بسم الله الرحمن الرحيم
احداث اسلامية حدثت في ( 17 / صفر الخير )
سنة 203 هـ (على رواية)
استشهاد الإمام الرضا (عليه السلام)
الذي سمّه المأمون العباسي (لعنه الله)
استشهاد الإمام الرضا (عليه السلام)
الذي سمّه المأمون العباسي (لعنه الله)
رأى المأمون تجاوب الناس مع الإمام، وكيف كان توجّههم إليه عميقاً، أحسّ بالمرارة تغلي في أحشائه، وتذكّر أيام أبيه هارون الرّشيد مع الإمام الكاظم عليه السلام، وكان يرى حفاوة الرشيد البالغة بالإمام، وإكرامه له، وهو (أي المأمون) لا يعرفه، فسأل أباه قائلاً: من هذا الرجل الذي عظّمته وقمت من مجلسك لأجله، وجلست بين يديه؟ قال الرشيد: هذا إمام الناس، وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده. فقال المأمون: أليست هذه الصفات كلّها لك وفيك؟ فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حقّ، والله يا بنيّ إنّه لأحقّ بمقام رسول الله منّي ومن الخلق أجمعين، فقال له المأمون: إذا كنت تعرف ذلك فتنحّ عن الملك وسلّمه لأصحابه، فقال: يا بنيّ إنّ الملك عقيم، والله لو نازعتني فيه لأخذت الذي فيه عيناك.
تذكّر المأمون هذه الواقعة مع أبيه، ولا يزال صدى العبارة الأخيرة يرنّ في مسامعه: والله لو نازعتني فيه لأخذت الذي فيه عيناك.
وما له يسلّط على هذا الملك رجلاً يلتفّ الناس حوله إذا حضر، وتهفو إليه قلوبهم إن غاب، يجلّونه ويقدّرونه؟ أليس أبوه الذي قال: إنّ الملك عقيم؟ أليس بالأمس القريب قتل أخاه وعشرات الألوف من الناس في سبيل هذا الملك؟ تذكّر كلّ هذا وصمّم أمراً، صمّم أن يريح نفسه من هذا الهمّ الذي جلبه على نفسه بيديه، وقرّر أن يتخلّص من الإمام.
ولم يطل الأمر كثيراً، وكان قد مضى على الإمام في ولاية العهد ما يقرب من سنتين، حين استشهد مسموماً، واتّهم المأمون بقتله، لكنّه أنكر التّهمة، وأظهر عليه الأسى والحزن. وكان استشهاده سنة 203 للهجرة بطوس، ودفن في مشهد.
ويروى عنه أنّه قال: من زارني في غربتي كان معي في درجتي يوم القيامة.
عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى السلام.
عن أبي الصلت الهروي قال: بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) إذ قال لي: «يا أبا الصلت أدخل هذه القبة التي فيها قبر هارون فأتني بتراب من أربع جوانبها».
قال: فمضيت فأتيت به.
فلما مثلت بين يديه قال لي: «ناولني من هذا التراب» وهو من عند الباب، فناولته فأخذه وشمه ثم رمى به.
ثم قال: «سيحفر لي ههنا قبر وتظهر صخرة لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها».
ثم قال في الذي عند الرجل والذي عند الرأس مثل ذلك.
ثم قال: «ناولني هذا التراب فهو من تربتي».
ثم قال: «سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل وأن يشق لي ضريحة فإن أبوا إلا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبراً، فإن الله عز وجل سيوسعه لي ما شاء، فإذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة، فتكلم بالكلام الذي أعلمك فإنه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتاناً صغاراً فتفتت لها الخبز الذي أعطيك فإنها تلتقطه، فإذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة، فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شيء ثم تغيب، فإذا غابت فضع يدك على الماء وتكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه ينضب ولا يبقى منه شيء ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون..
ثم قال (ع) : «يا أبا الصلت، غداً أدخل إلى هذا الفاجر فإن خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلم أكلمك، وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني».
قال أبو الصلت: فلما أصبحنا من الغد لبس (ع) ثيابه وجلس في محرابه ينتظر، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له: أجب الأمير.
فلبس (ع) نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه حتى دخل على المأمون وبين يديه طبق عنب، وأطباق فاكهة بين يديه وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه.
فلما بصر المأمون بالرضا (ع) وثب إليه وعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه ثم ناوله العنقود، وقال: يا ابن رسول الله هل رأيت عنباً أحسن من هذا؟
فقال الرضا: «ربما كان عنباً حسناً يكون من الجنة».
فقال له: كل منه.
فقال له الرضا (ع) : «أو تعفيني منه؟».
فقال: لابد من ذلك، ما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشيء؟ فتناول العنقود فأكل منه ثم ناوله..
فأكل منه الرضا (ع) ثلاث حبات ثم رمى به وقام.
