بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إن هناك رواية عن النبي (ص) تشير إلى أن كل عين باكية يوم القيامة.. عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: (قال رسول الله (ص): كلّ عينٍ باكيةٍ يوم القيامة إلاّ ثلاثة أعين: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ غضّت عن محارم الله، وعينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله).
أولاً: البكاء عبارة عن عملية تفاعل باطني، وإلا هذه الدموع لا قيمة لها في حد نفسها.. فلو أن امرأة تقشر بصلاً، وذرفت دموعاً غزيرة؛ فإن ذلك لا يحرك ساكناً في الرجل.. أما أن تبكي من دون سبب، فلابد أن يكون لهذه الدموع رصيد.. ولهذا أحدنا عندما يرى إنساناً باكياً، يدفعه الفضول تارة، والشفقة تارة أخرى، أن يعلم ما هو سبب البكاء.. فهذا شيء متعارف!..
ثانياً: إن يوم القيامة، هو يوم الحسرة والندامة: ما من إنسان -غير المعصومين- إلا وهو نادم يوم القيامة، فبمجرد أن يموت تبدأ ندامته: إن كان مطيعاً يندم لأنه لم يطع أكثر!.. وإن كان عاصياً يندم لأنه عصا!.. فإذن، الندامة لا تنفك من الناس، وهذه الندامة تبدأ من البرزخ، من أول ليلة في القبر، ولا تنتهي إلا عند دخول الجنة.. فرب العالمين يُنسي بني آدم المزعجات، {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}.. الغل مزعج في الجنة، وكذلك الحسرة مزعجة، والندامة مزعجة.. لذا هناك احتمال قوي جداً، أن رب العالمين ينسينا ذلك.
إن الكل متألم في ذلك اليوم، وعيونهم باكية، والبكاء بكاء متصل، ربما يستمر آلاف السنين.. ولكن هناك ثلاث عيون لا تبكي يوم القيامة:
(عينٌ بكت من خشية الله).. الحديث لم يقل: عين "تبكي" من خشية الله، لأن "تبكي" فعل مضارع، والمضارع يعني الاستمرارية؛ أي على الأقل مرة في النهار ومرة في الليل.. وهذا صعب جداً، والنبي (ص) يتكلم عن البشر لا عن الأنبياء أولي العزم.. وعليه، فإنه يكفي إجمالاً أن يبكي الإنسان من خشية الله عز وجل.. وهنا كلمة "الخشية" عبارة جداً غامضة، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}.. يستفاد من هذه الكلمة، أن هناك أمراً عظيماً، وهناك معرفة لمقام الربوبية.. والخوف شيء، والخشية شيء آخر.. فكثير من مرتكبي المعاصي قد يبكون أيضاً؛ فهل هذا الإنسان إنسان مقدس؟!.. حيث أنه من الطبيعي جداً أن يبكي الإنسان عندما يرتكب ذنباً!.. أما البكاء المقدس، لعله هنا البكاء من خشية الله -عز وجل- {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.. فالخوف من مقام الله -عز وجل-، والبكاء من المقام؛ فيه كل شيء: فيه حب، وفيه خوف، وفيه رجاء، وفيه رغبة؛ كل هذه الأمور تجتمع، فتولد في النفس خشية.
(وعينٌ غضّت عن محارم الله).. قد يكون المراد هنا الاستمرارية، وإلا الإنسان في يوم من الأيام يغضّ بصره؛ هذا قطعاً لا يكفي.. يجب أن يكون دأبه غضّ البصر عما حرّم الله عز وجل.. الكثير من الشباب هذه الأيام يشتكون من فتنة النساء، والعلاج أمر بسيط، ولكنه يحتاج إلى معرفة نظرية: فمن يعلم أن الإنسان وما فيه وما معه {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}؛ أي الجسم مملوك لله عز وجل، والروح مملوكة لله عز وجل؛ يصبح الأمر بسيطاً.. وبالتالي، فإن العين قطعة من الجسم، فهذه العين خلقها الله -عز وجل- ثم قال: يا مخلوقي، لا تنظر إلى مخلوقي هذا.. فأنت مملوك، وهذه الفتاة مملوكة، والعين مملوكة له عز وجل.. يسمح للإنسان أن ينظر إلى الطبيعة، وإلى الزوجة، ولكن هذه الأجنبية يحرم النظر إليها.
