من أعظم نعم الله علينا نعمة البنون ))المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَوةِ الدُّنيَا(). ولا يعرف عظم هذه النعمة إلا من حُرم منها، وهذه النعمة ما هي إلا أمانة ومسئولية سنُسأل عنها يوم القيامة. وللأسف أن هناك نسبة كبيرة من الآباء يفرطون في تربية أبنائهم إما باللين المتناهي أو بالشدة المتعسفة فتصبح هذه النعمة نقمة عليهم ، وتكون وبالاً عليهم في الدنيا والآخرة.
اخيتي.....ومستمعه وأعضاء المنتدى
مشكلتك هذه لا نستطيع أن نعالجها بكلمة أو كلمتين ، فهي مشكلة شائكة يتعرض لها العديد من أبنائنا وبناتنا في مجتمعنا. ولكي نتمكن من حلها علينا أن ننظر إليها من جميع الجوانب، ونبحث في الماضي والحاضر، ونتمعن في دواخل الأفراد المعنيين بها، لنعرف الأسباب والدوافع الحقيقية لها، لنتمكن من إيجاد الحل المناسب لها لذا:
* حاولي أن تتعرفي على السبب أو الأسباب التي تجعل زوجك يتعامل مع ابنه الأكبر بهذه الطريقة.
وهل هذه هي معاملته له منذ ولادته أو أنها اختلفت عن قبل؟
فقد يكون زوجك قد نشأ وتربى بنفس الطريقة وتعرض في صغره لنفس الأحداث أو ما شابهها فأحدث لديه ذلك خللا في شخصيته، وتولدت لديه قناعة ويقين بأن الطرف الأقوى هو الطرف الأقدر على السيطرة، واستمر معه هذا الإحساس مع تقدمه في العمر، ولهذا كرر نفس الطريقة دون أن يدري لتكون متنفسا له عن ما كان يقاسيه ويعانيه من والده الذي كان يقسو عليه في الماضي.
هل هذا هو أسلوبه في التعامل أم انه شيء مستجد في السنوات الأخيرة فقط؟
فقد يكون الأب في الآونة الأخيرة يتعرض لبعض الضغوط النفسية والمادية، التي لا يستطيع أن يتجاوزها أو يعبر عن استياءه منها. فلم يجد متنفسا له سوى عقاب ابنه عن أي تصرفات تصدر منه، دون أن يدري ما أسبابها، ودون أن يكلف نفسه معاناة معرفة مشاكل ابنه، أو علاجها.
هل تعرض زوجك لبعض المواقف أم هل يتشاءم من ولده ولهذا يتعامل معه بهذه الطريقة؟
قد يكون الأب من النوع المتشائم ولسوء حظ ابنه انه يتشاءم منه ومن تصرفاته، لذا لا يقبل أي تصرف منه ويعامله بقسوة. فإذا كانت هذه هي المشكلة عليك أن تحاولي حلها وتخلصيه من هذه المشاعر
هل كانت الحياة بينكما مستقرة أم كانت متوترة وكانت العلاقة بينه وبين ولده متفككة من بدايتها؟ هل كان الأب هو المسئول عن الأسرة وهل كان متواجدا معكم أم لا؟ وهل كان الأب أو الابن سببا في حدوث أي مشكلة من قبل كالطلاق؟
حيث تنشأ في الغالب كراهية أو نفور مؤقت من بعض الأبناء للآباء، نتيجة حدث معين تعرض له الطفل هو أو أمه أو احد أفراد أسرته المقربين له في يوم من الأيام، خاصة في سنوات عمره الأولى التي لا يعي فيها الطفل أو يدرك أبعاد الأمور أو الأحداث. وقد يشعر الوالد بكراهية أو نفور أحد أولاده منه، فتنشئ ردة فعل لا إرادية منه فيعامله بقسوة دون أن يشعر ويفرق بينه وبين إخوته.
