عند حبل المشنقة
وجاءت ساعة الشنق للرجل الشامخ آية الله الشيخ فضل الله النوري رحمه الله، وكان الناس المغلوبون على أمرهم يتفرجون على الموقف من بُعد مسافة، ويحول بينهم وبين منصة الشنق رجال الشرطة.
فأحضروا الشيخ بعمامته البيضاء وعباءته، وكان ماسكاً بيده عصاه ومحاطاً بالمأمورين.. يمشي مشية الصامدين، وكأن الصبر يمشي متمثلاً في رجل، ثابت القدم، بارد الأعصاب، مطمئن النفس، سليم القلب.
هكذا وصفه أعداؤه الذين انبهروا بقوة شخصيته الإيمانية العظيمة.. وقد نقلوا تلك اللحظات كما يلي:
ألقى الشيخ النوري نظرة على الناس المتجمهرين، ثم نظر إلى السماء وتلا قوله تعالى: { وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد }.. ثم خطا نحو المشنقة.. وكان الوقت ساعة ونصف قبل غروب الشمس من اليوم الثالث عشر من شهر رجب سنة (1327) للهجرة، يوم ميلاد الإمام علي أمير المؤمنين (ع).
وفي الأثناء عصفت رياح شديدة، وكانت لحيته البيضاء الطويلة تجاذبها الرياح يمنة ويسرة، ولكن الشيخ البالغ من العمر سبعين عاماً، لم تحرّكه رياح الهزيمة سياسية كانت أم طبيعية.
وفجأة نادى الشيخ خادمه من بين الناس، واسمه ( ناد علي )، فأخذ يشق صفوف الناس حتى أوصل نفسه إلى الشيخ وقال: نعم سيدي، فخمد ضجيج المتجمهرين، لينظروا ما شأن الشيخ مع خادمه.. فرأوه قد أدخل يده في جيبه، وأعطى خادمه ( ختمه ) الذي كان يوقع به رسائله وبياناته، فأمره أن يكسر الختم، كيلا يقع بعد شنقه بيد أعدائه، فيزوّرون به آراءه، ومواقفه للناس، ولمن يأتي بعده .. إنه حقاً لمن المواقف البطولية الفريدة من نوعها.. فنفّذ الخادم طلب الشيخ أمام عين الشيخ ومرأى الناس.
عند ذلك رمى الشيخ بعصاه على الأرض، ثم خلع عباءته السوداء الرقيقة الصيفية ورماها أمام الناس، ثم أركبه الشرطة على ظهر بغلة استعداداً للشنق، فأخذ يخطب في الناس عشر دقائق.. فمما قاله لهم:
" إلهي!.. اشهد أنني قلت للناس ما لزم لي قوله.. إلهي!.. كن شاهداً أنني أقسمت للناس بقرآنك الكريم.. إلهي!.. اشهد لي في هذه اللحظات الأخيرة، فإني أكرر قولي لهم: إن القائمين في هذه الحكومة أناس ليس لهم دين، ولقد أضلوا الناس بدعاياتهم، إن أساس هذه الحكومة مخالف للإسلام، وليبقى الحكم بيني وبينكم عند النبي محمد بن عبدالله (ص).
وهنا أُخذ الشيخ عمامته ورفعها بيده يلوح بها أمام الناس وهو يخاطب العلماء: أنه إذا سلبوا مني هذه العمامة، اعلموا أنهم سوف يسلبونها منكم يوماً.. ثم رماها إلى الناس.
وفي هذه الأثناء وضعوا حبل المشنقة في رقبة الشيخ، وحرّكوا البغلة من تحته، ورفعوا الحبل، فأصبح الشيخ معلقاً مشنوقاً.. وهبت الرياح بشدة مرة أخرى، وارتفع الغبار من الأرض، وكان الجو حاراً والناس يتصببون عرقاً.
