معجـزاته ودلالاتـه
دلالاتــه
محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن هشام بن سالم قال: كنّا بالمدينة ـ بعد وفاة أبي عبدالله ـ أنا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق، والناس مجتمعون على عبدالله بن جعفر، فدخلنا عليه فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ قال: في مائتي درهم خمسة دراهم. قلنا: ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف. قال: فخرجنا ضلاّلاً، ما ندري إلى أين نتوجه وإلى من نقصد، نقول: إلى المرجئة، إلى القدريّة، إلى المعتزلة، إلى الخوارج، إلى الزيديّة؟ فنحن كذلك إذ رأيت شيخاً لا أعرفه يومئ إليّ بيده، فخفت أن يكون عيناً من عيون أبي جعفر المنصور، وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس على من يجتمع بعد جعفر بن محمد عليهم السلام الناس، فيؤخذ فتضرب عنقه، فخفت أن يكون منهم، فقلت للأحول: تنحّ، فإنّي خائف على نفسي وعليك، وإنّما يريدني ليس يريدك. فتنحّى عنّي بعيداً.
وأتبعت الشيخ، وذلك أنّي ظننت لا أقدر على التخلّص منه، فما زلت أتبعه حتّى ورد على باب أبي الحسن موسى ثمّ خلاّني ومضى، فإذا خادم بالباب فقال لي: أدخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبوالحسن موسى ، فقال لي ابتداءً منه: «إليّ لا إلى المرجئة، ولا إلى القدريّة، ولا إلى المعتزلة، ولا إلى الخوارج، ولا إلى الزيديّة».فقلت: جعلت فداك، مضى أبوك؟ قال: «نعم». قلت: مضى موتاً؟ قال: «نعم».قلت: فمن لنا بعده؟ قال: «إن شاء الله أن يهديك هداك». قلت: جعلت فداك، إنّ عبدالله أخاك يزعم أنه إمام من بعد أبيه.فقال: «عبدالله يريد أن لا يُعبد الله». قلت: جعلت فداك، فمن لنا بعده؟ قال: «إن شاء الله أن يهديك هداك». قلت: جعلت فداك، فأنت هو؟قال: «لا، ما أقول ذلك». قال: فقلت في نفسي: لم أصب طريق المسألة، ثمّ قلت له: جعلت فداك عليك إمامٌ؟ قال: «لا». قال: فدخلني شيء لا يعلمه إلاّ الله تعالى إعظاماً له وهيبة، ثمّ قلت: جعلت فداك، أسألك كما كنت أسأل أباك؟ قال: «سل تخبر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذبح». قال: فسألته فإذا بحر لا ينزف قلت: جعلت فداك، شيعة أبيك ضُلاّل فألقي إليهم هذا الأمر وأدعوهم إليك؟ فقد أخذت عليّ الكتمان. قال: «من آنست منه رشداً فألق إليه وخذ عليه الكتمان، فإن أذاع فهو الذبح» وأشار بيده إلى حلقه.
قال: فخرجت من عنده ولقيت أبا جعفر الأحول فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى، وحدّثته بالقصّة، ثمّ لقينا زرارة بن أعين وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه، ثمّ لقينا الناس أفواجاً، فكلّ من دخل عليه قطع عليه، إلاّ طائفة عمّار الساباطي، وبقي عبدالله، لايدخل عليه إلاّ القليل من الناس (الكافي1: 285|7،وكذا في:رجال الكشي2: 565|502، إرشاد المفيد2: 221،الثاقب في المناقب:437|373،الخرائج والجرائح1: 331|23، ودون ذيله في المناقب لابن شهرآشوب4: 290).
وعنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الرافعي قال: كان لي ابن عمّ يقال له: الحسن بن عبدالله، وكان زاهداً، وكان من أعبد أهل زمانه، وكان السلطان يتّقيه لجدّه في: الدين واجتهاده، فدخل يوماً المسجد وفيه أبوالحسن موسى ، قال: فأومأ إليه فأتاه فقال له: «يا أبا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني به، إلا أنّه ليس لك معرفة، فاطلب المعرفة». فقال له: جعلت فداك، وما المعرفة؟ قال: «اذهب تفقّه واطلب الحديث».قال: عمّن؟ قال: «عن فقهاء أهل المدينة، ثمّ اعرض عليّ الحديث».
قال: فذهب وكتب ثمّ جاء فقرأه عليه، فأسقطه كلّه ثمّ قال له: «اذهب فاعرف» وكان الرجل معنيّاً بدينه. ئقال: فلم يزل يترصّد أبا الحسن حتّى خرج إلى ضيعة له فلقيه في الطريق، فقال له: جعلت فداك، إنّي أحتجّ عليك بين يدي الله عزّ وجلّ، فدلّني على ما تجب عليّ معرفته. فأخبره بأمر أمير المؤمنين وحقّه، وأمر الحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد عليهم السلام، ثمّ سكت فقال له: جعلت فداك، فمن الإمام اليوم؟ قال: «إن أخبرتك تقبل؟» قال: نعم. قال: «أنا هو». قال: فشيء أستدلّ به؟ قال: «اذهب إلى تلك الشجرة ـ وأشار إلى بعض شجر اُمّ غيلان(أُم غيلان:شجر السَّمُر.«القاموس المحيط4: 27») ـ فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر: أقبلي». قال: فأتيتها فرأيتها والله تخدّ الاَرض(تخد الأرض: تشقها.«الصحاح ـ خدد ـ2: 468») خداً حتّى وقفت بين يديه ثمّ أشار [إليها] بالرجوع فرجعت. قال: فأقّر به ولزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحدٌ يتكلّم بعد ذلك(الكافي1: 286|8،وكذا في:بصائر الدرجات:274|6، إرشاد المفيد2: 223، الخرائج والجرائح2: 650|2،الثاقب في المناقب:455|383،كشف الغمة2: 223).
