إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقالات صحية...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقالات صحية...

    البدائل الصحية.. والتأني في قراءة النتائج


    بحث الأوساط الطبية عن بدائل لتخفيف تعاطي المواد الضارة، أو التوقف عن ممارسة السلوكيات الحياتية غير الصحية، أو تقليل استخدام الوسائل العلاجية المعقد، هو طريقة منطقية لرفع المستوى الصحي للناس وخفض معدلات الإصابة بالأمراض وإعطاء فرص أفضل لنجاح معالجة المرضى.

    ومن النقاط المهمة في شأن تقييم جدوى نتائج تطبيق البدائل تلك، هو أن يكون التقييم مبنيا على صورة متكاملة وشاملة لكافة جوانب المشكلة الصحية ووسائل التعامل معها. وهناك الكثير من الأمثلة التي نقتطف منها ما تم نشره والحديث عنه في الأوساط الطبية خلال الأيام الماضية فقط، وذلك في جانبين من المشكلات الصحية، وهما تحديدا مشكلة التدخين ومشكلة مضاعفات معالجة الآلام المزمنة لدى المرضى.

    قبل بضع سنوات ظهرت السجائر الإلكترونية (e – cigarettes) وتم تسويقها كحل صحي بديل لمشكلة التدخين. والكل يعلم ما هي التأثيرات الصحية السلبية لتدخين التبغ، وكان إنتاج السجائر الإلكترونية يهدف إلى أن يكون وسيلة لتسهيل توقف المدخنين عن الاستمرار في ممارسة هذا السلوك الحياتي غير الصحي.

    ومع مرور السنوات ظهرت نتائج لعدة دراسات طبية تحذر من التأثيرات الضارة لهذه الوسيلة المقترحة كبديل صحي. ومن تلك الدراسات ما نشرته مراكز مراقبة الأمراض واتقائها بالولايات المتحدة (CDC) حول ملاحظة ارتفاع نسبة إقبال الشباب غير المدخنين بالأصل نحو استخدام السجائر الإلكترونية. والعامل الأهم في الإغراء باستخدامها هو أنها بالأصل طرحت إعلاميا كوسيلة آمنة صحية، على الرغم من أنها تعمل على إدخال النيكوتين إلى الجسم عبر الاستنشاق إلى الرئة أسوة بما تفعله السجائر العادية.

    ووفق ما نشرته المراكز في موقعها الإلكتروني في 25 أغسطس (آب)2014، عن مراجعة نتائج المسح الإحصائي القومي لتدخين الشباب (National Youth Tobacco) خلال الأعوام 2011 و2012 و2013، التي تم نشرها أخيرا في مجلة أبحاث التبغ والنيكوتين (Nicotine and Tobacco Research)، فإن ثمة ارتفاعا بنسبة 3 أضعاف خلال السنوات الثلاث الماضية في أعداد الشباب غير المدخنين بالأصل للسجائر العادية، الذين أقبلوا على البدء في تدخين السجائر الإلكترونية.

    وعلق الدكتور تيم ماكافي، مدير مكتب التدخين والصحة بالمراكز المذكورة، على هذه النتائج بالقول: «نحن قلقون للغاية بشأن استخدام النيكوتين بين شبابنا، بغض النظر عما إذا كان يأتي من السجائر التقليدية أو السجائر الإلكترونية أو غيرها من منتجات التبغ. و3 من بين كل 4 مدخنين مراهقين سيصبحون مدخنين عند بلوغهم».

    وفي نفس اليوم، أي 25 أغسطس (آب) الحالي، وضمن مجلة الدورة الدموية (Circulation) الصادرة عن رابطة القلب الأميركية (AHA) وتعليقا على نفس نتائج المسح الإحصائي، نشرت الرابطة «بيان السياسة» (policy statement) الخاص بموقفها الرسمي كرابطة طبية معنية بصحة القلب حيال تدخين السجائر الإلكترونية، وأفادت بقولها إنه يجب أن تخضع السجائر الإلكترونية لنفس القوانين التي تنطبق على منتجات التبغ، ويجب على الحكومة الاتحادية حظر تسويق وبيع السجائر الإلكترونية للشباب. ودعت أيضا لإجراء بحث دقيق ومستمر على استخدام السجائر الإلكترونية وتسويقها والآثار الصحية لها على المدى الطويل. وعلقت الدكتورة نانسي براون، الرئيس التنفيذي لجمعية القلب الأميركية (AHA) بالقول: «على مدى السنوات الـ50 الماضية، توفي 20 مليون الأميركيين بسبب التبغ. نحن ملتزمون بشدة منع صناعة التبغ من التسبب بإدمان جيل آخر من المدخنين، وتثير الدراسات الحديثة مخاوف من أن السجائر الإلكترونية يمكن أن تكون بوابة لمنتجات التبغ التقليدية لشباب الأمة، ويمكن أن تجعل التدخين في مجتمعنا أمرا طبيعيا»، وأضافت: «وقد ساعدت هذه التطورات المقلقة إقناع الجمعية أن السجائر الإلكترونية تحتاج إلى تنظيم (قواعد قانونية) بقوة، وبحث شامل وعن كثب ورصدها».

    وقال مؤلف البيان، الدكتور أروني باتناغار، رئيس طب القلب والأوعية الدموية في جامعة لويزفيل: «لقد تسببت السجائر الإلكترونية بتحول كبير في مشهد مكافحة التبغ»، وأضاف: «من المهم جدا أن ندرس بصرامة الأثر الطويل الأجل لهذه التكنولوجيا الجديدة على الصحة العامة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية، وإيلاء اهتمام دقيق لتأثير السجائر الإلكترونية على المراهقين».

    والمثال الآخر هو بدء بعض الولايات الأميركية السماح بتوفير «الماريغوانا الطبية» (Medical Marijuana) بصفة قانونية مصدقة، كوسيلة علاجية بديلة لأدوية تخفيف الآلام المزمنة التي يعاني منها ملايين المرضى لأسباب طبية شتى. وتطبق 24 ولاية حاليا قوانين تسمح بتعاطي المرضى المصابين بآلام مزمنة للماريغوانا الطبية وفق شروط محددة لا مجال للاستطراد في عرضها، بينما لا تزال بقية الولايات في الولايات الأخرى تحظر هذا الاستخدام لدواعٍ طبية. ومع تنامي إقبال المرضى على هذه الوسيلة القانونية، تتفاوت نتائج الدراسات الطبية بين داعم لها ومعارض. وضمن عدد 25 أغسطس2014 من مجلة «جاما للطب الباطني» (JAMA Internal Medicine)، الصادرة عن الرابطة الأميركية للطب الباطني (AMA)، نشر الباحثون من المركز الطبي لشؤون المحاربين القدامى بولاية فيلادلفيا نتائج دراستهم عن علاقة استخدام الماريغوانا الطبية بخفض معدلات حصول حالات الوفيات نتيجة تناول جرعات عالية من الأدوية المسكنة للألم. ولاحظوا أن ثمة انخفاضا بنسبة 25 في المائة، وعزوه لبدء السماح باستخدام الماريغوانا الطبية.

    ولكن توالت التعليقات الطبية حول التحذير من التسرع في هذه الطريقة للاستنتاج والربط بين الأمرين كسبب ونتيجة. وتحديدا علق الدكتور برادلي فلانسبام من مستشفى لينكس هيل بنيويورك بالقول: «لا أعلم ما يمكن الاستفادة من هذه الدراسة، وسأكون حذرا جدا جدا من القول إن قوانين السماح بالماريغوانا الطبية أدت إلى خفض خطورة حصول الوفيات الناتجة عن أدوية تسكين الألم، والبيانات الإحصائية المستخدمة غير نظيفة وغير دقيقة ولا نعلم منها ما الذي تسبب بماذا»، على حد قوله، وذلك في إشارة منه إلى أن الدراسة لم تتم بطريقة المقارنة العلمية، بل قامت بتجميع المعلومات حول نسبة الوفيات تلك خلال الأعوام ما قبل وما بعد البدء بالسماح باستخدام الماريغوانا الطبية، وهي طريقة غير دقيقة وغير منطقية لاستخلاص نتائج تعطي ربطا صحيحا بين سبب ونتيجة.

    صحيح أن الإحصائيات الطبية الرسمية في الولايات المتحدة تذكر أن 113 شخصا يموتون في كل يوم نتيجة تناول جرعة مفرطة وزائدة من أدوية تسكين الآلام، وصحيح أنه أيضا يحضر يوميا نحو 7 آلاف شخص لأقسام الإسعاف لنفس السبب، وصحيح كذلك أن فيما بين عام 1999 وعام 2010 ارتفعت نسبة الوفيات بسببها بمقدار 118 في المائة، إلا أن توفير وسيلة بديلة وتقييم نتائج تطبيقها يجدر أن يكون بطريقة أكثر دقة لوضع حلول مفيدة على المدى القصير والبعيد.


    د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

  • #2
    مقالات صحية...

    ميزان الاعتدال في النصائح الطبية

    تحتاج الأوساط الطبية إلى إدراك وفهم الأسس التي تبني عليها نصائحها وإرشاداتها الطبية والصحية للمرضى وعموم الناس الأصحاء. والأوساط الطبية تلتفت إلى شأن معين بأن له علاقة بالصحة بناء على ملاحظة تأثيرات إيجابية أو سلبية له على نشوء الإصابة بأمراض معينة أو الوقاية منها أو معالجتها، مثل ملاحظة أن ارتفاع ضغط الدم قد يتسبب بالإصابة بأمراض شرايين القلب، وأن الحفاظ على قراءات طبيعية لقياس ضغط الدم يحمي من احتمالات الإصابة بتلك الأمراض في الشرايين وأنه أيضا من وسائل معالجتها.

    وثمة عناصر أخرى من قائمة عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب، مثل ارتفاع الكولسترول الكلي وارتفاع الكولسترول الخفيف وانخفاض الكولسترول الثقيل وارتفاع الدهون الثلاثية، تحتاج إلى توضيحات في كيفية العمل على جعل قراءات قياس تلك العناصر ضمن المعدلات الطبيعية. ولا تزال مسائل تحديد المدى الطبيعي المقبول صحيا والثابت الجدوى في الوقاية من أمراض الشرايين ضمن المسائل التي تحتاج إلى مزيد من البحث وخاصة في جوانب تحديد إلى أي مقدار علينا خفض الكولسترول الخفيف ورفع الكولسترول الثقيل وخفض الدهون الثلاثية.

    ويعد تناول الملح عنصرا مهما في شأن الوقاية من الإصابة بارتفاع ضغط الدم ومعالجة حالات ارتفاعه، ولاحظت الأوساط الطبية أن لعنصر الصوديوم دورا في هذا الأمر. ولذا وضعت إرشادات ونصائح طبية تحدد كمية للملح يُمكن تناولها خلال اليوم ما بين 1,5 إلى 2,4 غرام أي ما يُعادل أقل من نصف ما يملأ ملعقة الشاي. وتحديدا تشير رابطة القلب الأميركية إلى أن تناول كمية أقل من 1,5 غرام هو الصحي لسلامة القلب ومكوناته.

    والواقع أن تحديد كمية الكولسترول من الغذاء أن تكون أقل من 300 ملغم في اليوم لم يكن مبنيا على دراسات أثبتت أن تناول أعلى من 300 ملغم في اليوم هو بالفعل ضار، بل جرى تقديرها وفق مراجعات طبية لمكونات وجبات الطعام الأميركية في ستينات القرن الماضي حينما جرى التنبه لأول مرة أن ثمة علاقة سلبية لارتفاع الكولسترول وارتفاع الإصابات بأمراض القلب. وكذا في شأن الملح جرى تقدير حسابات كمية احتياج الجسم اليومية وعدم تجاوزها في الزيادة، ولكن لم تتم دراسة تأثيرات الالتزام بخفض تناول كمية الصوديوم على سلامة الجسم.