يضيف راوي هذه اللحظات: أننا رأينا فيما بعد كيف ابتلي كل من ساهم في هذه الجريمة، فتورط في مشاكل لم يحسب لها حساباً من قبل. بالفارسية
(شهداى روحانيت)/ ص117-118
وجاءت ساعة الشنق للرجل الشامخ آية الله الشيخ فضل الله النوري رحمه الله، وكان الناس المغلوبون على أمرهم يتفرجون على الموقف من بُعد مسافة، ويحول بينهم وبين منصة الشنق رجال الشرطة.
فأحضروا الشيخ بعمامته البيضاء وعباءته، وكان ماسكاً بيده عصاه ومحاطاً بالمأمورين.. يمشي مشية الصامدين، وكأن الصبر يمشي متمثلاً في رجل، ثابت القدم، بارد الأعصاب، مطمئن النفس، سليم القلب.
هكذا وصفه أعداؤه الذين انبهروا بقوة شخصيته الإيمانية العظيمة.. وقد نقلوا تلك اللحظات كما يلي:
ألقى الشيخ النوري نظرة على الناس المتجمهرين، ثم نظر إلى السماء وتلا قوله تعالى: { وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد }.. ثم خطا نحو المشنقة.. وكان الوقت ساعة ونصف قبل غروب الشمس من اليوم الثالث عشر من شهر رجب سنة (1327) للهجرة، يوم ميلاد الإمام علي أمير المؤمنين (ع).
وفي الأثناء عصفت رياح شديدة، وكانت لحيته البيضاء الطويلة تجاذبها الرياح يمنة ويسرة، ولكن الشيخ البالغ من العمر سبعين عاماً، لم تحرّكه رياح الهزيمة سياسية كانت أم طبيعية.
وفجأة نادى الشيخ خادمه من بين الناس، واسمه ( ناد علي )، فأخذ يشق صفوف الناس حتى أوصل نفسه إلى الشيخ وقال: نعم سيدي، فخمد ضجيج المتجمهرين، لينظروا ما شأن الشيخ مع خادمه.. فرأوه قد أدخل يده في جيبه، وأعطى خادمه ( ختمه ) الذي كان يوقع به رسائله وبياناته، فأمره أن يكسر الختم، كيلا يقع بعد شنقه بيد أعدائه، فيزوّرون به آراءه، ومواقفه للناس، ولمن يأتي بعده .. إنه حقاً لمن المواقف البطولية الفريدة من نوعها.. فنفّذ الخادم طلب الشيخ أمام عين الشيخ ومرأى الناس.
عند ذلك رمى الشيخ بعصاه على الأرض، ثم خلع عباءته السوداء الرقيقة الصيفية ورماها أمام الناس، ثم أركبه الشرطة على ظهر بغلة استعداداً للشنق، فأخذ يخطب في الناس عشر دقائق.. فمما قاله لهم:
" إلهي!.. اشهد أنني قلت للناس ما لزم لي قوله.. إلهي!.. كن شاهداً أنني أقسمت للناس بقرآنك الكريم.. إلهي!.. اشهد لي في هذه اللحظات الأخيرة، فإني أكرر قولي لهم: إن القائمين في هذه الحكومة أناس ليس لهم دين، ولقد أضلوا الناس بدعاياتهم، إن أساس هذه الحكومة مخالف للإسلام، وليبقى الحكم بيني وبينكم عند النبي محمد بن عبدالله (ص).
وهنا أُخذ الشيخ عمامته ورفعها بيده يلوح بها أمام الناس وهو يخاطب العلماء: أنه إذا سلبوا مني هذه العمامة، اعلموا أنهم سوف يسلبونها منكم يوماً.. ثم رماها إلى الناس.
وفي هذه الأثناء وضعوا حبل المشنقة في رقبة الشيخ، وحرّكوا البغلة من تحته، ورفعوا الحبل، فأصبح الشيخ معلقاً مشنوقاً.. وهبت الرياح بشدة مرة أخرى، وارتفع الغبار من الأرض، وكان الجو حاراً والناس يتصببون عرقاً.
يضيف راوي هذه اللحظات: أننا رأينا فيما بعد كيف ابتلي كل من ساهم في هذه الجريمة، فتورط في مشاكل لم يحسب لها حساباً من قبل. بالفارسية
(شهداى روحانيت)/ ص117-118
تعليق