معجـزاتـه
وروى عبدالله بن إدريس، عن ابن سنان قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها، وكان في جملتها درّاعة خزّ سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، وتقّدم عليّ بن يقطين بحمل تلك الثياب إلى أبي الحسن موسى ، وأضاف إليها مالاً كان أعدّه على رسم له في ما يحمله إليه من خمس ماله، فلمّا وصل ذلك إلى أبي الحسن قبل المال والثياب وردّ الدرّاعة على يد غير الرسول إلى علي بن يقطين وكتب إليه: «احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج إليها معه» فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه ولم يدر ما سبب ذلك، فاحتفظ بالدرّاعة. فلمّا كان بعد أيّام تغّير ابن يقطين على غلام له كان يختصّ به فصرفه عن خدمته، فسعى به إلى الرشيد وقال: إنّه يقول بإمامة موسى بن جعفر ويحمل إليه خمس ماله في كلّ سنة، وقد حمل إليه الدرّاعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا. فاستشاط الرشيد غضباً وقال: لأكشفنّ عن هذه الحال، وأمر بإحضار علي بن يقطين فلمّا مثل بين يديه قال: ما فعلت بتلك الدّراعة التي كسوتك بها؟ قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم فيه طيب، وقد احتفظت بها، وكلّما أصبحت فتحت السفط ونظرت إليها تبركاً بها وأقبّلها وأردّها إلى موضعها، وكلّما أمسيت صنعت مثل ذلك، فقال: ائت بها الساعة، قال: نعم. وأنفذ بعض خدمه فقال: امض إلى البيت الفلاني وافتح الصندوق الفلاني وجئني بالسفط الذي فيه بختمه، فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوماً ووضع بين يدي الرشيد، ففكّ ختمه ونظر إلى الدرّاعة مطويّة مدفونة بالطيب، فسكن غضب الرشيد وقال: أرددها إلى مكانها وانصرف راشداً، فلن أُصدق عليك بعدها ساعياً، وأمر له بجائزة سنيّة، وأمر بضرب الساعي ألف سوط، فضرب نحو خمسمائة سوط فمات في ذلك(إرشاد المفيد2: 225، وباختصار في الخرائج والجرائح1: 334|25،والمناقب لابن شهرآشوب4: 289،ونحوه في دلائل الإمامة:158،والفصول المهمة236).
وروى محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الراية بين أصحابنا في مسح الوضوء، أهو من الأصابع إلى الكعبين؟ أم من الكعبين إلى الاَصابع؟ فكتب عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن موسى : جعلت فداك، إنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين، فإن رأيت أن تكتب بخطّك إلي ما يكون عملي عليه فعلت إن شاء الله.
فكتب إليه أبو الحسن : «فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء، والذي آمرك به ذلك أن تتمضمض ثلاثاً، وتستنشق ثلاثاً، وتغسل وجهك ثلاثاً، وتخلّل لحيتك وتغسل يدك من أصابعك إلى المرفقين، وتمسح رأسك كلّه، وتسمح ظاهر أذنيك وباطنهما، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً، ولا تخالف ذلك إلى غيره». فلمّا وصل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجّب ممّا رسم له فيه ممّا جميع العصابة على خلافه، ثمّ قال: مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره، فكان يعمل في وضوئه على هذه. قال: وسعي بعلي بن يقطين إلى الرشيد وقيل له: إنّه رافضي مخالفٌ لك، فقال الرشيد لبعض خاصّته: قد كثر القول عندي في علي بن يقطين وميله إلى الرفض، وقد امتحنته مراراً فما ظهرت منه على ما يقرف(القرف:الاتهام.«الصحاح ـ قرف ـ4: 1415») به، فقيل له: إنّ الرافضة تخالف [الجماعة] (أثبتناه من الإرشاد) في الوضوء فتخفّفه، ولا تغسل الرجلين، فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه. فتركه مدّة وناطه بشيء من شغله في الدار حتّى دخل وقت الصلاة، وكان عليّ يخلو في حجرة من الدار لوضوئه وصلاته، فلمّا دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو، فدعا بالماء فتوضّأ على ما أمره الإمام، فلم يملك الرشيد نفسه حتّى أشرف عليه بحيث يراه ثمّ ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم أنّك من الرّافضة. وصلحت حاله عنده. وورد كتاب أبي الحسن : «ابتدئ من الآن يا عليّ بن يقطين توضّأ كما أمرك الله: اغسل وجهك مرّة فريضة وأُخرى إسباغاً، واغسل يديك من المرفقين كذلك، وامسح بمقدّم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك، فقد زال ما كنت أخافه عليك، والسلام»(إرشاد المفيد2: 227،الخرائج والجرائح1: 335|26، المناقب لا بن شهرآشوب4: 288، الثاقب في المناقب:451|380،كشف الغمة2: 225).
وروى أحمد بن مهران، عن محمد بن عليّ، عن أبي بصير قال: قلت لأبي الحسن موسى : جعلت فداك بم يعرف الإمام؟ قال: «بخصال: أمّا أولاهنّ: فإنّه بشيء قد تقدّم فيه من أبيه وإشارته إليه لتكن حجّة، ويسأل فيجيب، وإذا سكت عنه ابتدأ، ويخبر بما في غد، ويكلّم الناس بكلّ لسان» ثمّ قال: «يا أبا محمد، أعطيك علامة قبل أن تقوم» فلم ألبث أن دخل عليه رجلٌ من أهل خراسان، فكلّمه الخراساني بالعربيّة فأجابه أبو الحسن بالفارسيّة، فقال له الخراساني: والله ما منعني أن أكلمك بالفارسيّة إلاّ أنّني ظننت أنّك لا تحسنها. فقال: «سبحان الله، إذا كنت لا أحسن أن أجيبك فما فضلي عليك فيما أستحقّ [به] الإمامة». ثمّ قال: «يا أبا محمد، إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس، ولا منطق الطير، ولا كلام شيء فيه روح»(قرب الإسناد:146،الكافي1: 225|7،إرشاد المفيد2: 224،المناقب لابن شهرآشوب4: 299،وباختلاف يسير في:دلائل الإمامة:169).
وروى الحسن بن علي بن أبي عثمان(الحسن بن علي بن أبي عثمان،الملقب أبو محمد سجادة، قمي،ضعّفه أصحابنا واتهموه بالغلو وفساد العقيدة.أنظر:رجال الطوسي:أصحاب الإمام الجواد (11)،رجال النجاشي:61|141،رجال الكشي2: 841|1083، الخلاصة:212|4،نقد الرجال:89|91)، عن إسحاق بن عمّار قال: كنت عند أبي الحسن ودخل عليه رجلٌ فقال له أبو الحسن: «يا فلان أنت تموت إلى شهر». قال: فأضمرت في نفسي كأنّه يعلم آجال الشيعة، قال: فقال لي: «يا إسحاق، ما تنكرون من ذلك، قد كان رشيد الهجري مستضعفاً وكان يعلم علم المنايا والإمام أولى بذلك منه». ثمّ قال: «يا إسحاق، تموت إلى سنتين ويشتّت مالك وعيالك وأهل بيتك ويفلسون إفلاساً شديداً». قال: فكان كما قال(نحوه في:بصائر الدرجات285|13،الكافي1: 404|7،الخرائج والجرائح1: 310|3،المناقب لابن شهرآشوب4: 287،دلائل الإمامة:160،الثاقب في المناقب:434|366).