    وضمن عدد 14 أغسطس (آب) 2014من مجلة نيو أنغلاند الطبية New England Journal of Medicine، نشر الباحثون الكنديون نتائج دراسة «بيور» حول تناول الملح. ودراسة «بيور» Prospective Urban Rural Epidemiology هي دراسة عالمية شملت أكثر من 100 ألف شخص من 18 دولة، وتم فيها بالنسبة لشأن الملح دراسة تأثيراته الصحية على ثلاثة أمور: مقدار ضغط الدم، احتمالات الوفاة، احتمالات الإصابة بأمراض القلب. وتم قياس كمية الملح المُتناولة بشكل يومي بناء على تحليل البول وحساب كمية الصوديوم فيه.

    ولاحظ الباحثون في نتائجهم أن «التقليل الشديد» في تناول الملح ربما يكون له تأثيرات ضارة على الجسم، وعلى وجه الخصوص على صحة القلب! وبشكل أدق، لاحظ الباحثون أن تناول ما بين 3 إلى 6 غرامات من الصوديوم، أي ما يُعادل 7,5 إلى 15 غراما من ملح الطعام، مرتبط بأدنى نسبة للإصابة بأمراض القلب مقارنة بكمية أعلى أو كمية أدني. وهي في الحقيقة نتائج تخالف الإرشادات والنصائح الطبية.

    وأشار الدكتور أندرو منتي، الباحث الكندي المشارك في الدراسة، إلى أن 5 في المائة فقط من الناس في العالم يلتزمون بنصيحة تناول الملح وفق الإرشادات الطبية المعروفة، ما يعني أن غالبية الناس لا يستطيعون الالتزام بهذه النصيحة الصارمة. وهو ما يعني أن ربما ليست صحيحة عمليا بدليل عدم إمكانية تطبيقها والالتزام بها وفق احتياجات أجسام الناس في العالم.

    وأضاف أن 80 في المائة من كمية الصوديوم التي نتناولها عادة يوميا لا تأتي من الملح الذي «ننثره» على الطعام بالملاّحة أو نضيفه أثناء الطهو، بل هو من الصوديوم الذي يُضاف أثناء إعداد مكونات الأطعمة، كالملح أو مركبات أخرى محتوية على الصوديوم تُضاف للخبز أو للحوم المُصنعة والمبردة والمشروبات وسندويتشات الهمبرغر. ومعلوم أن المركبات المحتوية على الصوديوم ليس بالضرورة مالحة الطعم. هذا بالإضافة إلى إشارة دراسات أخرى إلى أن 35 في المائة فقط من الناس يتأثرون بالملح في شأن ضغط الدم لديهم.

    والواقع أن النصائح والإرشادات الطبية، وخاصة في الشؤون المتعلقة بالتغذية والتي كثيرا ما يصعب تطبيقها، يجدر أن تُعاد دراستها بشكل أدق، وتحديد ما هي جدوى الالتزام بها. وهناك عدة أسباب تفرض ذلك، منها أن بعضا ممن يلتزمون بها يُصابون بالأمراض التي فرّوا منها باتباع تلك النصائح، وهو ما يُشعرهم ويُشعر غيرهم بالإحباط والتساؤل عن مدى تأكد الأطباء من حقيقة ما ينصحون الناس به. ومنها أيضا احتمال تسبب الخفض الشديد لنسبة وجود مواد معينة في الجسم، في آثار صحية سلبية، مثل الأسئلة العلمية حول جدوى الخفض الشديد لنسبة الكولسترول، أو خفض مقدار ضغط الدم لدى كبار السن وغيرهم عن مقدار 140 ملليمترا زئبقيا للضغط الانقباضي، أو خفض نسبة السكر لدى مرضى السكري بشكل شديد لا جدوى ثابتة علميا منه.

    ولذا ثمة حاجة حيوية اليوم لأن تراجع الأوساط الطبية إرشاداتها ونصائحها كي تكون ممكنة التطبيق وكي تكون أيضا مفيدة وغير ضارة، وذلك عبر وضع موازين محددة لما هو الاعتدال الذي يُنصح به طبيا في تناول الملح أو تناول الدهون أو تناول الكولسترول أو تناول السكريات أو تناول المشروبات الغازية أو تناول الألياف أو خفض نسبة الكولسترول في الجسم أو أدنى حد مقبول لضغط الدم لدى امرأة في الثمانينات من العمر وغيره.

    د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

    تعليق


    • #3
      أجسامنا.. و«غذاؤنا الضوئي»

      أجسامنا.. و«غذاؤنا الضوئي»

      التعامل مع احتياجات الجسم البشري يجدر أن يجري وفق ما تطلبه وتحتاجه أجسامنا لا وفق ما نعتقد أنها تحتاجه أو تطلبه. وحينما نفرض على أجسامنا قائمة الاحتياجات التي نفترض أنها تطلبها وتحتاجها فإننا نكون أشبه بمن يتعامل مع آلة، لا ككائن حي.

      الغذاء الصحي ليس كل ما تحتاجه أجسامنا، بل هناك الماء الصحي والهواء الصحي والضجيج الصحي والضوء الصحي والطاقة الكهرومغناطيسية الصحية وقائمة طويلة من العوامل الحيوية والفيزيائية والنفسية وغيرها من العوامل الكونية التي نكتشف تباعا كل ما هو جديد حولها وحول أهميتها لأجسامنا ونفوسنا وصحتهما.

      ضوء النهار أحد تلك العناصر التي يجدر الالتفات إليها والتي تحتاجها أجسامنا بمقادير متوازنة لا تقل ولا تتجاوز الحدود وقد يتسبب نقص تزويد أجسامنا بها أو زيادته باضطرابات في عمل أجسامنا ونفوسنا. وكان الباحثون من كلية فينبيرغ للطب بجامعة نورثويست قد نشروا ضمن عدد 14 أغسطس (آب) من مجلة طب النوم Journal of Clinical Sleep Medicine، نتائج دراستهم حول تأثيرات تعرض الموظفين لضوء النهار لجهة تحسين فرص مستوى نومهم ونوعية أنشطة حياتهم التي يعيشونها ويمارسونها بشكل يومي.

      وعلقت البروفسورة فيلس زيي، طبيبة الأعصاب ومدير مركز طب النوم والباحثة في الدراسة، بالقول: «ثمة تنام في الأدلة العلمية التي تؤكد أن التعرض لضوء النهار الطبيعي وخاصة في فترة الصباح مفيد جدا لصحة الجسم عبر تأثيراته الإيجابية على مستوى المزاج العام ومستوى الوعي ونشاط العمليات الكيميائية الحيوية داخل الجسم. والموظفون فئة من العاملين المعرضون لخطورة وجودهم داخل الغرف المغلقة التي ليس لها نوافذ ولا مجال لوصول ضوء النهار إليها بشكل كاف، ودراستنا تثبت أن تعريض الجسم لهذه النوعية من الضوء النهاري بشكل كاف له تأثيرات إيجابية قوية على صحة الجسم».

      وقال الباحثون: «الضوء هو في الواقع أهم عامل مزامنة للدماغ والجسم Synchronizing Agent». وأوضحوا هذا بإضافتهم: «من المعروف علميا أن التزامن الصحيح بين الإيقاع الحيوي في داخل الجسم وبين الدورة اليومية للأرض أمر أساسي لضمان صحة الجسم». كما علق محمد بوبكري، الأستاذ المساعد في الهندسة المعمارية بجامعة إلينويز والباحث المشارك في الدراسة، بالقول إن على المهندسين التنبه لأهمية تعريض الجسم لضوء النهار في حجرات العاملين والموظفين من أجل صحتهم. وأن وضع النوافذ ليس هدفه محصورا في مجرد توفير الطاقة المستخدمة في الإضاءة البديلة لضوء النهار، وأضاف أن وضع مكتب الموظف على بُعد أكثر من 20 قدما يُزيل فائدة وضع النوافذ تلك في المكاتب نظرا لأن هذا البُعد يُؤدي إلى ضعف تلقي الجسم لضوء النهار حينئذ.

      وضمن عدد نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من جريدة «الشرق الأوسط» جرى عرض تأثيرات تهيئة غرفة المريض لتلقي كمية كافية من ضوء النهار وفق نتائج دراسة المقارنة للباحثين من مؤسسة التمريض بكليفلاند كلينك بالولايات المتحدة، والمنشورة في عدد 27 أكتوبر (تشرين الأول) من مجلة التمريض المتقدّم Journal of Advanced Nursing، والتي لاحظت في نتائجها أن النقص في تعريض غرفة المريض لضوء النهار، وليس أي ضوئي صناعي، له علاقة وطيدة بتدني المزاج العام للمريض وزيادة شعوره بالإنهاك والتعب وارتفاع مستوى شعوره بالألم، وهو ما علّقت عليه أستر بيرهوفر، الباحثة الرئيسة في الدراسة بالقول: «حتى اليوم لم ينظر أحد بشكل علمي للعلاقة بين الضوء في غرفة تنويم المريض ونتائج ذلك».

      كما لاحظ الباحثون أن معدل تعرض المرضى المشمولين في الدراسة للضوء كان نحو 105 لوكس، بالمقارنة مع احتياج الإنسان الطبيعي لنحو 1500 لوكس، والأفضل 4000 لوكس كي يحصل جسمه على قدرة للنوم الطبيعي بالليل.

      وكما أن كمية الماء وحاجة الجسم اليومية إليه تُقدّر باللتر، وحاجة الجسم إلى كمية أنواع الطعام وحاجة الجسم اليومية له تُقدّر بكالوري السعرات الحرارية، وحاجة الجسم إلى النوم بالليل تُقدّر بعدد من الساعات، وغيرها من العوامل وكيفية تقديرها، كذلك فإن ضوء النهار وحاجة الجسم منه. والعلماء يستخدمون وحدة لوكس Lux، أو الشمعة المعيارية، لقياس شدة «كمية» الضوء الذي يتلقاه الجسم، وهي تكافئ ملي واط/ متر مربع. ويختلف معدل تعرض الإنسان للتدفق الضوئي الساقط على جسمه، الاستضاءة illuminance، من بضع مئات إلى بضع مئات الألوف من اللوكسات في اليوم الواحد حسب فصل السنة والمنطقة التي يعيش فيها ونوعية أنشطته اليومية ومدى حرصه على التعرض للضوء وغيرها من العوامل. والاستضاءة مختلفة تماما عن السطوع Brightness الذي يجدر أن يقتصر على الإدراك البصري الذاتي لشدة الضوء كجزء من قدرات حاسة البصر لدى الإنسان لا كجزء من قياس مقدار «كمية» الضوء الساقطة على أجزاء الجسم.

      والأمر إلى حدّ متوسط، مقارب للتشبيه في مقدار كمية كالوري السعرات الحرارية لما يملأ ملعقة طعام من الزبدة ورؤية مائدة عامرة بالفواكه والخضراوات الطازجة التي لا يُمكننا تقدير كمية كالوري السعرات الحرارية فيها بمجرد رؤية تلك المائدة.


      د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

      تعليق


      • #4
        الأطباء «الكاوبوي» ونصف تريليون من الدولارات

        الأطباء «الكاوبوي» ونصف تريليون من الدولارات

        أعاد البروفسور جوناثن سكينر إثارة موضوع ارتفاع التكاليف المادية للخدمات الصحية تحت تأثيرات اختلاف سلوكيات الأطباء في نوعية الرعاية التي يُمارسون تقديمها للمرضى. وعرض بداية هذا الشهر ضمن محاضرته في جامعة تكساس أجزاء من دراسته السابقة التي نشرها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية nber في أغسطس (آب)2013بعنوان «اعتقادات الطبيب ورغبات المريض». وكان الباحثون في مقدمة الدراسة قد قالوا: «هناك جدل كبير حول أسباب الاختلافات الإقليمية في نفقات الرعاية الصحية، وقمنا بإجراء دراسة استقصائية حول ما إذا كانت جوانب طلبات المريض أو جوانب عروض الطبيب بإمكانها تفسير هذا التفاوت في كميات الإنفاق المالي لتقديم الرعاية الصحية. ووجدنا أن اعتقادات الطبيب حول الكيفية التي تجب بها معالجة المريض، والتي بالذات لا توجد أدلة علمية تدعم صواب العلاج بها، هي السبب في زيادة التكلفة المادية لمعالجة حالات نهاية الحياة بنسبة 36 في المائة، وهي أيضا بالعموم السبب في زيادة التكلفة المادية للرعاية الصحية في الولايات المتحدة بنسبة 17 في المائة. وشمل الباحثون في دراستهم 64 مستشفى مرجعي تُحال إليه حالات المرضى من مستشفيات أخرى بالولايات المتحدة.

