الدكتورة دلال السلطي واحدة من أولئك القلائل اللواتي جهدن للوصول إلى شمس الحقيقة التي حاولت حجبها غيوم الحقد والعداء الدفين، وأغبرة الجهل والتعصب ردحا طويلا من الزمن. وما إن أبصرت الطريق لاحبا أمامها حتى مضت بكل عزم وإصرار نحو بلوغ نهايته عند مرفأ الأمان حيث ترسو سفن النجاة المحمدية، متحملة من أجل ذلك العناء والعنت الشديدين وتضحيات جسيمة تقول هي عنها: لا تساوي شيئا في مقابل ما قدمه أهل بيت النبي (صلوات الله عليهم أجمعين) لهذه الأمة المرحومة.
التقيتها في عيادتها الطبية العامرة، لأستعيد معها ذكريات رحلة البحث بين ركام الأوراق التاريخية، وأساطير الفتاوى التبريرية، واجتهاد الأمراء الذي أسسه الأمويون وأسلافهم، عن الإسلام الصحيح.. فدرنا طويلا ودار معنا الحوار الآتي:
â—? بداية.. كيف تقدم الدكتورة نفسها للقراء الكرام؟
الاسم: دلال محمود السلطي.
التولد: دمشق، سنة 1955 من أبوين فلسطينيين.
أنهيت الدراسة الثانوية في السعودية.
تخرجت في جامعة دمشق/ كلية الطب البشري سنة 1980.
مارست مهنة الطب ولا أزال في بعض الدوائر الطبية، ومن ثم العيادة الخاصة.
â—? رحلة استبصار الحق في مذهب أهل البيت(عليه السلام) متى ومن أين وكيف بدأت؟
كانت البداية من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، التي لفتت أنظار العالم وأحدثت حالة من التساؤل: من هو الإمام الخميني؟ وكيف انتصرت ثورته؟ وكانت مشاعرنا مع الثورة باعتبارنا مسلمين وهي ثورة إسلامية ولم نكن حينها نعرف ماهية المذهب الشيعي وأنا شخصيا لم أكن قد سمعت عنه الكثير.
التحول الحقيقي في حياتي حدث سنة 1986 على أثر لقاء خطط له القدر في عيادة أحد الزملاء في مخيم اليرموك مع طبيب عراقي اسمه بهاء محسن حاكم، بدأ خلاله بطرح عدة أسئلة تتعلق بالدين الإسلامي لم تكن لتطرأ على بالي يوما رغم التزامي الديني الذي كان واضحا على طول مسيرة حياتي.
â—? هل كان التزامك الديني- آنذاك- ينبع من علم أم هو تقليد اجتماعي مثلا؟
كنت ملتزمة منذ الصغر بحضور عدة حلقات دينية بمساجد دمشق، وفي السعودية حيث لم تكن مثل هذه المجالس والحلقات الدينية كنت أتحرق شوقا لها ولأيامها. وكان الحلم الذي يراودني والهاجس الوحيد طوال سنوات مكوثنا بالسعودية، هو النزول إلى الشام لحضور تلك الدروس الدينية. وبالفعل أول ما رجعت لدمشق استأنفت الدرس الديني ضمن الحلقات النسائية والدروس العامة والمحاضرات التي يلقيها الشيوخ في الجوامع العديدة، كما عكفت على قراءة كتاب فقه العبادات على المذهب الشافعي للحاجة درية العيطة فضلا عن كتب عقائدية وفقهية كثيرة يطول تعدادها.
â—? دكتورة.. المنهج الدراسي المقرر في السعودية ألم يذكر ولو بإشارة أفضلية أهل البيت (عليهم السلام) ووجود مذهب لهم يتبعه شيعتهم؟!
