بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
القرآن الكريم الذي هو بمثابة دستور لجميع المسلمين لم يهمل حتى أمثال هذه المسائل الجزئية الأخلاقية في الحياة الاجتماعية للمسلمين فأشار إليها بما يناسبها ضمن التعليمات الأساسية حتى لا يظن المسلمون أنه يكفيهم الالتزام بالمبادئ العامة الكلية فأرشدنا سبحانه وتعالى إلى أدب إسلامي آخر من آداب المجالس حيث أن القادم إذا وجد في المجلس ضيقاً فعلى الآخرين التوسعة وفسح المجال له وإذا طلب القيام والوقوف إما لتهيئة المجال للآخرين أو لأجل انتهاء المجلس فتنبغي الاستجابة أيضاً بقوله عزّ من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا} المجادلة: 11. قال المفسرون التفسح بمعنى التوسع فحين يدخل شخص إلى المجلس فإن المرجو من الجالسين الانفراج والفسحة له وأن يخلوا له مجالاً لئن يجلس معهم فيه كي لا يبقى في حيرة وخجل وهذا الأدب أحد عوامل تقوية أواصر المحبة والود لذا جاء الأمر به (تفسحوا) وجملة (يفسح الله لكم) أي في مجالس الجنة مثلاً وهو ثواب يعطيه الله عز وجل للأشخاص الذين يلتزمون بهذه الآداب في الدنيا وبلحاظ كون الآية مطلقة فإن لها مفهوماً أوسع يشمل كل فسحة وسعة إلهية سواء كانت في فسحة الجنة أو في فسحة الدنيا أو فسحة الروح والفكر أو في فسحة العمر والحياة أو في فسحة المال والجاه والرزق والعلم وما إلى غيرها ولا عجب من فضل الله تعالى أن يجازي على هذا العمل الصغير البسيط بمثل هذا الأجر الكبير لأن الأجر بقدر كرمه ولطفه لا بقدر أعمالنا فبما أن المجالس تكون مزدحمة أحياناً بحيث يتعذر الدخول إلى المجلس في حالة عدم التفسح أو القيام وإذا وجد مكان فإنه غير كاف للقادمين مثلاً في بعض الأحيان أشار بقوله عز وجل: {وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا} أي إذا قيل لكم قوموا فقوموا وانفرجوا وهيؤا مكاناً للقادمين ولا تتضجروا أو تتأذوا من الوقوف لأن القادمين أحياناً يكونون أحوج إلى الجلوس من الجالسين في المجلس وذلك لشدة التعب أو الكهولة أو للاحترام الخاص لهم وأسباب أخرى مما يجب على الحاضرين الايثار بالمكان على أنفسهم ومراعاة هذا الأدب الإسلامي والمواظبة عليه كما هو سبب نزول الآية حيث نقل المفسرون أنها نزلت يوم الجمعة وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يومئذٍ في (الصُفة) وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر قد سبقوا إلى المجالس فقاموا حيال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقالوا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فرد النبي عليهم ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردّوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينظرون أن يوسع لهم فعرف النبي(صلى الله عليه وآله) ما يحملهم على القيام فشق ذلك على النبي(صلى الله عليه وآله) فقال لمن حوله من غير أهل بدر قم يا فلان قم يا فلان فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه فشق ذلك على مَنْ اُقيم من مجلسه وعرف النبي(صلى الله عليه وآله) الكراهة في وجوههم فقال المنافقون ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قد عدل على هؤلاء أن قوماً أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب منه فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه... فبلغنا أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: (رحم الله رجلاً يفسح لأخيه) فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعاً فيفسح القوم لإخوانهم ونزلت هذه الآية ثم إن الأحاديث الشريفة قد تعرضت إلى آداب المجلس أيضاً فعن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله): (إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه وأوسع له في مجلسه فليأته فإنما هي كرامة أكرمه بها أخوه وإن لم يوسع له أخوه فلينظر أوسع مكان يجده فليجلس فيه) (عشرة الوسائل) وعنه(صلى الله عليه وآله) أيضاً (ينبغي للجلساء في الصيف أن يكون بين كل اثنين مقدار عظم الذراع لئلا يشق بعضهم على بعض)(عشرة الوسائل) وغيرها مئات الروايات عن المعصومين الأطهار(عليهم السلام) حول آداب المعاشرة مما يرشدنا إلى مبلغ اهتمام الإسلام بالآداب الاجتماعية حيث تتناول حتى طريقة الجلوس وطريقة التكلم وطريقة النظر إلى الآخرين والابتسامة والمصافحة والمعانقة والمزاح والإطعام وطريقة كتابة الرسائل واتخاذ الأصدقاء وغيرها وقد حددت التعليمات المناسبة لكل منها جمعها المحدث الكبير الشيخ الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة ج8 حيث رتبها في 166 باباً، ثم تطرق سبحانه وتعالى إلى الجزاء والأجر حيث قال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وهو إشارة إلى أمر النبي(صلى الله عليه وآله) البعض بالقيام واعطاء أماكنهم للقادمين فإنه لهدف إلهي مقدس واحتراماً للسابقين في العلم والإيمان مما له الدرجات العظيمة والعالية التي يعطيها الله لمثل هؤلاء الأشخاص الذين يتفسحون للقادمين في مجالسهم للقادمين لهم درجة وأولئك الذين يؤثرون ويعطون أماكنهم ويتصفون بالعلم والتقوى لهم درجات أعلى وبما أن البعض يؤدي هذه التعليمات ويلتزم بهذه الآداب عن طيب نفس ورغبة والآخرون يؤدّونها عن كراهية أو للرياء والتظاهر والنفاق و... فيضيف تعالى في نهاية الآية {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
