اللهم صلي على محمد و آل محمد و عجل فرجهم يا كريم
نرفع أسمى آيات التهاني و النبريكات الى مولانا صاحب العصر و الزمان
و الى جميع علمائنا العظام و جميع شيعة و محبي محمد و آل محمد
بهذه المناسبة العطرة..
أعاده الله عليكم باليمن و الخير و البركات و قضاء الحوائج.
إن الأحاديث التي جائت في مقام السيدة المعصومة (عليها السلام) تح?ي حول مقامها الرفيع في العلم و الفضيلة، فللسيدة مقام خاص و عالٍ عند أهل البيت. و يقول الإمام الثامن (عليه السلام) حول مقامها الخاص التي تحظى بها السيدة:
" من زار المعصومة (عليها السلام) بقم ، كمن زارني. "
الولادة والنّشأة:
كانت المدينة المنوّرة تنتظر ولادة طفلة من أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)وعائلة الإمام الكاظم (عليه السلام) تستغرق فرحاً، مترقبة لقرة عينها بالمولود الجديد. وزوجة الإمام (عليه السلام)(نجمة) كانت تصبح وتمسي على أمل ولادة الطفل، والبيت يعيش وينادي بالفرح والسرور. وأخيراً وفي الأول من ذي القعدة سنة 173 هـ . ق (. انتهت أيّام الانتظار، ورزق الله تبارك وتعالى الإمام الكاظم (عليه السلام)مولودةً مباركةً طيّبة.
الفرح يغمر الجميع، ومن بعد الإمام الكاظم (عليه السلام)لا يبلغ أحد حدّ فرحة نجمة الّتي تلطفت عليها يد المنّان بالمولود الثاني بعد خمس وعشرين سنة من ولادة (علي)
الذي عُرِف فيما بعد بـ (الرّضا) (عليه السلام)،
حيث كانت ولادته في نفس الشهر ذي القعدة من سنة 148 هـ . ق .
وقد سرّت (نجمة) به سروراً لا مثيل له، والآن وبعد مضيّ تلك السنين المديدة
مَنّ الله تعالى عليها وعلى الإمام الكاظم (عليه السلام)بمولودة تكون أختاً للرضا (عليه السلام). ولأجل علاقة الإمام الكاظم (عليه السلام)الخاصة بجدّته فاطمة الزهراء (عليها السلام)
سمّى قرّة عينه وكريمته بـ (فاطمة)، ولفرط تقواها وصلاحها عرفت فيما بعد بـ (المعصومة) ،
واقتدت بأبيها في العصمة عن الرجس من كل إثم ولمم.
الاسم (فاطمة) عند أهل البيت(عليهم السلام) شجاه الخاص بما يعمل ويحكي من ذكريات حلوة
ومرّة عن الصدّيقة الطاهرة (فاطمة الزهراء) (عليها السلام).
وإذا سمّوا إحدى بناتهم فاطمة فإنّها تحتلّ مكانة خاصّة من الاحترام والرعاية لمشابهة
اسمها لبضعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والسيدة فاطمة المعصومة لم تكن مستثناة من تلك السيرة الحسنة . والإمام الكاظم (عليه السلام)يجتهد كثيراً في حفظ وتربية ابنته هذه،
ولم يأل جهداً في إظهار عنايته ومحبّته لها. عاشت السيدة المعصومة في كنف والديها الكريمين، تكتسب منهما الفضائل والمكارم، إذ كان أبوها إماماً معصوماً،
وليس له في الفضائل والتُقى كفو أحد، وأمّها (نجمة) أيضاً من النساء الصالحات المؤمنات
الّتي تتلمذت على يد زوجة الإمام الصادق (عليه السلام). وكانت معروفة بالتقوى في ذلك الزمان.
ومن هنا فقد أشارت (حميدة) أم الإمام الكاظم (عليه السلام)على ابن الإمام بالزواج من (نجمة) . كانت السيّدة المعصومة تستفيد كلّ يوم من والدها وأخيها المعصومين(عليهما السلام)
وأمها التقيّة العالمة، بحيث حظت بمقام رفيع من العلم والفضيلة وصارت عارفةً بالكثير من العلوم والمسائل الإسلامية في أيام صباها. في أحد تلك الأيام أتى جمع من الشيعة إلى المدينة لكي يعرضوا بعض أسئلتهم الدينية على الإمام الكاظم (عليه السلام)ويأخذوا العلم من معدنه،
ولكن كان الإمام الكاظم وكذلك الإمام الرضا (عليه السلام)مسافرين،
ولم يكونا حاضرين في المدينة. فاغتم الجمع; لأنّهم لم يجدوا حجّة الله ومن يقدر على جواب مسائلهم، فهمّوا بالرجوع إلى بلدهم. وعندما رأت السيدة المعصومة (عليها السلام)
حزن هؤلاء النفر تناولت أسئلتهم الّتي كانت مكتوبة، وأجابت عليها،
وعندئذ تبدل حزن الجماعة بفرح شديد ورجعوا ـ مع ظفرهم بجواب مسائلهم ـ إلى ديارهم راجحين مفلحين. ولكنهم في الطريق وفي خارج المدينة التقوا بالإمام الكاظم (عليه السلام)
وحدّثوه بما جرى عليهم. وبعدما رأى الإمام جواب ابنته على تلك المسائل أثنى عليها
بعبارة مختصرة قائلاً: (فداها أبوها).
فضل زيارتها ثلاثة من المعصومين(عليهم السلام)يبشرون من زارها بالجنة.
1
. فهذا الإمام الصادق (عليه السلام)يبشر زوارها بالجنة قبل ولادتها.
قال (عليه السلام): «إن لله حرماً وهو مكة، وإنّ للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين (عليه السلام)حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم،
وستُدفن فيها امرأةٌ من أولادي تُسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة».
2. وعن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)عن زيارة فاطمة بنت موسى
(عليه السلام). فقال: «من زارها فله الجنة» .
3. وعن الإمام الجواد (عليه السلام)أنّه قال: «من زار عمتي بقم فله الجنة» .
والسؤال الآن هل: كل من زارها تجب له الجنة حتى لو كان فاسقاً فاجراً مخالفاً ؟
يُجيب الإمام الرضا (عليه السلام)عن ذلك القول: يا سعد عندكم لنا قبر؟
قال سعد: جعلت فداك، قبر فاطمة بنت موسى (عليه السلام).
قال: نعم، من زارها عارفاً بحقها فله الجنة.
فليس كل من زارها تجب له الجنّة، وإنّما العارف بحقها وحق آبائها وأبنائهم الطاهرين تجب له
بزيارتها الجنة، وأنّى يكون ذلك للمخالف لهم في العقيدة والعمل ؟
وقد قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «... والذي نفسي بيده لا ينتفع عبدٌ
بعمله إلا بمعرفة حقّنا» .
نسالكم الدعاء جميعا
تعليق