وروى محمد بن جمهور عن بعض أصحابنا، عن أبي خالد الزبالي قال: ورد علينا أبو الحسن موسى ، وقد حمله المهديّ، فلمّا خرج ودّعته وبكيت، فقال لي: «ما يبكيك، يا أبا خالد؟» فقلت: جعلت فداك، قد حملك هؤلاء ولا أدري ما يحدث. فقال: «أمّا في هذه المرة فلا خوف علي منهم، وأنا عندك يوم كذا في شهر كذا في ساعة كذا، فانتظرني عند أوّل ميل» ومضى. قال: فلمّا أن كان في اليوم الذي وصفه لي خرجت إلى أوّل ميل فجلست أنتظره حتّى اصفرّت الشمس، وخفت أن يكون قد تأخّر عن الوقت فقمت انصرف، فإذا أنا بسواد قد أقبل ومناد ينادي من خلفي، فأتيته فإذا هو أبو الحسن على بغلة له فقال لي: «إيهاً يا أبا خالد». فقلت: لبيّك يا ابن رسول الله، الحمد لله الذي خلّصك من أيديهم. فقال لي: «يا أبا خالد، أمّا أن لي إليهم عودة لا أتخلّص من أيديهم»(قرب الإسناد:146،الكافي1: 398|3،إثبات الوصية:165، الخرائج والجرائح1: 315،المناقب لابن شهرآشوب4: 287،دلائل الإمامة:168،الثاقب في المناقب:200،الفصول المهمة:234).
منـاقبه وفضـائله
صـفاتـه
قد اشتهر في الناس أنّ أبا الحسن موسى كان أجلّ ولد الصادق شأناً، وأعلاهم في الدين مكاناً، وأسخاهم بناناً، وأفصحهم لساناً، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأفقههم وأكرمهم.
عبـادتـه
وروي: أنّه كان يصّلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح، ثمّ يعقّب حتّى تطلع الشمس، ثمّ يخرّ ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتّى يقرب زوال الشمس، وكان يقول، في سجوده : «قبح الذنب من عبدك فليحسن العفو والتجاوز من عندك».
وكان من دعائه : «اللهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب».
وكان يبكي من خشية الله حتّى تخضل لحيته بالدموع.
إنفاقـه
وكان يتفقّد فقراء المدينة فيحمل إليهم في اللّيل العين (العين:الذهب والدنانير.«الصحاح ـ عين ـ 6: 2170»)والوَرِق(الوَرِق:الفضة والدراهم.«الصحاح ـ ورق ـ4: 1564») وغير ذلك، فيوصلها إليهم وهم لا يعلمون من أي وجه هو(إرشاد المفيد2: 231،كشف الغمة2: 228،ودون صدر الرواية في:المناقب لابن شهرآشوب4: 318،ونحوه في:تاريخ بغداد13: 27،وفيات الأعيان5: 308، سير أعلام النبلاء6: 271،الفصول المهمة:237).
حـلمـه
وروى الشريف أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلويّ، عن جدّه بإسناده قال: إنّ رجلاً من ولد عمر بن الخطّاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى ويشتم عليّاً ، فقال له بعض حاشيته: دعنا نقتل هذا الرجل، فنهاهم عنه أشدّ النهي، وسأل عن العمري فقيل: إنّه يزرع بناحية من نواحي المدينة. فركب إليه، فوجده في مزرعة [ له ] فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا توطئ زرعنا، فتوطّأه أبو الحسن بالحمار حتى وصل إليه فنزل وجلس عنده وباسطه وضاحكه، وقال له: «كم غرمت في زرعك هذا؟». فقال: مائة دينار. قال: «وكم ترجو أن تصيب؟» قال: لست أعلم الغيب. قال: «إنّما قلت لك: كم ترجو». فقال: «أرجو أن يجيئني فيه مائتا دينار». قال : فأخرج له أبو الحسن صرّة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: «هذا زرعك على حاله والله يرزقك فيه ما ترجو». فقام العمري فقبّل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطة، فتبسّم أبو الحسن موسى وانصرف، ثمّ راح إلى المسجد فوجد العمري جالساً فلمّا نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالاته. قال: فوثب إليه أصحابه فقالوا له: ما قصّتك؟ فقد كنت تقول غير هذا!! قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، وجعل يدعو لأَبي الحسن ، فخاصموه وخاصمهم. فلمّا رجع أبو الحسن إلى داره قال لمن سألوه قتل العمرىّ: «أيّما كان خيراً ما أردت أو ما أردتم؟»(إرشاد المفيد2: 233،المناقب لابن شهرآشوب4: 319،دلائل الإمامة:150،كشف الغمة2: 228،مقاتل الطالبيين:499، تاريخ بغداد13: 28،سير أعلام النبلاء6: 271) وذكرت الرواة: أنّه كان يصل بالمائتي دينار إلى ثلاثمائة دينار، وكانت صرار موسى مثلاً(إرشاد المفيد2: 234،المناقب لابن شهرآشوب4: 318،كشف الغمة2: 229،مقاتل الطالبيين:499،تاريخ بغداد13: 28،وفيات الأَعيان5: 308،سير أعلام النبلاَء6: 271).
عـلمــه
وذكروا : أنّ الرشيد لما خرج إلى الحجّ وقرب من المدينة استقبله وجوه أهلها يقدمهم موسى بن جعفر على بغلة، فقال له الربيع: ما هذه الدابّة التي تلقّيت عليها أمير المؤمنين، وأنت إن طلبت عليها لم تدرك وإن طلبت لم تفت؟ فقال : «إنّها تطأطأت عن خيلاء الخيل وارتفعت عن ذلّة العير، وخير الأمور أوسطها»(إرشاد المفيد2: 234،روضة الواعظين:215،المناقب لابن شهرآشوب4: 320،كشف الغمة2: 229،وباختلاف يسير في:أعلام الدين:306،مقاتل الطالبيين:500).
