fبسم الله الرحمن الرحيم
لا أريد أن أطيل في هذا الموضوع في الاستدلال بقدر ما أريد أن أنبه فيه على أمر ينفع من لم يتنبه له وأتمنى أن يأخذه المقاتل في الحسبان:
إن للشهيد منزلة سامية، وهذا مما لا خلاف فيه، لكون الشهيد يضحي بدمه من أجل غيره ويؤثر الآخرين على نفسه، وعلى العكس من ذلك الأنانية وكونها صفة ذميمة ومنها يتفرع الشر، لكون الشخص يقدم ذاته ومصلحته على المجتمع والصالح العام.
ولو طبقنا ذلك على الدافع الذاتي للمجاهدين الحقيقيين الذين يريدون وجه الله فإنَّ هناك دافعين ونيتين. النية الأولى هي الأنانية الأخروية، وهي أن يقوم المجاهد في الجهاد ويتقدم للقتال كي ينال الشهادة ويحظى بالجنة وتكون أعماله بشجاعة وإقدام، وربما لا يحافظ على نفسه كثيرا، بيد أن النية الثانية هي أن يحافظ على الحرمات التي جاهد من أجل الحفاظ عليها ودفع الخطر القادم، فيسلك كل الطرق التي تبقي على حياته وتصد العدو كي يحقق الغاية من الجهاد وهي دفع الخطر عن الحرمات مثل الدين والمقدسات أو الوطن والاعراض أمام المعتدين.
وبهذا تكون النية الأولى مغمورة بالأنانية وإن كانت هذه الانانية راقية كونها أنانية للآخرة لا للدنيا، ولكن في النية الثانية نجد أن المقاتل يدافع عمّا ندبنا الله لأجله في الجهاد وغايته دفع الخطر فلم تكن الغاية من الجهاد هي الشهادة، وهذه النية تكون أرقى بكثير من النية الأولى.
على المؤمن أن يتكل على الله لدفع الخطر ويقاتل بحذر فبقتله يُضعف جبهتنا ويُقرِّب الخطر ويُسِرُّ الأعداء ويُحزن قلوب المؤمنين، وربما يترك أرملة ويتامى يكونون ثقلاً على المجتمع.
مثال على ما نقول: كان أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين عليه السلام يقاتل بحذر والتفات ويقظة تامة، فلم يتمكن منه أحد حتى رووا أن وحشي قاتل الحمزة عندما طلبوا منه قتل النبي صلى الله عليه و آله أو علي أو الحمزة قال(..وأما علي فوجدته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلا أطمع فيه..)
المثال الاخر: عمار بن ياسر وموقف النبي صلى الله عليه وآله: عن مسعدة بن صدقة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يروون أن عليا عليه السلام قال على منبر الكوفة:
أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ، ثم تدعون إلى البراءة منى فلا تبرؤوا منى ، فقال : ما أكثر ما يكذب الناس على علي عليه السلام ، ثم قال : إنما قال : إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ، ثم تدعون إلى البراءة منى وإني لعلى دين محمد صلى الله عليه و آله ، ولم يقل: ولا تبرؤوا منى ، فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة، فقال : والله ما ذلك عليه ، وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالإيمان ، فأنزل الله عز وجل فيه : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) فقال له النبي صلى الله عليه وآله عندها : يا عمار إن عادوا فعد ، فقد أنزل الله عذرك ، وأمرك أن تعود إن عادوا .
ففي هذا الحديث وغيره يتبين أن عماراً كفر كما أرادوا ولكن بلسانه فقط وقد أيده الله سبحانه، وأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يعود لذلك إن عادوا، وبعد ذلك رأينا كيف حفظ نفسه في نفع الاسلام فقد شارك في معارك النبي صلى الله عليه وآله واليمامة وغيرها ثم شارك في حروب أمير المؤمنين عليه السلام في الجمل واستشهد بصفين وعمره نيف وتسعون.
هذا يدل على أن عمارا ليس جبانا حاشاه، ومن اطلع على شجاعته وقتاله يتيقن من ذلك، ولكن نيته كانت للصالح العام لا للأنانية الأخروية، وهو الطريق الأفضل والأرشد من الطريق الاول وهو طلب الشهادة للذات، ويوضح ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله :" ابن سمية ما عرض عليه أمران قط الا اختار الأرشد منهما".
وهناك مقامات عالية لأولياء الله لا يصلها أصحاب النية الأولى نشير اليها بشكلٍ مقتضب:
قال تعالى:" وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون"
فمراتب الشرك كثيرة منها ما يخرج عن الملة ومنها ما لا يؤثر، بل مأمور به أحياناً، ولكنه يكون بمثابة الشرك لأصحاب المقامات العالية مثلا قوله تعالى:" ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين ).
ولكن هذه العبادة خوفا من النار وطمعا في الجنة يعتبرها اصحاب المقامات العالية مخلوطة بالشرك ولم تكن سليمة فالدافع ليس الله سبحانه بل الخوف من النار والطمع في الجنة وقد قال تعالى" يوم لا ينفع مال ولا بنون . إلا من أتى الله بقلب سليم". ومن يعبد الله بهذه الطريقة لم يكن قلبه سليما من غير الله ولهذا روي عن الامير انه قال " ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك".
نسأل الله ان يوفقنا لمرضاته ويجعل نياتنا افضل النيات والحمد لله رب العالمين.