فإذا كانت هذه هي احد الأسباب التي أدت إلى هذه الفجوة والمعاملة القاسية التي يتعرض لها ابنك، عليك أن تعملي جاهده على إزالة مشاعر الكراهية أو النفور بين الطرفين وتزرعي بدلا منها مشاعر المودة والرحمة، وسبيلك إلى ذلك أولا احتساب الأجر عند الله تعالى, والدعاء والتذكير بحقوق الوالدين وبرهما، وضرورة التقرب لهما وبذل كل غال ورخيص من اجل رضاهما وسعادتهما
هل هو متزوج بأخرى وما موقفها من ولده الأكبر؟
إذا كان زوجك متزوج بأخرى قد تكون هي السبب في إحداث هذه الفجوة بينهما، فإذا كان هذا الاحتمال وارد، حاولي أن تتعرفي على الأسباب الحقيقية وراء هذا الخلاف، وحاولي أن تجدي له حلا في أسرع وقت ثم تعيدي بناء العلاقة بين الأب وابنه من جديد بالشكل الصحيح .
ما هي طباع ابنك الكبير؟ هل هو مشاكس؟ مستفز؟ مزعج..... وهل ولدك يحترم والده ويقدره، أم انه لا يهتم به وهذه ردة فعل من والده تجاه تصرفاته؟
فقد تكون قسوته هذه طريقة لفرض شخصيته على ابنه المشاكس الذي لا يقيم لكلمته وزنا. لذا يريد أن يفرض عليه طاعته بشكل قهري فلا يترك له حرية التعبير عن رأيه، وغفل أن أبنه بحاجة إلى الاهتمام والتقدير وبحاجة إلى القدوة الحسنة لا إلى النقد والمعاتبة على تصرفاته وأفعاله.
* اطلبي من زوجك أن يغير من أسلوب معاملته لولده فترة معينة ولنقل عدة أشهر ثم يقارن الفرق في تصرفات ولده السابقة والحالية.
* اطلبي منه أن يكون بمثابة الصديق لولده، وأن يصيغ أوامره التي يريدها من ولده بشكل طلبات ومقترحات مصحوبة بابتسامات مشرقة وبنبرات صوت هادئة تنم على الحب والتقدير، لتعزيز الجانب المشرق والمضيء في شخصيته وليتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في التربية: " لاعبه سبعا ثم أدبه سبعا ثم صاحبه سبعا ".
* أكدي له ضرورة توفير الدعم المعنوي والعاطفي لابنه الذي لا يقل أهمية عن توفير الدعم المادي . فالإنسان يحتاج إلى العطف والحنان والاحترام، لبناء شخصيته وشعوره بالأمن والاستقرار. وعندما يتعرض للتعنيف والتوبيخ المستمر سيكون ذلك سببا في قتل طموحاته ، واهتزاز ثقته بنفسه، وتبلد أحاسيسه واستمراره في غيه وسلوكه السلبي.
هل هناك معتقدات وقواعد راسخة في عقل زوجك تؤكد له أن تربية الأولاد الجيدة ما هي إلا بالقسوة عليهم لكي يصبحوا رجالا؟
إذا كان الأمر كذلك عليك أن تستخدمي معه جميع اللغات التي يمكنك أن تتقنيها فتتحدثي معه تارة بلغة العاطفة، وتارة بلغة العقل والمنطق إلى أن تتمكني من إقناعه بأن أسلوبه الذي يتبعه في تربية أبنائه خاصة أكبرهم ماهو إلا أسلوب خاطئ لن يوصله إلى هدفه النبيل، ولن يحصد من بعده إلا الحسرة والندامة.
* عليك أن تذكريه بالقواعد الثلاث الأساسية للتربية: وهي الصداقة ، ولغة الحوار الهادف بين الآباء والأبناء التي تجمع بين العاطفة والعقل، والمعاملة الحسنة التي تولد الحب والاحترام والتقدير بينهما.
* حذريه من الإفراط في استخدام أسلوب العقاب المستمر كالحرمان الشديد أو السخرية والتعنيف والتحقير والضرب بالذات، فقد اثبت علم النفس أن الضرب وسيلة تربوية فاشلة، وان الرفق خير وسيلة تستخدم في التربية. وعليه أن يتذكر قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم" ما كان الرفق في شئ إلا زانه وما كان العنف في شئ إلا شانه".
* نبهيه أن العقاب الذي يعاقب به ابنه والذي يهدف من خلاله أن يؤكد له حرصه وخوفه عليه، لن يصل لابنه كما يريد ويأمل، بل العكس، حيث ستصل إليه رسالة أخرى تعزز لديه مشاعر القلق والحيرة والعجب، ويظن الابن أن ما يفعله والده فيه ليس إلا كرها له ورغبه من والده في قهره، فتكون ردة فعله في كثير من الأحيان عكس ما يتوقع الأب ويزيد الابن من نفوره وعناده أكثر وأكثر.
