المرجعية الدينية العليا ... إمتداد للإمامة الحقة
كما إن النظام الذي وضعه أهل البيت (سلام الله عليهم) لتنظيم اتباعهم يرتكز على هذه القاعدة، فإن الإمام في زمن حضوره وشهوده وأن لم تكن بيده السلطة ولا يكون مبسوط اليد في القدرة إلا أنه مع ذلك كله لا بد فيه من توفر هذه الخصوصيات ويتحمل أيضاً هذه المسؤوليات والواجبات وله هذه الحقوق ولكن بالقدر الذي تسمح به الظروف المعاشة له ولأتباع وموالي أهل البيت عليهم السلام التي يتولى شؤونها وتتناسب الواجبات والحقوق في السعة والضيق مع هذه الظروف المتاحة.
وأما في عصر الغيبة فأن المجتهد الجامع للشرائط هو الذي يقوم بهذا الدور باعتباره الوريث الطبيعي للأنبياء والأئمة (سلام الله عليهم) لأنهم لم يورثوا ذهباً ولا فضة ولا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا شيئاً من العلم والحكمة، عن رسول الله (صلوات الله عليه وإله) العلماء مصابيح الأرض وحلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء.
وعن أبي عبد الله (سلام الله عليه) قال: إن العلماء ورثة الأنبياء....وذلك لأن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشيء منها فقد أخذا حظاً وافراً فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً ينفون عنه تزييف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وروي عن الإمام الحسين (سلام الله عليه) قوله: مجاري الأمور والحكام بيد العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه.
فالأمة وبحكم تكليفها الشرعي ترجع إلى علماء الدين في مسائلها الحياتية في العبادات والمعاملات، وتأخذ الحكم في مستجدات الأمور منهم، وفي المواقف الحرجة تنظر صوب المرجعية الدينية لترى ما يصدر عنها خدمة للصالح العام والحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية.
والعراق بصورة عامة عاش هذه المرحلة الصعبة من حياته بسبب توالي سلطة الجور والطغيان على حكمه وظلمه لعقود من الزمن وما خلفه ذلك من تدمير وقتل لأبناء الشعب وتدميرا لمعالمه الدينية كما حصل للعتبات المقدسة حيث دمرت وهدمت ونهبت وإهملت طيلة فترة حكم اللأنظام المقبور، ولكنها إستعادت مجدها وباتت اليوم تشهد ثورة عمرانية بسبب الإشراف والتوجيه والرعاية الحقيقية من قبل المرجعية الدينية العليا حفظها الله من كل مكروه.
تعليق