قالوا: ولمّا دخل هارون المدينة وزار النبيّ صّلى الله عليه وآله وسلّم قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا ابن عمّ، مفتخراً بذلك على غيره. فتقدّم أبو الحسن وقال: «السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبه» فتغيّر وجه الرشيد وتبيّن فيه الغضب(إرشاد المفيد2: 234،كنز الفوائد1: 356،المناقب لابن شهرآشوب4: 320،كشف الغمة2: 229، تاريخ بغداد13: 31،تذكرة الخواص:314،كفاية الطالب:457،وفيات الأَعيان5: 309،سير أعلام النبلاء6: 273،البداية والنهاية5: 183).
وروى الشريف الأَجلّ المرتضى ـ قدس الله روح ـ عن أبي عبيدالله المرزبانيّ، مرفوعاً إلى أيّوب بن الحسين الهاشميّ قال: كان نفيع رجلاً من الأَنصار حضر باب الرشيد ـ وكان عريضاً ـ وحضر معه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وحضر موسى بن جعفر على حمار له، فتلّقاه الحاجب بالبشر والإِكرام، وأعظمه من كان هناك، وعجّل له الإِذن، فقال نفيع لعبد العزيز: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم، يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير، أما لئن خرج لأسوءنّه ، قال له عبدالعزيز: لا تفعل، فإن هؤلاء أهل بيت قلّ من تعرّض لهم في خطاب إلاّ وسموه في الجواب سمه يبقى عارها عليه مدى الدهر. قال: وخرج موسى فقام إليه نفيع الأَنصاري فأخذا بلجام حماره، ثمّ قال: من أنت؟ فقال: «يا هذا، إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله ابن اسماعيل ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله عزّ وجلّ على المسلمين وعليك ـ إن كنت منهم ـ الحجّ إليه، وإن كنت تريد المفاخرة فوالله ما رضي مشركو قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حتّى قالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، وإن كنت تريد الصيت والاسم فنحن الذين أمر الله تعالى بالصلاة علينا في الصلوات المفروضة بقول: (اللهم صلّ على محمد وآل محمد) فنحن آل محمد، خلّ عن الحمار». فخلّى عنه ويده ترعد، وانصرف بخزي، فقال له عبدالعزيز: ألم أقل لك؟!(أمالي المرتضى1: 274،المناقب لابن شهرآشوب4: 316،أعلام الدين:305،دلائل الإمامة:156).
وروى أبو زيد قال: أخبرنا عبدالحميد قال: سأل محمد بن الحسن أبا الحسن موسى بمحضر من الرشيد ـ وهم بمكّة ـ فقال له: هل يجوز للمحرم أن يظلّل على نفسه ومحمله؟ فقال: «لا يجوز له ذلك مع الاختيار». فقال محمد بن الحسن : أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختاراً؟ قال: «نعم». فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك، فقال له أبو الحسن : «أتعجب من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وتستهزىَ بها!! إنّ رسول الله كشف ظلاله في إحرامه ومشى تحت الظلال وهو محرم، إنّ أحكام الله تعالى يا محمد لا تقاس، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضلّ عن سواء السبيل. فسكت محمد بن الحسن ولم يجر جواباً(إرشاد المفيد2: 235،روضة الواعظين:216،المناقب لابن شهرآشوب4: 314،كشف الغمة2: 230).
حفظـه لكتـاب الله
وكان أحفظ الناس بكتاب الله تعالى وأحسنهم صوتاً به، وكان إذا قرأ يحزن ويبكي ويبكي السامعون لتلاوته، وكان الناس بالمدينة يسمّونه زين المتهجّدين(إرشاد المفيد2: 235،روضة الواعظين:216،المناقب لابن شهرآشوب4: 318،كشف الغمة2: 230).
فـي شـأن أمّـه
ومن باهر خصائصه ما وردت به الآثار في شأن أمه، وذلك ما أخبرني به المفيد عبدالجبّار بن علي الرازي رحمه الله، إجازة، قال: أخبرنا الشيخ أبو جعفر الطوسي قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أبي علي أحمد بن جعفر البزوفريّ، عن حميد بن زياد، عن العبّاس بن عبيدالله ابن أحمد الدهقان، عن إبراهيم بن صالح الأَنماطي، عن محمد بن الفضل وزياد بن النعمان وسيف بن عميرة، عن هشام بن أحمر قال: أرسل إليّ أبو عبدالله في يوم شديد الحرّ، فقال لي: «اذهب إلى فلان الأفريقي فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا، ومن صفتها كذا». فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده، فلم أر ما وصف لي، فرجعت إليه فأخبرته فقال: «عد إليه فإنّها عنده». فرجعت إلى الأفريقي، فحلف لي ما عنده شيء إلاّ وقد عرضه علي، ثمّ قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليس ممّا يعترض، فقلت له: اعرضها علي، فجاء بها متوكّئة على جاريتين تخطّ برجليها الأَرض، فأرانيها فعرفت الصفة، فقلت: بكم هي؟ فقال لي: اذهب بها إليه فيحكم فيها، ثم قال لي: قد والله أردتها منذ ملكتها فما قدرت عليها، ولقد أخبرني الذي اشتريتها منه عند ذلك أنّه لم يصل إليها، وحلفت الجارية أنّها نظرت إلى القمر وقع في حجرها. فأخبرت أبا عبدالله بمقالتها، فأعطاني مائتي دينار فذهبت بها إليه فقال الرجل: هي حرّة لوجه الله تعلى إن لم يكن بعث إليّ بشرائها من المغرب. فأخبرت أبا عبدالله بمقالته، فقال أبو عبدالله : «يا ابن أحمر أما أنّها تلد مولوداً ليس بينه وبين الله حجاب»(أمالي الطوسي2: 331،ونحوه في:دلائل الإمامة:148).
وقدروى الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب (الإِرشاد) مثل هذا الخبر مسنداً إلى هشام بن الأَحمر أيضاً، إلاّ أنّ فيه: إن أبا الحسن موسى أمره ببيع هذه الجارية، وإنّها كانت أمّ الرضا (إرشاد المفيد2: 254،وكذا في: الكافي1: 406|1،عيون أخبار الرضا 1: 17|4،الاختصاص:197،إثبات الوصية:170،كشف الغمة2: 244و272،دلائل الإمامة:175).
الكـاظـم
وسمّي بالكاظم لما كظمه من الغيظ، وتصبّره على ما فعله الظالمون به، حتّى مضى قتيلاً في حبسهم(إرشاد المفيد2: 235،المناقب لابن شهرآشوب4: 235).