ما الفضل في غضّ النظر، وهل هذا يحتاج إلى مجاهدة عظيمة؟.. إن الذي عنده هذه المعرفة النظرية، لا يحتاج إلى معرفة كثيرة.. مثلاً: هناك إنسان يريد أن يدخل إلى بستان أحدهم، ليأكل فاكهة: فإذا كان لا يفهم أن هذا بستان الغير، بل يعتقد أن هذا بستانه هو، لذا إذا طُلب منه عدم أكل هذه التفاحة، قد يقتنع وقد لا يقتنع.. ولكن عندما يعلم أنه معتدٍّ، وأن هذا بستان الغير، وأنه إذا دخل البستان سيُضرب؛ عندئذٍ ينتهي الأمر، ولا يحتاج إلى زجر لترك التفاحة.. والإنسان كذلك يزجر نفسه عن النظر إلى النساء، ولكن بكلمة واحدة عندما يقول: هذه العين هي ملك الله -عز وجل- وصاحب العين لا يرضى بهذا النظر؛ فإنه بذلك لا يمكن أن تأتيه شهوة النساء، ولا يحتاج بعدها إلى مجاهدة.
(وعينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله).. من مصاديق العين الساهرة في سبيل الله -عز وجل- المرابطون على ثغور المسلمين، يسهرون الليل؛ لئلا يباغتهم العدو.. ولكن ما المانع أن يتوسع المعنى؟.. مثلاً: من يسهر على قراءة مسائل شرعية، أو قراءة القرآن الكريم، أو التفسير؛ أي أنه يتعلم العلم في الليل.. أو من يجلس على سرير أبيه المريض في المستشفى، في غرفة الإنعاش.. أو من يأخذ أخاه المؤمن في جوف الليل إلى المستشفى؛ أليس كل هذه الأعمال سهراً في سبيل الله عز وجل!.. كل هذه إذا صدقت النية، سهر في سبيل الله عز وجل.. ولهذا في رواية طريفة قال رسول الله (ص): (لا سهر إلا في ثلاث: متهجد بالقرآن، وفي طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها).. إذا سهر الإنسان مع زوجته، ليخفف من آلامها الروحية؛ كأن يكون لها هم وغم؛ هذا أيضا من مصاديق: (عين سهرت في سبيل الله).
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إن هناك رواية عن النبي (ص) تشير إلى أن كل عين باكية يوم القيامة.. عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: (قال رسول الله (ص): كلّ عينٍ باكيةٍ يوم القيامة إلاّ ثلاثة أعين: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ غضّت عن محارم الله، وعينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله).
أولاً: البكاء عبارة عن عملية تفاعل باطني، وإلا هذه الدموع لا قيمة لها في حد نفسها.. فلو أن امرأة تقشر بصلاً، وذرفت دموعاً غزيرة؛ فإن ذلك لا يحرك ساكناً في الرجل.. أما أن تبكي من دون سبب، فلابد أن يكون لهذه الدموع رصيد.. ولهذا أحدنا عندما يرى إنساناً باكياً، يدفعه الفضول تارة، والشفقة تارة أخرى، أن يعلم ما هو سبب البكاء.. فهذا شيء متعارف!..
ثانياً: إن يوم القيامة، هو يوم الحسرة والندامة: ما من إنسان -غير المعصومين- إلا وهو نادم يوم القيامة، فبمجرد أن يموت تبدأ ندامته: إن كان مطيعاً يندم لأنه لم يطع أكثر!.. وإن كان عاصياً يندم لأنه عصا!.. فإذن، الندامة لا تنفك من الناس، وهذه الندامة تبدأ من البرزخ، من أول ليلة في القبر، ولا تنتهي إلا عند دخول الجنة.. فرب العالمين يُنسي بني آدم المزعجات، {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}.. الغل مزعج في الجنة، وكذلك الحسرة مزعجة، والندامة مزعجة.. لذا هناك احتمال قوي جداً، أن رب العالمين ينسينا ذلك.
إن الكل متألم في ذلك اليوم، وعيونهم باكية، والبكاء بكاء متصل، ربما يستمر آلاف السنين.. ولكن هناك ثلاث عيون لا تبكي يوم القيامة:
(عينٌ بكت من خشية الله).. الحديث لم يقل: عين "تبكي" من خشية الله، لأن "تبكي" فعل مضارع، والمضارع يعني الاستمرارية؛ أي على الأقل مرة في النهار ومرة في الليل.. وهذا صعب جداً، والنبي (ص) يتكلم عن البشر لا عن الأنبياء أولي العزم.. وعليه، فإنه يكفي إجمالاً أن يبكي الإنسان من خشية الله عز وجل.. وهنا كلمة "الخشية" عبارة جداً غامضة، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}.. يستفاد من هذه الكلمة، أن هناك أمراً عظيماً، وهناك معرفة لمقام الربوبية.. والخوف شيء، والخشية شيء آخر.. فكثير من مرتكبي المعاصي قد يبكون أيضاً؛ فهل هذا الإنسان إنسان مقدس؟!.. حيث أنه من الطبيعي جداً أن يبكي الإنسان عندما يرتكب ذنباً!.. أما البكاء المقدس، لعله هنا البكاء من خشية الله -عز وجل- {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.. فالخوف من مقام الله -عز وجل-، والبكاء من المقام؛ فيه كل شيء: فيه حب، وفيه خوف، وفيه رجاء، وفيه رغبة؛ كل هذه الأمور تجتمع، فتولد في النفس خشية.