* عليك أن تبذلي جميع الطرق وتستخدمي جميع الوسائل التي يمكنك من خلالها أن تذكريه أو تعززي لديه الشعور باحتياجات جميع أبناءه لعطفه وحنانه، خاصة أكبرهم لينشئوا في بيئة سوية ويتمكنوا من بركم والإحسان إليكم والعطف عليكم خاصة في كبركم عندما تحتاجون إليهم.
* ذكريه بأن أبنائه في صغرهم كالبذرة التي تحتاج إلى عناية ورعاية مستمرة إلى أن تكبر وتثمر لتعود بالنفع على صاحبها، وانه الآن يزرع ما يتمنى أن يحصده في المستقبل، فان زرع في أبنائه معاني الحب والمودة والعطف والإحسان سيحصد حبا وعطفا وحنانا.. أما إذا زرع الجفاء والقسوة والنفور فسيحصد في مستقبل الأيام مرارا وحرمانا.
هل يشعر بخيبة الأمل، لأن ولده لم يصبح نسخة منه؟
فللأسف أن بعض الآباء لا يقبل إلا أن يكون ولده نسخة مكررة منه، وهذه مشكلة دائمة بين الآباء والأبناء في كل مكان وزمان، ويطلق عليها صراع الأجيال, فكل جيل له مفاهيمه وأفكاره المختلفة عن الجيل السابق له.
فإذا كانت هذه احد المسببات لقسوته، عليك أن تنصحيه بأن يكون قدوة صالحة لولده قولا وعملا، وليستخدم معه لغة الحوار للتخاطب معه ليقنعه برأيه وأفكاره أو يقتنع هو برأي ولده، وليحمله قدرا من المسئولية، وليصبرعلى زلاته وهفواته، ويقومها برفق ولين، إلى أن يرى فيه نفسه.
هل لا تعجبه تصرفات ابنه هذا بالذات، ولديه قناعة بأن ولده هذا لا يحسن التصرف؟
إذا كان الأمر كذلك أقنعيه بأن يحاول تغيير نظرته هذه لإبنه ولتصرفاته، وينظر إلى الأمور بنظرة ايجابية ، ويعتبر كل ضرر يحدث في المنزل من احد أطفاله بمثابة الدرس الجديد الذي يتعلم منه الطفل أمورا كثيرة في حياته، وبهذا يمكنه أن يقلل من نوبات الثورة والغضب التي يتعرض لهما فتقل بذلك قسوته على أطفاله. وأكدي له أن هناك بعض السلوكيات الجيدة لدى ابنه من المستحسن أن ينميها، ولكنه بأسلوب العقاب الخاطئ الذي يستخدمه معه سيحد من ذلك وسيحرمه من فرصة تطويره وتنميته.
* اعقدي معه اتفاق لتنمية السلوكيات الإيجابية لدى أبنائكما ، وتوفير أوقاتكم ومجهودكم في إنتاج سلوكيات سليمة لديهم، وعدم تضييع الوقت في الانفعالات الهدامة، وتوبيخهم المستمر. وذلك بسؤالهم أولا عن سبب ما يفعلوه وليس بعقابهم مباشرة، ومن ثم شكرهم على حسن نيتهم، وتوجيههم إلى الأسلوب الصحيح الذي يمكنهم أن يحققوا به مرادهم.
* قد لا يكون زوجك يتعمد القسوة على ولده ولكنه يعاقبه دون أن يدري ، خاصة إذا كان احد أو بقية أبناءه يحسن التصرف بعكسه. ولذلك يظل يعامله بطريقة تختلف عن معاملته للآخرين، فيشعر الابن بالتفريق بينه وبين إخوته وتبدأ الفجوة، فعليك أن تنبهيه إلى خطورة هذا الخطأ الذي سيقع فيه من عدم العدل بين أبناءه، والذي قد يكون سببا في التفرقة بينهم وزرع الحقد والكراهية حتى بعد موته. فعليه أن لا يقارن أو يميز بين أولاده، ولابد له من مراعاة الفوارق الفردية بين الأبناء، ومعاملتهم سواسية بالعدل.