        وأشار الباحثون ضمن دراستهم إلى أن في معالجات الحالات المستعصية والمتقدمة للمرضى كبار السن، جرت المقارنة بين إجراء تدخلات علاجية متقدمة ومُحتملة الفائدة وبين العناية اللطيفة والمريحة لنهايات الحياة، وخصوصا في حالات أمراض القلب، وعرض الباحثون نتائج استقصائهم آراء الأطباء حول كيفية إدارة عملية المعالجة، وجرى تصنيف الأطباء وفق إجاباتهم إلى نوعين، نوع يُصر على تقديم رعاية علاجية متقدمة ومُركّزة وإجراءات تدخلية تتخطى حدود الإرشادات الطبية التي توصي بها الهيئات الطبية ونوع يُقدم العناية العلاجية المُلطّفة التي تُخفف من معاناة المرضى، وأطلقوا اسم «أطباء الكاوبوي» على النوع الأول و«أطباء الراحة» على النوع الثاني.

        وقال البروفسور سكينر: «كلنا لدينا مشكلة مع أطباء الكاوبوي الذين يعتقدون ضرورة تقديم معالجات غير مدعومة بالأدلة العلمية». وأضاف: «أطباء الكاوبوي طوروا لأنفسهم طرقا في المعالجة غير مدعومة بالأدلة العلمية، ويُجيبون على الاستفسارات حول هذه الطرق بأنهم استخدموها وأعطت نتائج جيدة مع مرضاهم، وهو ما يُثير الاهتمام حول تخطيهم للإرشادات والتوصيات الطبية المهنية ولا توجد أدلة على أن ما يفعلونه سيُفيد مرضاهم بخلاف الأطباء الذين يتبنون نهج المعالجة الطبية وفق ما هو ثابت الجدوى علمياً ويتركون ممارسة أي وسيلة علاجية لم تثبت جدواها».

        ولاحظ الباحثون أن في المناطق التي ترتفع فيه نسبة أطباء الكاوبوي ترتفع تلقائياً التكلفة المادية لتقديم الرعاية الطبية لحالات نهاية الحياة المصاب فيها المرضى بأمراض مستعصية ومتقدمة في التغلغل بأجسام المرضى. وأشار البروفسور سكينر إلى أن ذلك يعني بلغة الأرقام نحو نصف تريليون دولار!

        والمقارنة هنا ليست بين فائدة يجنيها المرضى نتيجة للاهتمام «الزائد» بإجراء جراحات أو علاجات تدخلية محفوفة بالمخاطر وبين تقديم رعاية طبية غير متقدمة، بل بين تقديم رعاية طبية متطورة ومتزنة ومدعومة بأدلة علمية وبين تعريض المرضى لتدخلات علاجية غير ثابتة الجدوى مع ما يُرفق إجراؤها من مخاطر صحية واستنزاف لقدرات المستشفيات وجهود العاملين فيها، وهي أيضا مقارنة بين تقديم رعاية طبية يستطيع الطبيب أن يعد بها المريض تحقيق نتائج إيجابية مفيدة ومتوقعة في الغالب وبين مغامرات علاجية يستكشفها الطبيب أو يكتسب بها مزيداً من الخبرة ولا يستطيع أن يُقدم معها أي أدلة تدعم احتمالات استفادة المريض منها.

        وكثيرة هي الحالات المتقدمة مرضياً أو الحالات التي يتراكم لدى المريض فيها أمراض أخرى تكون بالنسبة للطبيب معوقات تحول بين تقديم علاجات متقدمة له.

        د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

        تعليق


        • #5
          جدوى «مراكز مكافحة الأمراض واتقائها»

          جدوى «مراكز مكافحة الأمراض واتقائها»

          تكامل منظومة أفرع تقديم الخدمات الطبية والصحية إحدى الأولويات في تكوين أي نظام صحي وطبي فعال، في خدماته لعلاج المرضى ووقاية الأصحاء. ومع وصول جائحة «إيبولا» الفيروسية في غرب أفريقيا، إلى حد فقد السيطرة المحلية عليها، تتوالى التفاعلات العالمية لحماية المجتمعات المحلية الأخرى، إضافة إلى مساعدة المناطق المنكوبة بشتى أنواع المساعدات التي تدعم الحد من فقدان السيطرة. والعالم اليوم غدا قرية صغيرة في الجانب الصحي، بسبب سهولة وسائل المواصلات والنقل للناس عبر الدول والقارات، ومن البديهي أن تتمثل أوائل تلك التفاعلات العالمية في توضيح المعلومات الأساسية عن المرض وكيفية التعامل معه في المناطق المنكوبة وخارجها، والهيئات المعنية بالصحة العامة في دول العالم المختلفة هي التي من ضمن مهامها القيام بذلك.

          وفي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تأسست «مراكز مكافحة الأمراض واتقائها» (CDC) في عام 1946 كإحدى الوكالات الفيدرالية التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية بالولايات المتحدة، ومن أهدافها الرئيسة حماية الصحة العامة والسلامة لمواطني الولايات المتحدة من خلال عملها في السيطرة على الأمراض والوقاية منها ومن الإصابات والإعاقات. وفي جانب من تحقيق هذا، تقوم برصد واقع حال الأمراض المعدية على وجه الخصوص، وبتوجيه اهتمام الناس للحصول على المعلومات اللازمة عنها وتحديث المعرفة بها، وترصد أيضا حالات تفشي الأمراض الناجمة عن تلوث الأطعمة والصحة البيئية والسلامة المهنية والوظيفية، وتتولى إجراء الحملات الصحية التثقيفية وغيرها من الأنشطة التي ترفع من مستوى الصحة العامة وتعزز معرفة الناس عنها. وهي وإن كانت بداياتها مؤسسة معنية فقط بمكافحة الملاريا، التي كانت تستوطن مناطق جنوب الولايات المتحدة، إلا أنها تطورت في قدراتها وإنجازاتها، وبالتالي تطورت في مسؤولياتها ومهامها خلال العقود الستة الماضية، وتطورت ميزانيتها من مليون دولار في بدايات إنشائها إلى 11.3 مليار دولار في عام 2014.

          ومراكز مكافحة الأمراض واتقائها حاضرة بالتفاعل مع التغيرات الصحية المحلية والعالمية، وبالتزامن مع إعلان منظمة الصحة العالمية (WHO) ارتفاع الوفيات من الجائحة الحالية لـ«إيبولا» (Ebola Outbreak) بدول غرب أفريقيا إلى 729 وفاة في 31 يوليو (تموز) الماضي، أعلنت مراكز مكافحة الأمراض واتقائها بالولايات المتحدة رفع درجة التحذير من سفر مواطنيها إلى تلك المنطق إلى مستوى الدرجة الثالثة ، وتحديدا إلى غينيا وسيراليون وليبريا.

          وأفاد الدكتور توم فريدن، مدير المراكز، بالقول: «وضع جائحة (إيبولا) يزداد سوءا في غرب أفريقيا، وتحذير السفر هذا يعطي للسلطات الصحية المحلية في تلك المناطق فرصة للتركيز على ضبط انفلات تفشي الجائحة دون مزيد من القلق على سلامة أناس إضافيين قادمين إلى تلك المناطق من مناطق أخرى، مع الإبقاء على إتاحة فرصة السفر إليها للمساهمين في تقديم مساعدات طبية إليها. لقد كان سوء تفشي الجائحة في جانب منه بسبب أن الدول تلك لم تتعامل من قبل مع (إيبولا)، ولم تكن مستعدة لذلك»، في إشارة منه إلى رصد الهيئات الصحية العالمية 21 حالة تفشي لـ«إيبولا» منذ عام 1976. لم يحصل أي منها في الدول المتفشية فيها حاليا.

          ومعلوم أن اكتشاف فيروس «إيبولا» جرى في عام 1976، وأن في العشرين جائحة السابقة لتفشي «إيبولا»، تجاوز عدد المتوفين مائة شخص في كل واحدة من ستة جائحات، وأقل من ذلك في كل واحدة من الجائحات الـ15 الأخرى لـ«إيبولا»، وأقصى عدد وفيات كان 431 شخصا في جائحة «إيبولا» الأولى عام 1976 بالكونغو والسودان، وهو أمر متوقع لأن المرض لم يعرف من قبل، وحتى اليوم لا يتوفر له لقاح. وأضاف: «وضع حد لهذه الجائحة لن يكون سريعا ولن يكون سهلا، ولكننا نعرف ما يجب القيام به، وسنرسل 50 من الخبراء لهذا الغرض في الشهر المقبل - سبتمبر »، في إشارة منه إلى تراكم كثير من المعرفة الطبية حول هذا الفيروس، وكيفية التعامل معه خلال العقود الماضية. واستطرد بالقول: «في هذه المرحلة لن نخضع المسافرين القادمين من تلك الدول لفحص (إيبولا) بوصولهم إلى الولايات المتحدة، ومن المهم ملاحظة أن (إيبولا) ليس مُعديا إذا لم تظهر على المصاب أعراض المرض، والعدوى تكون باللمس المباشر لسوائل جسم المصاب، ولذا سنساعد في جهود الدول تلك لمنع سفر الأشخاص المصابين بـ(إيبولا) قبل صعودهم إلى الطائرة المغادرة منها».

          وعبارات الدكتور فريدن، وإن كانت مختصرة، فإنها واضحة ومحددة في ذكر أهم النقاط المتعلقة بكيفية تعامل المجتمعات مع جائحة وبائية تقع في منطقة أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن مراكز مكافحة الأمراض واتقائها أعادت مراجعة تعريفات تنبيهات السفر (Travel Notice) الخاصة بها في 5 أبريل (نيسان) 2013 من أجل جعل الإعلانات المتعلقة بها أبسط وأيسر لفهم لعموم الناس والمسافرين ومقدمي الرعاية الصحية.

          وحددتها ضمن ثلاثة مستويات؛ المستوى الأول ذو اللون الأخضر بعنوان «راقب»، وهو يطلب من المسافر تذكر ضرورة اتباع الاحتياطات المعتادة لحالات معينة، مثل تدابير الوقاية من قرص البعوض للمسافرين إلى بنما حينما حصلت حالة تفشي حمى الضنك فيها. والمستوى الثاني ذو اللون الأصفر بعنوان «تنبه»، وهو يطلب من المسافر اتباع اتخاذ تدابير وقاية أعلى، مثل التأكد من تلقي لقاح الحمى الصفراء للمسافرين إلى البرازيل عندما تفشت تلك الحمى خارج المناطق المعتاد تفشيها فيها بالبرازيل.

          والمستوى الثالث ذو اللون الأحمر بعنوان «تحذير»، وهو يطلب تجنب كل سفر غير ضروري إلى تلك المنطقة، كما حصل قبل بضعة أعوام في حالة سارس جنوب شرقي آسيا.


          د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

          تعليق


          • #6
            تغير المستشفى ومخاطر الوفيات

            تغير المستشفى ومخاطر الوفيات

            التوفيق في نجاح المعالجة الطبية للمرضى له متطلبات تفوق تلك التي يطلبها توفير الرعاية الطبية. وتوفير الرعاية الطبية يعني سهولة وصول المريض إلى مستشفى يوجد فيه طاقم طبي مؤهل علميا وتدريبيا لمعالجة الأمراض الشائعة، أما التوفيق في نجاح المعالجة الطبية للمرضى فيعني إضافة إلى توفر تلك العناصر وجود نظام فعال وكفء يؤمن العناصر الأخرى التي تضمن نجاح الطاقم الطبي المؤهل في القيام بواجباته نحو المرضى، ويوفر أيضا الاستفادة من تعاون المريض لإتمام عملية رعايته طبيا.

