تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
من منطلق أن افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم وبعد أن كثرت الإشكالات على أتباع ابن تيمية بتجسيمهم الظاهر والذي لا مرية فيه، حاولوا أن يدافعوا عن أنفسهم بنسبة التجسيم للخصوم فيأتون برواية من هنا وقول من هناك ويفسرونه بحسب مبانيهم هم، ليتهموا الاخرين بالتجسيم. ومن هذه الاتهامات السخيفة تفسيرهم لروايات كامل الزيارات عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللَّه [الصادق] عليه السلام: بَينَما رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله في مَنزِلِ فاطِمَةَ عليها السلام وَالحُسَينُ عليه السلام في حِجرِهِ، إذ بَكى وخَرَّ ساجِداً، ثُمَّ قالَ: يا فاطِمَةُ يا بِنتَ مُحَمَّدٍ، إنَّ العَلِيَّ الأَعلى تَراءى لي في بَيتِكِ هذا، في ساعَتي هذِهِ، في أحسَنِ صورَةٍ وأهيَأِ هَيئَةٍ، فَقالَ لي:يا مُحَمَّدُ، أتُحِبُّ الحُسَينَ؟ قُلتُ: نَعَم يا رَبِّ، قُرَّةُ عَيني ورَيحانَتي، وثَمَرَةُ فُؤادي، وجِلدَةُ ما بَينَ عَينَيَّ.
فَقالَ لي: يا مُحَمَّدُ ـ ووَضَعَ يَدَهُ عَلى رَأسِ الحُسَينِ(۱) ـ بورِكَ مِن مَولودٍ، عَلَيهِ بَرَكاتي وصَلَواتي ورَحمَتي ورِضواني؛ ونَقِمَتي ولَعنَتي وسَخَطي وعَذابي وخِزيي ونَكالي(۲) عَلى مَن قَتَلَهُ وناصَبَهُ وناواهُ ونازَعَهُ.
أما إنَّهُ سَيِّدُ الشُّهَداءِ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ، وسَيِّدُ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ مِنَ الخَلقِ أجمَعينَ، وأبوه أفضَلُ مِنهُ وخَيرٌ، فَأَقرِئهُ السَّلامَ، وبَشِّرهُ بِأَنَّهُ رايَةُ الهُدى، ومَنارُ أولِيائي، وحَفيظي وشَهيدي عَلى خَلقي، وخازِنُ عِلمي، وحُجَّتي عَلى أهلِ السَّماواتِ، وأهلِ الأَرَضينَ، وَالثَّقَلَينِ الجِنِّ وَالإِنسِ.(۳)
فيقولون هذه الرواية ظاهرة في التجسيم، فهي تقول إن الله تعالى ظهر لنبيه صلى الله عليه وآله في الدنيا وهذه الباصرة لا ترى الا الاجسام، وأكثر من ذلك فانها صريحة في وضع يد الله تعالى على رأس الحسين عليه السلام، مما يثبت ان لله تعالى اعضاء؟
ونقول لهم مرة أخرى: يصدق عليكم المثل القائل: رمتني بدائها وانسلت.
ونقول: تكون للرواية هذه المعاني المتقدمة إذا فسّرناها وفق مبانيكم من نفي المجاز في اللغة وعدم تأويل الصفات هذه المباني التي أوقعتكم في التجسيم، ولم تتخلصوا منها لعنادكم وإصراركم على غيّكم. أما باقي المسلمين ومنهم الامامية أعلى الله رايتهم وسدّد خطاهم فهم كباقي العقلاء يفسّرون الايات والروايات التي يكون في معناها الحقيقي نسبة نقص لله تعالى بحسب المعاني المجازية المناسبة لكماله تعالى وتنزهه عن كل عيب ونقص، وإليك أحد تفسيرات علمائنا رحمهم الله تعالى:
قال المجلسي قدس سرّه: «إنّ العليّ الأعلى» أي رسوله جبرئيل، أو يكون الترائي كناية عن غاية الظهور العلمي. وحُسن الصورة: كناية عن ظهور صفات كماله تعالى له. ووضع اليد: كناية عن إفاضة الرحمة.
وقال التستري في الخصائص الحسينية:
والمراد من الترائي: غاية الظهور العلمي، وبحسن الصورة: ظهور صفات الكمال. ووضع اليد: كناية عن افاضة الرحمة الخاصة على الامام الحسين صلوات الله تعالى عليه.(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار: ج 44 ص ۲۳۸.
(2) النِّكال: العقوبة التي تَنْكُل الناس عن فعل ما جعلت له جزاءً (النهاية: ج ۵ ص ۱۱۷ «نكل»).
(3) كامل الزيارات: ص ۱4۷ ح ۱۷4، بحار الأنوار: ج 44 ص ۲۳۸ ح ۲۹.
(4) الخصائص الحسينية ص34.