هل يعتقد أن الدلال والحنان يُضيع الأولاد في هذا الزمان؟ ولذلك فهو يتصرف مع ولده على هذا الأساس؟
حيث يعتقد بعض الآباء أن أسلوب القسوة في تربية الأبناء هو الأسلوب الصحيح لكي لا يضيعون أو يقعون فريسة لرفقاء السوء أو المخدرات خاصة في هذا الزمان، لصعوبة التحكم بهم وتوجيههم إلى الصواب، لذا يصرون دوما على معاقبتهم لكي يصبحوا أشداء قادرين على تحمل الصعوبات. فإن كانت هذه هي وجهة نظره عليك أن تذكريه بأن ولده قد كبر وان أسلوب القسوة هذا لم يعد يجدي معه نفعا، ولن يجني من وراءه إلا كراهية ولده له وعدوانيته. وانه من المفترض أن يتخذه صديقا له، ليكون له سندا يعتمد عليه في المستقبل، وإلا فإنه سينفض من حوله (( لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)) ويبتعد عنه بمجرد إحساسه بقدرته على الاعتماد على نفسه، عندما يكون في أشد الحاجة إليه.
وعليه أن يدرك أن الزمن لم يعد كما كان وان الأجيال اختلفت، وأن ولده أصبح شابا وانه لا بد أن تصدر منه مواقف طيش في بعض الأحيان، فعليه أن يعرف كيف يتحكم في أعصابه ويوجه ولده برفق إلى الصواب وأن يستخدم الأسلوب المناسب الذي يمكن أن يوصله لأهدافه دون أن يؤثر سلبا على ولده.
* إذا لم يكن زوجك يقبل منك أسلوب المواجهة والحوار المفتوح، قصي عليه بعض القصص الواقعية التي كانت تربية الآباء القاسية لأبنائهم سببا في عقوق أبنائهم لهم، ليراجع حساباته في طريقة تربيته لإبنه ويتقي الله فيه.
عليك أن تناقشي الأمر مع ابنك الأكبر بصراحة، ولا تؤجلي الأمر أو تتركي المشاكل معلقة، فعادة ما يسبب سوء الفهم الناتج عن المشاعر السلبية خاصة الغير مصرح بها مشاكل لا حصر لها.
* حاولي أن تعيدي ثقة ومحبة ابنك لأبيه، اشرحي له أن والده يحبه كأخوته وان تفريقه في معاملته وقسوته عليه دون إخوته ما هو إلا حرصا عليه وخوفا على مستقبله رغم انه أسلوب خاطئ.
* اطلبي منه أن يلتمس لوالده العذر ويحاول أن يبدأ معه صفحة جديدة، بحيث تكون العلاقة بينهما قائمة على الصراحة والمحبة والتسامح. واشرحي له أسباب معاملة والده القاسية له إن كان هناك أسباب لذلك ، وبيني له كيف يتعامل معه ومع من حوله وكيف يخرج من المواقف المحرجة التي قد يتعرض لها بذكاء، واطلبي منه أن لا يتردد في إبلاغك بأي مشكله تحدث له لحلها معه، لتتمكني من تحطيم جميع الحواجز المقامة بينهما
* ذكري ولدك بحق والده عليه مهما أساء له، ومهما أخطأ، وانه ملزم ببره وطاعته إلا في معصية الله، واغرسي في نفسه تعظيم الله عز وجل .
حاولي أن تكوني أنت صداقة قوية مع ولدك عن طريق :
· منحه الشعور بالأمن والأمان، ومساعدته على الاستمتاع بحياته مع السماح له بالاستقلالية المقننة.
· مساعدته على بناء شخصيته وثقته بنفسه وبوالده، وإرساء علاقات ثابتة قوية مع أفراد العائلة ومن حوله.
· تشجيعه على المشاركة والتعاون معك في شئون المنزل والأسرة، ومساعدته على معرفة الطرق التي يمكنه من خلالها أن يتعامل مع المواقف الحرجة التي يتعرض لها، مع إعطائه بعض الأمثلة الحية.
· مساعدته على تنمية مواهبه العقلية والجسدية والفنية والرياضية.
· تشجيعه على التحلي بالمبادئ والقيم الإسلامية .
· حثه على التعامل مع غضبه والمعوقات التي قد تواجهه في حياته بروية وحكمة، والتحكم في رغباته، وتعريفه بالأساليب التي يمكنها أن تساعده على التغلب على مخاوفه وتعليمه كيفية حل المشاكل التي يتعرض لها.
· معرفة طموحاته المستقبلية، ووضعها في إطار واقعي، ومحاولة تطوير مهاراته الشخصية والتعليمية ليتمكن من تحقيق ما يطمح إليه.