دلالاتــه
محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطيّ، عن هشام بن سالم قال: كنّا بالمدينة ـ بعد وفاة أبي عبدالله ـ أنا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق، والناس مجتمعون على عبدالله بن جعفر، فدخلنا عليه فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ قال: في مائتي درهم خمسة دراهم. قلنا: ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف. قال: فخرجنا ضلاّلاً، ما ندري إلى أين نتوجه وإلى من نقصد، نقول: إلى المرجئة، إلى القدريّة، إلى المعتزلة، إلى الخوارج، إلى الزيديّة؟ فنحن كذلك إذ رأيت شيخاً لا أعرفه يومئ إليّ بيده، فخفت أن يكون عيناً من عيون أبي جعفر المنصور، وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس على من يجتمع بعد جعفر بن محمد عليهم السلام الناس، فيؤخذ فتضرب عنقه، فخفت أن يكون منهم، فقلت للأحول: تنحّ، فإنّي خائف على نفسي وعليك، وإنّما يريدني ليس يريدك. فتنحّى عنّي بعيداً.
وأتبعت الشيخ، وذلك أنّي ظننت لا أقدر على التخلّص منه، فما زلت أتبعه حتّى ورد على باب أبي الحسن موسى ثمّ خلاّني ومضى، فإذا خادم بالباب فقال لي: أدخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبوالحسن موسى ، فقال لي ابتداءً منه: «إليّ لا إلى المرجئة، ولا إلى القدريّة، ولا إلى المعتزلة، ولا إلى الخوارج، ولا إلى الزيديّة».فقلت: جعلت فداك، مضى أبوك؟ قال: «نعم». قلت: مضى موتاً؟ قال: «نعم».قلت: فمن لنا بعده؟ قال: «إن شاء الله أن يهديك هداك». قلت: جعلت فداك، إنّ عبدالله أخاك يزعم أنه إمام من بعد أبيه.فقال: «عبدالله يريد أن لا يُعبد الله». قلت: جعلت فداك، فمن لنا بعده؟ قال: «إن شاء الله أن يهديك هداك». قلت: جعلت فداك، فأنت هو؟قال: «لا، ما أقول ذلك». قال: فقلت في نفسي: لم أصب طريق المسألة، ثمّ قلت له: جعلت فداك عليك إمامٌ؟ قال: «لا». قال: فدخلني شيء لا يعلمه إلاّ الله تعالى إعظاماً له وهيبة، ثمّ قلت: جعلت فداك، أسألك كما كنت أسأل أباك؟ قال: «سل تخبر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذبح». قال: فسألته فإذا بحر لا ينزف قلت: جعلت فداك، شيعة أبيك ضُلاّل فألقي إليهم هذا الأمر وأدعوهم إليك؟ فقد أخذت عليّ الكتمان. قال: «من آنست منه رشداً فألق إليه وخذ عليه الكتمان، فإن أذاع فهو الذبح» وأشار بيده إلى حلقه.
قال: فخرجت من عنده ولقيت أبا جعفر الأحول فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى، وحدّثته بالقصّة، ثمّ لقينا زرارة بن أعين وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه، ثمّ لقينا الناس أفواجاً، فكلّ من دخل عليه قطع عليه، إلاّ طائفة عمّار الساباطي، وبقي عبدالله، لايدخل عليه إلاّ القليل من الناس (الكافي1: 285|7،وكذا في:رجال الكشي2: 565|502، إرشاد المفيد2: 221،الثاقب في المناقب:437|373،الخرائج والجرائح1: 331|23، ودون ذيله في المناقب لابن شهرآشوب4: 290).
وعنه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الرافعي قال: كان لي ابن عمّ يقال له: الحسن بن عبدالله، وكان زاهداً، وكان من أعبد أهل زمانه، وكان السلطان يتّقيه لجدّه في: الدين واجتهاده، فدخل يوماً المسجد وفيه أبوالحسن موسى ، قال: فأومأ إليه فأتاه فقال له: «يا أبا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني به، إلا أنّه ليس لك معرفة، فاطلب المعرفة». فقال له: جعلت فداك، وما المعرفة؟ قال: «اذهب تفقّه واطلب الحديث».قال: عمّن؟ قال: «عن فقهاء أهل المدينة، ثمّ اعرض عليّ الحديث».
قال: فذهب وكتب ثمّ جاء فقرأه عليه، فأسقطه كلّه ثمّ قال له: «اذهب فاعرف» وكان الرجل معنيّاً بدينه. ئقال: فلم يزل يترصّد أبا الحسن حتّى خرج إلى ضيعة له فلقيه في الطريق، فقال له: جعلت فداك، إنّي أحتجّ عليك بين يدي الله عزّ وجلّ، فدلّني على ما تجب عليّ معرفته. فأخبره بأمر أمير المؤمنين وحقّه، وأمر الحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمد بن عليّ وجعفر بن محمد عليهم السلام، ثمّ سكت فقال له: جعلت فداك، فمن الإمام اليوم؟ قال: «إن أخبرتك تقبل؟» قال: نعم. قال: «أنا هو». قال: فشيء أستدلّ به؟ قال: «اذهب إلى تلك الشجرة ـ وأشار إلى بعض شجر اُمّ غيلان(أُم غيلان:شجر السَّمُر.«القاموس المحيط4: 27») ـ فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر: أقبلي». قال: فأتيتها فرأيتها والله تخدّ الاَرض(تخد الأرض: تشقها.«الصحاح ـ خدد ـ2: 468») خداً حتّى وقفت بين يديه ثمّ أشار [إليها] بالرجوع فرجعت. قال: فأقّر به ولزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحدٌ يتكلّم بعد ذلك(الكافي1: 286|8،وكذا في:بصائر الدرجات:274|6، إرشاد المفيد2: 223، الخرائج والجرائح2: 650|2،الثاقب في المناقب:455|383،كشف الغمة2: 223).
