بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((اَللّهُمَّ اجْعَلْ صِيامي فيهِ صِيامَ الصّائِمينَ))..
هذا المقطع من أحد أدعية الامام زين العابدين عليه السلام في شهر رمضان وورد بخصوص اليوم الأول منه ويستحب قراءته في كلّ يوم من هذا الشهر المبارك..
أول ما يتبادر الى الذهن عند قراءة هذا المقطع الشريف هو انّ هناك صيام يكون فيه الصائم صائماً وهناك صيام لا يكون فيه الصائم صائماً، لذا جاء الدعاء على لسان الامام عليه السلام بأن يجعل صيامه صيام الصائمين..
فالصوم في الحقيقة هو تربية روحية وتهذيب للنفس وتكميل لها، وما صيام الجسد من جوع وعطش إلاّ مقدّمة لصيام الجوارح والجوانح بالابتعاد عن كلّ ما يتسبّب بتكلّس الأوساخ وتجمع الأدران على ذلك القلب طوال الأشهر التي سبقت هذا الشهر المبارك، فيكون بحق مطهراً لتلك النفس من تلك الأوساخ والأدران فتجلي القلب ويصبح أكثر استعداداً لتلقي الفيوضات والرحمات الربّانية التي وعد بها الله سبحانه وتعالى عباده في هذا الشهر الفضيل، وهذا من كرم هذا الشهر الذي منّ الله تعالى به علينا..
فالمفروض أن يكون صيامنا صياماً حقيقياً تسمو به النفس لا مجرد صيام سطحي لا يتعدّى الجوع والعطش أي من غير أن يكون له ذلك التأثير المطلوب بتلك النفس، وهذا ما نهانا عنه الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله بقوله ((رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش))..
فمن صام ولم يكن صيامه مانعاً من إرتكاب المعاصي والذنوب كان صيامه أجوف خال من أي معنىً روحي، بل انّ المذنب سيتضاعف العذاب عليه لأنّه قد تحدّى الله تعالى وجاهره بالعصيان في هذا الشهر المبارك الذي حثّ فيه عباده على طلب الرحمة والمغفرة فيه..
لذا علينا أن نروّض أنفسنا خلال هذا الشهر (وخاصة ما تبقي منه وأن نتدارك ما فاتنا من خير) وتعريفها الغاية الحقيقية من هذا الصوم والهدف المنشود من وراء تحمّل الجوع والعطش، فاذا ما توصّلت أنفسنا للإجابة وهي طاعة لله تعالى وتنفيذاً لأمره، صارت النفس منهية عن إرتكاب ما لا يرضاه تعالى وبهذا يتحقّق الهدف المطلوب..
ولنطيّب أنظارنا وأنفسنا ببعض روايات أهل البيت عليهم السلام لتكون نِعْمَ الدافع والحافز الروحي للوصول الى الصيام الحقيقي..
فعن الامام الصادق عليه السلام ((إذا أصبحت صائما فليصم سمعك وبصرك من الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك من القبيح، ودع عنك الهذي وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصيام، والزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا عن ذكر الله، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك))..
وعن الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله لجابر بن عبد الله: ((يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام وردا من ليله وعف بطنه وفرجه وكف لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ياجابر وما أشد هذه الشروط))..
نسأل الله تعالى أن يجعل صيامنا فيه صيام الصائمين...
نسأل الله تعالى أن يجعل صيامنا فيه صيام الصائمين...
تعليق