استعيني أولا وأخيرا بالله وادعيه ليلا ونهارا وأحتسبي الله واصبري على ما ستواجهينه من مشاكل وستنتصرين في النهاية وتحصلين على مرادك باذن الله.
اخيتي.....ومستمعه وأعضاء المنتدى
مشكلتك هذه لا نستطيع أن نعالجها بكلمة أو كلمتين ، فهي مشكلة شائكة يتعرض لها العديد من أبنائنا وبناتنا في مجتمعنا. ولكي نتمكن من حلها علينا أن ننظر إليها من جميع الجوانب، ونبحث في الماضي والحاضر، ونتمعن في دواخل الأفراد المعنيين بها، لنعرف الأسباب والدوافع الحقيقية لها، لنتمكن من إيجاد الحل المناسب لها لذا:
* حاولي أن تتعرفي على السبب أو الأسباب التي تجعل زوجك يتعامل مع ابنه الأكبر بهذه الطريقة.
وهل هذه هي معاملته له منذ ولادته أو أنها اختلفت عن قبل؟
فقد يكون زوجك قد نشأ وتربى بنفس الطريقة وتعرض في صغره لنفس الأحداث أو ما شابهها فأحدث لديه ذلك خللا في شخصيته، وتولدت لديه قناعة ويقين بأن الطرف الأقوى هو الطرف الأقدر على السيطرة، واستمر معه هذا الإحساس مع تقدمه في العمر، ولهذا كرر نفس الطريقة دون أن يدري لتكون متنفسا له عن ما كان يقاسيه ويعانيه من والده الذي كان يقسو عليه في الماضي.
هل هذا هو أسلوبه في التعامل أم انه شيء مستجد في السنوات الأخيرة فقط؟
فقد يكون الأب في الآونة الأخيرة يتعرض لبعض الضغوط النفسية والمادية، التي لا يستطيع أن يتجاوزها أو يعبر عن استياءه منها. فلم يجد متنفسا له سوى عقاب ابنه عن أي تصرفات تصدر منه، دون أن يدري ما أسبابها، ودون أن يكلف نفسه معاناة معرفة مشاكل ابنه، أو علاجها.
هل تعرض زوجك لبعض المواقف أم هل يتشاءم من ولده ولهذا يتعامل معه بهذه الطريقة؟
قد يكون الأب من النوع المتشائم ولسوء حظ ابنه انه يتشاءم منه ومن تصرفاته، لذا لا يقبل أي تصرف منه ويعامله بقسوة. فإذا كانت هذه هي المشكلة عليك أن تحاولي حلها وتخلصيه من هذه المشاعر
هل كانت الحياة بينكما مستقرة أم كانت متوترة وكانت العلاقة بينه وبين ولده متفككة من بدايتها؟ هل كان الأب هو المسئول عن الأسرة وهل كان متواجدا معكم أم لا؟ وهل كان الأب أو الابن سببا في حدوث أي مشكلة من قبل كالطلاق؟
حيث تنشأ في الغالب كراهية أو نفور مؤقت من بعض الأبناء للآباء، نتيجة حدث معين تعرض له الطفل هو أو أمه أو احد أفراد أسرته المقربين له في يوم من الأيام، خاصة في سنوات عمره الأولى التي لا يعي فيها الطفل أو يدرك أبعاد الأمور أو الأحداث. وقد يشعر الوالد بكراهية أو نفور أحد أولاده منه، فتنشئ ردة فعل لا إرادية منه فيعامله بقسوة دون أن يشعر ويفرق بينه وبين إخوته.
فإذا كانت هذه هي احد الأسباب التي أدت إلى هذه الفجوة والمعاملة القاسية التي يتعرض لها ابنك، عليك أن تعملي جاهده على إزالة مشاعر الكراهية أو النفور بين الطرفين وتزرعي بدلا منها مشاعر المودة والرحمة، وسبيلك إلى ذلك أولا احتساب الأجر عند الله تعالى, والدعاء والتذكير بحقوق الوالدين وبرهما، وضرورة التقرب لهما وبذل كل غال ورخيص من اجل رضاهما وسعادتهما
هل هو متزوج بأخرى وما موقفها من ولده الأكبر؟
إذا كان زوجك متزوج بأخرى قد تكون هي السبب في إحداث هذه الفجوة بينهما، فإذا كان هذا الاحتمال وارد، حاولي أن تتعرفي على الأسباب الحقيقية وراء هذا الخلاف، وحاولي أن تجدي له حلا في أسرع وقت ثم تعيدي بناء العلاقة بين الأب وابنه من جديد بالشكل الصحيح .