            وتبحث الأنظمة المختلفة لتقديم الرعاية الطبية في مختلف بلدان العالم عن تلك العناصر التي ترفع من مستوى التوفيق في نجاح المعالجة الطبية للمرضى في مجتمعاتها.

            إن حالة عودة اضطرار المريض للدخول إلى المستشفى بعد الخروج منها هي من الحالات التي تبحث أنظمة تقديم الرعاية الطبية في مسبباتها ونسبة حصولها وتداعياتها على سلامة المرضى وعلى إرباك وإنهاك جهود المستشفيات وزيادة التكاليف المادية لتقديم الرعاية الطبية. ذلك أن اضطرار المريض في هذه الحالات لعودة الدخول إلى المستشفى، هو في الغالب أحد مظاهر عدم التوفيق في إتمام عملية معالجة المريض بنجاح، وإحدى وسائل إظهار أهمية أي مشكلة صحية هو معرفة حجم تكاليف تداعياتها السلبية، ومن أهم التداعيات السلبية تلك التي تطال سلامة المرضى والحفاظ على أرواحهم.

            وضمن عدد الأول من مايو (أيار) 2014 لمجلة الرابطة الكندية الطبية «Canadian Medical Association Journal»، نشر الباحثون من مؤسسة علوم التقييم الإكلينيكي «Institute for Clinical Evaluative Sciences» في تورونتو نتائج دراستهم حول معدلات الوفيات في صفوف المرضى الذين يضطرون إلى عودة الدخول إلى المستشفى في فترة الـ30 يوما التالية لخروجهم منها، وتحديدا مقارنة نسبة الوفيات فيما بين من اضطروا إلى عودة الدخول إلى المستشفى نفسه الذي يخرجون منه ، وبين من اضطروا إلى عودة دخول مستشفى آخر
            .
            وقام الباحثون بتحليل المعلومات المتعلقة بنحو 200 ألف مريض، ممن عادوا لدخول واحد من 21 مستشفى في تورونتو والمناطق المحيطة بها، خلال فترة الـ30 يوما التالية لخروجهم من أحد تلك المستشفيات، ولاحظ الباحثون أن 20 في المائة من هؤلاء المرضى جرت عودة دخولهم إلى مستشفى غير التي خرجوا منه، وتعالجوا فيه حديثا.

            وتبين للباحثين أن نسبة الوفيات كانت أعلى بين أولئك المرضى الذين اضطروا إلى عودة دخول مستشفى غير تلك التي خرجوا منه، وجرت معالجتهم فيه حديثا. وعلق الدكتور جون ستابلس، الباحث الرئيس في الدراسة بالقول: «تفسير واحد لنتائج هذه الدراسة، هو أن عودة الدخول إلى مستشفى مغاير للمستشفى السابق هو أحد العوامل التي تمس الحفاظ على سلامة المرضى».

            وقال الباحثون في مقدمة الدراسة إن عودة الدخول إلى المستشفى بشكل غير مخطط له مسبقا، كداع طبي في متابعة المعالجة، هي عملية معقدة، وأنهم تابعوا هذا الأمر في الفترة ما بين عامي 1995 و2010 في مناطق تورونتو ومحيطها. وأضافوا بالقول: «سنويا تجري، دونما تخطيط مسبق، إعادة إدخال 4.5 مليون مريض في الولايات المتحدة، و200 ألف مريض في كندا، إلى المستشفى خلال فترة الـ30 يوما التالية لخروجهم منها، وهي عملية مكلفة ماديا، وتمثل تحديا ومن الصعب تجنب حصولها، ولها تأثيرات على سلامة المرضى».

            وأضافوا: «الدخول إلى مستشفى آخر قد يحرم من سهولة الوصول إلى ملف المريض في المستشفى السابق، والمعلومات المهمة التي يحتوي عليها حول تفاصيل معالجته السابقة، وقد يتسبب في تأخير معالجته، وأيضا في تعريضه إلى ميكروبات جديدة غير تلك التي في المستشفى السابق، ولكن في المقابل له إيجابيات في تقليل احتمالات الوقوع في تكرار أخطاء المعالجة السابقة، وفي عدم تأثر الأطباء بتشخيص سابق غير صحيح، وعودة تقييم الأطباء للحالة المرضية والتأكد من سلامة تشخيص حالة المريض».

            والواقع أن عودة الدخول إلى المستشفى خلال 30 يوما من الخروج منه هو مشكلة، وعودة دخول مستشفى آخر هو مشكلة أخرى، ولكن كليهما له تأثيرات سلبية على سلامة المرضى. وما يجدر البحث فيه هو لماذا يفضل بعض المرضى عدم العودة إلى مستشفيات معينة والرغبة في المتابعة بمستشفى آخر بعد عودة انتكاس الحالة الصحية لديهم.

            د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

            تعليق


            • #7
              الشعور بالعطش والاعتدال في شرب الماء

              الشعور بالعطش والاعتدال في شرب الماء

              حياة الجسم بالماء، والحاجة إليه قائمة طوال الوقت باعتدال، والاعتدال كما أنه يعني عدم النقص يعني كذلك عدم الزيادة. وأخيرا نشرت المجلة البريطانية للطب الرياضي (British Journal of Sports Medicine) نتائج دراسة الباحثين من المركز الطبي بجامعة لويولا في بالتيمور بولاية مريلاند الأميركية حول تأثر الرياضيين بشكل سلبي جراء الإفراط في شرب الماء. وفيها عرض الباحثون حالة أحد طلاب الثانوية من لاعبي كرة الفوتبول الأميركية في جورجيا الذي توفي أخيرا نتيجة لانخفاض الصوديوم بالجسم (Hyponatremia) بعد شربه نحو 4 غالونات من الماء والسوائل الأخرى، وحالة طالب ثانوي آخر من لاعبي الفوتبول في المسيسبي الذي توفي أيضا بنفس المشكلة لنفس السبب. وقالوا إن حالات الوفاة الحديثة بين اللاعبين، التي رصد الكثير قبلها، تطرح مشكلة إفراط اللاعبين في شرب الماء نتيجة للخوف من نشوء حالة جفاف الجسم جراء فقده كميات من السوائل بفعل القيام بالمجهود البدني الرياضي. وأضافوا أن سبب وفاتهم هو تدني نسبة عنصر الصوديوم في أجسامهم بفعل شرب كميات عالية من الماء على الرغم من عدم شعورهم بالعطش.

              والملاحظ أن هناك نصائح عامة يُصدرها عاملون في الأوساط الطبية وفي غيرها من الأوساط، تحث اللاعبين وعموم ممارسي الأنشطة الرياضية على شرب الماء، دون توضيح للمقصود الطبي السليم حول حاجة الجسم تلك حال ممارسة الأنشطة الرياضية. ومبعث النصائح هذه هو الخوف من الإصابة بحالات الجفاف في الجسم، بكل ما يتبع ذلك من تداعيات سلبية على عمل أجهزة الجسم المختلفة. ولكن هذا الحرص على السلامة من الإصابة بحالة الجفاف يجدر توضيح كيفية تفاديه بتناول الكمية التي يحتاجها الجسم دونما زيادة مفرطة في ذلك، ذلك أن الإفراط في تزويد الجسم بالماء ليس شيئًا محمودًا على الإطلاق نظرًا لأن ذلك يُؤدي إلى انتفاخ خلايا الجسم بالماء وهو ما يُؤدي إلى آلام التقلصات العضلية والغثيان والقيء ونوبات التشنج العصبي وفقد الوعي، وقد تصل الأمور في تدهورها إلى حد الوفاة.

              ونتيجة لعموميات صياغة النصائح الطبية، يعمد المدربون، بحسن نية، إلى حثّ اللاعبين على تناول كميات عالية من الماء حتى لو لم يشعروا بالعطش. والحقيقة أن العطش هو شعور ينبعث من مناطق محددة بالدماغ نتيجة استقبال إشارات من أرجاء مختلفة في الجسم بأن ثمة انخفاضا في كمية الماء فيه، أي أن العطش هو منبه أو نداء من الجسم للإنسان يخبره أن الجسم في طريقه إلى الجفاف وأن على المرء أن يُزود جسمه بالماء، وعمل هذا المنبه لا يُعرف طبيًا أنه يختل أو يضطرب في حالات ممارسة النشاط البدني، وإذا ما فقد المرء كميات مهمة من السوائل يجب تعويضها للحيلولة دون حصول حالة الجفاف فإن هذا المنبه سيؤدي عمله.

              ولذا يظل الأصل هو الاعتماد على عمل هذا المنبه لا إهماله أو عدم ترقبه كما يُؤكد الدكتور جيمس وينغر، الطبيب المتخصص في الطب الرياضي بجامعة لويولا. وأضاف أن شرب الماء استجابة لنداء العطش قد يتسبب بجفاف بسيط، ولكن مخاطر هذا الجفاف البسيط هي أيضا بسيطة. واستطرد بالقول إنه لا يُعرف طبيًا أن أحدًا توفي في الأوساط الرياضية بسبب هذه الدرجة من الجفاف وهناك تساؤلات علمية حول ما إذا كانت ثمة أي أضرار سلبية أصلاً نتيجة لحصول الجفاف البسيط، ولكن بالمقابل، وفي حالات صحيح أنها نادرة وتم توثيقها، فإن الإفراط في شرب الماء قد يسبب وفاة البعض. وكانت دراسة سابقة للباحثين قد لاحظت أن معظم العدائين في شيكاغو قد يفرطون في شرب كميات كبيرة من الماء أثناء منافسات سباقات الجري.

              وللتوضيح، فإن مراكز مكافحة الأمراض واتقائها (CDC) بالولايات المتحدة كانت قد لخصت في نشراتها الحاجة إلى الماء بقولها إن «الأصحاء من الناس يُحققون احتياج أجسامهم من الماء بشربه عند كل من: الشعور بالعطش وأثناء تناول وجبة الطعام». وأنه حال ممارسة الجهد البدني أو الوجود في الأماكن الحارة فإن الجسم سيفقد كميات أعلى من الطبيعي في محتواه من الماء، ومن المفيد شرب الماء أثناء وبعد معايشة هذه الظروف. ولكن هذا يظل ضمن عدم اللجوء إلى الإفراط في شرب الماء لمنع حصول مضاعفات ذلك.

              وللتقريب، فإن احتياج الجسم من الطعام أو الهواء يخضع لنفس المبدأ، فإننا نتناول الطعام حين نجوع، ونتناوله قبل بدء الصوم حتى لو لم نكن جائعين تحسبًا لتفادي نقص تزويد الجسم احتاجه منه، ولكن في كل من الحالتين فإننا لا نُفرط في تناول الطعام ويظل الشعور بالجوع هو الأصل في تنبيه الجسم. وكذا في إدخال الهواء إلى الرئة كي يستخلص الجسم حاجته منه من غاز الأكسجين ويستخدم هذا الهواء الداخل إلى الرئة في التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون.

              المعلومات الطبية الأساسية الثابتة علميًا تظل هي الأصل، واستفادتنا من تلك المعلومات البسيطة وتطبيقها وترجمتها بشكل عملي يجب أن يظل معتدلاً وبطريقة وبلغة بسيطة وسهلة علينا وعلى أجسامنا.