فقال له المأمون: إلى أين؟
قال: «إلى حيث وجهتني».
وخرج (ع) مغطى الرأس، فلم أكلمه حتى دخل الدار، ثم أمر أن يغلق الباب، فغلق ثم نام على فراشه..
فمكثت واقفاً في صحن الدار مهموماً محزوناً، فبينما أنا كذلك إذ دخل عليّ شاب حسن الوجه، قطط الشعر، أشبه الناس بالرضا (ع) ، فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت والباب مغلق؟
فقال: «الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق».
فقلت له: ومن أنت؟
فقال لي: «أنا حجة الله عليك، يا أبا الصلت أنا محمد بن علي».
ثم مضى نحو أبيه (ع) فدخل، وأمرني بالدخول معه، فلما نظر إليه الرضا (ع) وثب إليه وعانقه، وضمه إلى صدره، وقبّل ما بين عينيه، ثم سحبه سحباً إلى فراشه، وأكبّ عليه محمد بن علي (ع) يقبّله ويساره بشيء لم أفهمه، ورأيت على شفتي الرضا (ع) زبداً أشد بياضاً من الثلج، ورأيت أبا جعفر يلحسه بلسانه، ثم أدخل يده بين ثوبه وصدره، فاستخرج منها شيئاً شبيهاً بالعصفور فابتلعه أبو جعفر، وقضى الرضا (ع) .
فقال أبو جعفر (ع) : «قم يا أبا الصلت فائتني بالمغتسل والماء من الخزانة».
فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء.
فقال: «ائتمر بما آمرك به».
فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء، فأخرجته وشمرت ثيابي لأغسله معه، فقال لي: «تنح يا أبا الصلت، فإن لي من يعينني غيرك»، فغسله.
ثم قال لي: «ادخل الخزانة فأخرج إليّ السفط الذي فيه كفنه
وحنوطه».
فدخلت، فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة، فحملته إليه، فكفنه وصلى عليه، ثم قال: «ائتني بالتابوت».
فقلت: أمضي إلى النجار حتى يصلح تابوتاً.
قال: «قم، فإن في الخزانة تابوتاً».
فدخلت الخزانة فإذا فيه تابوتاً لم أر مثله [ لم أره قط ]، فأتيته فأخذ الرضا (ع) بعد أن كان صلى عليه، فوضعه في التابوت وصف قدميه، وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت وانشقّ السقف، فخرج منه التابوت ومضى.
فقلت: يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون فيطالبني بالرضا (ع) فما أصنع؟
فقال: «اسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت، ما من نبي يموت في المشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله عزوجل بين أرواحهما وأجسادهما».
فما تم الحديث حتى انشق السقف ونزل التابوت، فقام (ع) فاستخرج الرضا (ع) من التابوت ووضعه على فراشه، كأنه لم يغسل، ولم يكفن، وقال: «يا أبا الصلت، قم فافتح الباب للمأمون».
ففتحت الباب فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكياً حزيناً! قد شق جيبه ولطم رأسه! وهو يقول: يا سيداه، فجعت بك يا سيدي، ثم دخل وجلس عند رأسه، وقال: خذوا في تجهيزه، وأمر بحفر القبر.
فحضرت الموضع وظهر كل شيء على ما وصفه الرضا (ع) ، فقال بعض جلسائه: ألست تزعم أنه (ع) إمام.
قال: نعم، قال: لا يكون إلا مقدم الرأس، فأمر أن يحفر له في القبلة.
فقلت: أمرني أن أحفر له سبع مراقي، وأن أشق له ضريحه.
فقال: انتهوا إلى ما يأمركم به أبو الصلت، سوى الضريحة، ولكن يحفر ويلحد، فلما رأى ما ظهر من النداوة وغير ذلك، قال المأمون: لم يزل الرضا (ع) يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته.
قال: فمضيت فأتيت به.
فلما مثلت بين يديه قال لي: «ناولني من هذا التراب» وهو من عند الباب، فناولته فأخذه وشمه ثم رمى به.
ثم قال: «سيحفر لي ههنا قبر وتظهر صخرة لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها».
ثم قال في الذي عند الرجل والذي عند الرأس مثل ذلك.
ثم قال: «ناولني هذا التراب فهو من تربتي».
ثم قال: «سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل وأن يشق لي ضريحة فإن أبوا إلا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبراً، فإن الله عز وجل سيوسعه لي ما شاء، فإذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة، فتكلم بالكلام الذي أعلمك فإنه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتاناً صغاراً فتفتت لها الخبز الذي أعطيك فإنها تلتقطه، فإذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة، فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شيء ثم تغيب، فإذا غابت فضع يدك على الماء وتكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه ينضب ولا يبقى منه شيء ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون..