معجـزاتـه
وروى عبدالله بن إدريس، عن ابن سنان قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها، وكان في جملتها درّاعة خزّ سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، وتقّدم عليّ بن يقطين بحمل تلك الثياب إلى أبي الحسن موسى ، وأضاف إليها مالاً كان أعدّه على رسم له في ما يحمله إليه من خمس ماله، فلمّا وصل ذلك إلى أبي الحسن قبل المال والثياب وردّ الدرّاعة على يد غير الرسول إلى علي بن يقطين وكتب إليه: «احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج إليها معه» فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه ولم يدر ما سبب ذلك، فاحتفظ بالدرّاعة. فلمّا كان بعد أيّام تغّير ابن يقطين على غلام له كان يختصّ به فصرفه عن خدمته، فسعى به إلى الرشيد وقال: إنّه يقول بإمامة موسى بن جعفر ويحمل إليه خمس ماله في كلّ سنة، وقد حمل إليه الدرّاعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا وكذا. فاستشاط الرشيد غضباً وقال: لأكشفنّ عن هذه الحال، وأمر بإحضار علي بن يقطين فلمّا مثل بين يديه قال: ما فعلت بتلك الدّراعة التي كسوتك بها؟ قال: هي يا أمير المؤمنين عندي في سفط مختوم فيه طيب، وقد احتفظت بها، وكلّما أصبحت فتحت السفط ونظرت إليها تبركاً بها وأقبّلها وأردّها إلى موضعها، وكلّما أمسيت صنعت مثل ذلك، فقال: ائت بها الساعة، قال: نعم. وأنفذ بعض خدمه فقال: امض إلى البيت الفلاني وافتح الصندوق الفلاني وجئني بالسفط الذي فيه بختمه، فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوماً ووضع بين يدي الرشيد، ففكّ ختمه ونظر إلى الدرّاعة مطويّة مدفونة بالطيب، فسكن غضب الرشيد وقال: أرددها إلى مكانها وانصرف راشداً، فلن أُصدق عليك بعدها ساعياً، وأمر له بجائزة سنيّة، وأمر بضرب الساعي ألف سوط، فضرب نحو خمسمائة سوط فمات في ذلك(إرشاد المفيد2: 225، وباختصار في الخرائج والجرائح1: 334|25،والمناقب لابن شهرآشوب4: 289،ونحوه في دلائل الإمامة:158،والفصول المهمة236).
وروى محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الراية بين أصحابنا في مسح الوضوء، أهو من الأصابع إلى الكعبين؟ أم من الكعبين إلى الاَصابع؟ فكتب عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن موسى : جعلت فداك، إنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين، فإن رأيت أن تكتب بخطّك إلي ما يكون عملي عليه فعلت إن شاء الله.
فكتب إليه أبو الحسن : «فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء، والذي آمرك به ذلك أن تتمضمض ثلاثاً، وتستنشق ثلاثاً، وتغسل وجهك ثلاثاً، وتخلّل لحيتك وتغسل يدك من أصابعك إلى المرفقين، وتمسح رأسك كلّه، وتسمح ظاهر أذنيك وباطنهما، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً، ولا تخالف ذلك إلى غيره». فلمّا وصل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجّب ممّا رسم له فيه ممّا جميع العصابة على خلافه، ثمّ قال: مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره، فكان يعمل في وضوئه على هذه. قال: وسعي بعلي بن يقطين إلى الرشيد وقيل له: إنّه رافضي مخالفٌ لك، فقال الرشيد لبعض خاصّته: قد كثر القول عندي في علي بن يقطين وميله إلى الرفض، وقد امتحنته مراراً فما ظهرت منه على ما يقرف(القرف:الاتهام.«الصحاح ـ قرف ـ4: 1415») به، فقيل له: إنّ الرافضة تخالف [الجماعة] (أثبتناه من الإرشاد) في الوضوء فتخفّفه، ولا تغسل الرجلين، فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه. فتركه مدّة وناطه بشيء من شغله في الدار حتّى دخل وقت الصلاة، وكان عليّ يخلو في حجرة من الدار لوضوئه وصلاته، فلمّا دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو، فدعا بالماء فتوضّأ على ما أمره الإمام، فلم يملك الرشيد نفسه حتّى أشرف عليه بحيث يراه ثمّ ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم أنّك من الرّافضة. وصلحت حاله عنده. وورد كتاب أبي الحسن : «ابتدئ من الآن يا عليّ بن يقطين توضّأ كما أمرك الله: اغسل وجهك مرّة فريضة وأُخرى إسباغاً، واغسل يديك من المرفقين كذلك، وامسح بمقدّم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك، فقد زال ما كنت أخافه عليك، والسلام»(إرشاد المفيد2: 227،الخرائج والجرائح1: 335|26، المناقب لا بن شهرآشوب4: 288، الثاقب في المناقب:451|380،كشف الغمة2: 225).
وروى أحمد بن مهران، عن محمد بن عليّ، عن أبي بصير قال: قلت لأبي الحسن موسى : جعلت فداك بم يعرف الإمام؟ قال: «بخصال: أمّا أولاهنّ: فإنّه بشيء قد تقدّم فيه من أبيه وإشارته إليه لتكن حجّة، ويسأل فيجيب، وإذا سكت عنه ابتدأ، ويخبر بما في غد، ويكلّم الناس بكلّ لسان» ثمّ قال: «يا أبا محمد، أعطيك علامة قبل أن تقوم» فلم ألبث أن دخل عليه رجلٌ من أهل خراسان، فكلّمه الخراساني بالعربيّة فأجابه أبو الحسن بالفارسيّة، فقال له الخراساني: والله ما منعني أن أكلمك بالفارسيّة إلاّ أنّني ظننت أنّك لا تحسنها. فقال: «سبحان الله، إذا كنت لا أحسن أن أجيبك فما فضلي عليك فيما أستحقّ [به] الإمامة». ثمّ قال: «يا أبا محمد، إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس، ولا منطق الطير، ولا كلام شيء فيه روح»(قرب الإسناد:146،الكافي1: 225|7،إرشاد المفيد2: 224،المناقب لابن شهرآشوب4: 299،وباختلاف يسير في:دلائل الإمامة:169).
وروى الحسن بن علي بن أبي عثمان(الحسن بن علي بن أبي عثمان،الملقب أبو محمد سجادة، قمي،ضعّفه أصحابنا واتهموه بالغلو وفساد العقيدة.أنظر:رجال الطوسي:أصحاب الإمام الجواد (11)،رجال النجاشي:61|141،رجال الكشي2: 841|1083، الخلاصة:212|4،نقد الرجال:89|91)، عن إسحاق بن عمّار قال: كنت عند أبي الحسن ودخل عليه رجلٌ فقال له أبو الحسن: «يا فلان أنت تموت إلى شهر». قال: فأضمرت في نفسي كأنّه يعلم آجال الشيعة، قال: فقال لي: «يا إسحاق، ما تنكرون من ذلك، قد كان رشيد الهجري مستضعفاً وكان يعلم علم المنايا والإمام أولى بذلك منه». ثمّ قال: «يا إسحاق، تموت إلى سنتين ويشتّت مالك وعيالك وأهل بيتك ويفلسون إفلاساً شديداً». قال: فكان كما قال(نحوه في:بصائر الدرجات285|13،الكافي1: 404|7،الخرائج والجرائح1: 310|3،المناقب لابن شهرآشوب4: 287،دلائل الإمامة:160،الثاقب في المناقب:434|366).
