أشدّ آية في القرآن
وقال آخرون: إنّ أصعب آية في القرآن قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ
في مجلس ضمّ بعض العلماء والفضلاء دار الحديث عن أشدّ وأشقّ آية في القرآن على الإنسان، فأدلى كلّ بدلوه؛ قال بعضهم: إنّ أصعب آية وأشدّها قوله تعالى: ﴿فاستقم كما أُمرتَ﴾(5)، فإنّ الاستقامة شاقّة على الإنسان، والدليل على ذلك أنّ فئة قليلة من البشر يستقيمون، فقد روي عن ابن عباس أنه قال: قال رجل: يا رسول الله أسرع إليك الشيب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: شيّبتني هود (أي سورة هود). قال ابن عباس: ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله آية كانت أشدّ عليه ولا أشقّ من هذه الآية(6) يعني ﴿فاستقم كما أُمرتَ﴾.
أقول: صحيح إنّ الاستقامة صعبة وشاقّة جداً، ولكنّها قد لا تكون كذلك بالنسبة لبعض الأشخاص. ففي بعض الظروف لا يغدو العمل بهذه الآية شاقاً كما لو كان الشخص مجبولاً على التقشّف والزهد بأن يحبّ من أعماقه الأكل الجشب واللباس الخشن ولا يفكّر بالفراش الوثير والدعة والعيش في رفاه، بل هو مصدود عنها على أثر معاشرته الأتقياء والزهاد. فمثل هذا الشخص إذا ابتلي مدّة في مكان لا يوجد فيه أكل لذيذ ولا فراش وثير ولا راحة، تراه يستلذّ بدلاً من التذمّر. ومن هنا لا أرى أنّ هذه الآية أشق آية في القرآن على النفس.
كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾(7). حقاً أيّ إنسان ذاك الذي يترك كلّ العلائق ويضحّي بها من أجل الله ورسوله وجهاد في سبيله إذا حصل تعارض بينهما، مع أنّ أغلب الناس يضحّون من أجل هذه الأشياء!! لا شكّ أنّ هذا الموقف يتطلّب بطولة نادرة تجعل من هذه الآية أصعب آية في القرآن.
وبدر إلى ذهني أنه لا تلك أصعب آية ولا هذه بل إنّ الآية التي تأخذ ـ حسبما أرى ـ بمجامع القلوب ولابدّ أن تستوقف الإنسان كلّ يوم عشرات المرّات قوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾. ومركز الصعوبة في الآية كلمة «كيف» فإنّ الملايين من المسلمين يتّجهون إلى القبلة يومياً سواء في صلوات الجماعة أو فرادى.. وكلّهم يصلّون الصلاة نفسها، ولكن ما يختلف فيها هو كيفها. ولعلّ الآلاف يقومون لأداء صلاة الليل في مدينة واحدة من المدن المقدسة فقط، ولكنّها تختلف فيما بينها من ناحية الكيف.
(5) سورة هود، الآية: 112.
(6) الخصال: ج1، ص199.
(7) سورة التوبة، الآية: 24.
وقال آخرون: إنّ أصعب آية في القرآن قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ
في مجلس ضمّ بعض العلماء والفضلاء دار الحديث عن أشدّ وأشقّ آية في القرآن على الإنسان، فأدلى كلّ بدلوه؛ قال بعضهم: إنّ أصعب آية وأشدّها قوله تعالى: ﴿فاستقم كما أُمرتَ﴾(5)، فإنّ الاستقامة شاقّة على الإنسان، والدليل على ذلك أنّ فئة قليلة من البشر يستقيمون، فقد روي عن ابن عباس أنه قال: قال رجل: يا رسول الله أسرع إليك الشيب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: شيّبتني هود (أي سورة هود). قال ابن عباس: ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله آية كانت أشدّ عليه ولا أشقّ من هذه الآية(6) يعني ﴿فاستقم كما أُمرتَ﴾.
أقول: صحيح إنّ الاستقامة صعبة وشاقّة جداً، ولكنّها قد لا تكون كذلك بالنسبة لبعض الأشخاص. ففي بعض الظروف لا يغدو العمل بهذه الآية شاقاً كما لو كان الشخص مجبولاً على التقشّف والزهد بأن يحبّ من أعماقه الأكل الجشب واللباس الخشن ولا يفكّر بالفراش الوثير والدعة والعيش في رفاه، بل هو مصدود عنها على أثر معاشرته الأتقياء والزهاد. فمثل هذا الشخص إذا ابتلي مدّة في مكان لا يوجد فيه أكل لذيذ ولا فراش وثير ولا راحة، تراه يستلذّ بدلاً من التذمّر. ومن هنا لا أرى أنّ هذه الآية أشق آية في القرآن على النفس.
كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾(7). حقاً أيّ إنسان ذاك الذي يترك كلّ العلائق ويضحّي بها من أجل الله ورسوله وجهاد في سبيله إذا حصل تعارض بينهما، مع أنّ أغلب الناس يضحّون من أجل هذه الأشياء!! لا شكّ أنّ هذا الموقف يتطلّب بطولة نادرة تجعل من هذه الآية أصعب آية في القرآن.
وبدر إلى ذهني أنه لا تلك أصعب آية ولا هذه بل إنّ الآية التي تأخذ ـ حسبما أرى ـ بمجامع القلوب ولابدّ أن تستوقف الإنسان كلّ يوم عشرات المرّات قوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾. ومركز الصعوبة في الآية كلمة «كيف» فإنّ الملايين من المسلمين يتّجهون إلى القبلة يومياً سواء في صلوات الجماعة أو فرادى.. وكلّهم يصلّون الصلاة نفسها، ولكن ما يختلف فيها هو كيفها. ولعلّ الآلاف يقومون لأداء صلاة الليل في مدينة واحدة من المدن المقدسة فقط، ولكنّها تختلف فيما بينها من ناحية الكيف.
(5) سورة هود، الآية: 112.
(6) الخصال: ج1، ص199.
(7) سورة التوبة، الآية: 24.
تعليق