أبدا.. فما كان لدينا علم بذلك ولا أدنى فكرة. ربما في الشام يعرف الناس أن للمسلمين مذاهب وطوائف، أما في السعودية فيحاولون أن يفهموك بأن الإسلام هو الوهابية لا غير. فلا يدرس غير فقه وعقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالكامل. كذلك نحن لم يكن عندنا تمييز، يعني كنا ندرس لأجل أن نحصل على الشهادة فحسب. ولكن رغم كل ذلك فإن دراستي للدين في السعودية ساهمت بشكل كبير في تشيعي لأهل البيت الأطهار(عليهم السلام) كما أعتقد، وهي ربما كانت المفارقة الكبيرة في تجربتي الشخصية، فالدراسة الأولية لعلوم الفقه والأصول والتوحيد والقرآن وتفسير القرآن والحديث..إلخ. فتحت أذهاننا وعلمتنا إلى حد ما ومن دون أن يقصد الوهابيون كيف نتبع المنهج العلمي في قبول أو رفض القضايا الدينية وكيف نتعامل مع نصوصها. وبالرغم من التغييب والتعتيم الشديد الذي يمارسونه على حقيقة وأحقية أهل بيت النبي الطاهرين(صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) استطعت أن أدركها وأؤمن بها، ومن خلال قراءة نصوصها وفق المنهج العلمي الذي يقرونه هم أنفسهم.
â—? حبذا لو ذكرتي لنا مثلا يوضح هذا الأمر ويقربه للواقع العملي أكثر؟
حديث الثقلين على سبيل المثال: كنا درسناه في السعودية ولكن بصيغة (كتاب الله وسنتي).. فلما دار النقاش مع الطبيب العراقي - كما قلت لك- سمعت منه الحديث ولأول مرة بصيغة(كتاب الله وعترتي أهل بيتي).. كلمة العترة لم أكن سمعتها أو عرفت معناها قبل ذلك اليوم، وعبارة أهل بيتي لم تذكر أمامي نهائيا في السعودية. وأهل البيت يفسرها الوهابيون بأزواج النبي. فدفعني ذلك إلى البحث عن هذه الصيغة الجديدة للتحقق منها، راجعت المعجم المفهرس لألفاظ الحديث بكتب الحديث التسعة وهي أصح الكتب عند السنة، والذي فوجئت به واكتشفته هو أن صيغة (وسنتي) لم ترد إلا في رواية واحدة فقط وهي ليست في البخاري ولا في مسلم، بينما كل الروايات الأخرى وما أكثرها جاءت بالصيغة الثانية أي(وعترتي أهل بيتي)..! من هنا بدأت إرهاصات إعادة النظر والتقويم للمسائل الأخرى، وأخذ سؤال: وماذا بعد ذلك؟ يلح في رأسي ويدفعني لمزيد من البحث والتقصي وصولا إلى الحقيقة المخطط لتغييبها منذ مئات السنين.
â—? برأيك.. ما هي النقطة الأكثر جدلا والأشد سخونة في مشهد الخلاف السني- الشيعي؟
بالحقيقة إن النقاط كلها تكاد تكون ساخنة لأن النقطة تجر النقطة والموقف يسحب الموقف، فأهل البيت(عليهم السلام) مثلا: السنة لا تعرف مقامهم الذي جعله الله لهم معرفة حقيقية.. كل ما لأهل البيت عندهم هو أنهم أقارب رسول الله(صلى الله عليه وآله) واحترامهم من احترامه، أما أنهم المعصومون الأوصياء على الرسالة وحفظتها من بعد النبي باصطفاء الله تعالى واختياره لهم.. فلا.
â—? أي الكتب الشيعية كان لها تأثير أكبر في استبصار الحق؟
المراجعات للسيد شرف الدين العاملي كان له أكبر الفضل في هدايتي إلى طريق الحق المتمثل بإسلام أهل البيت (عليهم السلام) الصحيح. وهو- المراجعات- من أمتن كتب الحوار بالإسلامي بلا شك.
