بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انّ لله سبحانه وتعالى أوقاتاً وأماكناً مميّزة ينبغي للمؤمن أن يتعرّض فيها لنفحاته تعالى فقد قال الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله ((اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده))..
ومن هذه النفحات هو شهر رجب الأصب الذي يصبّ فيه الخير صبّاً..
ومن نفحات هذا الشهر الفضيل دعاء (يا من أرجوه لكلّ خير)، فهو يحمل من المضامين العالية والمعاني السامية التي يمكن أن يتعرّض لها المؤمن إذا ما دقّق فيها..
فهو بالإضافة الى ما يوفّره من الارتباط الحقيقي بالله سبحانه وتعالى فهو يعدّ منهجاً تربوياً للنفس..
فهذه النفس تترجّى نزول الرحمات الإلهية بكلّ أنواعها، مع إندماج ومصاحبة هذا الرجاء للخوف من خلال هذه الفقرة (يا من أرجوه لكلّ خير وآمن سخطه عند كلّ شرّ)..
فالسعيد من يتعرّض لتلك الرحمات النازلة من قبل الله تعالى، والتي تنزل في كلّ وقت وآن، كزخات المطر التي تسقي الأرض، فما كان مكشوفاً متعرّضاً لتلك الزخات وصلت اليه، أما ان كان هناك مانع وحاجز يصدّ تلك الزخات فمن المستحيل أن تصل اليه، مع انّها لم تتوقّف عن النزول، فهكذا هي رحمات الباري عزّ وجلّ..
فالسعيد من يتعرّض لتلك الرحمات النازلة من قبل الله تعالى، والتي تنزل في كلّ وقت وآن، كزخات المطر التي تسقي الأرض، فما كان مكشوفاً متعرّضاً لتلك الزخات وصلت اليه، أما ان كان هناك مانع وحاجز يصدّ تلك الزخات فمن المستحيل أن تصل اليه، مع انّها لم تتوقّف عن النزول، فهكذا هي رحمات الباري عزّ وجلّ..
ويشعر العبد من خلال هذه الفقرة بعدم أرجحية الخوف على الرجاء ولا الرجاء على الخوف، بل أن يكون راجياً خائفاً وخائفاً راجياً في نفس الوقت وهذا ما أشار اليه الامام الصادق عليه السلام ((كان أبي (عليه السلام) يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران: نور خيفة ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا، ولو وزن هذا لم يزد على هذا))، ومن وصايا لقمان لابنه: ((خف الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك، وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك))..
فما أرحم الله تعالى بعباده حيث لا يبادرهم بالعذاب نتيجة معاصيهم وذنوبهم التي يقترفونها، فهم ينعمون بالأمان تحت ظلّ رحمته الواسعة (وآمن سخطه عند كلّ شرّ)، وإلاّ لاستحقوا نزول العذاب والسخط بما ارتكبوه من الذنوب والمعاصي، ولكن أرجأ هذا العذاب ليعطي الفرصة تلو الأخرى لعباده عسى أن يثوبوا الى رشدهم..
ولكن لهذه الحياة نهاية ولابد من المحاسبة حينئذ ولا يمكن أن يهرب الانسان من مصيره الذي هو صائر له وسيجد ما عمل أمام عينيه ((وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا))الكهف: 49..
على العكس ممّن عمل لآخرته ورجا الله تعالى بخوف ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ))لقمان: 8..
ولا يظلم ربّك أحداً وحاشاه..
نسأل الله تعالى أن نكون ممّن تعرّض لبعض تلك النفحات فتشملنا رحمته الواسعة في الدنيا والآخرة...
تعليق