بسم الله الرحمن الرحيم
قد لاتكون الشبهة المذكورة جديدة في المقام فقد تناولتها اقلام المؤالف والمخالف نقضاً وابراماً وحاول البعض من خلالها التشكيك في صدور رواية زيارة عاشوراء من الائمة عليهم السلام الا اننا احببنا ان نذكر جوابا شافياً كافيا ملزما لهم علهم يرعوون عن طرح مثل هذه الشبهات.
واولا نذكر الشبهة:
لا ريب انَّ اللعن والسُباب والشتم بما يخدش الحياء وبما يُعدُّ من الفحش لا يصدر من ذوي المروءة فضلاً عن الأتقياء وذوي الورع، فكيف يصدر اللعن في زيارة عاشوراء؟
الجواب:
لابد اولا ان نميز بين السب واللعن فالَّلعن دعاءٌ بالطرد من رحمة الله أو هو دعاء بالسخط من الله تعالى، وأما السُباب فهو الوصف لأحدٍ بما يُشينه ويُنفص من قدره كنسبته إلى بعض العيوب أو بعض المحقِّرات كالحيوان أو مواجهته بما يخدش الحياء وبما يُعدُّ من الفحش.
واللعن جائز بلا خلاف ويكفيك ما ورد في القران الكريم في لعن المستحق لذلك منها قوله تعالى:وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إلى يَوْمِ الدِّينِ1 ولعن طوائف من الناس لاجتراحهم ذنوباً نصَّ عليها القرآن في سياق اللعن:
فمن الذنوب التي لعن القرآن المُجترِح لها هي نسبة ما لا يليق بجلال الله تعالى إلى الله جلَّ وعلا، قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا2 .
ومنها: أي ومن تلك الذنوب الموجبة للَّعن هي كتمانُ الحقِّ والهدى، قال تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ3 .
ومنها: العدوان، والتمادي في المعصية: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ4 .
ومنها: نقضُ الميثاق، والخيانة، والإعراضُ عن الأوامر التي ذكَّر الله تعالى بها وفرضها عليهم قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ..5.
ومنها: الكذبُ على الله جلَّ وعلا: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ6
ومنها: التحريفُ للكلم، والطعنُ في الدين، والجحودُ لما أنزله اللهُ تعالى، والتجاوز لفرائض الله جلَّ وعلا، قال تعالى: ï´؟مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا7 .
ومنها: رميُ المحصنات الغافلات المؤمنات بالفجور والفاحشة، قال تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ8 .
ومنها: النفاق، واحداث الفتن بين الناس، قال تعالى: ï´؟لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا9 .
ومنها: الإيذاء لله تعالى وللرسول (ص)، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا10 .
ومنها: الزعامة في الدعوة إلى ما يُوجب الدخول في النار، وهؤلاء هم المُعبَّر عنهم بأئمة الضلال، قال تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ11 .
ومنها: التصدِّي للزعامة والولاية للإفساد في الأرض وقطع الأرحام، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم12 .
ومنها: قطعُ ما أمر اللهُ تعالى بوصله، ونقضُ العهود التي أُخذت عليهم من الله تعالى، والإفسادُ في الأرض، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ13 .
ومنها: الدأبُ على الكذب، والدأب على الظلم، قال تعالى: فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ14 وقال تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ15 وقال تعالى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ´16 .
فإذا كان القرآن الكريم قد لعن كلَّ هؤلاء فما هو الوجه في استبعاد صدور زيارة عاشوراء وغيرها من الزيارات لمجرَّد اشتمالها على اللعن؟! فهل الملعونون في الزيارات المأثورة أحسنُ حالاً من هؤلاء الذين لعنهم القرآن؟! أليس هؤلاء مُنطبَقاً للعديد من موارد اللعن في القرآن الكريم؟! ألم يكونوا من أجلى مصاديق الظالمين الذين قال الله تعالى فيهم: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ17 ، ألم ينقضوا عهد الله بعد ميثاقه وقطعوا ما أمر الله تعالى بوصله وعاثوا في الأرض فسادا، فهم مصداقٌ جليٌّ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ18 ومصداق جليٌّ لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم19 .
أليس فيهم زعماء البغاة كمعاوية الذين خرجوا على الإمام عليٍّ (ع) وقتلوا عمار بن ياسر، وقد أجمع المحدِّثون من الفريقين أنَّ رسول الله (ص) قد قال: "ويحُ عمار تقتله الفئةُ الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار"20 فهؤلاء بنصِّ رسول الله (ص) مصداقٌ لقوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ21 .
