حديث الدهر أصدقه الفناء** وأكذب ما ينمقه البقاء
نؤمل في الزمان صفاء عيش **وما في هؤه الدنيا صفاء
ولكنا رأيناها بعين **عليها من مساويها غطاء
هي الداء العضال وليس يرجى** بغير الاعتبار له شفاء
وما أيامها إلا ركاب **ونحن الركب والموت الحداء
ولو كان الخلود بها نعيماً** لفازت بالخلود الانبياء
وما يسترجع الباكي فقيدا** وان ادمى محاجره البكاء
الم تر كيف قوضت المنايا** بناء العلم فانتقض البناء
فقيد قد فقدنا الصبر عنه** فذل الدمع إذ عز العزاء
نسر بما سيلقي من نعيم** ولكنا لضيعتنا نساء
ولو سيم الفدا رخصت وهانت** نفوس كان يغليها الفداء
كأن مدامع الباكين مدت** بنائله فعم بها الرواء
فيا من قد رأى قمرا منيرا** يمد سنا الشموس له ضياء
غياث الملتجي في الخطب يلقي** لديه الأمن ان عظم البلاء
وغوث المرتجى يلقى لديه** وشيك النجح ان خاب الرجاء
منار هدى أضاء وكل سار** له في ضوء طلعته اهتداء
ودارت حوله العلماء شعثا** كما دارت على الورود الظماء
وشرع محمد يبكي حسيناً** بعين كان منه لها ضياء
ولا عجب وقد وسع البرايا** نداه ان يضيق بها الفضاء
وكانت تستعير ذكاء منه** سناً فاليوم كاسفة ذكاء
أبو المحاسن الكربلائي
تعليق