بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
أسرار البلاء وأسبابه
إنَّ معرفة أسرار وأسباب البلاء تسهِّل على المؤمن الصبر وتقوّي العزيمة لديه. ولهذه الغاية نذكر خلاصة هذه الوجوه مع ذكر بعض الروايات، ثمّ نذكر بعد هذا فوائد الصبر وثوابه عند الله تعالى وما ذُكِر فيه عن طريق رسول الله وأهل بيته عليهم السلام.
1- البلاء عقوبة:
عندما يعرض لك بلاء ومصيبة تَفكَّر في أنّه قد تكون أنت السبب فيكون هذا البلاء عقاباً لك على بعض المعاصي الّتي اقترفتها. قال تعالى:﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾1.
ومع هذا فالله تعالى يعفو عن كثير ولا يأخذنا بكلّ ذنوبنا لكرمه وجوده ورحمته. قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾2.
2- امتحان وابتلاء:
إنّ الهدف من خلق الإنسان في الحياة الدنيا هو الامتحان والاختبار، وهذا لا يتمّ إلّا بالبلاء والفتنة ليميز الله المؤمن من الكافر والصابر من الجازع والخبيث من الطيّب، ليلتحق كلٌّ بالعالم الّذي يناسبه. قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾3.
3- لعلّه خير:
لا بدّ أن تعلم أنّه ليس كلّ بلاء في الدنيا هو شرّ ونقمة عليك، بل قد يكون خيراً لك ولكن لعدم إحاطتك بكّل شيء لا سيّما في مستقبل الأمور قد تظنّ أنّه شرّ لك وفي الواقع هو خير. قال تعالى:﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾4 ، لا سيّما إن كنت متوكّلاً في كلّ أمورك وشؤونك على الله، قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾5.
4- إيقاظ وتنبيه:
لعلّ الله تعالى وجدك غافلاً عن آخرتك وغارقاً في الدنيا وملهياتها، فأراد لحبّه لك أن يوقظك من غفلتك ويذكّرك به تعالى، كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : "إذا أراد الله عزَّ وجلَّ بعبد خيراً فأذنب ذنباً تبعه بنقمة ويذكّره الاستغفار، وإذا أراد الله عزَّ وجلَّ بعبد شرّاً فأذنب ذنباً تبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى به..."6.
ونسيان ذكر الله والإخلاد للدنيا أعظم بلاء على ابن آدم، لأنّه يوجب حرمان الجنّة وحرمان رضوان الله وجوار رسوله وأهل بيته عليهم السلام. ولذلك روي عن الإمام عليّ عليه السلام : "ما ابتلى الله أحداً بمثل الإملاء له."7."أي الإهمال والاستدراج للمعصية.
5- تطهير من الذنب:
لعلّ الله تعالى ابتلاك ليعاقبك على ما اقترفت في الدنيا. ولحبّه تعالى لك يريد أن يطهّرك قبل رحيلك من الذنوب الّتي لا تستطيع تحمّل عقابها في الآخرة مهما قلَّ وقصرت مدّته.
ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال ليونس: "يا يونس إنّ المؤمن أكرم على الله تعالى من أن يمرّ عليه أربعون يوماً لا يمحّص فيها من ذنوبه ولو بغمّ يصيبه لا يدري ما وجهه... فيكون ذلك حطّاً لبعض ذنوبه"8
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام : "صداع ليلة يحطّ كلّ خطيئة إلّا الكبائر"9.
وعن الامام الباقر عليه السلام "إنّ الله عزَّ وجلَّ إذا كان من أمره أن يكرم عبداً وله ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل به ذلك شدَّد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب، قال: وإذا كان من أمره أن يهين عبداً وله عنده حسنةصحّح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسّع عليه في رزقه، فإن هو لم يفعل ذلك به هوَّن عليه الموت ليكافيه بتلك الحسنة"10
وعنه عليه السلام أيضاً: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خديجة عليها السلام لمَّا مات ابنها القاسم فقال صلى الله عليه وآله وسلم : "إن الله تعالى أحكَم وأكرم من أن يسلب المؤمن ثمرة فؤاده ثمّ يعذّبه بعدها أبداً"11.
