أمه لا من يريدها هو..؟! متى نفعل أكثر مما نقول؟
------------
علاء سعدون \ صحفي
تعليق