لا أريد أن أطيل في هذا الموضوع في الاستدلال بقدر ما أريد أن أنبه فيه على أمر ينفع من لم يتنبه له وأتمنى أن يأخذه المقاتل في الحسبان:
إن للشهيد منزلة سامية، وهذا مما لا خلاف فيه، لكون الشهيد يضحي بدمه من أجل غيره ويؤثر الآخرين على نفسه، وعلى العكس من ذلك الأنانية وكونها صفة ذميمة ومنها يتفرع الشر، لكون الشخص يقدم ذاته ومصلحته على المجتمع والصالح العام.
ولو طبقنا ذلك على الدافع الذاتي للمجاهدين الحقيقيين الذين يريدون وجه الله فإنَّ هناك دافعين ونيتين. النية الأولى هي الأنانية الأخروية، وهي أن يقوم المجاهد في الجهاد ويتقدم للقتال كي ينال الشهادة ويحظى بالجنة وتكون أعماله بشجاعة وإقدام، وربما لا يحافظ على نفسه كثيرا، بيد أن النية الثانية هي أن يحافظ على الحرمات التي جاهد من أجل الحفاظ عليها ودفع الخطر القادم، فيسلك كل الطرق التي تبقي على حياته وتصد العدو كي يحقق الغاية من الجهاد وهي دفع الخطر عن الحرمات مثل الدين والمقدسات أو الوطن والاعراض أمام المعتدين.
وبهذا تكون النية الأولى مغمورة بالأنانية وإن كانت هذه الانانية راقية كونها أنانية للآخرة لا للدنيا، ولكن في النية الثانية نجد أن المقاتل يدافع عمّا ندبنا الله لأجله في الجهاد وغايته دفع الخطر فلم تكن الغاية من الجهاد هي الشهادة، وهذه النية تكون أرقى بكثير من النية الأولى.
على المؤمن أن يتكل على الله لدفع الخطر ويقاتل بحذر فبقتله يُضعف جبهتنا ويُقرِّب الخطر ويُسِرُّ الأعداء ويُحزن قلوب المؤمنين، وربما يترك أرملة ويتامى يكونون ثقلاً على المجتمع.
مثال على ما نقول: كان أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين عليه السلام يقاتل بحذر والتفات ويقظة تامة، فلم يتمكن منه أحد حتى رووا أن وحشي قاتل الحمزة عندما طلبوا منه قتل النبي صلى الله عليه و آله أو علي أو الحمزة قال(..وأما علي فوجدته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلا أطمع فيه..)
المثال الاخر: عمار بن ياسر وموقف النبي صلى الله عليه وآله: عن مسعدة بن صدقة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يروون أن عليا عليه السلام قال على منبر الكوفة:
أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ، ثم تدعون إلى البراءة منى فلا تبرؤوا منى ، فقال : ما أكثر ما يكذب الناس على علي عليه السلام ، ثم قال : إنما قال : إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ، ثم تدعون إلى البراءة منى وإني لعلى دين محمد صلى الله عليه و آله ، ولم يقل: ولا تبرؤوا منى ، فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة، فقال : والله ما ذلك عليه ، وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالإيمان ، فأنزل الله عز وجل فيه : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) فقال له النبي صلى الله عليه وآله عندها : يا عمار إن عادوا فعد ، فقد أنزل الله عذرك ، وأمرك أن تعود إن عادوا .
ففي هذا الحديث وغيره يتبين أن عماراً كفر كما أرادوا ولكن بلسانه فقط وقد أيده الله سبحانه، وأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يعود لذلك إن عادوا، وبعد ذلك رأينا كيف حفظ نفسه في نفع الاسلام فقد شارك في معارك النبي صلى الله عليه وآله واليمامة وغيرها ثم شارك في حروب أمير المؤمنين عليه السلام في الجمل واستشهد بصفين وعمره نيف وتسعون.
هذا يدل على أن عمارا ليس جبانا حاشاه، ومن اطلع على شجاعته وقتاله يتيقن من ذلك، ولكن نيته كانت للصالح العام لا للأنانية الأخروية، وهو الطريق الأفضل والأرشد من الطريق الاول وهو طلب الشهادة للذات، ويوضح ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله :" ابن سمية ما عرض عليه أمران قط الا اختار الأرشد منهما".
وهناك مقامات عالية لأولياء الله لا يصلها أصحاب النية الأولى نشير اليها بشكلٍ مقتضب:
قال تعالى:" وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون"
فمراتب الشرك كثيرة منها ما يخرج عن الملة ومنها ما لا يؤثر، بل مأمور به أحياناً، ولكنه يكون بمثابة الشرك لأصحاب المقامات العالية مثلا قوله تعالى:" ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين ).
ولكن هذه العبادة خوفا من النار وطمعا في الجنة يعتبرها اصحاب المقامات العالية مخلوطة بالشرك ولم تكن سليمة فالدافع ليس الله سبحانه بل الخوف من النار والطمع في الجنة وقد قال تعالى" يوم لا ينفع مال ولا بنون . إلا من أتى الله بقلب سليم". ومن يعبد الله بهذه الطريقة لم يكن قلبه سليما من غير الله ولهذا روي عن الامير انه قال " ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك".
نسأل الله ان يوفقنا لمرضاته ويجعل نياتنا افضل النيات والحمد لله رب العالمين.
تعليق