6- أجر وثواب:
إذا ما عُرِّض ابن آدم للبلاء ولم يكن عقوبة له على معاصيه أو تمحيصاً له من ذنوبه أو تذكيراً له بربّه، أو لمصلحة له في الدنيا، هل يعوِّض له الله يوم القيامة بالأجر والثواب عمّا عاناه في الدنيا، أم إنّ الأجر والثواب لا يكون إلّا على الأفعال الاختيارية والعبادية؟
لو نظرنا إلى صفات الله وأسمائه الحسنى وغضضنا النظر عن الآيات والروايات، لجزمنا بهذا العطاء والتعويض يوم القيامة. فهو الجواد الكريم الرحيم المتفضِّل الّذي ابتدأنا بالنعم من دون طلب أو سؤال، الّذي لا تزيده كثرة العطاء إلّا جوداً وكرماً. ومع هذا فقد صرَّحت روايات المعصومين عليهم السلام بهذه الحقيقة.
ففي وصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للإمام عليّ عليه السلام : "يا عليّ أنين المؤمن تسبيح وصياحه تهليل..."12.
وفي رواية: كتب رجل إلى الإمام الجواد عليه السلام يشكو إليه مصابه بولده وشدّة ما دخله، فكتب له عليه السلام : "أما علمت أنّ الله عزَّ وجلَّ يختار من مال المؤمن ومن ولده أنفسه ليأجره على ذلك؟"13.
فإن كنت مصاباً بهذا المصاب ودخلك ما دخل هذا الرجل، فأرِح نفسك وأسعدها بما ادَّخر الله لك من الثواب العظيم. وارجُ - ثقة منك بالله تعالى - لعزيزك وفقيدك أعظمَ أجرٍ، وأهنأ دارٍ ومقامٍ عند ربّك وفي جوار رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الميامين الأطهار، والله عندَ حسن ظنّ عبده المؤمن.
7- يحبّب لقاء الله:
البلاء في بعض الروايات يحبِّب لقاء الله تعالى؛ لأنّ الدنيا إن صفت للإنسان ولم تتكدّر عليه قد لا يحبّ مفارقتها أبداً فيبغض لقاء الله تعالى الّذي ينتزعه من أحضان من أحبَّ وعشِق.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
أسرار البلاء وأسبابه
إنَّ معرفة أسرار وأسباب البلاء تسهِّل على المؤمن الصبر وتقوّي العزيمة لديه. ولهذه الغاية نذكر خلاصة هذه الوجوه مع ذكر بعض الروايات، ثمّ نذكر بعد هذا فوائد الصبر وثوابه عند الله تعالى وما ذُكِر فيه عن طريق رسول الله وأهل بيته عليهم السلام.
1- البلاء عقوبة:
عندما يعرض لك بلاء ومصيبة تَفكَّر في أنّه قد تكون أنت السبب فيكون هذا البلاء عقاباً لك على بعض المعاصي الّتي اقترفتها. قال تعالى:﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾1.
ومع هذا فالله تعالى يعفو عن كثير ولا يأخذنا بكلّ ذنوبنا لكرمه وجوده ورحمته. قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾2.
2- امتحان وابتلاء:
إنّ الهدف من خلق الإنسان في الحياة الدنيا هو الامتحان والاختبار، وهذا لا يتمّ إلّا بالبلاء والفتنة ليميز الله المؤمن من الكافر والصابر من الجازع والخبيث من الطيّب، ليلتحق كلٌّ بالعالم الّذي يناسبه. قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾3.
3- لعلّه خير:
لا بدّ أن تعلم أنّه ليس كلّ بلاء في الدنيا هو شرّ ونقمة عليك، بل قد يكون خيراً لك ولكن لعدم إحاطتك بكّل شيء لا سيّما في مستقبل الأمور قد تظنّ أنّه شرّ لك وفي الواقع هو خير. قال تعالى:﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾4 ، لا سيّما إن كنت متوكّلاً في كلّ أمورك وشؤونك على الله، قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾5.
4- إيقاظ وتنبيه:
لعلّ الله تعالى وجدك غافلاً عن آخرتك وغارقاً في الدنيا وملهياتها، فأراد لحبّه لك أن يوقظك من غفلتك ويذكّرك به تعالى، كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : "إذا أراد الله عزَّ وجلَّ بعبد خيراً فأذنب ذنباً تبعه بنقمة ويذكّره الاستغفار، وإذا أراد الله عزَّ وجلَّ بعبد شرّاً فأذنب ذنباً تبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى به..."6.
ونسيان ذكر الله والإخلاد للدنيا أعظم بلاء على ابن آدم، لأنّه يوجب حرمان الجنّة وحرمان رضوان الله وجوار رسوله وأهل بيته عليهم السلام. ولذلك روي عن الإمام عليّ عليه السلام : "ما ابتلى الله أحداً بمثل الإملاء له."7."أي الإهمال والاستدراج للمعصية.