â—? هناك محاولات بائسة للطعن والتشكيك بهذا الكتاب.. فما قولك؟
أقول إن وجدت فهي كما وصفتها بائسة ومحكوم عليها بالفشل مسبقا، فلقد تتبعت أكثر شواهد واستدلالات هذا الكتاب وراجعت معظم مصادره، تدقيقا كاملا بالطبعة والصفحة والموضوع، فوجدتها صحيحة نقية صافية كصفاء نية مؤلفه الإمام الجليل السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (رضوان الله عليه). وأعتقد أنه ليس من الغريب أن يحاول البعض من أعداء الحقيقة، التشكيك والحط من قيمة كتاب يقوم على إحقاق الحق وينتصر لأهله (وهذا ما فعله المراجعات). فانظر كم كان مؤثرا كتابك يا شرف الدين في هداية أبناء الإسلام؟! وسيبقى مؤثرا في نفوس طلاب الحقيقة.
â—? بماذا تمثلت سياسة التضليل والتعتيم التي يتبعها الوهابيون على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)؟
تمثلت بزرع الشكوك حول صحة الأحاديث النبوية الواردة بحق أهل البيت (عليهم السلام) أو التقليل من أهميتها عن طريق ترويج أحاديث تنسب مناقب وفضائل لأناس عاديين بغرض تقليل النظرة إلى أهل البيت وجعلهم في مصاف الناس العاديين أي مثلهم مثل غيرهم. أو يلجئون أحيانا إلى تأويل النصوص وتفسيرها بغير الوجه الصحيح ليوهموا الناس أن المقصود ببعض النصوص الصريحة بوجوب التمسك بولاية الأئمة الأطهار إنما هو مجرد حبهم واحترامهم ، وخير مثال على ذلك ما فسروا به كلمة المولى الواردة في حديث الغدير(من كنت مولاه فهذا علي مولاه) فقالوا التولى هنا بمعنى الحب وليس الاتباع والولاية المطلقة التي هي عين الولاية التي فرضها الله لرسوله الكريم(صلى الله عليه وآله) على كل المسلمين بدليل مساواة النبي بينها وبين ولايته في الحديث. طبعا جاءت هذه المحاولة منهم بعد أن عجزوا من إنكار ثبوت صحة حديث الغدير بالتواتر. ومن أمثلة التعتيم على منهج الدراسة في السعودية أنهم درسونا جميع كتب العبقريات التي ألفها عباس محمود العقاد: عبقرية أبي بكر عبقرية عمر عبقرية عثمان، ولم يذكروا حتى على سبيل الإشارة عبقرية للإمام علي(عليه السلام) ولقد فوجئت عندما رأيت هذا الكتاب صدفة في إحدى مكتبات دمشق واستغربت الأمر حينها كثيرا، لكنني أدركت فيما بعد أنها جزء من حملة التعتيم والتغييب التي يشنها هؤلاء ضد الأئمة المعصومين(عليهم السلام).
â—? ماهي ردود الفعل والانعكاسات النفسية التي خلقها التوجه نحو مدرسة الآل الأطهار؟
يعني ردود الفعل بشكل عام كانت نتيجة التصورات الخاطئة التي يحملها الناس عن الشيعة ومذهب أهل البيت(عليهم السلام) من خلال ما يسمعونه أو يقرأونه من دعايات باطلة وإشاعات زائفة ليس للبعض شغل إلا ترويجها، وبالنسبة لي فقد أحسست بالمسؤولية تجاه أهلي وأقاربي وجيراني وكل الناس لئلا يقعوا ضحيتها، وألزمت نفسي بتوضيح الحقائق لهم، ولم تصبني ردود الفعل الصادرة منهم بأي سلبية بل بالعكس كانت تزيدني حماسا وإصرارا على كشف كل الغشاوات التي تصيب العيون وتحجبها عن رؤية الشمس رغم سطوعها.
â—? وهل من مفارقة طريفة تذكر في هذا الباب؟
حصلت لي مفارقات غريبة في بابها منها: أنني اتخذت قرار الزواج كامرأة مسلمة عاقلة راشدة ممكن أن تزوج نفسها، وبالفعل أقدمت على هذه الخطوة وارتبطت بإنسان ادعى قبل وقوع الزواج أنه شيعي وتبين فيما بعد أنه كذب في ادعائه، وأنه كان قد خدعني، والمفارقة أني تجاوزت كل التقاليد وتزوجته دون أن أخبر الكثيرين من أبناء مجتمعي السني، وأطرف ما في هذه المفارقة، أن لي عمة لم تعترض على زواجي بهذه الطريقة المخالفة للأعراف السائدة في محيطنا الاجتماعي الذي يعتبر موضوع الزواج أهم من أي موضوع آخر حتى الدين، وإنما كان اعتراضها واستنكارها لموضوع تشييعي.