ما هي طباع ابنك الكبير؟ هل هو مشاكس؟ مستفز؟ مزعج..... وهل ولدك يحترم والده ويقدره، أم انه لا يهتم به وهذه ردة فعل من والده تجاه تصرفاته؟
فقد تكون قسوته هذه طريقة لفرض شخصيته على ابنه المشاكس الذي لا يقيم لكلمته وزنا. لذا يريد أن يفرض عليه طاعته بشكل قهري فلا يترك له حرية التعبير عن رأيه، وغفل أن أبنه بحاجة إلى الاهتمام والتقدير وبحاجة إلى القدوة الحسنة لا إلى النقد والمعاتبة على تصرفاته وأفعاله.
* اطلبي من زوجك أن يغير من أسلوب معاملته لولده فترة معينة ولنقل عدة أشهر ثم يقارن الفرق في تصرفات ولده السابقة والحالية.
* اطلبي منه أن يكون بمثابة الصديق لولده، وأن يصيغ أوامره التي يريدها من ولده بشكل طلبات ومقترحات مصحوبة بابتسامات مشرقة وبنبرات صوت هادئة تنم على الحب والتقدير، لتعزيز الجانب المشرق والمضيء في شخصيته وليتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم في التربية: " لاعبه سبعا ثم أدبه سبعا ثم صاحبه سبعا ".
* أكدي له ضرورة توفير الدعم المعنوي والعاطفي لابنه الذي لا يقل أهمية عن توفير الدعم المادي . فالإنسان يحتاج إلى العطف والحنان والاحترام، لبناء شخصيته وشعوره بالأمن والاستقرار. وعندما يتعرض للتعنيف والتوبيخ المستمر سيكون ذلك سببا في قتل طموحاته ، واهتزاز ثقته بنفسه، وتبلد أحاسيسه واستمراره في غيه وسلوكه السلبي.
هل هناك معتقدات وقواعد راسخة في عقل زوجك تؤكد له أن تربية الأولاد الجيدة ما هي إلا بالقسوة عليهم لكي يصبحوا رجالا؟
إذا كان الأمر كذلك عليك أن تستخدمي معه جميع اللغات التي يمكنك أن تتقنيها فتتحدثي معه تارة بلغة العاطفة، وتارة بلغة العقل والمنطق إلى أن تتمكني من إقناعه بأن أسلوبه الذي يتبعه في تربية أبنائه خاصة أكبرهم ماهو إلا أسلوب خاطئ لن يوصله إلى هدفه النبيل، ولن يحصد من بعده إلا الحسرة والندامة.
* عليك أن تذكريه بالقواعد الثلاث الأساسية للتربية: وهي الصداقة ، ولغة الحوار الهادف بين الآباء والأبناء التي تجمع بين العاطفة والعقل، والمعاملة الحسنة التي تولد الحب والاحترام والتقدير بينهما.
* حذريه من الإفراط في استخدام أسلوب العقاب المستمر كالحرمان الشديد أو السخرية والتعنيف والتحقير والضرب بالذات، فقد اثبت علم النفس أن الضرب وسيلة تربوية فاشلة، وان الرفق خير وسيلة تستخدم في التربية. وعليه أن يتذكر قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم" ما كان الرفق في شئ إلا زانه وما كان العنف في شئ إلا شانه".
* نبهيه أن العقاب الذي يعاقب به ابنه والذي يهدف من خلاله أن يؤكد له حرصه وخوفه عليه، لن يصل لابنه كما يريد ويأمل، بل العكس، حيث ستصل إليه رسالة أخرى تعزز لديه مشاعر القلق والحيرة والعجب، ويظن الابن أن ما يفعله والده فيه ليس إلا كرها له ورغبه من والده في قهره، فتكون ردة فعله في كثير من الأحيان عكس ما يتوقع الأب ويزيد الابن من نفوره وعناده أكثر وأكثر.
* عليك أن تبذلي جميع الطرق وتستخدمي جميع الوسائل التي يمكنك من خلالها أن تذكريه أو تعززي لديه الشعور باحتياجات جميع أبناءه لعطفه وحنانه، خاصة أكبرهم لينشئوا في بيئة سوية ويتمكنوا من بركم والإحسان إليكم والعطف عليكم خاصة في كبركم عندما تحتاجون إليهم.