أليس فيهم من كتمَ الحقَّ وجحد بما أنزل اللهُ تعالى في كتابه وعلى لسان نبيِّه (ص) ودلَّسوا ولبَّسوا وكابروا وضلَّوا وأضلوا وصرفوا الحقَّ عن أهله وكذبوا على رسول الله (ص) فهم أولى الناس بقوله تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ´22 وأولى الناس بقوله تعالى: ï´؟فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ´23 فهم قد جحدوا آية الولاية، وآية التطهير، وآية التبليغ، وحديث الغدير، وحديث الثقلين، وحديث الدار، وحديث المنزلة، وحديث الطائر المشوي، وحديث السفينة، والعشرات بل المئات من الأحاديث التي صدعَ بها الرسول الكريم (ص).
أليس مَن لعنتهم زيارة عاشوراء والزيارات المأثورة هم مَن آذى رسول الله (ص) في في تجاوز وصاياه وأوامره بل وآذاوه في محضره في مثل يوم العقبة يوم عقدوا العزم وعمِلوا على اغتياله حين رجوعه من تبوك فقال الله تعالى: وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ24 ويوم رزية الخميس ثم لم يرعووا عن ايذائه بل تمادَوا فيه بالإصرار على تجاوز ما أمر اللهُ به وصدع به رسولُه (ص) وآذاوه في عترته منذُ أول يومٍ رحل فيه الرسول (ص) إلى ربِّه، فحرموهم ليس من مواقعهم وحسب بل حرموهم حتى من ميراثهم وما جعله اللهُ وسولُه (ص) لهم ثم مكَّنوا الطلقاء والمنافقين على غير أهليَّة من رقاب المسلمين فعدَوا على أهل بيت الرسول (ص) لعناً على المنابر وفي المحافل، وبهتاناً، وتقتيلاً، وسبياً وتشريداً، فهل من أحدٍ أولى بهذه الآية من هؤلاء ؟! وهي قوله تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا25 .
-------
سورة ص الآية/78.
سورة المائدة الآية/64.
سورة البقرة الآية/159.
سورة المائدة الآية/78.
سورة النساء الآية/155.
سورة هود الآية/18.
سورة النساء الآيتان/46-47.
سورة النور الآيتان/23-24.
سورة الأحزاب الآيتان/60-61.
سورة الأحزاب الآية/57.
سورة القصص الآيتان/41-42.
سورة محمد الآيتان/22-23.
سورة الرعد الآية/25.
سورة آل عمران الآية/61.
سورة آل عمران الآية/61.
سورة غافر الآية/52.
سورة الأعراف الآية/44.
سورة الرعد الآية/25.
سورة محمد الآيتان/22-23.
مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص91. / صحيح البخاري: ج3 ص207. / صحيح ابن حبان: ج15 ص554.
سورة القصص الآيتان/41-42.
سورة البقرة الآية/159.
سورة آل عمران الآية/61.
سورة التوبة الآية/74.
سورة الأحزاب الآية/57.
واولا نذكر الشبهة:
لا ريب انَّ اللعن والسُباب والشتم بما يخدش الحياء وبما يُعدُّ من الفحش لا يصدر من ذوي المروءة فضلاً عن الأتقياء وذوي الورع، فكيف يصدر اللعن في زيارة عاشوراء؟
الجواب:
لابد اولا ان نميز بين السب واللعن فالَّلعن دعاءٌ بالطرد من رحمة الله أو هو دعاء بالسخط من الله تعالى، وأما السُباب فهو الوصف لأحدٍ بما يُشينه ويُنفص من قدره كنسبته إلى بعض العيوب أو بعض المحقِّرات كالحيوان أو مواجهته بما يخدش الحياء وبما يُعدُّ من الفحش.
واللعن جائز بلا خلاف ويكفيك ما ورد في القران الكريم في لعن المستحق لذلك منها قوله تعالى:وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إلى يَوْمِ الدِّينِ1 ولعن طوائف من الناس لاجتراحهم ذنوباً نصَّ عليها القرآن في سياق اللعن:
فمن الذنوب التي لعن القرآن المُجترِح لها هي نسبة ما لا يليق بجلال الله تعالى إلى الله جلَّ وعلا، قال تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا2 .
ومنها: أي ومن تلك الذنوب الموجبة للَّعن هي كتمانُ الحقِّ والهدى، قال تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ3 .
ومنها: العدوان، والتمادي في المعصية: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ4 .
ومنها: نقضُ الميثاق، والخيانة، والإعراضُ عن الأوامر التي ذكَّر الله تعالى بها وفرضها عليهم قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ..5.
ومنها: الكذبُ على الله جلَّ وعلا: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ6
ومنها: التحريفُ للكلم، والطعنُ في الدين، والجحودُ لما أنزله اللهُ تعالى، والتجاوز لفرائض الله جلَّ وعلا، قال تعالى: ï´؟مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا7 .
ومنها: رميُ المحصنات الغافلات المؤمنات بالفجور والفاحشة، قال تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ8 .
ومنها: النفاق، واحداث الفتن بين الناس، قال تعالى: ï´؟لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا9 .
ومنها: الإيذاء لله تعالى وللرسول (ص)، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا10 .