وروى محمد بن جمهور عن بعض أصحابنا، عن أبي خالد الزبالي قال: ورد علينا أبو الحسن موسى ، وقد حمله المهديّ، فلمّا خرج ودّعته وبكيت، فقال لي: «ما يبكيك، يا أبا خالد؟» فقلت: جعلت فداك، قد حملك هؤلاء ولا أدري ما يحدث. فقال: «أمّا في هذه المرة فلا خوف علي منهم، وأنا عندك يوم كذا في شهر كذا في ساعة كذا، فانتظرني عند أوّل ميل» ومضى. قال: فلمّا أن كان في اليوم الذي وصفه لي خرجت إلى أوّل ميل فجلست أنتظره حتّى اصفرّت الشمس، وخفت أن يكون قد تأخّر عن الوقت فقمت انصرف، فإذا أنا بسواد قد أقبل ومناد ينادي من خلفي، فأتيته فإذا هو أبو الحسن على بغلة له فقال لي: «إيهاً يا أبا خالد». فقلت: لبيّك يا ابن رسول الله، الحمد لله الذي خلّصك من أيديهم. فقال لي: «يا أبا خالد، أمّا أن لي إليهم عودة لا أتخلّص من أيديهم»(قرب الإسناد:146،الكافي1: 398|3،إثبات الوصية:165، الخرائج والجرائح1: 315،المناقب لابن شهرآشوب4: 287،دلائل الإمامة:168،الثاقب في المناقب:200،الفصول المهمة:234).
منـاقبه وفضـائله
صـفاتـه
قد اشتهر في الناس أنّ أبا الحسن موسى كان أجلّ ولد الصادق شأناً، وأعلاهم في الدين مكاناً، وأسخاهم بناناً، وأفصحهم لساناً، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأفقههم وأكرمهم.
عبـادتـه
وروي: أنّه كان يصّلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح، ثمّ يعقّب حتّى تطلع الشمس، ثمّ يخرّ ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتّى يقرب زوال الشمس، وكان يقول، في سجوده : «قبح الذنب من عبدك فليحسن العفو والتجاوز من عندك».
وكان من دعائه : «اللهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب».
وكان يبكي من خشية الله حتّى تخضل لحيته بالدموع.
إنفاقـه
وكان يتفقّد فقراء المدينة فيحمل إليهم في اللّيل العين (العين:الذهب والدنانير.«الصحاح ـ عين ـ 6: 2170»)والوَرِق(الوَرِق:الفضة والدراهم.«الصحاح ـ ورق ـ4: 1564») وغير ذلك، فيوصلها إليهم وهم لا يعلمون من أي وجه هو(إرشاد المفيد2: 231،كشف الغمة2: 228،ودون صدر الرواية في:المناقب لابن شهرآشوب4: 318،ونحوه في:تاريخ بغداد13: 27،وفيات الأعيان5: 308، سير أعلام النبلاء6: 271،الفصول المهمة:237).
حـلمـه
وروى الشريف أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلويّ، عن جدّه بإسناده قال: إنّ رجلاً من ولد عمر بن الخطّاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى ويشتم عليّاً ، فقال له بعض حاشيته: دعنا نقتل هذا الرجل، فنهاهم عنه أشدّ النهي، وسأل عن العمري فقيل: إنّه يزرع بناحية من نواحي المدينة. فركب إليه، فوجده في مزرعة [ له ] فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا توطئ زرعنا، فتوطّأه أبو الحسن بالحمار حتى وصل إليه فنزل وجلس عنده وباسطه وضاحكه، وقال له: «كم غرمت في زرعك هذا؟». فقال: مائة دينار. قال: «وكم ترجو أن تصيب؟» قال: لست أعلم الغيب. قال: «إنّما قلت لك: كم ترجو». فقال: «أرجو أن يجيئني فيه مائتا دينار». قال : فأخرج له أبو الحسن صرّة فيها ثلاثمائة دينار، وقال: «هذا زرعك على حاله والله يرزقك فيه ما ترجو». فقام العمري فقبّل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطة، فتبسّم أبو الحسن موسى وانصرف، ثمّ راح إلى المسجد فوجد العمري جالساً فلمّا نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالاته. قال: فوثب إليه أصحابه فقالوا له: ما قصّتك؟ فقد كنت تقول غير هذا!! قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، وجعل يدعو لأَبي الحسن ، فخاصموه وخاصمهم. فلمّا رجع أبو الحسن إلى داره قال لمن سألوه قتل العمرىّ: «أيّما كان خيراً ما أردت أو ما أردتم؟»(إرشاد المفيد2: 233،المناقب لابن شهرآشوب4: 319،دلائل الإمامة:150،كشف الغمة2: 228،مقاتل الطالبيين:499، تاريخ بغداد13: 28،سير أعلام النبلاء6: 271) وذكرت الرواة: أنّه كان يصل بالمائتي دينار إلى ثلاثمائة دينار، وكانت صرار موسى مثلاً(إرشاد المفيد2: 234،المناقب لابن شهرآشوب4: 318،كشف الغمة2: 229،مقاتل الطالبيين:499،تاريخ بغداد13: 28،وفيات الأَعيان5: 308،سير أعلام النبلاَء6: 271).
عـلمــه
وذكروا : أنّ الرشيد لما خرج إلى الحجّ وقرب من المدينة استقبله وجوه أهلها يقدمهم موسى بن جعفر على بغلة، فقال له الربيع: ما هذه الدابّة التي تلقّيت عليها أمير المؤمنين، وأنت إن طلبت عليها لم تدرك وإن طلبت لم تفت؟ فقال : «إنّها تطأطأت عن خيلاء الخيل وارتفعت عن ذلّة العير، وخير الأمور أوسطها»(إرشاد المفيد2: 234،روضة الواعظين:215،المناقب لابن شهرآشوب4: 320،كشف الغمة2: 229،وباختلاف يسير في:أعلام الدين:306،مقاتل الطالبيين:500).