5- تطهير من الذنب:
لعلّ الله تعالى ابتلاك ليعاقبك على ما اقترفت في الدنيا. ولحبّه تعالى لك يريد أن يطهّرك قبل رحيلك من الذنوب الّتي لا تستطيع تحمّل عقابها في الآخرة مهما قلَّ وقصرت مدّته.
ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال ليونس: "يا يونس إنّ المؤمن أكرم على الله تعالى من أن يمرّ عليه أربعون يوماً لا يمحّص فيها من ذنوبه ولو بغمّ يصيبه لا يدري ما وجهه... فيكون ذلك حطّاً لبعض ذنوبه"8
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام : "صداع ليلة يحطّ كلّ خطيئة إلّا الكبائر"9.
وعن الامام الباقر عليه السلام "إنّ الله عزَّ وجلَّ إذا كان من أمره أن يكرم عبداً وله ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل به ذلك شدَّد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب، قال: وإذا كان من أمره أن يهين عبداً وله عنده حسنةصحّح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسّع عليه في رزقه، فإن هو لم يفعل ذلك به هوَّن عليه الموت ليكافيه بتلك الحسنة"10
وعنه عليه السلام أيضاً: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خديجة عليها السلام لمَّا مات ابنها القاسم فقال صلى الله عليه وآله وسلم : "إن الله تعالى أحكَم وأكرم من أن يسلب المؤمن ثمرة فؤاده ثمّ يعذّبه بعدها أبداً"11.
6- أجر وثواب:
إذا ما عُرِّض ابن آدم للبلاء ولم يكن عقوبة له على معاصيه أو تمحيصاً له من ذنوبه أو تذكيراً له بربّه، أو لمصلحة له في الدنيا، هل يعوِّض له الله يوم القيامة بالأجر والثواب عمّا عاناه في الدنيا، أم إنّ الأجر والثواب لا يكون إلّا على الأفعال الاختيارية والعبادية؟
لو نظرنا إلى صفات الله وأسمائه الحسنى وغضضنا النظر عن الآيات والروايات، لجزمنا بهذا العطاء والتعويض يوم القيامة. فهو الجواد الكريم الرحيم المتفضِّل الّذي ابتدأنا بالنعم من دون طلب أو سؤال، الّذي لا تزيده كثرة العطاء إلّا جوداً وكرماً. ومع هذا فقد صرَّحت روايات المعصومين عليهم السلام بهذه الحقيقة.
ففي وصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للإمام عليّ عليه السلام : "يا عليّ أنين المؤمن تسبيح وصياحه تهليل..."12.
وفي رواية: كتب رجل إلى الإمام الجواد عليه السلام يشكو إليه مصابه بولده وشدّة ما دخله، فكتب له عليه السلام : "أما علمت أنّ الله عزَّ وجلَّ يختار من مال المؤمن ومن ولده أنفسه ليأجره على ذلك؟"13.
فإن كنت مصاباً بهذا المصاب ودخلك ما دخل هذا الرجل، فأرِح نفسك وأسعدها بما ادَّخر الله لك من الثواب العظيم. وارجُ - ثقة منك بالله تعالى - لعزيزك وفقيدك أعظمَ أجرٍ، وأهنأ دارٍ ومقامٍ عند ربّك وفي جوار رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الميامين الأطهار، والله عندَ حسن ظنّ عبده المؤمن.
7- يحبّب لقاء الله:
البلاء في بعض الروايات يحبِّب لقاء الله تعالى؛ لأنّ الدنيا إن صفت للإنسان ولم تتكدّر عليه قد لا يحبّ مفارقتها أبداً فيبغض لقاء الله تعالى الّذي ينتزعه من أحضان من أحبَّ وعشِق.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هبط جبريل عليه السلام في أحسن صورة فقال: يا محمّد: الحقّ يقرئك السلام ويقول لك: "إنّي أوحيت إلى الدنيا أن تمرّري وتكدّري وتضيّقي وتشدّدي على أوليائي حتّى يحبّوا لقائي، وتيسّري وتسهّلي وتطيّبي لأعدائي حتّى يبغضوا لقائي، فإنّي جعلت الدنيا سجناً لأوليائي وجنّة لأعدائي14.
-------------------------------
-------------------------------
1-آل عمران:165.
2-الشورى:30.
3-آل عمران:142.
4-البقرة:216.
5-الطلاق:3.
6-بحار الأنوار، ج70، ص 387.
7-نهج البلاغة، ج4، ص28.
8-مستدرك الوسائل، ج2،ص60.
9-ثواب الأعمال، 193.
10-الكافي، ج2، ص444.
11-م. ن، ج3، ص318.
12-الوسائل، ج2، ص400.
13-الكافي، ج3، ص218.
14-البحار، ج78، ص194.
تعليق