ومنها: الزعامة في الدعوة إلى ما يُوجب الدخول في النار، وهؤلاء هم المُعبَّر عنهم بأئمة الضلال، قال تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ11 .
ومنها: التصدِّي للزعامة والولاية للإفساد في الأرض وقطع الأرحام، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم12 .
ومنها: قطعُ ما أمر اللهُ تعالى بوصله، ونقضُ العهود التي أُخذت عليهم من الله تعالى، والإفسادُ في الأرض، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ13 .
ومنها: الدأبُ على الكذب، والدأب على الظلم، قال تعالى: فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ14 وقال تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ15 وقال تعالى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ´16 .
فإذا كان القرآن الكريم قد لعن كلَّ هؤلاء فما هو الوجه في استبعاد صدور زيارة عاشوراء وغيرها من الزيارات لمجرَّد اشتمالها على اللعن؟! فهل الملعونون في الزيارات المأثورة أحسنُ حالاً من هؤلاء الذين لعنهم القرآن؟! أليس هؤلاء مُنطبَقاً للعديد من موارد اللعن في القرآن الكريم؟! ألم يكونوا من أجلى مصاديق الظالمين الذين قال الله تعالى فيهم: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ17 ، ألم ينقضوا عهد الله بعد ميثاقه وقطعوا ما أمر الله تعالى بوصله وعاثوا في الأرض فسادا، فهم مصداقٌ جليٌّ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ18 ومصداق جليٌّ لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم19 .
أليس فيهم زعماء البغاة كمعاوية الذين خرجوا على الإمام عليٍّ (ع) وقتلوا عمار بن ياسر، وقد أجمع المحدِّثون من الفريقين أنَّ رسول الله (ص) قد قال: "ويحُ عمار تقتله الفئةُ الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار"20 فهؤلاء بنصِّ رسول الله (ص) مصداقٌ لقوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ21 .
أليس فيهم من كتمَ الحقَّ وجحد بما أنزل اللهُ تعالى في كتابه وعلى لسان نبيِّه (ص) ودلَّسوا ولبَّسوا وكابروا وضلَّوا وأضلوا وصرفوا الحقَّ عن أهله وكذبوا على رسول الله (ص) فهم أولى الناس بقوله تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ´22 وأولى الناس بقوله تعالى: ï´؟فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ´23 فهم قد جحدوا آية الولاية، وآية التطهير، وآية التبليغ، وحديث الغدير، وحديث الثقلين، وحديث الدار، وحديث المنزلة، وحديث الطائر المشوي، وحديث السفينة، والعشرات بل المئات من الأحاديث التي صدعَ بها الرسول الكريم (ص).
أليس مَن لعنتهم زيارة عاشوراء والزيارات المأثورة هم مَن آذى رسول الله (ص) في في تجاوز وصاياه وأوامره بل وآذاوه في محضره في مثل يوم العقبة يوم عقدوا العزم وعمِلوا على اغتياله حين رجوعه من تبوك فقال الله تعالى: وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ24 ويوم رزية الخميس ثم لم يرعووا عن ايذائه بل تمادَوا فيه بالإصرار على تجاوز ما أمر اللهُ به وصدع به رسولُه (ص) وآذاوه في عترته منذُ أول يومٍ رحل فيه الرسول (ص) إلى ربِّه، فحرموهم ليس من مواقعهم وحسب بل حرموهم حتى من ميراثهم وما جعله اللهُ وسولُه (ص) لهم ثم مكَّنوا الطلقاء والمنافقين على غير أهليَّة من رقاب المسلمين فعدَوا على أهل بيت الرسول (ص) لعناً على المنابر وفي المحافل، وبهتاناً، وتقتيلاً، وسبياً وتشريداً، فهل من أحدٍ أولى بهذه الآية من هؤلاء ؟! وهي قوله تعالى: ï´؟إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا25 .
-------
سورة ص الآية/78.
سورة المائدة الآية/64.
سورة البقرة الآية/159.
سورة المائدة الآية/78.
سورة النساء الآية/155.
سورة هود الآية/18.
سورة النساء الآيتان/46-47.
سورة النور الآيتان/23-24.
سورة الأحزاب الآيتان/60-61.
سورة الأحزاب الآية/57.
سورة القصص الآيتان/41-42.
سورة محمد الآيتان/22-23.
سورة الرعد الآية/25.
سورة آل عمران الآية/61.
سورة آل عمران الآية/61.
سورة غافر الآية/52.
سورة الأعراف الآية/44.
سورة الرعد الآية/25.
سورة محمد الآيتان/22-23.
مسند أحمد بن حنبل: ج3 ص91. / صحيح البخاري: ج3 ص207. / صحيح ابن حبان: ج15 ص554.
سورة القصص الآيتان/41-42.
سورة البقرة الآية/159.
سورة آل عمران الآية/61.
سورة التوبة الآية/74.
سورة الأحزاب الآية/57.
تعليق