وصايا ودروس
أيّها الأحبّة: لقد كانت الأيّام الثّلاثة الّتي تلت جرح الإمام عليّ(ع) أيّام الوصايا والدّروس، ومنها ما وصّى به بني عبد المطّلب: "يا بني عبد المطّلب، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون: قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتلنّ بي إلا قاتلي".
حتّى في لحظات احتضاره، كان حرص أمير المؤمنين شديداً على دماء الأمّة، أن لا تنزف إلا في موقعها الصّحيح.
السّلام عليك يا أمير المؤمنين، السّلام عليك يا سيّد الوصيّين، السّلام عليك يا إمام المتّقين، أشهد يا مولاي أنّك أقمت الصّلاة، وآتيت الزّكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصاً حتّى أتاك اليقين، فجزاك الله عنّا وعن أمّتك خيراً كثيراً.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الخطبة الثّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ولبلوغ التَّقوى، لا بدَّ لنا من أن نعيش ذكرى استشهاد أمير المؤمنين(ع)، وأن نستوصي بوصاياه، حيث توجَّه بوصيَّته الأولى إلى ولده الإمام الحسن(ع)، بعدما قُبِض على قاتله ابن ملجم، فقال: "ارفق يا ولدي بأسيرك، وارحمه، وأحسن إليه، قال: يا أبتاه، قتلك وأنت تأمرني بالرّفق به؟ قال: نعم يا بنيّ، إنَّا أهل بيتٍ لا نزداد على الذّنب إلا كرماً وعفواً. بحقّي عليك، فأطعمه مما تأكله، واسقه مما تشرب، ولا تقيّد له قدماً، ولا تغلّ له يداً". ثم توجَّه إلى ولديه، ومن خلالهما إلينا قائلاً: "أُوصِيكُمَا، وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي، بِتَقْوَى اللهِ، وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ، وَصَلاَحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا(ص) يَقُولُ: "صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ".
"اللهَ اللهَ فِي الأيْتَامِ، فَـلاَ تُغِبُّواأَفْوَاهَهُمْ، وَلاَ يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي جِيرَانِكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ; مَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي الْقُرْآنِ، لاَ يَسْبِقُكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ، لاَ تُخَلُّوهُ مَا بَقِيتُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا.
وَاللهَ اللهَ فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ.
وَعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَاذُلِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّدَابُرَ وَالتَّقَاطُعَ... لاَ تَتْرُكُوا الأمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ، ثُمَّ تَدْعُونَ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ. ثمّ قال:
يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً، تَقُولُونَ: قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي.
انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَة، وَلاَ يُمَثَّلُبِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(ص) يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بَالْكَلْبِ الْعَقُورِ"...
العراق: صراع المحاور
أيّها الأحبّة، بهذه الوصيَّة نستطيع أن نعالج الكثير مما نعاني منه في واقعنا الَّذي يضجّ بالفتن، حيث لا تزال البلاد العربيَّة على حالها، تعاني المزيد من العنف وعمليّات التّشظّي السّياسي والأمني، وهذا ما بتنا نجده واضحاً في العراق، حيث يزداد، وبشراسة، مسلسل التَّفجيرات الوحشيّة الَّتي تطاول المدنيّين في شوارعهم ونواديهم ومساجدهم، ولا تفرّق بين منطقةٍ وأخرى، ولا حتّى بين مذهبٍ وآخر، أو بين دين وآخر، والّتي يسعى العابثون بأمن هذا البلد إلى إعطائها بعداً مذهبيّاً وطائفيّاً لتأجيج الصّراع فيه.
ولكنَّ كلّ من يعي حقيقة ما يجري في السّاحة العراقيَّة، يعرف أنَّ ما يحدث ليس إلا جزءاً من صراع المحاور الإقليميَّة، الَّتي لا تريد لهذا البلد الاستقرار ولعب دور فاعل في المنطقة، ما يدعو كلّ مكوّنات الشعب العراقيّ إلى وعي ما يخطّط لبلدهم، والعمل على تدعيم الجبهة الداخليّة، وتقويتها، وتحصينها بالتّلاقي والحوار الجادّ والمسؤول، لمنع اللاعبين بمستقبل العراق والمصطادين بالماء العكِر من أن يجدوا أرضاً خصبة لهم فيه
أيّها الأحبّة: لقد كانت الأيّام الثّلاثة الّتي تلت جرح الإمام عليّ(ع) أيّام الوصايا والدّروس، ومنها ما وصّى به بني عبد المطّلب: "يا بني عبد المطّلب، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون: قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتلنّ بي إلا قاتلي".
