بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
نهج البلاغة ونسبة الفشل لخصوم الامير صلوات الله عليه
9 - و من كلام له (عليه السلام) في صفته و صفة خصومه و يقال إنها في أصحاب الجمل: وَ قَدْ أَرْعَدُوا وَ أَبْرَقُوا وَ مَعَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْفَشَلُ وَ لَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ وَ لَا نُسِيلُ حَتَّى نُمْطِرَ.
وفي نص اخر :
37 - و من كلام له (عليه السلام) يجري مجرى الخطبة و فيه يذكر فضائله عليه السلام قاله بعد وقعة النهروان:
فَقُمْتُ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا وَ تَطَلَّعْتُ حِينَ تَقَبَّعُوا وَ نَطَقْتُ حِينَ تَعْتَعُوا، وَ مَضَيْتُ بِنُورِ اللَّهِ حِينَ وَقَفُوا، وَ كُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَ أَعْلَاهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا، وَ اسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا، كَالْجَبَلِ لَا تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَ لَا تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيَّ مَهْمَزٌ، وَ لَا لِقَائِلٍ فِيَّ مَغْمَزٌ، الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ، وَ الْقَوِيُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ، رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاءَهُ، وَ سَلَّمْنَا لِلَّهِ أَمْرَهُ، أَ تَرَانِي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)، وَ اللَّهِ لَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ، فَلَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ، فَنَظَرْتُ فِي أَمْرِي فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي، وَ إِذَا الْمِيثَاقُ فِي عُنُقِي لِغَيْرِي.
وفي نص ثالث :
93 - و من خطبة له (عليه السلام) و فيها ينبّه أمير المؤمنين على فضله و علمه و يبيّن فتنة بني أمية:
أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنِّي فَقَأْتُ عَيْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا وَ اشْتَدَّ كَلَبُهَا فَاسْأَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْ ءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ السَّاعَةِ وَ لَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي مِائَةً وَ تُضِلُّ مِائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ قَائِدِهَا وَ سَائِقِهَا وَ مُنَاخِ رِكَابِهَا وَ مَحَطِّ رِحَالِهَا وَ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلًا وَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً وَ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِي وَ نَزَلَتْ بِكُمْ كَرَائِهُ الْأُمُورِ وَ حَوَازِبُ الْخُطُوبِ لَأَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ وَ فَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسْئُولِينَ ...
وبعد هذه المقدمة اقول :
قال احدهم في الدرس 180 من ( تعارض الادلة ) وفي الدقيقة 43 ما لفظه :
"...مع الاسف الوقت انتهى ان شاء الله غدا يطالعون انا اشير اجمالا كيف ان عليا فشل، حتى ناخذه درسا اذا اردنا ان ننهض نعالج اسباب الفشل .." اهـ
ـ جاء ذلك تعليقا منه على عبارة العلايلي ( السني ) في كتابه ( الامام الحسين عليه السلام ) . وهي تذكرني بحديث الداعية المصري " عمرو خالد " عن فشل النبي صلى الله عليه واله ، بل لا تختلف عنها حتى في التوجيه فالمصري يبرر نسبته الفشل للنبي بدفع توهم مثالية افعال النبي صلى الله عليه واله وعدم امكان تطبيقها وصاحبنا يرى ان الهدف من معرفة فشل امير المؤمنين ـ على حد تعبيره ـ معالجة اسبابه وتداركها !
وعلى اي حال فلنا على ذلك وقفات :
اولا : هدف كتابة المقال .
ليكن معلوما اننا لسنا سبابين شتامين ولامن المهرجين المزاودين على عقائد الاخرين في الولاء لاهل بيت العصمة الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين ، وانما نهدف من كتابة هذه السطور ـ والله على ما نقول شهيد ـ الدفاع عما نراه اساءة ادب في حق امير المؤمنين عليه السلام لا ينبغي التماهل فيها او السكوت عنها فان صح السكوت عما صدر منه تجاه بعض الاعلام فلن يصح البتة في هذا المقام .
انه امير المؤمنين ولا ان نقيس به احدا ولا نسوي بينه وبين من جرت نعمته عليه ابدا .
ثانيا : الايرادات لا تدفع بالمرادات .
ان ما يمكن ان يقال دفاعا عن الرجل من انه اراد ان الاخرين افشلوا مشروع امير المؤمنين و لم يقصد الاساءة قد يكون صحيحا اجمالا الا ان الايرادات لا تدفع بالمرادات ، سيما ان عبارته تنص على اسناده الفشل للامير عليه السلام " ان عليا فشل " ! مما يعني انها جسارة واساءة ادب في حق الامير عليه السلام على الاقل في التعبير .
والا لجاز نسبة الفشل الى الله تعالى عن ذلك بداهة ان كثيرا مما وقع ويقع وسيقع خلافا لما اراده الله تعالى ـ تشريعا ـ
ثالثا : ثم ان المشكل في قوله اعلاه لا ينحصر باسناد الفشل الى الامير صلوات الله عليه فحسب فثمة جانب اخر لا يقل عن سابقه قبحا ان لم نقل انه اقبح واشنع وهو قوله : " ..حتى ناخذه درسا اذا اردنا ان ننهض نعالج اسباب الفشل .." !!
فيظهر ان الرجل يسعى لامتلاك كمالات بشرية يعالج بها اسباب الفشل كان امير المؤمنين فاقدا لها !! نعوذ بالله من هذا الضلال المبين .
رابعا : ان ما ورد في الدرس على لسانه لم يتم تفريغه مكتوبا في الموقع وهي خطوة جيدة وتشير الى الاقرار بالخطأ لكنها بحاجة الى خطوة شجاعة تتمثل في الاعتذار الى امير المؤمنين عليه السلام ، وختاما لا اجد نصا اذكّره به خير من مما ورد في الجامعة الكبيرة في اهل البيت صلوات الله عليهم :
(...وَأَمْرُكُمْ رُشْدٌ ... وَرَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ... )
تعليق