وهناك مفارقة ثانية تمثلت في نشوب نوع من الصراع مع أخي الذي بدأ في السنوات الأخيرة بممارسة الضغوط المختلفة علي للرجوع إلى دائرة التسنن.
â—? دكتورة هل تشعرين بأنك تقدمين تضحيات كبيرة في سبيل المبدأ؟
التضحية بالنسبة لي - كما تعرف- امرأة وفي مجتمع مثل مجتمعنا مهما كانت صغيرة فإنها تعد كبيرة خاصة إذا كانت من نوع تضحيتي: يعني خدعت من زوجي بادعائه التشيع ثم انقلب علي بعد أن أصبح لنا طفلان، وصبرت عليه بادئ الأمر ولجأت معه إلى التقية، ورغم ذلك لم أسلم منه حتى وصل الأمر إلى درجة ممارسته العنف المعنوي والمادي بالكلام الجارح والضرب المبرح.. أحدهما أسوأ من الآخر لامرأة مثقفة مثلي. والذي حصل فيما بعد هو أنني أكرهت نفسي على التضحية ببيتي والقبول بالتخلي عن أولادي وهم فلذة كبدي وأعز ما عندي في الحياة، من أجل المبدأ الذي قررت أن أعيش أو أموت عليه. ورغم هذه التضحية التي ربما تعد كبيرة فإني لا أحسبها تساوي شيئا في مقابل التضحيات العديدة والعظيمة التي قدمها أئمتنا الطاهرون وخاصة الإمام الحسين (عليه السلام) لهذه الأمة المرحومة.
â—? على ذكر الإمام الحسين (عليه السلام).. ونحن على أبواب شهر المحرم الذي يحتضن ثورته المباركة بفصولها الملحمية والتراجيدية معا، لا بد لنا من وقفة ولو قصيرة للتحدث عنه وعن نهضته ومظلوميته التي أبكت أهل الأرض والسماء؟
ما ذا بوسعنا أن نتحدث عن الحسين وهل يستطيع مخلوق أن يلمس بإصبعه الشمس وهي في كبد السماء؟!
ولكن دعني أحاول - كما أنا دائما- أن أقترب قليلا من شعاعها المنير، فأقول مسلمة: السلام عليك يا أبيّ الضيم، السلام عليك يا حرّا أبا الأحرار، لم ترض بالذل ولم ترهبك سطوة الأعداء رغم قلة الناصر والعدة، كيف لم تهب الموت قتلا وكان بإمكانك أن تنجو منه بالمهادنة والاستسلام لولا إيمانك بوجوب الدفاع عن دين جدك النبي (صلى الله عليه وآله) الذي لولاك ولولا جهادك لانمحى وأصبح اليوم مجرد ذكرى بعيدة.. لله يا حسين.. كم أنت عظيم وهل أعظم من تحمل كل هذه المصائب والفجائع في سبيل المبدأ؟!
ما أصغر همومنا وأخف آلامنا قياسا بهمومك وآلامك.. وما أفدح مصابنا بك يا مولاي.
ما أحرانا أن نراجع بعين القلب كل دقيقة بل كل لحظة مرت عليك مذ غادرت مدينة جدك حتى وصلت جنان الخلد.
إن أفئدتنا تعتصر ألما وحزنا لمصابك.. وقرح عيوننا الدمع.. وعزاؤنا والوحيد أنك انتصرت.. ولأول مرة في التاريخ البشري ينتصر الدم على السيف..
ولعلنا اليوم أكثر من أي زمان مضى نحتاج هذا الانتصار العظيم وننتظره كما تنتظره فلسطين والقدس التي لن تحرر إلا بالدم الحسيني ويكفيها بذاك فخرا واعتزازا.
