إن أغلب عوائق التشرف بلقيا الامام بقية الله (أرواحنا فداه) إنما منشؤها غياب المؤهلات اللازمة للانفتاح على محضره المقدس (عليه السلام) . و من يفتقدون هذه المؤهلات ... فإما أنهم محرومون من نعمة لقائه ، و إما أنهم يشاهدونه (عجل الله فرجه) و لا يعرفونه ، و اما أن يتصرف فيهم الامام – لدى رؤيته – تصرفاً ولايتياً يسلبهم القدرة على التكلم معه.
و من أراد أن يمن عليه بلقاء امام الزمان (عليه السلام) ، و يوفق للاستفادة الحضورية من هذا اللقاء .. فعليه أن يعد لهذا عدته اللازمة ، بأن يرتبط بالامام ارتباطاً روحياً ، و أن يعرفه معرفة سليمة .. قبل الفوز بلقائه .
و هذه واقعة أوردها مؤلف كتاب (المعجزات و الكرامات) في الصفعة 68 ، فقال:
روى عدة صلحاء ثقاة من أهل العلم أن رجلاً اسمه (أمين الحلاق) كان يقطن في مدينة الكاظمية ببغداد . و كانت له خبرة لا بأس بها في معالجة بعض الجراحات المستعصية ..إلى حد أن يطمأن إليه.
و حكى أمين الحلاق هذا .. فقال : جاءني يوماً زائر من الزوار يشكو من غدد في يده و رجله و لسانه .. كانت آلامها مبرحة تؤذيه ، فطلب منـّي أن أجري له عملية لاستئصال الغدد.
و بعد الفحص .. استبان لي أني غير قادر على معالجته ، لكن قلبي كان يعتصر اسى له و شفقة عليه . فأغلقت دكاني ، و أخذته إلى بغداد اعرضه على طبيب مسيحي تصلني به معرفة . و بعد المعاينة الدقيقة قال الطبيب : مرضه خطير قاتل ، لا علاج له بدون عملية جراحية ، احتمال نجاحها قليل ، و ربما يموت الرجل في العملية . و إذا حدث أن نجحت العملية فإنه سيظل طوال حياته يعاني من خرس اللسان و عرج الرجل.
توسل المريض بالطبيب ملتمساً منه أن يجد له علاجاً اسهل . فكان جواب الطبيب : لا سبيل غير الذهاب إلى المستشفى لاجراء العملية.
كلام الطبيب قطع علينا طريق الأمل . و ذهبنا لاستشارة أطباء آخرين . فما زادوا في تشخصيهم على ما قال الطبيب الأول : لا مفر من العملية الجراحية بكل مخاطرها المحتملة .
قفلنا – انا و المريض – راجعين إلى الكاظمية ،و قد تفاقمت آلامه و اشتدت اكثر من ذي قبل . ذلك أن شيئاً جديداً قد أضيف إلى معاناته ، هو اليأس من العلاج .. فاستبدت به حالة من القلق و الاضطراب كانت تتصاعد حدتها بمرور اللحظات . عملت جهدي لأسري عنه و أسليه . ثم ودعته و مضيت إلى دكاني و قضيت ليلتي آيساً محزوناً عليه .
و في الصباح مضيت كالعادة إلى الدكان . و ما هي إلا هنيهة حتى فاجأني هذا المريض . هو ذا أمامي تطفح على محياه المسرة و النشاط ، و هو يلهج بالشكر لله (تعالى) و لا يفتأ يحمده (سبحانه) و يصلي على النبي محمد و آله.
و سألته عن أمره ، فقال : انظر .. لم يبق أي أثر للغدد و القروح !
قلت له : أأنت نفسك مريض الأمس ؟!
أجاب : هو أنا مريض الأمس . البارحة .. حين ودعتك ، فكرت مع نفسي : ما دام لا سبيل أمامي غير الموت ، فلأذهب إلى الحمام ، ثم أروح إلى زيارة الامام موسى الكاظم (عليه السلام ) و أنا على طهر.
و ذهبت إلى الحمام ، و اغتسلت غسل الزيارة . و مضيت إلى الحرم الطاهر للأمام الكاظم (عليه السلام) و هناك أتاني رجل عربي (هو – يقيناً الامام بقية الله صاحب الزمان عليه السلام) و جلس إلى جواري . ثم مسح بيده المباركة على بدني من رأسي إلى قدمي . و لفت انتباهي أن يده الشريفة ما أن تمر على موضع من بدني إلا هدأ ألمه و سكن و جعه في الحال .. حتى ذهب المرض كله من رأسي و وجهي و لساني و يدي و رجلي ، و كل بدني .
معجزة .. و رأيتها . في تلك اللحظة أمسكت بثوبه و تعلقت به . أخذت أكلمه بضراعة و أنا اصيح : أنت الذي شفيتـني .. أنت الذي شفـيتني . و سمع الناس في الحرم صياحي و تجمعوا حولي يسألونني : ما بالك تتوسل و تصيح ؟!
عندها قال لهم الامام بقية الله (روحي فداه) يستر عنهم حقيقة الأمر : شفاه الامام ، لكنه أمسك بثوبي و أخذ يبكي !
و لا أدري كيف فلت الامام (عليه السلام) ثوبه من يدي .. و اختفى .
قال أمين الحلاق : بعد ما رأيت هذا الرجل معافى ، و بعد سماعي هذه الواقعة اصطحبته إلى بغداد مجدداً ، ليراه الأطباء الذين فحصوه . قلت لهم : جئت لأريكم معجزة عجيبة ، أختفت الغدد و القروح معاً ، و شفي الرجل .. مع أنه لم يفارقكم أكثر من يوم و ليلة . هناك دهش الاطباء من هذه الحادثة . لطفاً من ألطاف الامام صاحب الأمر (عليه السلام) كانت ، و آمنوا بها مذعنين .
تعليق