شهداء العقيلة فرسان العقيدة
بقلم |مجاهد منعثر منشد
يقول امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام ):ـ إن أكرم الموت القتل!والذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش في غير طاعة الله .
في مقال سابق عرفنا الشهادة بانها ذروة الرقي والتكامل في المسيرة الإنسانية .. فهي الوعي والاختيار وخلو الانسان من ميوله الذاتية ..وهي لباس التقوى .و عمل بطولي يبعث على الإعجاب والإفتخار.
وان الشهادة تكسب قداستها من صفتها التضحوية الواعية على طريق الهدف المقدس.
والإستشهاد، هو الموت الذي يتجه نحوه القتيل تحقيقا لهدف مقدس إنساني، أو (في سبيل الله )، على حد التعبير القرآني، مع ما يحتمله أو يظنه أو يعلمه من أخطار في طريقه .
وروح الشهيد عند الله تعالى لها درجات عالية جدا ,فنتيجة حبه لله عزوجل وعشقه للخالق يريد لقاء ربه باسلوب يرضها سبحانه ,ولذلك من الدرجات الممنوحة للشهداء انهم امراء الجنة .
واذا اردنا تقدير حالة الشهيد نجد الفرق واضح بينه وبين من يتوفى على الفراش ,فغير الشهداء ممن يتوفاهم الاجل المحتوم تطبق عليهم الاحكام الشرعية من غسل تلك الاجساد ووضع الكفن عليها لتذهب وهي طاهرة ,ولكن اجساد الشهداء تستثنى من هذه الاحكام ,فالشهيد يدفن بدمه وملابسه كون درجته عند الله تبارك وتعالى عالية جدا حتى بلغت من السمو والطهارة بأن آثارها على جسد الشهيد وعلى دمه، بل وحتى على ما يرتديه من لباس ,فروح الشهيد الطاهرة مع علو فكره وسمو تضحيته جعلت جسده ولباسه يكتسب الشرف من طهر روحه.
ان الشهيد كالشمعة التي تحترق وتفنى لتضئ الطريق للآخرين..
وبشهادته يبعث الروح في القيم الإنسانية الميتة أي الاشتعال والإضاءة, الانصهار والانحلال في جسم المجتمع من أجل بعث الحياة في هذا الجسم.
و يكتسب الشهيد صفة الخلود عن طريق تقديم كل وجوده وحياته .. لا عن طريق تقديم جزء من وجوده وشخصيته، كما يفعل غيره من الخالدين .
وشهداء العقيلة السيدة زينب بنت امير المؤمنين (عليه السلام) قدموا وجودهم وحياتهم من أجل حماية مرقد السيدة المقدسة .
ولم يذهبوا من اجل مبلغ مالي ,أو يرجو الشهرة ,فلا معنى للشهرة اذا فقد الانسان حياته .
وعملهم لم يكن هدفه طلب الجاه او المنصب الدنيوي ,وأنما الهدف المذكور اعلاه (حماية المرقد الطاهر ) الذي هو من أهم مقدسات العقيدة ,فمن خلال هذه الحماية ووجود هذا الاثر الخالد يستطيع اتباع العقيدة زيارته بكل امان ,فالزيارة والوصول لضريح السيدة زينب (عليها السلام) كانت بسبب تضحيات فرسان العقيدة الذين استشهدوا وهم يلوذون بدفاعهم المقدس ,فقدموا دمائهم الطاهرة واجسادهم قربانا لله تعالى من اجل الهدف والغاية .
وهذا موقف عملي وبطولي كبير لايتوفق له كل انسان ,فقد ذهب من رجال العقيدة الكثير لكن تقديرهم ليس كتقدير الشهيد ,فالاحياء منهم من نال وسام عن طريق اصابته واخرين بذلوا جهودا كبيرة ,لكنهم لم يستشهدوا اما بسبب انهم كانوا يريدون تقديم ارواحهم كهدية لله تعالى بعد ان يتعبوا الاعداء في الوصول اليهم ,أو لديهم بعض الذنوب التي لاتؤهلهم للشهادة ,فكانت حجاب وحجز ,أو انهم في حالة اعداد لزمان ووقت ومكان اخر ليس في ذلك المكان ,فمن يقدر وقت استشهادهم هو الله تبارك وتعالى .