(وعينٌ غضّت عن محارم الله).. قد يكون المراد هنا الاستمرارية، وإلا الإنسان في يوم من الأيام يغضّ بصره؛ هذا قطعاً لا يكفي.. يجب أن يكون دأبه غضّ البصر عما حرّم الله عز وجل.. الكثير من الشباب هذه الأيام يشتكون من فتنة النساء، والعلاج أمر بسيط، ولكنه يحتاج إلى معرفة نظرية: فمن يعلم أن الإنسان وما فيه وما معه {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}؛ أي الجسم مملوك لله عز وجل، والروح مملوكة لله عز وجل؛ يصبح الأمر بسيطاً.. وبالتالي، فإن العين قطعة من الجسم، فهذه العين خلقها الله -عز وجل- ثم قال: يا مخلوقي، لا تنظر إلى مخلوقي هذا.. فأنت مملوك، وهذه الفتاة مملوكة، والعين مملوكة له عز وجل.. يسمح للإنسان أن ينظر إلى الطبيعة، وإلى الزوجة، ولكن هذه الأجنبية يحرم النظر إليها.
ما الفضل في غضّ النظر، وهل هذا يحتاج إلى مجاهدة عظيمة؟.. إن الذي عنده هذه المعرفة النظرية، لا يحتاج إلى معرفة كثيرة.. مثلاً: هناك إنسان يريد أن يدخل إلى بستان أحدهم، ليأكل فاكهة: فإذا كان لا يفهم أن هذا بستان الغير، بل يعتقد أن هذا بستانه هو، لذا إذا طُلب منه عدم أكل هذه التفاحة، قد يقتنع وقد لا يقتنع.. ولكن عندما يعلم أنه معتدٍّ، وأن هذا بستان الغير، وأنه إذا دخل البستان سيُضرب؛ عندئذٍ ينتهي الأمر، ولا يحتاج إلى زجر لترك التفاحة.. والإنسان كذلك يزجر نفسه عن النظر إلى النساء، ولكن بكلمة واحدة عندما يقول: هذه العين هي ملك الله -عز وجل- وصاحب العين لا يرضى بهذا النظر؛ فإنه بذلك لا يمكن أن تأتيه شهوة النساء، ولا يحتاج بعدها إلى مجاهدة.
(وعينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله).. من مصاديق العين الساهرة في سبيل الله -عز وجل- المرابطون على ثغور المسلمين، يسهرون الليل؛ لئلا يباغتهم العدو.. ولكن ما المانع أن يتوسع المعنى؟.. مثلاً: من يسهر على قراءة مسائل شرعية، أو قراءة القرآن الكريم، أو التفسير؛ أي أنه يتعلم العلم في الليل.. أو من يجلس على سرير أبيه المريض في المستشفى، في غرفة الإنعاش.. أو من يأخذ أخاه المؤمن في جوف الليل إلى المستشفى؛ أليس كل هذه الأعمال سهراً في سبيل الله عز وجل!.. كل هذه إذا صدقت النية، سهر في سبيل الله عز وجل.. ولهذا في رواية طريفة قال رسول الله (ص): (لا سهر إلا في ثلاث: متهجد بالقرآن، وفي طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها).. إذا سهر الإنسان مع زوجته، ليخفف من آلامها الروحية؛ كأن يكون لها هم وغم؛ هذا أيضا من مصاديق: (عين سهرت في سبيل الله).
الخلاصة:
أن كلّ عينٍ باكيةٍ يوم القيامة إلاّ ثلاث أعين:
- عينٌ بكت من خشية الله عز وجل.
- عينٌ غضّت عن محارم الله عز وجل.
- عينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله عز وجل.
أن كلّ عينٍ باكيةٍ يوم القيامة إلاّ ثلاث أعين:
- عينٌ بكت من خشية الله عز وجل.
- عينٌ غضّت عن محارم الله عز وجل.
- عينٌ باتت ساهرةٌ في سبيل الله عز وجل.
تعليق