ثم قال (ع) : «يا أبا الصلت، غداً أدخل إلى هذا الفاجر فإن خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلم أكلمك، وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني».
قال أبو الصلت: فلما أصبحنا من الغد لبس (ع) ثيابه وجلس في محرابه ينتظر، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له: أجب الأمير.
فلبس (ع) نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه حتى دخل على المأمون وبين يديه طبق عنب، وأطباق فاكهة بين يديه وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه.
فلما بصر المأمون بالرضا (ع) وثب إليه وعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه ثم ناوله العنقود، وقال: يا ابن رسول الله هل رأيت عنباً أحسن من هذا؟
فقال الرضا: «ربما كان عنباً حسناً يكون من الجنة».
فقال له: كل منه.
فقال له الرضا (ع) : «أو تعفيني منه؟».
فقال: لابد من ذلك، ما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشيء؟ فتناول العنقود فأكل منه ثم ناوله..
فأكل منه الرضا (ع) ثلاث حبات ثم رمى به وقام.
فقال له المأمون: إلى أين؟
قال: «إلى حيث وجهتني».
وخرج (ع) مغطى الرأس، فلم أكلمه حتى دخل الدار، ثم أمر أن يغلق الباب، فغلق ثم نام على فراشه..
فمكثت واقفاً في صحن الدار مهموماً محزوناً، فبينما أنا كذلك إذ دخل عليّ شاب حسن الوجه، قطط الشعر، أشبه الناس بالرضا (ع) ، فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت والباب مغلق؟
فقال: «الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق».
فقلت له: ومن أنت؟
فقال لي: «أنا حجة الله عليك، يا أبا الصلت أنا محمد بن علي».
ثم مضى نحو أبيه (ع) فدخل، وأمرني بالدخول معه، فلما نظر إليه الرضا (ع) وثب إليه وعانقه، وضمه إلى صدره، وقبّل ما بين عينيه، ثم سحبه سحباً إلى فراشه، وأكبّ عليه محمد بن علي (ع) يقبّله ويساره بشيء لم أفهمه، ورأيت على شفتي الرضا (ع) زبداً أشد بياضاً من الثلج، ورأيت أبا جعفر يلحسه بلسانه، ثم أدخل يده بين ثوبه وصدره، فاستخرج منها شيئاً شبيهاً بالعصفور فابتلعه أبو جعفر، وقضى الرضا (ع) .
فقال أبو جعفر (ع) : «قم يا أبا الصلت فائتني بالمغتسل والماء من الخزانة».
فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء.
فقال: «ائتمر بما آمرك به».
فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء، فأخرجته وشمرت ثيابي لأغسله معه، فقال لي: «تنح يا أبا الصلت، فإن لي من يعينني غيرك»، فغسله.
ثم قال لي: «ادخل الخزانة فأخرج إليّ السفط الذي فيه كفنه
وحنوطه».
فدخلت، فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة، فحملته إليه، فكفنه وصلى عليه، ثم قال: «ائتني بالتابوت».
فقلت: أمضي إلى النجار حتى يصلح تابوتاً.
قال: «قم، فإن في الخزانة تابوتاً».
فدخلت الخزانة فإذا فيه تابوتاً لم أر مثله [ لم أره قط ]، فأتيته فأخذ الرضا (ع) بعد أن كان صلى عليه، فوضعه في التابوت وصف قدميه، وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت وانشقّ السقف، فخرج منه التابوت ومضى.
فقلت: يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون فيطالبني بالرضا (ع) فما أصنع؟
فقال: «اسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت، ما من نبي يموت في المشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله عزوجل بين أرواحهما وأجسادهما».
فما تم الحديث حتى انشق السقف ونزل التابوت، فقام (ع) فاستخرج الرضا (ع) من التابوت ووضعه على فراشه، كأنه لم يغسل، ولم يكفن، وقال: «يا أبا الصلت، قم فافتح الباب للمأمون».
ففتحت الباب فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكياً حزيناً! قد شق جيبه ولطم رأسه! وهو يقول: يا سيداه، فجعت بك يا سيدي، ثم دخل وجلس عند رأسه، وقال: خذوا في تجهيزه، وأمر بحفر القبر.
فحضرت الموضع وظهر كل شيء على ما وصفه الرضا (ع) ، فقال بعض جلسائه: ألست تزعم أنه (ع) إمام.
قال: نعم، قال: لا يكون إلا مقدم الرأس، فأمر أن يحفر له في القبلة.
فقلت: أمرني أن أحفر له سبع مراقي، وأن أشق له ضريحه.
فقال: انتهوا إلى ما يأمركم به أبو الصلت، سوى الضريحة، ولكن يحفر ويلحد، فلما رأى ما ظهر من النداوة وغير ذلك، قال المأمون: لم يزل الرضا (ع) يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته.
الحمد لله رب العالمين
تعليق