              د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

              تعليق


              • #8
                تقييم الجدوى العلاجية لتناول الأدوية

                تقييم الجدوى العلاجية لتناول الأدوية
                يشتمل تقييم الجدوى العلاجية أو الوسيلة التشخيصية على عناصر متعددة، كل منها مهم في تقرير نتيجة بسيطة تعطي الإجابة على سؤال بسيط في تركيب كلمات إجابته المختصرة، ومعقد جدا في تفصيل تلك الإجابة، وهو السؤال الذي يقول: هل استخدام هذه الوسيلة العلاجية أو هذه الوسيلة التشخيصية «مفيد» أم لا؟ وكل وسيلة علاجية أو تشخيصية تخضع لهذا السؤال، مثل: هل الأسبرين مفيد لمرضى شرايين القلب؟ هل تناول أدوية خفض الكولسترول مفيد لهم؟ هل زراعة الكلى مفيدة لمرضى الفشل الكلوي؟ هل إجراء منظار المعدة مفيد لمن يشكون من آلام فيها؟ هل تصوير الدماغ مفيد في حالات الجلطة الدماغية؟ وهكذا.

                الأساس في الوصول إلى هذه النتيجة التي تهم المريض والطبيب هو تقييم الجدوى، والذي يجدر أن يتم وفق نتائج تدعمها الأدلة العلمية، إما بـ«نعم» أو بـ«لا» أو بـ«ربما». وقد يتوقف التقييم في مرحلة بدائية جدا، مثل أن عقار المضاد الحيوي «أموكسيسيلن» لم يثبت أنه يعالج تساقط الشعر. وقد يتطلب تقييم الجدوى إجراء دراسات متقدمة تصل إلى نتيجة أن نسبة من يستفيدون لا تصل إلى حد يفوق نسبة من لا يستفيدون، ثم حتى لو ثبت أن نسبة من يستفيدون أعلى فإنه غير مجد نظرا إما لصعوبات في تلقي المعالجة أو مخاطر من ذلك أو لا يمكن توفيره لكل الناس على نطاق واسع إلا بكلفة تفوق الجدوى منه.

                وهناك وسائل تشخيصية دقيقة لكن لا يقال إنها مجدية، لأنه ليس بالإمكان توفير استخدامها لجميع المرضى أو المطلوب إجراء المسح لهم دونما تعريضهم لمخاطر قد لا تفوق جدواها. وعلى سبيل المثال، فإن إجراء قسطرة شرايين القلب وسيلة دقيقة في تشخيصها لوجود أي تضيقات فيها ولكن لا يمكن إجراؤها لكل من يشكون من آلام في الصدر بل يجرى أولا اختبار جهد القلب ثم إذا كانت نتيجته إيجابية تجرى قسطرة شرايين القلب. وهكذا أيضا في الوسائل العلاجية من أدوية أو عمليات جراحية وغيرها من وسائل المعالجة للأمراض المختلفة.

                وضمن عدد 8 سبتمبر (أيلول) 2014 من مجلة جاما للطب الباطني JAMA Internal Medicine، الصادرة عن رابطة الطب الباطني الأميركية، عرض الباحثون من كلية الطب بجامعة ماساتشوستس نتائج دراستهم حول جدوى تلقي المرضى المصابين بحالات متقدمة من الخرف للأدوية الموصوفة لهم والمتوفرة بالأسواق الطبية لمعالجة هذه المشكلة لديهم. ولاحظ الباحثون في دراسة المسح الإحصائي القومية لنزلاء دور رعاية التمريض بالولايات المتحدة أن ثمة شكوكا وتساؤلات وجيهة حول جدوى معالجة أكثر من نصف أولئك المرضى بتلك الأدوية وبأنواع أخرى من الأدوية. وعلقت الدكتورة جينفر تجيا، الباحثة الرئيسة في الدراسة، بالقول: «المخاوف الرئيسة تتمحور حول تدني تقدير وتقييم الأعباء المترتبة على تكاليف تعريض أولئك المرضى لتناول أدوية مشكوك في جدواها العلاجية». وأضافت: «إعطاء عدد من الأدوية لكل واحد من هؤلاء المرضى في كل يوم، وهم الذين يواجهون صعوبات في البلع وفي تناول الطعام، هو أيضا أمر غير مريح لهم، وإضافة إلى هذا فإن إعطاءهم تلك الكمية المتعددة من الأدوية لا يتوافق مع أهداف معالجتهم ورعايتهم، والذي من أهمها توفير الراحة لهم».

                واستطردت الباحثة بالقول: «الكثير من نوعيات تلك الأدوية لها مخاطر صحية حقيقة مثل التسبب باضطرابات إيقاع نبض القلب واحتباس البول والغثيان والتسبب بتدني مقدار الوعي». وأعاد الباحثون التذكير بقرار المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة حول العناية الطبية للمرضى الميئوس من شفائهم بسبب تقدم حالاتهم المرضية بضرورة تقليل تعريضهم للأدوية وتقليل تعريضهم لاحتمالات تسببها بآثار سلبية عليهم دونما وجود إثباتات علمية على جدوى تناولهم لها.

                وقام الباحثون في دراستهم بتحليل المعلومات المتعلقة بوصفات الأدوية التي تقدم للمرضى في مرافق رعاية التمريض الطويلة الأجل في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والبالغ عددهم نحو مليون ونصف المليون مريض خلال عام واحد. وركز الباحثون في مجموعة المرضى الذين تم تشخيصهم بأن لديهم «خرفا متقدما»، ووجدوا أن أكثر من نصفهم تجاوزوا سن 35 من العمر، وغالبيتهم من النساء، وأكثر من ربعهم لديهم مرض السكري، وثلاثة أرباعهم مصابون بارتفاع ضغط الدم، وأكثر من نصفهم يعانون من الاكتئاب. وإضافة إلى ملاحظتهم أن ثمة أدوية تصرف لهم وهم في حالة متقدمة من العمر دونما وجود أدلة تدعم احتمالات استفادتهم منها على المدى البعيد مثل أدوية خفض الكولسترول، لاحظ الباحثون كذلك في مراجعة وتحليل الوصفات الطبية للأدوية لهم أن نحو 55 في المائة تم وصف دواء واحد على الأقل من أدوية معالجة الخرف والاضطرابات النفسية بشكل غير ملائم ودونما داع لمعالجة الخرف المتقدم.

                ولاحظ الباحثون أن ثمة تفاوتا في مناطق وصف الأدوية غير المجدية لأولئك المرضى، حيث ترتفع نسبة وصفها لأولئك المرضى في ولايات أميركية وتنخفض في أخرى. وكذلك لاحظوا أن التكلفة المادية لتلك الأدوية الموصوفة لأولئك المرضى دونما جدوى ثابتة، بلغت أكثر من 35 في المائة من التكلفة المادية الإجمالية لمعالجة كل مريض منهم. ونصح الباحثون بضرورة إجراء مزيد من الدراسات لرؤية حجم هذه المشكلة من أجل وضع حلول لوقف استمرار إعطاء هؤلاء المرضى أدوية لا جدوى ترجى من تناولهم لها.

                وقال الباحثون ما مفاده إن الفكرة التي يجب أن تكون واضحة للأطباء هي أن الزيادة مثل النقص في شأن وصف الأدوية، وخصوصا تلك التي لم يثبت جدواها، وخصوصا أيضا بالنسبة لأولئك المرضى الذين يجب العمل على تحقيق راحتهم وتقليل تعريضهم للمخاطر.

                وعلق البروفسور غريغ ساشس، من كلية الطب بجامعة أنديانا وطبيب الباطنية، بالقول: «نتائج الدراسة مهمة، ونحن نرى مرضى في دور الرعاية التمريضية لديهم قائمة من الأدوية أشبه بقائمة فاتورة مغسلة الملابس، وكلما زاد عدد قائمة أنواع الأدوية التي يتلقاها المريض بشكل منتظم فإن المشكلة ليست مادية فقط بل هي في كيفية ضمان سلامة المريض عند تناوله لأنواعها مع كل احتمالات حصول التفاعلات العكسية والآثار الجانبية وتعارض مكونات تلك الأدوية مع بعضها البعض».

                وأضاف ما مفاده أنه «من الضروري مراجعة قائمة الأدوية تلك بشكل دوري وتقييم مدى جدوى وصفها لهم وتناولهم إياها لأن حتى نوعيات الأدوية الجيدة التي يتلقاها المريض لسنوات تلو سنوات أخرى طويلة ربما لا تكون ملائمة لحالتهم الحالية».

                د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

                تعليق


                • #9
                  ماذا يدور في دماغ الانسان؟


                  ماذا يدور في دماغ الانسان؟

                  شبكة النبأ: يعد الدماغ البشري احد اهم واعقد اعضاء جسم الانسان، فالدماغ هو المسؤول عن اغلب الوظائف الحيوية والسلوكية والمعرفية للكائن الحي، لذا فقد اصبح هذا الجزء المهم محط اهتمام الكثير من العلماء والباحثين من اجل الوصول الى اسرار ونتائج جديدة، تخص نشاط وعمل الدماغ، هذا بالإضافة الى معالجة بعض المشاكل والامراض التي يعاني منها العديد من البشر خصوصا وان الأجهزة والتقنيات الحديثة، قد مكنت الأطباء من تشخيص بعض اضطرابات ومشاكل الدماغ بشكل مبكر أكثر دقة مما كان في الماضي.

                  والدماغ البشري وكما تشير بعض المصادر يوجد ضمن الجمجمة، وهو العضو الذي يتحكم في بالجهاز العصبي المركزي للإنسان، عن طريق الأعصاب القحفية والنخاع الشوكي، وأخيرا الجهاز العصبي المحيطي، وبهذا يكون عمليا المنظم لجميع فعاليات الإنسان تقريبا. الأفعال البشرية اللاإرادية أو ما يدعى الأفعال "الدنيا"، مثل سرعة القلب، التنفس، والهضم، فيتم التحكم بها عن طريق الدماغ لاشعورياً بشكل خاص عن طريق الجهاز العصبي التلقائي.

                  أما الفعاليات العقلية "العليا" أو المعقدة مثل التفكير أو الاستنتاج والتجريد فيتم التحكم بها بشكل واع إرادي. تشريحيا يتم تقسيم الدماغ إلى ثلاثة أجزاء : الدماغ الأمامي، الدماغ المتوسط والدماغ الخلفي; يتضمن الدماغ الأمامي عدة فصوص من القشرة المخية التي تتحكم في الوظائف العليا، في حين يتدخل الدماغ المتوسط والخلفي في الوظائف التلقائية أو اللاشعورية.

                  وزن الدماغ حوالي 3 رطل (1.4 كيلوغرام). وهو، مع ذلك، واحدة من أكبر أجهزة الجسم، ويتألف من خلايا عصبية بعض 100000000000 أنه ليس فقط وضع الأفكار معا وتنسيق الإجراءات الفعلية للغاية ولكن تنظيم عملياتنا الجسم اللاواعية مثل الهضم والتنفس. ويتحمل من المعلومات ما يقارب 10^79 من المعلومات، ومن المعروف ان الخلايا العصبية في الدماغ والخلايا العصبية والتي تشكل الجهاز في ما يسمى ب "المادة الرمادية". نقل الخلايا العصبية وجمع إشارات كهربائية يتم الإبلاغ عن طريق شبكة من الألياف العصبية الملايين من دعا محورا وتشعبات عصبية. هذه هي الدماغ "المادة البيضاء".

                  والمخ هو أكبر جزء من الدماغ، وهو ما يمثل 85 في المئة من وزن الجهاز. والمميزة، والتجاعيد عميقة السطح الخارجي هو القشرة الدماغية، التي تتكون من المادة الرمادية. تحت هذا يكمن في المادة البيضاء. ويستهلك الدماغ حوالى 15% من الدورة الدموية التي يضخها القلب والتي تقدر بـ7200 لتر يومياً، أي أن تدفق الدم الدماغي يصل إلى 1080 لتر يومياً.

                  المهمة الصعبة

                  وفي هذا الشأن يعد علم الأعصاب من المجالات الطبية التي تشهد نموا سريعا وتحظى بشعبية لدى الناس. لكن على الرغم مما يشهده هذا المجال من تقدم، فإنه عندما "يتحقق فتح علمي" بخصوص منطقة معينة في الدماغ لا يكشف لنا الكثير مما نريد معرفته حول الآلية الداخلية التي يعمل وفقها العقل.

