بسم الله الرحمن الرحيم
من المتواتر المقطوع به أن الذي بنى الكعبة إبراهيم الخليل (عليه السلام) وكان القاطنون حولها يومئذ ابنه إسماعيل وجرهم من قبائل اليمن وهي بناء مربع تقريبا وزواياها الأربع إلى الجهات الأربع تتكسر عليها الرياح ولا تضرها مهما اشتدت.الا ان جملة من ايات الذكر الحكيم تشير الى ان الكعبة كانت مبنية قبل ابراهيم (عليه السلام) ويؤيد هذا الرأي العديد من الروايات عن ائمة اهل البيت (عليهم السلام) فالايات كقوله تعالى:
((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي ببكة))[1] والاية واضحة في ان الكعبة هي اول بيت وضع لعبادة الله تبارك وتعالى وقوله تعالى: ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ))[2] مما يؤكد وجود هذه القواعد قبلهما وعمل (عليهما السلام) كان رفع هذه القواعد. الى غير ذلك من الايات الكريمة واما الروايات فكقول الصادق (عليه السلام) في رواية الحلبي عنه قال الحلبي سُئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن البيت أكان يحج قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه واله) قال نعم وتصديقه في القرآن قول شعيب قال لموسى حيث تزوج « عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ» ولم يقل ثماني سنين، وإن آدم ونوحا حجا وسليمان بن داود قد حج البيت بالجن والإنس والطير والريح وحج موسى على جمل أحمر يقول لبيك لبيك، وإنه كما قال الله « إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ» وقال « وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ» وقال « أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» وإن الله أنزل الحجر لآدم وكان البيت. [3]
وعن زرارة قال سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن البيت أكان يحج إليه قبل أن يبعث النبي (صلى الله عليه واله) قال نعم لا يعلمون أن الناس قد كانوا يحجون ونخبركم أن آدم ونوحا وسليمان قد حجوا البيت بالجن والإنس والطير ولقد حجه موسى على جمل أحمر يقول لبيك لبيك فإنه كما قال الله تعالى « إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي ببَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ»[4]
وفي خطبة للإِمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام) في نهج البلاغة، وهي المسماة بالقاصعة، يقول:
«أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ إِخْتَبَرَ الاَْوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِلَى الاْخَرِينَ مِنْ هذَا الْعَالَم بِأَحْجَار ... فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ ... ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ(عليه السلام) وَوَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ. [5]الا ان صاحب تفسير المنار، ينكر هذا الموضوع بالمرة، ويرى أن إبراهيم وإسماعيل أول من بنى الكعبة، الا ان القرائن القرآنية والروائية المتقدمة تؤيد أن الكعبة بنيت أوّلا بيد آدم، ثم انهدمت في طوفان نوح، ثم أُعيد بناؤها على يد إبراهيم وإسماعيل.
يقول الشيخ ناصر مكارم شيرازي في تفسيره الامثل:
نفهم بوضوح من خلال آيات الذكر الحكيم أن بيت الكعبة كان موجوداً قبل إبراهيم، وكان قائماً منذ زمن آدم. تتحدث الآية 37 من سورة إبراهيم عن لسان إبراهيم تقول: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَاد غَيْرِ ذِي زَرْع عِنْدَ بَيْتِكَ الُْمحَرَّمِ).
وهذه الآية تدل على أن بيت الكعبة كان له نوع من الوجود حين جاء إبراهيم مع زوجه وابنه الرضيع إلى مكة[6].
[1] ال عمران: 96.
[2] البقرة: 127.
[3] تفسير العياشي ج : 1 ص : 60
[4] تفسيرالعياشي ج : 1 ص : 187
[5] نهج البلاغة، صبحي صالح، ص 292 ـ (الخطبة القاصعة).
[6] ألأمثل / الجزء الاول / صفحة - 382 -
تعليق