بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((واسمع ندائي إذا ناديتك))..
بعدما طلب الامام أمير المؤمنين عليه السلام من الله سبحانه وتعالى أن يسمع دعاءه أردف هنا من خلال هذه الفقرة بسماع ندائه إذا ما نادى..
والملاحظ هنا انّ الامام عليه السلام يلحّ على الله سبحانه وتعالى ويكرّر طلبه بأن يسمع نداءه، والنداء كما هو معروف عند أهل اللّغة هو الصوت المرتفع وهو واضح المعنى في القرآن الكريم كقوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ))الجمعة: 9..
وهنا نستشعر توسّل الامام عليه السلام وانكساره من خلال هذه الفقرة، حيث انّ من يريد حاجة من المولى القدير فانّه يرفع صوته باكياً أمام حضرته لاستمالته وطلب الاشفاق عليه منه تعالى، بالرغم من انّ الداعي يشعر بكثرة غفلته وانهماكه في أمور الدنيا مما تسبّب في إبتعاده عن خالقه المفروض أن لا يفتر عنه لحظة واحده فكيف بكثرة الأنشغال والتهاون بالعبادات والطاعات، لعلم الداعي بأنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ من عبده أن يدعوه ويلحّ في دعائه، فقد جاء في رسالة لأبي عبد الله عليه السلام ((أكثروا من أن تدعوا الله، فإنّ الله يحبّ من عباده المؤمنين أن يدعوه، وقد وعد عباده المؤمنين الاستجابة، والله مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملاً يزيدهم في الخير))..
وقد أوضحت أحاديث أهل البيت عليهم السلام باستحباب الدعاء والالحاح فيه، لأنّه لابد من فتح الباب بعد كثرة الطرق عليه، وهذا ما هو واضح بقول أمير المؤمنين عليه السلام: ((الدعاء ترس المؤمن، ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك))..
نستخلص مما سبق انّ الامام عليه السلام يعلّمنا بأن ندعو ونلح بالدعاء إذ لابد من فتح الباب بعد الالحاح بالطرق إذا ما رأى الله سبحانه وتعالى صدق نيّاتنا في طلبنا وانّنا قد لجأنا اليه لمعرفتنا بأنّ حاجاتنا لا يمكن أن تقضى إلاّ بطلبها منه..
فالالحاح بالدعاء إضافة الى انّه يبيّن صدق نوايانا فهو يجعل القلب يلين ويصفو من أي شيء قد يكدره، إذ انّ تكرار الدعاء يجعل القلب يتوجّه شيئاً فشيئاً الى كلمات الدعاء والتفكّر فيها فيزيد ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، وإذا ما تكرّر من العبد هذا الدعاء بين ساعة وأخرى أو يومياً فانّه سيجد لذّة خاصة وشعور بالارتياح النفسي، وعند ترك هذا الدعاء بعد التعوّد عليه لسبب ما فانّه سيشعر بالضيق والانقباض وانّه يشعر بأنّ شيئاً قد فقده فتصبح نفسه ضائعة لا تعرف الاستقرار والراحة إلاّ من خلال الرجوع الى الدعاء، لأنّ الدعاء مفتاح كلّ رحمة ونجاح كلّ حاجة فقد ورد عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ((الدعاء يردّ القضاء بعدما أبرم إبراماً، فأكثر من الدعاء، فإنّه مفتاح كلّ رحمة، ونجاح كلّ حاجة، ولا ينال ما عند الله عزّ وجلّ إلا بالدعاء، وإنّه ليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه))..
نسأل الله تعالى أن يمنّ علينا بدوام الدعاء والالحاح فيه فيفتح لنا أبواب رحمته...
تعليق