* ذكريه بأن أبنائه في صغرهم كالبذرة التي تحتاج إلى عناية ورعاية مستمرة إلى أن تكبر وتثمر لتعود بالنفع على صاحبها، وانه الآن يزرع ما يتمنى أن يحصده في المستقبل، فان زرع في أبنائه معاني الحب والمودة والعطف والإحسان سيحصد حبا وعطفا وحنانا.. أما إذا زرع الجفاء والقسوة والنفور فسيحصد في مستقبل الأيام مرارا وحرمانا.
هل يشعر بخيبة الأمل، لأن ولده لم يصبح نسخة منه؟
فللأسف أن بعض الآباء لا يقبل إلا أن يكون ولده نسخة مكررة منه، وهذه مشكلة دائمة بين الآباء والأبناء في كل مكان وزمان، ويطلق عليها صراع الأجيال, فكل جيل له مفاهيمه وأفكاره المختلفة عن الجيل السابق له.
فإذا كانت هذه احد المسببات لقسوته، عليك أن تنصحيه بأن يكون قدوة صالحة لولده قولا وعملا، وليستخدم معه لغة الحوار للتخاطب معه ليقنعه برأيه وأفكاره أو يقتنع هو برأي ولده، وليحمله قدرا من المسئولية، وليصبرعلى زلاته وهفواته، ويقومها برفق ولين، إلى أن يرى فيه نفسه.
هل لا تعجبه تصرفات ابنه هذا بالذات، ولديه قناعة بأن ولده هذا لا يحسن التصرف؟
إذا كان الأمر كذلك أقنعيه بأن يحاول تغيير نظرته هذه لإبنه ولتصرفاته، وينظر إلى الأمور بنظرة ايجابية ، ويعتبر كل ضرر يحدث في المنزل من احد أطفاله بمثابة الدرس الجديد الذي يتعلم منه الطفل أمورا كثيرة في حياته، وبهذا يمكنه أن يقلل من نوبات الثورة والغضب التي يتعرض لهما فتقل بذلك قسوته على أطفاله. وأكدي له أن هناك بعض السلوكيات الجيدة لدى ابنه من المستحسن أن ينميها، ولكنه بأسلوب العقاب الخاطئ الذي يستخدمه معه سيحد من ذلك وسيحرمه من فرصة تطويره وتنميته.
* اعقدي معه اتفاق لتنمية السلوكيات الإيجابية لدى أبنائكما ، وتوفير أوقاتكم ومجهودكم في إنتاج سلوكيات سليمة لديهم، وعدم تضييع الوقت في الانفعالات الهدامة، وتوبيخهم المستمر. وذلك بسؤالهم أولا عن سبب ما يفعلوه وليس بعقابهم مباشرة، ومن ثم شكرهم على حسن نيتهم، وتوجيههم إلى الأسلوب الصحيح الذي يمكنهم أن يحققوا به مرادهم.
* قد لا يكون زوجك يتعمد القسوة على ولده ولكنه يعاقبه دون أن يدري ، خاصة إذا كان احد أو بقية أبناءه يحسن التصرف بعكسه. ولذلك يظل يعامله بطريقة تختلف عن معاملته للآخرين، فيشعر الابن بالتفريق بينه وبين إخوته وتبدأ الفجوة، فعليك أن تنبهيه إلى خطورة هذا الخطأ الذي سيقع فيه من عدم العدل بين أبناءه، والذي قد يكون سببا في التفرقة بينهم وزرع الحقد والكراهية حتى بعد موته. فعليه أن لا يقارن أو يميز بين أولاده، ولابد له من مراعاة الفوارق الفردية بين الأبناء، ومعاملتهم سواسية بالعدل.