                  وقد رأى الكثير منا صورا للدماغ وقرأ القصص عنه، حيث ثمة صورة جميلة للدماغ، تسلط الضوء على منطقة منه جرى التوصل إلى أنها مصدر لبعض العمليات والمشاعر مثل الخوف أو الاشمئزاز، أو حتى الاضطرابات في القدرة على الانخراط في علاقات اجتماعية. وهناك الكثير من القصص التي قد تقودنا إلى الظن بأنه جرى الكشف عن مساحات من الغموض الذي يحيط بالدماغ، وذلك أكثر مما عليه الواقع بالفعل.

                  ومع أن هذه التكنولوجيا مذهلة، فإن "تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي"، وهي واحدة من أشهر طرق المسح التحليلي بالأشعة، لا تقيس في الواقع سوى التغيرات الموضعية لتدفق الدم إلى مناطق في الدماغ، ولا تصور الأعصاب بشكل مباشر. ويستخدم الباحثون تلك التكنولوجيا إذا ما أرادوا معرفة جزء من الدماغ يقوم بمهمة معينة، ويمكنهم من خلالها وضع شخص تحت جهاز مسح الدماغ، ومشاهدة المنطقة التي تكون نشطة.

                  واستطاع العلماء تحديد ورسم وجوه من خلال مسح الدماغ والتعرف على الأفكار النشطة فيه وعندما تضيء مناطق بعينها في الدماغ أثناء عملية المسح تلك، فإنها تشير حينذاك إلى أنها هي المسؤولة عن أداء تلك المهمة. إلا صور النتائج وفكرة "إضاءة الدماغ" نفسها يمكن أن تؤدي إلى ما هو أبعد من التفسير. وتوضح مولي كروكيت، المتخصصة في علم الأعصاب بكلية لندن الجامعية، أنه في الوقت الذي يعد فيه استخدام تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي مفيدا جدا، فإن الطريق لايزال طويلا لنكون قادرين على قراءة ما يدور في عقل الإنسان من خلال عملية مسح بالأشعة لدماغه فقط.

                  وقالت كروكيت: "لدينا مفهوم خاطئ لا يزال منتشرا، وهو أنه يمكنك النظر إلى بيانات تصوير الدماغ لشخص ما، وأنه من ثم ستكون قادرا على قراءة أفكاره ومشاعره، وذلك ليس صحيحا بالتأكيد." وأضافت: "ستكون هناك دراسة قد أنجزت لتخبرنا عما يدور في الدماغ، إلا أن ما يسعى الناس وراءه بالفعل هو حدوث طفرة في فهم العقل." واستشهدت بمقال تحت عنوان :"حرفيا أنت تحب هاتف الآيفون الخاص بك"، حيث إنه في تلك الحالة لاحظ فريق البحث أن منطقة من الدماغ كان يجري ربطها في السابق بمشاعر الحب قد نشطت عندما شاهد المشاركون في تلك الحالة جهاز الآيفون وهو يرن.

                  إلا أن تلك المنطقة في الدماغ أيضا كانت قد وصفت من قبل بأنها ترتبط بمشاعر "دائرة الكراهية"، والاشمئزاز، وبأنها أيضا هي مركز الإدمان بالدماغ. وقراءة الأفكار والمشاعر المفصلة والمحددة من خلال المسح فقط يبقى دربا من الخيال ويلقي هذا المثال الضوء على ما يعرفه العديد من علماء الأعصاب، وهو أن منطقة واحدة بالدماغ يمكن أن ترتبط بالعديد من العمليات الإدراكية.

                  ويمكننا أن ننظر في الأمر بهذه الطريقة، إذ يمكن أن نعتبر الدماغ وكأنه جهاز معالجة ضخم يحوي المليارات من الخلايا العصبية، ويعتقد أن كل مليمتر مكعب فيه يحتوي على حوالي مليون خلية عصبية. لذلك فمن المستحيل حتى الآن أن نقوم بتحليل الخلايا العصبية الفردية لدى البشر. إلا أنه وعند "فك شفرة" البيانات التي تخرج من المناطق النشطة في الدماغ، فإنه يمكن للأنماط أن تقدم بعض النتائج المثيرة.

                  وقام فريق بحثي بجامعة كاليفورنيا، بتقديم مقاطع فيديو لمجموعة من المشاركين في الدراسة، ووضعهم تحت جهاز مسح بالأشعة، ثم قام بتحويل الإشارات الكهربية في الدماغ إلى مقاطع فيديو. لقد اتضح أنها تشبه إلى حد كبير ما كانوا يشاهدونه. لكن جاك جالانت، صاحب الدراسة، اعترف بأنه لم يقم بـ "قراءة العقل"، لأنه لا يعلم في الحقيقة ما هو "العقل". وقال: "من ناحية أخرى فإنني أقوم ببعض "القراءات للدماغ"، وهي ببساطة عملية لفك شفرة المعلومات التي يعاد استرجاعها من قياسات نشاط الدماغ." وتابع قائلا: "من الناحية النظرية، فإن هذه عملية واضحة، بيد أن أي نتائج لقراءة الدماغ ستكون محددة بالتأكيد بجودة قياس نشاط الدماغ، وجودة نماذجه الحسابية."

                  والمناطق التي تضيء في الدماغ تشير إلى مسؤوليتها عن بعض المهام والحركات التي يقوم بها الإنسان وأجرى مارتن دريسلر، من معهد ماكس بلانك للطب النفسي في ألمانيا، دراسة مشابهة يُظهر من خلالها أن مسح الدماغ يمكن أن يساعد في تفسير حركة بسيطة من أحلام المشاركين في الدراسة، كحركة اليد مثلا. وتمكنت دراسة أخرى أجريت مؤخرا من إعادة تحديد وجوه ورسمها بناء على النشاط الدماغي.

                  وبنظرة أكثر اتساعا، يرى باحثون آخرون أن عمليات المسح بالأشعة للدماغ تعتبر أيضا أدوات تفيد في فهم حالة الوعي. وفي هذا الإطار، توصلت دراسة نشرت في مجلة لانسيت العلمية إلى أن عملية تصوير الدماغ كان من شأنها أن تساعد في التنبؤ باحتمالية استعادة مريض ما لوعيه. وقال سريفاس تشينو، من جامعة كامبريدج: "إن فهمنا لحالة الوعي قد تطور بشكل بارز خلال العقدين الماضيين،" كظاهرة برزت من شبكات المناطق المتفاعلة في الدماغ. واستخدم صور الدماغ في إظهار كيفية تأثر تلك الشبكات بتغير حالات الوعي، مثلما يحدث عقب إصابة المخ أو التخدير. بحسب بي بي سي.

                  ومن الواضح أن هذا المجال يتطور بسرعة، لكن الدكتور دريسلر يؤكد على أنه وفي الوقت الذي يمكن لتجارب بعينها أن تبدأ في تفسير أنماط التفكير بصريا، فإن ذلك لا يمكن إلا باستعداد المشاركين في الدراسة لساعات طويلة للقيام بها. وأضاف دريسلر: "تبقى المشكلة الأكبر في أن كل دماغ يختلف عن الآخر، ولا يمكن تطبيق طرق معادلات رياضية حققت نجاحا مع عقل شخص ما على عقل شخص آخر دون أن تكون هناك مشكلات تواجه ذلك." لذلك فإنه وفي الوقت الذي أصبح من الممكن فيه رؤية أنماط تفكير جرى التحكم بها بحذر من خلال عملية مسح الدماغ بالأشعة، إلا أن قراءة الأفكار والمشاعر المفصلة والمحددة من خلال عملية المسح فقط لا يزال ضربا من الخيال.

                  المخ أثناء النوم

                  على صعيد متصل لا يتوقف المخ عن العمل أثناء النوم، بل يمكن للنائم أن يقوم بترتيب الكلمات بطريقة صحيحة أثناء سباته. هذا ما توصل اليه باحثون من كامبريدج وباريس قاموا بإجراء اختبار كلمات على عدد من الأشخاص أثناء يقظتهم، وتبين قدرتهم على الاستمرار في الاجابة بشكل صحيح أثناء وتشير الدراسة إلى أن المخ يمكنه القيام بمهام مركبة أثناء النوم خاصة اذا كانت المهام تتم بشكل آلي. وركز الباحثون على دراسة سلوك المخ خلال يقظته ونومه. وقاموا باستخدام الجهاز الكهربائي لقياس انشطة المخ، وقاموا بتسجيل نشاط مخ المشاركين في الاختبارات عندما طلب منهم ترتيب كلمات منطوقة لحيونات أو أشياء بواسطة الضغط على ازرار. وطلب من المشاركين في الاختبارات الضغط على زر في اليد اليمنى للتعبير عن الحيوانات وزر آخر في اليد اليسرى للتعبير عن الأشياء.

                  وسمح ذلك للباحثين بمتابعة استجابات المشاركين ورسم خريطة لحركة المخ مع كل قائمة من الكلمات. ثم طلب من المشاركين الرقاد في غرفة مظلمة وأعينهم مغمضة ومتابعة تصنيف الكلمات بينما بدأوا يغفون. وعند نومهم تم تغيير قوائم الكلمات واستخدام كلمات أخرى على المشاركين في التجربة للتأكد من أن المخ يحتاج إلى معرفة معنى الكلمة قبل تصنيفها باستخدام الازرار. ويقول الباحثون إنه تبين من نشاط المخ استمرار المشاركين في التجربة في الإجابة بشكل صحيح على الرغم من بطء تلك الاستجابة. وخلال ذلك لم تصدر أي حركة عن المشاركين ولم يكونوا في حالة وعي. وقال "سد كويدر" من معهد ايكول نورمال سوبريير "لقد أظهرنا أن المخ النائم يمكن أن يكون أكثر نشاطا بكثير مما كنا نعتقد". وأضاف القول إن هذا "يفسر بعض التجارب التي نتعرض لها في الحياة اليومية مثل القدرة على الاستجابة لأسمائنا أثناء النوم، أو لصوت الساعات المنبهة بالمقارنة بأصوات أخرى أعلى لكنها أقل ارتباطا بنا." بحسب بي بي سي.

                  وقال إن المشاركين في الدراسة تمكنوا من القيام بعلميات حسابية بسيطة أثناء فترة الدخول في النوم ثم استمروا في معرفة ما إذا كانت تلك العمليات الحسابية صحيحة أم خاطئة أثناء غفوتهم. كما أضاف أن أي عملية تتم بشكل آلي يمكن أن تستمر خلال النوم، أما المهام غير الآلية فإنها تتوقف بعد الدخول في النوم. وأشار إلى أن هذه الدراسة يمكن أن تؤدي إلى المزيد من الأبحاث حول قدرة المخ على معالجة المسائل المختلفة.

                  تحفيز الدماغ كهربائيا

                  من جهة اخرى ذكرت دراسة علمية أن إثارة جزء معين في المخ باستخدام نبضات كهرومغناطيسية يمكن أن يزيد قدراتنا على تذكر الكثير من الحقائق. وأظهرت التجارب، التي شارك فيها 16 متطوعا بالولايات المتحدة، تراجع نسبة الأخطاء التي ارتكبها المشاركون أثناء اختبارات الذاكرة حوالي 30 في المئة بعد انتهاء التجارب. ويبحث العلماء الآن في إمكانية الاستفادة من تلك التقنية في مساعدة من يعانون من اضطرابات الذاكرة وتقليل حالات فقدان الذاكرة مع التقدم في العمر. ووصف باحثون مستقلون تلك الطريقة بأنها "عبقرية." واستهدف باحثون في جامعة نورثويسترن في الولايات المتحدة مركز عصبي معين معروف باسم الحصين الهيبوكامبوس. وتلعب تلك المنطقة بالمخ دورا مركزيا في عمليات الذاكرة الأساسية التى تربط حقائق غير مرتبطة ببعضها معا، مثل تذكر اسم شخص ما أو الأطعمة التي كانت في عشاء الأمس. وحدد الباحثون هذه المنطقة لدى 16 متطوعا مستخدمين مسح وأشعة مفصلة، ثم أجروا تقييما لذاكرتهم الأساسية. وشاهد المشاركون في الدراسة صورا لوجوه بينما كانوا يستمعون لكلمات لا ترتبط بما يرونه، ثم طلب منهم تعلم وتذكر الوجه والكلمة التي سمعها أثناء رؤيته. واستخدم بعد ذلك جهاز لارسال نبضات تحفيز كهرومغناطيسية قصيرة إلى منطقة بالدماغ توجد مباشرة فوق مركز الحصين.