â—? لا زال بعضهم يردد مقولة (إن الحسين قتل بشرع جده).. ما هو تعليقك بهذا الصدد؟
تعليقي على هذه المقولة وأمثالها من المقولات التي أطلقها أرباب الفقه التبريري قديما وحديثا، هو (شنشنة أعرفها من أخرق).. فهؤلاء يحاولون جهد إمكانهم تبرير مخالفات وخروقات وموبقات يزيد وأمثاله عن طريق خلط الأوراق وقلب الحقائق وحتى الأخطاء التي سودت وجه التاريخ، منحوها القدسية بهدف إسباغ نوع من الشرعية على حاكمية الأمويين ومن مهد لها. وبالتالي فهي تنتمي لنفس الحملة التضليلية التي تسعى لتضييع الحقيقة على الناس لأن معرفة الحقيقة تزعزع الكراسي.
â—? باعتبارك من فلسطين.. ذلك الجزء الإسلامي والعربي السليب.. ومن المؤكد أن تشكلت لديك رؤى معينة للتحرير.. ترى بأي شيء يمكن أن يتحقق؟
باتباع الدين الصحيح الذي جسدته النماذج الرسالية الكاملة وأعني بذلك أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، والاقتداء بهم منهجيا وبشكل عملي عبر إعادة إنتاج الأمثلة الاستشهادية والتضحوية التي قدموها للأمة في ملاحم وبطولات لم تزل خالدة في ضمير الإنسانية، وبعث روح كربلاء في جسد الأمة من جديد. بهذا وحده يتحقق تحرير القدس من أيدي المحتلين الصهاينة.
وللحقيقة أقول: إن الدافع الأكبر الذي أخذ بيدي صوب مذهب أهل البيت المعصومين عليهم السلام حتى من قبل أن أتعرف على تفاصيله، هو عدم قناعتي بالموجود على الساحة الفلسطينية من تيارات وتوجهات وأحزاب وحركات، إسلامية وغير إسلامية - رغم التزامي بأقربها إلى مبادئي- اهتزاز القناعة بكل تلك التنظيمات دعاني إلى البحث عن البديل.. ولم أجده إلا في المنهج الرصين الذي حقق النجاح الباهر لثورة الإمام الخميني القائلكل ما عندنا من عاشوراء).
â—? لأي سبب تعزين الموقف المتزمت من بعض إخواننا السنة تجاه شيعة أهل البيت (عليهم السلام)؟
قسم ينشأ عندهم مثل هذا الموقف نتيجة التعصب الطائفي الأعمى الذي خلفته ظروف وعصور ضاربة الجذور في التاريخ فهؤلاء يصعب التحاور معهم. وقسم آخر ينتج موقفهم السلبي هذا من الجهل الذي يعانونه. وقسم نتيجة وقوعه فريسة للدعايات المغرضة ومسلسل التعتيم الإعلامي الذي يشيعه أعداء أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) الحاقدين الحاسدين لهم.
وفي اعتقادي، أن ذلك كله يعود إلى الطريقة غير الصحيحة في التعامل مع الدين خاصة فيما يتعلق منه بأهل البيت (عليهم السلام) التي تتبعها بقصد أو بغير قصد، المناهج التربوية والتعليمية المسيطرة على الساحة السنية ليس فقط في السعودية بل حتى هنا في مساجد الشام، إذ لم تكن ترينا الحق أو الإيمان الحقيقي بالله الذي لا يتم بدون اتباع الأئمة المطهرين من آل البيت (عليهم السلام).. لقد كانوا يعلموننا كتاب الله وهو الثقل الأول الذي تركه الرسول(صلى الله عليه وآله) في أمته، ويهملون الثقل الثاني (العترة المباركة) وهم المعلمون والعالمون والحافظون الأمناء لكتاب الله، وكيف لنا أن نفهم كتاب الله بدون تعليم من الأئمة الراسخين فيه، ولقد قرن النبي(صلى الله عليه وآله) بينهم وبينه كما في الحديث الشريف إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا) وفي حديث آخروإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) لكن للأسف مشايخنا الذين نجلهم ونحترمهم فرقوا بين الثقلين وما علمونا ولا أمرونا بالتمسك إلا بواحد وهذا بلا شك هو غير ما أمرنا به النبي(صلى الله عليه وأله).