هل يعتقد أن الدلال والحنان يُضيع الأولاد في هذا الزمان؟ ولذلك فهو يتصرف مع ولده على هذا الأساس؟
حيث يعتقد بعض الآباء أن أسلوب القسوة في تربية الأبناء هو الأسلوب الصحيح لكي لا يضيعون أو يقعون فريسة لرفقاء السوء أو المخدرات خاصة في هذا الزمان، لصعوبة التحكم بهم وتوجيههم إلى الصواب، لذا يصرون دوما على معاقبتهم لكي يصبحوا أشداء قادرين على تحمل الصعوبات. فإن كانت هذه هي وجهة نظره عليك أن تذكريه بأن ولده قد كبر وان أسلوب القسوة هذا لم يعد يجدي معه نفعا، ولن يجني من وراءه إلا كراهية ولده له وعدوانيته. وانه من المفترض أن يتخذه صديقا له، ليكون له سندا يعتمد عليه في المستقبل، وإلا فإنه سينفض من حوله (( لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)) ويبتعد عنه بمجرد إحساسه بقدرته على الاعتماد على نفسه، عندما يكون في أشد الحاجة إليه.
وعليه أن يدرك أن الزمن لم يعد كما كان وان الأجيال اختلفت، وأن ولده أصبح شابا وانه لا بد أن تصدر منه مواقف طيش في بعض الأحيان، فعليه أن يعرف كيف يتحكم في أعصابه ويوجه ولده برفق إلى الصواب وأن يستخدم الأسلوب المناسب الذي يمكن أن يوصله لأهدافه دون أن يؤثر سلبا على ولده.
* إذا لم يكن زوجك يقبل منك أسلوب المواجهة والحوار المفتوح، قصي عليه بعض القصص الواقعية التي كانت تربية الآباء القاسية لأبنائهم سببا في عقوق أبنائهم لهم، ليراجع حساباته في طريقة تربيته لإبنه ويتقي الله فيه.
عليك أن تناقشي الأمر مع ابنك الأكبر بصراحة، ولا تؤجلي الأمر أو تتركي المشاكل معلقة، فعادة ما يسبب سوء الفهم الناتج عن المشاعر السلبية خاصة الغير مصرح بها مشاكل لا حصر لها.
* حاولي أن تعيدي ثقة ومحبة ابنك لأبيه، اشرحي له أن والده يحبه كأخوته وان تفريقه في معاملته وقسوته عليه دون إخوته ما هو إلا حرصا عليه وخوفا على مستقبله رغم انه أسلوب خاطئ.
* اطلبي منه أن يلتمس لوالده العذر ويحاول أن يبدأ معه صفحة جديدة، بحيث تكون العلاقة بينهما قائمة على الصراحة والمحبة والتسامح. واشرحي له أسباب معاملة والده القاسية له إن كان هناك أسباب لذلك ، وبيني له كيف يتعامل معه ومع من حوله وكيف يخرج من المواقف المحرجة التي قد يتعرض لها بذكاء، واطلبي منه أن لا يتردد في إبلاغك بأي مشكله تحدث له لحلها معه، لتتمكني من تحطيم جميع الحواجز المقامة بينهما
* ذكري ولدك بحق والده عليه مهما أساء له، ومهما أخطأ، وانه ملزم ببره وطاعته إلا في معصية الله، واغرسي في نفسه تعظيم الله عز وجل .
حاولي أن تكوني أنت صداقة قوية مع ولدك عن طريق :
· منحه الشعور بالأمن والأمان، ومساعدته على الاستمتاع بحياته مع السماح له بالاستقلالية المقننة.
· مساعدته على بناء شخصيته وثقته بنفسه وبوالده، وإرساء علاقات ثابتة قوية مع أفراد العائلة ومن حوله.
· تشجيعه على المشاركة والتعاون معك في شئون المنزل والأسرة، ومساعدته على معرفة الطرق التي يمكنه من خلالها أن يتعامل مع المواقف الحرجة التي يتعرض لها، مع إعطائه بعض الأمثلة الحية.
· مساعدته على تنمية مواهبه العقلية والجسدية والفنية والرياضية.
· تشجيعه على التحلي بالمبادئ والقيم الإسلامية .
· حثه على التعامل مع غضبه والمعوقات التي قد تواجهه في حياته بروية وحكمة، والتحكم في رغباته، وتعريفه بالأساليب التي يمكنها أن تساعده على التغلب على مخاوفه وتعليمه كيفية حل المشاكل التي يتعرض لها.
· معرفة طموحاته المستقبلية، ووضعها في إطار واقعي، ومحاولة تطوير مهاراته الشخصية والتعليمية ليتمكن من تحقيق ما يطمح إليه.
استعيني أولا وأخيرا بالله وادعيه ليلا ونهارا وأحتسبي الله واصبري على ما ستواجهينه من مشاكل وستنتصرين في النهاية وتحصلين على مرادك باذن الله.