                  واستمرت الجلسات لمدة 20 دقيقة يوميا طوال خمسة أيام متواصلة. وسجل المتطوعون تحسنا لافتا في اختبارات ذاكرة مشابهة بعد هذه الإجراءات، حتى بعد 24 ساعة فقط من اكتمال الجلسات. وكشفت الدراسة أنهم ارتكبوا أخطاءا أقل بحوالي 30 في المئة، مقارنة بما ارتكبوه قبل الخضوع للجلسات. ولم يظهر على المتطوعين أي تحسن في الذاكرة عند تعرضهم لتجربة كاذبة باستخدام دمية أو نسخة غير حقيقية من الجهاز. وقال البروفيسور جويل فوس، مسؤول الدراسة :"أظهرنا للمرة الأولى أنه يمكنك بصورة خاصة تغيير وظائف الذاكرة في الدماغ للأفراد البالغين بدون تدخل جراحي أو عقاقير، والتي لم تثبت فاعلية." وأضاف :"هذا التحفيز المحدد يحسن القدرة على تعلم أشياء جديدة، كما أن امكانياته هائلة لعلاج اضطرابات الذاكرة." ويعمل الباحثون الآن على معرفة كيفية تغير الذاكرة مع التقدم في العمر، والأمل في بدء إجراء التجارب على من تظهر لديهم علامات مبكرة للإصابة بمرض الخرف. بحسب بي بي سي.

                  وقال الدكتور نيك دافيس، الذي لم يشارك في الدراسة :"الطريقة التي استخدمت لتحفيز منطقة الحصن بارعة جدا، إنها عمل ذكي جدا." وأضاف :"العمل مثير خاصة أن كل ما نعرفه عن دوائر الذاكرة يأتي من دراسة الحيوانات أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف الذاكرة." ويقول علماء إن الجهاز يعمل على إرسال حقل كهرومغناطيسي قوي من خلال نبضات قوية. ويتولد عندها تيار كهربائي في الألياف العصبية، يحاكي الأنشطة الكهربائية المعتادة في الدماغ.

                  المخ والتوجهات السياسية

                  الى جانب ذلك تعد السياسة واحدة من أكثر مجالات الفكر الإنساني تعقيدا. لذلك انتابني الشك بطبيعة الحال عندما سمعت مزاعم بأن فحص مخ الإنسان قد يساعد في التنبؤ بمعرفة خياراته السياسية. ولا تزال علوم الدماغ تحقق تقدما وتكشف أفكارا غير عادية، لكن تحديد ما يمكنك قياسه عبر الماسح الضوئي لتفاعلات الإنسان الاجتماعية يعتبر طفرة كبيرة في هذا المجال، مثل محاولة كشف العلاقة بين طبقين من أطباق المرق، أحدهما من الخضروات والمكرونة واللحم والآخر من خلاصة بعض الأفكار عن الاقتصاد والمساواة والتاريخ. لكن علماء نفس وأعصاب في كلٍ من الولايات المتحدة وبريطانيا يجرون حاليا دراسات في غاية الأهمية للربط بين المواقف السياسية وما يجري داخل جماجمنا. ويقول دارين شرايبر، الأستاذ في جامعة إكستر: "بالنظر في كيفية معالجة المخ للظواهر السياسية يمكننا أن نفهم بشكل أفضل لماذا نقوم بما نقوم به." وبدأ شرايبر في استخدام آشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) أثناء وجوده بالولايات المتحدة الأمريكية، لبحث أنماط النشاط في المخ أثناء اتخاذ الناس قراراتهم، خاصة تلك التي تنطوي على بعض المخاطر.

                  وفي حين لم تكن قراراتهم مختلفة بقدر كبير، رأى الدكتور شرايبر تباينا في أجزاء من المخ والتي كانت الأكثر نشاطا في من يصفون أنفسهم بالمحافظين وأولئك الذين يطلقون على أنفسهم ليبراليين. ولن يعمم الأستاذ في جامعة إكستر كيفية تفكير المحافظين والليبراليين بالضبط، لكنه يعتقد بأن بحثه يقول إن وجهات النظر المختلفة تعكس تباينا عميق الجذور في كيفية فهم العالم. وبدا ريد مونتيغو، الأستاذ في جامعة كوليدج لندن وجامعة فرجينيا للتكنولوجيا، متشككا عندما تقدم لمساعدة علماء السياسة في أبحاثهم. ويضيف مونتيغو: "سخرت منهم، وخرجت من الغرفة"، لكن عندما أظهر جون تشيشولم وفريقه، في جامعة نبراسكا، له بياناتهم التي توصلوا إليها بدأ في تغيير لهجته.

                  وتوصلت الأبحاث التي أجريت على توأم إلى أن الولاء السياسي يكون في أجزاء منه وراثيا. وقد لا يكون هذا الولاء السياسي بنفس دقة طول التوأم، على سبيل المثال، ولكن يكفي أن يشير إلى أن بعض الميول تكون محافظة إلى أقصى حد أو موجودة داخل الحمض النووي. لكن كيف يمكن بالضبط للاختلافات الجينية أن تتجسد في الاختلافات السياسية على أرض الواقع؟

                  ويعرب الأستاذان هيبينغ ومونتغيو عن رغبتهما في معرفة إذا ما كان يمكن ملاحظة هذه الميول الفطرية في عمل المخ. لذلك، قام العلماء باختبار بعض ردود الفعل العفوية تجاه صور صممت خصيصا لإثارة الاشمئزاز والخوف، وقالوا إن هناك علاقة بين قوة ردود الفعل للصور وبين وجهات النظر المحتملة لشخص محافظ اجتماعيا. ويقول هيبينغ: "نحن بحاجة إلى توضيح الفرق بين التوجهات الاقتصادية المحافظة وبين التوجهات الاجتماعية المحافظة." وأضاف: "الناس الذين لديهم وجهات نظر أكثر تحفظا تجاه بعض القضايا، مثل الهجرة، والذين هم أكثر حرصا على معاقبة المجرمين، والذين يعارضون الإجهاض... هؤلاء هم من يبدو أن لديهم رد فعل أقوى بكثير تجاه الصور المثيرة للاشمئزاز."

                  وتقاس ردود الفعل هذه بيولوجيا، وبالتالي فإن الأبحاث تربط بين وجهات النظر الصريحة الواعية وبين ردود الفعل التي تنبع من اللاشعور. ويشمل البحث الذي أجري حتى الآن ردود الفعل تجاه الخطر والاشمئزاز والخوف والتي توضح أقوى الروابط لوجهات النظر السياسية الصريحة. لكن، ظهرت الصعوبة عن محاولة تطبيق هذه الرؤى في مواقف بعينها. وقد يكون المحافظون الاجتماعيون في الولايات المتحدة مؤيدين بقوة لفكرة إنشاء دولة صغيرة وسوق أكثر تحررا. وفي بلدان الكتلة الشرقية السابقة، قد تجعلك التوجهات الاجتماعية أكثر ؤغبة في العودة إلى أيام الشيوعية القديمة.

                  ويحذر عالم الاقتصاد السلوكي، ليام ديلاني، الذي يدرس الآن الجانب النفسي لحملات الاستفتاء على الاستقلال في أسكتلندا، من الاعتقاد بأن غرائز عقلنا الباطن يمكن أن تكون دليلا كاملا لهذا النقاش. ويقول ديلاني: "تعد الحتمية البيولوجية صعبة إلى حد ما مع هذه الحالات، لأن هناك تباينا كبيرا للغاية بين الأنظمة السياسية المختلفة." وقام العلماء باختبار بعض ردود الفعل العفوية تجاه صور صممت خصيصا لإثارة الاشمئزاز والخوف ويوافق شرايبر وجهة النظر السابقة بأن "السياسية الإنسانية في غاية التعقيد، ليس فقط فيما يقتصر على العقل. وأريد أن أكون واضحا للغاية في أنني لست من أتباع الحتمية البيولوجية. فنحن ثابتون ولا يجب أن نكون ثابتين." ويتابع: "إذا كان الناس بسطاء للغاية، فلن نحتاج إلى هذه العقول الكبيرة والمعقدة."

                  ولا يدعي أحد من العلماء القائمين على هذه الدراسة بأن وجهات نظرنا السياسية هي عفوية تماما. فالعقول البشرية تتغير على مدار حياتنا، لذلك يحرص علماء الأعصاب على القول إن تجاربنا، فضلا عن جيناتنا، لطالما تشكل المخ الذي تمر خلاله هذه التجارب. لكن جون هيبينغ يعتقد بأن دوافعنا اللاشعورية، والتي تطورت منذ فترة طويلة كرد على المخاطر الجسدية، توجه تفكيرنا السياسي أكثر مما نحب نحن أن نعتقد. ويقارن هيبينغ بين ميولنا الأيديلوجية العفوية وبين أي يد نفضل استخدامها. فنحن تعودنا أن نفكر كما لو كانت عادة يمكن تغييرها، لكننا نعرف الآن أنها "متأصلة في علم الأحياء". ولذلك آثار بالغة على الحياة السياسية.

                  فإذا كان الشخص يميل إلى التوجهات اليسارية بقدر العفوية في استخدامه ليده اليسرى،
                  فلماذا كل هذا الإزعاج في الجانب السياسي؟

                  هل يمكننا وضع الجميع في جهاز الماسح الضوئي للمخ، واستنتاج ما يفكرون فيه،
                  وهل سيستمرون في التفكير، وهل ولدوا ليفكروا، والتوقف عن محاولة تغيير طريقة تفكير أي شخص؟


                  لقد شعرت بالارتياح عندما وجدت أنه حتى جون هيبينغ نفسه لم يصل لهذا الاستنتاج. "فليس من المبالغة إن اعتقدت بأنه على الناس أن تصمت وأن تقبل باختلاف بعض الأشخاص. بحسب بي بي سي. لكني أعتقد أن عليهم أن يقبلوا بأن بعض الناس إما أنهم لن يتغيروا أو أنه من الصعب عليهم للغاية أن يتغيروا، وإن استمرار صراخنا في وجوههم لن يغير من الأمر شيئا." لذلك، لن نقوم بقلب الصورة في أي وقت قريب. وهذا أمر جيد، لأنني ما زلت أعتقد بأنه يجب أن تكون مهمة السياسة هي إخراج أفكارنا من جماجمنا إلى العالم الواقعي، العالم الحقيقي المليء بالمعتقدات التي تمثل تحديا والآراء المتضاربة.

                  معرض الغاز الدماغ
                  وكشف ستانيسلاس دوهاين الحائز شهادة دكتوراه في علم النفس الادراكي والاستاذ الجامعي في "كوليج دو فرانس" ان الدماغ البشري يمثل "اكثر الامور تعقيدا في الكون" خصوصا بسبب "التركيبة المذهلة للجزيئات والخلايا ومواضع تخزين الذكريات" بداخله. ومنذ اللحظة الاولى لدخوله المعرض، يغوص الزائر في جو خيالي حالم، اذ ان المشهدية في الداخل مستوحاة من العالم السريالي للفنان البلجيكي رينيه ماغريت مع مظلاته وقبعاته المحدبة. واشار دوهاين الذي يتولى الادارة العلمية للمعرض الى ان "الدماغ سريالي. فهو يسمح بتصور الواقع لكن ايضا بتكوين اوهام". ويزن دماغ شخص بالغ 1,3 كلغ، اي ما يقارب 2 % من وزن الجسم. لكنه يستهلك حوالى 20 % من الاكسجين الذي يسري في الجسم و25 % من السكر في الدم. كذلك يضم الدماغ حوالى 86 مليار خلية عصبية. كما ان النبضات العصبية لها طابع كهربائي. وتشير التقديرات الى حصول عشرات مليارات الشحنات الكهربائية كل ثانية في الدماغ البشري.