حتّى في لحظات احتضاره، كان حرص أمير المؤمنين شديداً على دماء الأمّة، أن لا تنزف إلا في موقعها الصّحيح.
السّلام عليك يا أمير المؤمنين، السّلام عليك يا سيّد الوصيّين، السّلام عليك يا إمام المتّقين، أشهد يا مولاي أنّك أقمت الصّلاة، وآتيت الزّكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصاً حتّى أتاك اليقين، فجزاك الله عنّا وعن أمّتك خيراً كثيراً.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الخطبة الثّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ولبلوغ التَّقوى، لا بدَّ لنا من أن نعيش ذكرى استشهاد أمير المؤمنين(ع)، وأن نستوصي بوصاياه، حيث توجَّه بوصيَّته الأولى إلى ولده الإمام الحسن(ع)، بعدما قُبِض على قاتله ابن ملجم، فقال: "ارفق يا ولدي بأسيرك، وارحمه، وأحسن إليه، قال: يا أبتاه، قتلك وأنت تأمرني بالرّفق به؟ قال: نعم يا بنيّ، إنَّا أهل بيتٍ لا نزداد على الذّنب إلا كرماً وعفواً. بحقّي عليك، فأطعمه مما تأكله، واسقه مما تشرب، ولا تقيّد له قدماً، ولا تغلّ له يداً". ثم توجَّه إلى ولديه، ومن خلالهما إلينا قائلاً: "أُوصِيكُمَا، وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي، بِتَقْوَى اللهِ، وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ، وَصَلاَحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا(ص) يَقُولُ: "صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ".
"اللهَ اللهَ فِي الأيْتَامِ، فَـلاَ تُغِبُّواأَفْوَاهَهُمْ، وَلاَ يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي جِيرَانِكُمْ، فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ; مَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي الْقُرْآنِ، لاَ يَسْبِقُكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ.
وَاللهَ اللهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ، لاَ تُخَلُّوهُ مَا بَقِيتُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا.
وَاللهَ اللهَ فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ.
وَعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَاذُلِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّدَابُرَ وَالتَّقَاطُعَ... لاَ تَتْرُكُوا الأمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ، ثُمَّ تَدْعُونَ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ. ثمّ قال:
يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً، تَقُولُونَ: قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي.
انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَة، وَلاَ يُمَثَّلُبِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(ص) يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بَالْكَلْبِ الْعَقُورِ"...
العراق: صراع المحاور
أيّها الأحبّة، بهذه الوصيَّة نستطيع أن نعالج الكثير مما نعاني منه في واقعنا الَّذي يضجّ بالفتن، حيث لا تزال البلاد العربيَّة على حالها، تعاني المزيد من العنف وعمليّات التّشظّي السّياسي والأمني، وهذا ما بتنا نجده واضحاً في العراق، حيث يزداد، وبشراسة، مسلسل التَّفجيرات الوحشيّة الَّتي تطاول المدنيّين في شوارعهم ونواديهم ومساجدهم، ولا تفرّق بين منطقةٍ وأخرى، ولا حتّى بين مذهبٍ وآخر، أو بين دين وآخر، والّتي يسعى العابثون بأمن هذا البلد إلى إعطائها بعداً مذهبيّاً وطائفيّاً لتأجيج الصّراع فيه.
ولكنَّ كلّ من يعي حقيقة ما يجري في السّاحة العراقيَّة، يعرف أنَّ ما يحدث ليس إلا جزءاً من صراع المحاور الإقليميَّة، الَّتي لا تريد لهذا البلد الاستقرار ولعب دور فاعل في المنطقة، ما يدعو كلّ مكوّنات الشعب العراقيّ إلى وعي ما يخطّط لبلدهم، والعمل على تدعيم الجبهة الداخليّة، وتقويتها، وتحصينها بالتّلاقي والحوار الجادّ والمسؤول، لمنع اللاعبين بمستقبل العراق والمصطادين بالماء العكِر من أن يجدوا أرضاً خصبة لهم فيه
تعليق