القرآن الكريم الذي هو بمثابة دستور لجميع المسلمين لم يهمل حتى أمثال هذه المسائل الجزئية الأخلاقية في الحياة الاجتماعية للمسلمين فأشار إليها بما يناسبها ضمن التعليمات الأساسية حتى لا يظن المسلمون أنه يكفيهم الالتزام بالمبادئ العامة الكلية فأرشدنا سبحانه وتعالى إلى أدب إسلامي آخر من آداب المجالس حيث أن القادم إذا وجد في المجلس ضيقاً فعلى الآخرين التوسعة وفسح المجال له وإذا طلب القيام والوقوف إما لتهيئة المجال للآخرين أو لأجل انتهاء المجلس فتنبغي الاستجابة أيضاً بقوله عزّ من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا} المجادلة: 11. قال المفسرون التفسح بمعنى التوسع فحين يدخل شخص إلى المجلس فإن المرجو من الجالسين الانفراج والفسحة له وأن يخلوا له مجالاً لئن يجلس معهم فيه كي لا يبقى في حيرة وخجل وهذا الأدب أحد عوامل تقوية أواصر المحبة والود لذا جاء الأمر به (تفسحوا) وجملة (يفسح الله لكم) أي في مجالس الجنة مثلاً وهو ثواب يعطيه الله عز وجل للأشخاص الذين يلتزمون بهذه الآداب في الدنيا وبلحاظ كون الآية مطلقة فإن لها مفهوماً أوسع يشمل كل فسحة وسعة إلهية سواء كانت في فسحة الجنة أو في فسحة الدنيا أو فسحة الروح والفكر أو في فسحة العمر والحياة أو في فسحة المال والجاه والرزق والعلم وما إلى غيرها ولا عجب من فضل الله تعالى أن يجازي على هذا العمل الصغير البسيط بمثل هذا الأجر الكبير لأن الأجر بقدر كرمه ولطفه لا بقدر أعمالنا فبما أن المجالس تكون مزدحمة أحياناً بحيث يتعذر الدخول إلى المجلس في حالة عدم التفسح أو القيام وإذا وجد مكان فإنه غير كاف للقادمين مثلاً في بعض الأحيان أشار بقوله عز وجل: {وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا} أي إذا قيل لكم قوموا فقوموا وانفرجوا وهيؤا مكاناً للقادمين ولا تتضجروا أو تتأذوا من الوقوف لأن القادمين أحياناً يكونون أحوج إلى الجلوس من الجالسين في المجلس وذلك لشدة التعب أو الكهولة أو للاحترام الخاص لهم وأسباب أخرى مما يجب على الحاضرين الايثار بالمكان على أنفسهم ومراعاة هذا الأدب الإسلامي والمواظبة عليه كما هو سبب نزول الآية حيث نقل المفسرون أنها نزلت يوم الجمعة وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يومئذٍ في (الصُفة) وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر قد سبقوا إلى المجالس فقاموا حيال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقالوا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فرد النبي عليهم ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردّوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينظرون أن يوسع لهم فعرف النبي(صلى الله عليه وآله) ما يحملهم على القيام فشق ذلك على النبي(صلى الله عليه وآله) فقال لمن حوله من غير أهل بدر قم يا فلان قم يا فلان فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه فشق ذلك على مَنْ اُقيم من مجلسه وعرف النبي(صلى الله عليه وآله) الكراهة في وجوههم فقال المنافقون ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قد عدل على هؤلاء أن قوماً أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب منه فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه... فبلغنا أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: (رحم الله رجلاً يفسح لأخيه) فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعاً فيفسح القوم لإخوانهم ونزلت هذه الآية ثم إن الأحاديث الشريفة قد تعرضت إلى آداب المجلس أيضاً فعن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله): (إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه وأوسع له في مجلسه فليأته فإنما هي كرامة أكرمه بها أخوه وإن لم يوسع له أخوه فلينظر أوسع مكان يجده فليجلس فيه) (عشرة الوسائل) وعنه(صلى الله عليه وآله) أيضاً (ينبغي للجلساء في الصيف أن يكون بين كل اثنين مقدار عظم الذراع لئلا يشق بعضهم على بعض)(عشرة الوسائل) وغيرها مئات الروايات عن المعصومين الأطهار(عليهم السلام) حول آداب المعاشرة مما يرشدنا إلى مبلغ اهتمام الإسلام بالآداب الاجتماعية حيث تتناول حتى طريقة الجلوس وطريقة التكلم وطريقة النظر إلى الآخرين والابتسامة والمصافحة والمعانقة والمزاح والإطعام وطريقة كتابة الرسائل واتخاذ الأصدقاء وغيرها وقد حددت التعليمات المناسبة لكل منها جمعها المحدث الكبير الشيخ الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة ج8 حيث رتبها في 166 باباً، ثم تطرق سبحانه وتعالى إلى الجزاء والأجر حيث قال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وهو إشارة إلى أمر النبي(صلى الله عليه وآله) البعض بالقيام واعطاء أماكنهم للقادمين فإنه لهدف إلهي مقدس واحتراماً للسابقين في العلم والإيمان مما له الدرجات العظيمة والعالية التي يعطيها الله لمثل هؤلاء الأشخاص الذين يتفسحون للقادمين في مجالسهم للقادمين لهم درجة وأولئك الذين يؤثرون ويعطون أماكنهم ويتصفون بالعلم والتقوى لهم درجات أعلى وبما أن البعض يؤدي هذه التعليمات ويلتزم بهذه الآداب عن طيب نفس ورغبة والآخرون يؤدّونها عن كراهية أو للرياء والتظاهر والنفاق و... فيضيف تعالى في نهاية الآية {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
تعليق