                  وأوضح دوهاين مدير الوحدة المشتركة للتصوير العصبي المعرفي التابعة للمعهد الوطني للصحة والبحث الطبي ومفوضية الطاقة الذرية والطاقات البديلة، ان دماغ الانسان يستمر بالعمل حتى عندما يكون الشخص نائما "لأنه في هذا الوضع يقوم الدماغ بوضع اسس بنيوية للعالم وتكوين النوايا واسقاطها على العالم الخارجي". كذلك يعتبر الدماغ خبيرا احصائيا من الطراز الرفيع: اذ انه يستقرئ النظم التي يسير على اساسها العالم الخارجي لتوقع او استباق ما يمكن ان يحصل. لكن يمكن للدماغ ان يخطئ عندما يتم نصب فخ له: فعلى سبيل المثال اذا ما وضعت امام الشخص اسطوانتان متلاصقتان الواحدة فوق الاخرى وتم التلاعب بوزن كل منهما -- اذ ان الصغيرة هي الثقيلة والكبيرة فوقها مجوفة وبالتالي خفيفة -- لن تقوم الذراع بالجهد المناسب اذ انها ستعطي قوة مفرطة عندما يتعين على الشخص حمل الغرضين معا.

                  ومن نقاط القوة في المعرض التجارب المعروضة للزائر والتي تسمح له باختبار دماغه. وهذه التمارين مستقاة من احدث البحوث في مجال العلوم العصبية. وللذين يعتقدون ان بامكانهم القيام بمهام متعددة في آن واحد، ثمة اختبار يثبت لهم عدم صحة ذلك. فللقيام بمهمتين بالشكل الانسب، يستغرق الموضوع وقتا والا ثمة خطر الوقوع في الخطأ. كذلك يظهر اختبار طريف انه عندما يركز المرء على مهمة ما، فإن بعض الامور تفلت منه. ويشاهد الزائر في هذا الاطار مباراة رياضية بين لاعبين يرتدون الابيض واخرين بالاسود. ويطلب من الشخص ان يركز انتباهه للتوصل الى عدد تمريرات الكرة داخل الفريق الابيض. لكن المشاركين في هذا الاختبار يفوتهم في اكثرية الاحيان رؤية الغوريلا السوداء التي تجتاز الصورة بروية. كما يمكن للعموم اكتشاف الطريقة التي يقرأون فيها نصا والوقت الذي يستغرقه ذلك بفضل جهاز يسجل حركات العينين.

                  كذلك يفرد المعرض مساحة كبيرة لما يعرف بـ"الدماغ الاجتماعي"، وذلك عن طريق فيلم مسل. وهذا الامر يظهر الطريقة التي يقدم فيها دماغنا افكار الاخرين" بحسب دوهاين. وتشكل القدرة على فهم نوايا الاخرين وتحليلها بشكل صحيح مدماكا اساسيا للحياة الاجتماعية. بحسب فرانس برس. وفي حالة الاشخاص المصابين بالتوحد، من الممكن حصول خلل في عمل هذا الدماغ الاجتماعي. ومن شأن فهم الاسس العصبية للسلوك الاجتماعي ان يسمح بفتح مسارات علاجية جديدة. ويهتم الباحثون خصوصا بهرمون الأوسيتوسين الذي يتحكم بالنظرة المجتمعية ويعمل على تحريك الرغبة بالتواصل مع الاخرين.

                  تعليق


                  • #10
                    الأطفال والأجهزة الإلكترونية في غرف نومهم

                    الأطفال والأجهزة الإلكترونية في غرف نومهم

                    تظل بعض الأمور في الحياة الأسرية مُبهمة لبعض الآباء والأمهات على الرغم من مرور سنوات على بلوغهم مرحلة الأبوة أو الأمومة ومتطلبات هذا الوضع منهم. وفهم الآباء والأمهات لأبجديات ما يُعرف طبيا بـ«الأبوة والأمومة الجيدة» هو مما يجدر وضوحه لهم كي يُتقنوا فنّ قيامهم بهذا الدور الحيوي في حياتهم وفي حياة ذريتهم وفي تصرفاتهم الاجتماعية، والأهم أن تكون الأبوة والأمومة مصدر راحة ومتعة لهم بدلا من مصدر همّ وقلق عليهم.

                    ومع تلقي الوالدين طوال الوقت اقتراحات إما بشكل مباشر أو غير مباشر حول الكيفية اللازم عليهما القيام بها في تنشئة ورعاية أبنائهما وبناتهما، وذلك من غالبية الناس من حولهما، سواء من أفراد الأسرة الأكبر منهما سنا أو من أقرانهما الآباء والأمهات، فإن بعضا من الآباء والأمهات قد يشعر أن الجميع غيرهم بارعون طوال الوقت في فهم ما يجب وما لا يجب على الآباء والأمهات فعله خلال تنشئة أبنائهم وبناتهم. والحقيقة أن ثمة قائمة لا تنتهي ولن تنتهي، ويظهر كل يوم عنصر جديد فيها، حول ما يجب وما لا يجب على الآباء والأمهات فعله أو قوله أو سلوكه إزاء مستجدات لا تنقضي في دخولها إلى حياة أبنائهم وبناتهم الذين يتطور نموهم طوال الوقت والذين يقابلون أشياء وأشخاصا جددا كل يوم.

                    ولكن يبقى المطلوب إدراكه وفهمه هو أساسيات مسؤوليات الوالدين كي يتمكنا من النجاح في القيام بدور «الأبوة والأمومة الجيدة» في النواحي التي تتعلق بحفظ الصحة النفسية والبدنية لأطفالهما.

                    المعهد الوطني الأميركي لصحة الطفل والتنمية البشرية عرّف «الأبوة والأمومة الجيدة» ضمن قائمة من العناصر البسيطة والسهلة الفهم والشاملة لغالبية الأمور الممكنة التي بوسع الوالدين القيام بها، وأفاد بأنها تشمل النجاح في الحفاظ على الطفل آمنا في بدنه ونفسيته، وإظهار المودة له والإنصات إليه، وتقديم نموذج الترتيب والتناسق في شؤون عيش الحياة اليومية، ووضع الحدود له وفرض التزامه بها، وقضاء الوقت مع الطفل، والرصد الواعي لصداقاته وأنشطته اليومية، وتوجيه عملية قيادة الطفل بآلية القدوة التي يلتزم بها الأب والأم.

                    وعالم اليوم بالنسبة للأطفال والمراهقين هو عالم إلكتروني بامتياز، تتوفر فيه الأجهزة الإلكترونية التي تؤثر في مستخدميها كأجهزة إلكترونية كهربائية وكهرومغناطيسية مجردة، وتؤثر أيضا كأجهزة تعرض أنواعا شتى من الخدمات الترفيهية والتعليمية الصالحة أو الطالحة، والأهم كأجهزة تربط الشخص بأرجاء واسعة من العالم وبأزقة وشوارع في مناطق قريبة أو بعيدة جغرافيا وثقافيا وعرقيا. وفي هذا العالم الإلكتروني يُمسي من الضروري حرص الآباء والأمهات على حماية الحالة الصحية للأبناء والبنات، بجوانبها البدنية والنفسية، من واقع مسؤولياتهم في ممارسة «الأبوة والأمومة الجيدة».

                    دعونا ننظر فقط إلى الجوانب المتعلقة بتلك الأجهزة كأجهزة إلكترونية ذات تأثيرات كهربائية وكهرومغناطيسية. وضمن إصدارتهم في 4 سبتمبر (أيلول)2014، عرض الباحثون من مستشفى ستوني بروك للأطفال في نيويورك طرحا متقدما في مسؤولية الآباء والأمهات بوجوب منع وجود الأجهزة الإلكترونية داخل غرف نوم الأطفال. وأوضحوا أن وجود الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والكومبيوترات المحمولة بأنواعها وألعاب الفيديو على اختلافها، في غرف نوم الأطفال لها تأثيرات صحية سلبية على الجوانب البدنية والنفسية للأطفال، أحدها تلك التأثيرات السلبية على قدرات النوم في ساعات الليل وقدرات الكفاءة الذهنية ومهارات التعلم خلال ساعات النهار. وأفادوا أنه حتى لو لم يستخدمها الطفل بالليل، فإن وجودها في غرف النوم يُصاحبه وجود أنشطة فيزيائية إلكترونية في أجواء غرف النوم، ما يتسبب بأضرار على قدرات النوم المريح بالليل.

                    وأعطت الدكتورة جيل كيرنغتون، طبيبة الأطفال في مستشفى ستوني بروك، مثلا بقولها: «إن انبعاث الضوء بشدة من شاشة الهاتف الجوال حتى عند محاولة معرفة ساعة الوقت، قد يتسبب بكسر دورة النوم لدى الطفل، ووجود الساعة المنبهة العادية في غرفة النوم أفضل». وذكرت أنه على الرغم من أن كل طفل له احتياج مختلف لكمية النوم الليلي، فإن إرشادات المؤسسة الوطنية الأميركية للقلب والرئة والدم تشير إلى أن الطفل في مرحلة ما قبل الدخول إلى المدرسة يحتاج ما بين 11 إلى 12 ساعة من النوم في كل يوم، وأطفال المدارس يحتاجون 10 ساعات، والمراهقين بحاجة إلى ما بين 9 إلى 10 ساعات، والبالغين يحتاجون ما بين 7 إلى 8 ساعات من النوم اليومي. وأضافت أن الإحصائيات الحديثة للمؤسسة القومية للنوم تفيد أن نحو 70 في المائة من صغار السن، ما بين 6 إلى 17 سنة من العمر، لديهم على أقل تقدير جهاز إلكتروني واحد في غرفة نومهم. وهؤلاء نومهم أقل من أولئك الذين تخلو غرف نومهم من تلك الأجهزة.

                    وقدم الباحثون مجموعة من الخطوات التي تُعين الآباء والأمهات على قيامهم بدور «الأبوة والأمومة الجيدة» في هذا الشأن، منها وضع روتين يومي لذهاب الطفل إلى سرير النوم يشتمل تعويد الطفل على إما الاستحمام أو قراءة كتاب أو غيرها من الأفعال التي تعينه على الاسترخاء والتهيئة للنوم بقطع كافة الأنشطة التي تُشتته عن ذلك. ومن ذلك إطفاء عمل كافة الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة من حلول موعد النوم، وإخراجها من غرفة نوم الطفل. والعمل التدريجي على خفض الساعات اليومية لاستخدام الطفل تلك الأجهزة الإلكترونية وزيادة وقت ممارسة الطفل للأنشطة الرياضية البدنية كوسيلة للتعويض، إضافة إلى عناصر أخرى لا مجال للاستطراد في عرضها.

                    الفكرة التي عرضها الباحثون تتحدث ببساطة عن ضرورة فهم الآباء والأمهات متطلبات ممارستهم دور «الأبوة والأمومة الجيدة»، وعدم تهاونهم في التزامهم بالعناية بأطفالهم للحفاظ عليهم آمنين بدنيا ونفسيا، وتقديم نموذج عملي لأطفالهم في كيفية ترتيب أنشطتهم اليومية في جانب النوم والاستيقاظ، وتدخلهم كآباء وأمهات في وضع الحدود والتزام أطفالهم بها في التعامل مع استخدام الأجهزة الإلكترونية، ومشاركة أطفالهم في الأنشطة الرياضية أو الترفيهية البديلة لاستغراق الأطفال في استخدام الأجهزة الإلكترونية تلك.


                    د. حسن محمد صندقجي* استشاري باطنية وقلب

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X