â—? هناك شطر بيت شعري يقول: وكل يدعي وصلا بليلى.. ولو تمثلنا به على الواقع الإسلامي، ألا ترين معي أن كل فرقة تدعي الحب والتمسك بأهل البيت (عليهم السلام)..
نعم هذا صحيح بدليل إنك لما تسأل أي مسلم: هل تحب أهل البيت؟ يجيبك على الفور وبدون تأمل: نعم.
لكن لنعرف أولا ما هو معنى الحب؟ لكي نعرف من هو صادق في دعواه.
قال تعالىلو كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) إذن فالاتباع من مصاديق الحب.
كذلك الطاعة (قل أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم) فمن لم يحب لم يطع. إذا كنا نحب رسول الله حقا فعلينا أن نتبع أوامره وتوجيهاته، وعلى رأس هذه الأوامر: مودة أولي القربى وهم أهل البيت، وهي أجر الرسالة بنص القرآن، ووجوب طاعتهم وعدم التقدم عليهم أو التخلف عنهم، والاعتقاد بأفضليتهم على الجميع بعد النبي(صلى الله عليه وآله) فضلا عن عصمتهم وطهارتهم من الذنوب صغيرها وكبيرها قال تعالىإنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). بهذا المقياس وهو الالتزام بمنهج القرآن والرسول وأهل بيته الأطهار، يمكننا معرفة المحب الحقيقي من المدعي كذبا وزورا.
â—? من مأثور القولالرائد لا يكذب أهله).. وأعتقد أنك اليوم رائدة قومك إلى التشيع فما هي نصيحتك لهم؟
عندما يعرف الإنسان الحقيقة فعليه أن يبلغها أهله وذويه، وانطلاقا من قوله تعالىقوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة..) فإني أتمنى وأحرص على كل أحبائي وإخواني وأهلي وجميع الناس -هم أهلنا- أن يصلوا إلى ما وصلت إليه ويكتشفوا الحق ويتبعوه باتباع مذهب الأئمة الميامين الذين نصبهم الله تعالى وفرض علينا طاعتهم وأسأله جل وعلا أن يوفقهم لذلك بأقرب وقت.
â—? وهل حاولت تبليغهم الحق ودعوتهم إليه؟
نعم ولا زلت أحاول ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، ولن أتوقف لحظة عن العمل على تبليغ هذه الرسالة وأداء هذه الأمانة، والحمد لله أشعر أن خطواتي يكللها النجاح ولو بعد مدة من الزمان وهو ما لاحظته مع أخواتي وزميلاتي وبعض أقاربي الذين بدأوا يولون الموضوع أهمية أكثر، وتجدهم الآن يبحثون ويسألون ويناقشون ليتعرفوا الأمور على حقيقتها والفضل في كل ذلك لله بلا شك.
â—? ألم يكن للطب وهو اختصاصك إسهام في وصولك إلى شاطئ الأمان بولاية علي والأئمة من بنيه المعصومين(عليهم السلام)؟
نعم، فلقد أثار انتباهي ودهشتي واقعا أن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) مثلا قد تحدث في قضايا دقيقة جدا في مجال الطب والصحة، وتحدث حول مسائل عديدة هي جوهر علم وظائف الأعضاء (فسيولوجي) لم يعرفها الطب إلا في العصور الحديثة فكيف عرفها الصادق (عليه السلام) إن لم يكن إماما؟! طبعا هناك مسائل من هذا النوع كثيرة لا يسعني ذكرها الآن.
â—? في الختام نشكرك دكتورة على حسن الضيافة مع الاعتذار عن تسببنا في إهدار الكثير من وقتك الثمين ونستودعك الله.
شكرا وأسأل الله أن يوفقكم لخدمة دينه القيم الذي ارتضاه.
تعليق