فعليهم الاخلاص والدعاء لينالوا درجة أخوتهم الشهداء .
أن موقف الشهيد يحدد مستقبل شخص نذر نفسه من أجل عقيدته ,فالمستقبل المقصود هو اللقاء مع الله سبحانه وتعالى وهو راضي عن هذا الموقف ,فموقف الشهيد وجهاده من اجل القضية العادلة يستحق ان نحني له اجلالا وتقديرا وتعظيما لما قدمه من موقف .
وليعلم كل جنود العقيلة السيدة زينب سواء الرجال الذين ذهبوا لحماية مرقدها الطاهر او من كان ينوي ذلك لكنه لم يوفق بان كل عقيدة مجدها وعظمتها وعزتها يتوقف على مواقف رجالها من القضية ,فاذا كانت تلك العقيدة صادقة سوف يلاحظ ماقدم ويقدم رجالها من ضحايا كقرابين لله عزوجل.
وذلك يعني بان الذين ذهبوا ولم يوفقوا للشهادة ومن كانت نيته الذهاب ولم يوفق عليهم بالدعاء لينالوا الشهادة وحتما فان كل صادق في دعاءه لابد وان تتاح له تلك الفرصة الثمينة.
ولكي يكون اتباع العقيدة من فرسانها لابد لهم أن يبتعدوا عن زخارف الدنيا والتعلق فيها ,فمن يريد مقاومة اعداء العقيدة عليه ان يجند نفسه لحماية كيان رموز العقيدة المتمثلين في المرجعيات الدينية المعروفة ,فهنالك خطر وتهديد مستمر يريد القضاء على الحوزات العلمية والمراجع الاعلام.
وهذا الخطر والتهديد يحتاج الى وجود مقاومة لاتكون اكبر همها السياسة أو الوصول للمناصب ,وانما عملها المتواصل لمدة 24ساعة هو حماية العقيدة (العتبات المقدسة في كل مكان , رموز العقيدة (المراجع ) ,حماية اتباع العقيدة من الافكار الضالة وعملاء العدو الذين يتلبسون بزي وغطاء المرجعيات عن طريق القضية المهدوية ,فهؤلاء المدعين لاوجود لصحة ادعائهم بانهم مراجع ,وهم خطر حقيقي على المذهب ,وهؤلاء تجندوا من قبل اجهزة مخابراتية عدوه للعقيدة الشيعية لاتراهم مع فرسان العقيدة لحماية مرقد العقيلة ,وتجدهم يعلنوا عداءهم عن طريق تشوية سمعة المرجعيات الدينية العليا ويطعنوا بكل مسألة تقرب الاتباع من المراجع العظام ).
قال الشهيد السيد عباس الموسوي (قدس سره) : دم الشهيد اذا سقط فبيد الله يسقط وحينما يسقط بيد الله فإنّه ينمو.
وهذا القول له وقفه كبيرة تحتاج الى تعمق ونظر ثاقب لتحليل عبارة (ينمو) فان مقدمة القول واضحة لكن العبرة بالنمو الى الاحياء .
فاي قضية تخص العقيدة عندما تتوقف او تنتهي مع وجود تضحيات فيها فهذا يشير الى ان تلك القضية انحرفت عن المسار او هي ليس لله تعالى .
وبالنسبة للمقصود من التوقف ليس الانتصار وانما انهيار القضية ,فالانهيار يدل على انها دنيوية .
وبما اننا فهمنا بعض الاشارات عن الشهيد والشهادة ,فعلينا ان نحدد هل ان دفاعنا عن مرقد العقيلة سينمو بدماء الشهداء ليكون مقاومة جديدة للعقيدة تشمل كل مايتعلق فيها ؟
أو نقول اننا عملنا وقدمنا شهداء وننتظر عودة العدو لنفس المكان ؟
فاذا كان منطقنا الاخير فان مقاومتنا توقفت عد هذا الحد الذي يشير الى الدنيا والتفاخر بالعمل دون النمو والاستمرار بشكل اوسع .
فالف سلاما للشهداء ورحمة الله وبركاته .
تعليق