قالوا: ولمّا دخل هارون المدينة وزار النبيّ صّلى الله عليه وآله وسلّم قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا ابن عمّ، مفتخراً بذلك على غيره. فتقدّم أبو الحسن وقال: «السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبه» فتغيّر وجه الرشيد وتبيّن فيه الغضب(إرشاد المفيد2: 234،كنز الفوائد1: 356،المناقب لابن شهرآشوب4: 320،كشف الغمة2: 229، تاريخ بغداد13: 31،تذكرة الخواص:314،كفاية الطالب:457،وفيات الأَعيان5: 309،سير أعلام النبلاء6: 273،البداية والنهاية5: 183).
وروى الشريف الأَجلّ المرتضى ـ قدس الله روح ـ عن أبي عبيدالله المرزبانيّ، مرفوعاً إلى أيّوب بن الحسين الهاشميّ قال: كان نفيع رجلاً من الأَنصار حضر باب الرشيد ـ وكان عريضاً ـ وحضر معه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وحضر موسى بن جعفر على حمار له، فتلّقاه الحاجب بالبشر والإِكرام، وأعظمه من كان هناك، وعجّل له الإِذن، فقال نفيع لعبد العزيز: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم، يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير، أما لئن خرج لأسوءنّه ، قال له عبدالعزيز: لا تفعل، فإن هؤلاء أهل بيت قلّ من تعرّض لهم في خطاب إلاّ وسموه في الجواب سمه يبقى عارها عليه مدى الدهر. قال: وخرج موسى فقام إليه نفيع الأَنصاري فأخذا بلجام حماره، ثمّ قال: من أنت؟ فقال: «يا هذا، إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله ابن اسماعيل ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله عزّ وجلّ على المسلمين وعليك ـ إن كنت منهم ـ الحجّ إليه، وإن كنت تريد المفاخرة فوالله ما رضي مشركو قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حتّى قالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، وإن كنت تريد الصيت والاسم فنحن الذين أمر الله تعالى بالصلاة علينا في الصلوات المفروضة بقول: (اللهم صلّ على محمد وآل محمد) فنحن آل محمد، خلّ عن الحمار». فخلّى عنه ويده ترعد، وانصرف بخزي، فقال له عبدالعزيز: ألم أقل لك؟!(أمالي المرتضى1: 274،المناقب لابن شهرآشوب4: 316،أعلام الدين:305،دلائل الإمامة:156).
وروى أبو زيد قال: أخبرنا عبدالحميد قال: سأل محمد بن الحسن أبا الحسن موسى بمحضر من الرشيد ـ وهم بمكّة ـ فقال له: هل يجوز للمحرم أن يظلّل على نفسه ومحمله؟ فقال: «لا يجوز له ذلك مع الاختيار». فقال محمد بن الحسن : أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختاراً؟ قال: «نعم». فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك، فقال له أبو الحسن : «أتعجب من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وتستهزىَ بها!! إنّ رسول الله كشف ظلاله في إحرامه ومشى تحت الظلال وهو محرم، إنّ أحكام الله تعالى يا محمد لا تقاس، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضلّ عن سواء السبيل. فسكت محمد بن الحسن ولم يجر جواباً(إرشاد المفيد2: 235،روضة الواعظين:216،المناقب لابن شهرآشوب4: 314،كشف الغمة2: 230).
حفظـه لكتـاب الله
وكان أحفظ الناس بكتاب الله تعالى وأحسنهم صوتاً به، وكان إذا قرأ يحزن ويبكي ويبكي السامعون لتلاوته، وكان الناس بالمدينة يسمّونه زين المتهجّدين(إرشاد المفيد2: 235،روضة الواعظين:216،المناقب لابن شهرآشوب4: 318،كشف الغمة2: 230).
فـي شـأن أمّـه
ومن باهر خصائصه ما وردت به الآثار في شأن أمه، وذلك ما أخبرني به المفيد عبدالجبّار بن علي الرازي رحمه الله، إجازة، قال: أخبرنا الشيخ أبو جعفر الطوسي قال: أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أبي علي أحمد بن جعفر البزوفريّ، عن حميد بن زياد، عن العبّاس بن عبيدالله ابن أحمد الدهقان، عن إبراهيم بن صالح الأَنماطي، عن محمد بن الفضل وزياد بن النعمان وسيف بن عميرة، عن هشام بن أحمر قال: أرسل إليّ أبو عبدالله في يوم شديد الحرّ، فقال لي: «اذهب إلى فلان الأفريقي فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا، ومن صفتها كذا». فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده، فلم أر ما وصف لي، فرجعت إليه فأخبرته فقال: «عد إليه فإنّها عنده». فرجعت إلى الأفريقي، فحلف لي ما عنده شيء إلاّ وقد عرضه علي، ثمّ قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليس ممّا يعترض، فقلت له: اعرضها علي، فجاء بها متوكّئة على جاريتين تخطّ برجليها الأَرض، فأرانيها فعرفت الصفة، فقلت: بكم هي؟ فقال لي: اذهب بها إليه فيحكم فيها، ثم قال لي: قد والله أردتها منذ ملكتها فما قدرت عليها، ولقد أخبرني الذي اشتريتها منه عند ذلك أنّه لم يصل إليها، وحلفت الجارية أنّها نظرت إلى القمر وقع في حجرها. فأخبرت أبا عبدالله بمقالتها، فأعطاني مائتي دينار فذهبت بها إليه فقال الرجل: هي حرّة لوجه الله تعلى إن لم يكن بعث إليّ بشرائها من المغرب. فأخبرت أبا عبدالله بمقالته، فقال أبو عبدالله : «يا ابن أحمر أما أنّها تلد مولوداً ليس بينه وبين الله حجاب»(أمالي الطوسي2: 331،ونحوه في:دلائل الإمامة:148).
وقدروى الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب (الإِرشاد) مثل هذا الخبر مسنداً إلى هشام بن الأَحمر أيضاً، إلاّ أنّ فيه: إن أبا الحسن موسى أمره ببيع هذه الجارية، وإنّها كانت أمّ الرضا (إرشاد المفيد2: 254،وكذا في: الكافي1: 406|1،عيون أخبار الرضا 1: 17|4،الاختصاص:197،إثبات الوصية:170،كشف الغمة2: 244و272،دلائل الإمامة:175).
الكـاظـم
وسمّي بالكاظم لما كظمه من الغيظ، وتصبّره على ما فعله الظالمون به، حتّى مضى قتيلاً في حبسهم(إرشاد المفيد2: 235،المناقب لابن شهرآشوب4: 235).
تعليق