عن عبد الله بن رزين قال : كنت مجاورا بالمدينة - مدينة الرسول صلى الله عليه وآله - وكان أبو جعفر عليه السلام يجيئ
في كل يوم مع الزوال إلى المسجد فينزل في الصحن ويصير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
ويسلم عليه ويرجع إلى بيت فاطمة عليها السلام ، فيخلع نعليه ويقوم فيصلي فوسوس
إلي الشيطان ، فقال : إذا نزل فاذهب حتى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه ، فجلست في
ذلك اليوم أنتظره لافعل هذا ، فلما أن كان وقت الزوال أقبل عليه السلام على حمار له ، فلم ينزل
في الموضع الذي كان ينزل فيه وجاء حتى نزل على الصخرة التي على باب المسجد ثم
دخل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : ثم رجع إلى المكان الذي كان يصلي فيه ففعل
هذا أياما ، فقلت : إذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصا الذي يطأ عليه بقدميه ، فلما أن كان
من الغد جاء عند الزوال فنزل على الصخرة ثم دخل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم
جاء إلى الموضع الذي كان يصلي فيه فصلى في نعليه ولم يخلعهما حتى فعل ذلك أياما ،
فقلت في نفسي : لم يتهيأ لي ههنا ولكن أذهب إلى باب الحمام فإذا دخل إلى الحمام
أخذت من التراب الذي يطأ عليه ، فسألت عن الحمام الذي يدخله ، فقيل لي : إنه
يدخل حماما بالبقيع لرجل من ولد طلحة فتعرفت اليوم الذي يدخل فيه الحمام وصرت
إلى باب الحمام وجلست إلى الطلحي أحدثه وأنا أنتظر مجيئه عليه السلام فقال الطلحي : إن
أردت دخول الحمام فقم فادخل فإنه لا يتهيأ لك ذلك بعد ساعة ، قلت ولم ؟ قال :
لان ابن الرضا يريد دخول الحمام ، قال : قلت : ومن ابن الرضا ؟ قال : رجل من آل محمد
له صلاح وورع ، قلت له : ولا يجوز أن يدخل معه الحمام غيره ؟ قال ، نخلي له الحمام
إذا جاء ، قال : فبينا أنا كذلك إذ أقبل عليه السلام ومعه غلمان له وبين يديه غلام معه حصير
حتى أدخله المسلخ فبسطه ووافى فسلم ودخل الحجرة على حماره ودخل المسلخ ونزل
على الحصير ، فقلت للطلحي : هذا الذي وصفته بما وصفت من الصلاح والورع ؟ ! فقال :
يا هذا لا والله ما فعل هذا قط إلا في هذا اليوم ، فقلت في نفسي : هذا من عملي أنا جنيته ، ثم
قلت : أنتظره حتى يخرج فلعلي أنال ما أردت إذا خرج فلما خرج وتلبس دعا بالحمار
فادخل المسلخ وركب من فوق الحصير وخرج عليه السلام فقلت في نفسي : قد والله آذيته ولا أعود
[ ولا ] أورم ما رمت منه أبدا وصح عزمي على ذلك ، فلما كان وقت الزوال من ذلك اليوم أقبل
على حماره حتى نزل في الموضع الذي كان ينزل فيه في الصحن فدخل وسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله
وجاء إلى الموضع الذي كان يصلي فيه في بيت فاطمة عليها السلام وخلع نعليه وقام
يصلي .
( الكافي ج1 ص493 ) .
و الرواية تكشف عن عدة أمور ، منها :-
1- ان الامام الجواد عليه السلام يعلم ما في الضمائر بإذن الله .
2- قداسة الامام و عَظَمته ، و ان تبريك التراب بنعله له فاعليه حقيقيه ، و لذا كان الامام
( عليه السلام ) يمنع ذلك ، لأسبابٍ هو أعلم بها .
3- ان الامام ( سلام الله عليه ) لم يرد من عمله هذا ان يمنع من التقديس و التعظيم لهم كما
قد يتبادر الى الذهن ، لأن فعله اساساً يكشف عن علمه بالغيب بإذن الله ، كما ان التبرك بتراب اهل البيت
عليهم السلام جائز ..... لكن الرجل ربما كان يريد ان يستعمل التراب لأغراضٍ شريره و اهداف محرمه ،
و يؤيد ذلك قول الرجل {{ فقلت في نفسي : قد والله آذيته ولا أعود [ ولا ] أورم ما رمت منه أبدا
وصح عزمي على ذلك }} ، فإن استعمال ذلك التراب المقدس لغرض الشفاء او ما شابه لا يؤذي الامام
بل يسعده ، ما يدل ان الرجل كان يريد من وراء ذلك امراً يضرّ به نفسه و دينه .
فصلى الله عليك يا مولاي يا محمد بن علي الجواد .... صلى الله عليك و على آلك الطيبين الطاهرين
تعليق