بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
مسألة حضوره لعنه الله في جيش صفين، فقد روي ذلك في روايتين نوردهما ونورد ما فيهما من إشكال، الأولى عن: (عمر بن سعد، حدثني يونس بن أبي إسحاق قال: قال لنا أدهم بن محرز الباهلي ونحن معه بأذرح: هل رأى أحد منكم شمر بن ذي الجوشن؟ فقال عبد الله بن كبار النهدي، وسعيد بن خازم السلولي: نحن رأيناه. قال: فهل رأيتما ضربة بوجهه؟ قالا: نعم. قال: أنا والله ضربته تلك الضربة بصفين)[1].
والرواية الثانية عن: (عمر، عن الصلت بن زهير النهدي، عن مسلم قال: خرج أدهم بن محرز من أصحاب معاوية بصفين إلى شمر بن ذي الجوشن فاختلفا ضربتين، فضربه أدهم على جبينه فأسرع فيه السيف حتى خالط العظم، وضربه شمر فلم يصنع سيفه شيئا، فرجع إلى عسكره فشرب من الماء وأخذ رمحا، ثم أقبل وهو يقول:
إني زعيم لأخي باهله *** بطعنة إن لم أمت عاجله
وضربة تحت الوغى فاصله *** شبيهة بالقتل أو قاتله
ثم حمل على أدهم وهو يعرف وجهه، وأدهم ثابت له لم ينصرف، فطعنه فوقع عن فرسه، وحال أصحابه دونه فانصرف، فقال شمر: هذه بتلك)[2].
والروايتان ضعيفتان من حيث السند، لان الأولى فيها يونس بن أبي إسحاق، وهو السبيعي، وقد اجتمعت كلمة الشيعة والسنة على تضعيفه، وعدم الاحتجاج بحديثه، قال السيد الخوئي: (إنه كان من العامة وشديد التعصب)[3]، وفي كتاب العلل لأحمد بن حنبل: (يونس بن أبي إسحاق قال حديثه حديث مضطرب)[4]، وقال الرازي عن: (عبد الرحمن قال سألت أبي عن يونس بن أبي إسحاق فقال: كان صدوقا إلا انه لا يحتج بحديثه)[5].
والرواية الثانية نقلت عن مسلم، وهو مسلم بن كيسان الأعور، فعن احمد بن حنبل قال: (لا يكتب حديثه ضعيف الحديث)[6]، وقال العجلي: (مسلم الأعور كوفي ضعيف الحديث)[7]. وقال العقيأتي: (كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن مسلم الأعور وهو مسلم أبو عبد الله وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه وهو منكر الحديث جدا)[8].
ثم ان الروايتين منقولتان عن عمر بن سعد، وهو عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي، وهو مجهول لم يذكروا له ترجمة، كما صرح بذلك الشيخ علي النمازي الشهرودي بقوله: (عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي: لم يذكروه)[9].
وقد نقل ابن أبي الحديد الروايتين بقوله: (قال نصر: وحدثنا عمرو...)[10] بدلا من (عمر بن سعد) وعمرو المقصود من رواية ابن أبي الحديد هو (عمرو بن شمر أبو عبد الله الجعفي) والذي قال عنه النجاشي: (عمرو بن شمر أبو عبد الله الجعفي عربي، روى عن أبي عبد الله عليه السلام، ضعيف جدا)[11]، وقال العلامة الحلي: (عمرو بن شمر بالشين المعجمة، والراء أخيرا أبو عبد الله الجعفي، كوفي روى عن أبي عبد الله «عليه السلام» وعن جابر، وهو ضعيف جدا...فلا اعتمد على شيء مما يرويه)[12].
وقال الرازي: (عمرو بن شمر الجعفي أبو عبد الله روى عن عمران بن مسلم والسدي وجابر الجعفي روى عنه أحمد بن يونس سمعت أبي يقول ذلك، نا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي أن عمرو بن شمر منكر الحديث حدث بأحاديث منكرة، نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن شمر ليس بثقة، نا عبد الرحمن قال سألت أبي عن عمرو بن شمر فقال منكر الحديث جدا ضعيف الحديث لا يشتغل به تركوه، نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن عمرو بن شمر فقال ضعيف الحديث)[13].
ثم لو سلمنا جدلا ان الشمر بن ذي الجوشن لعنه الله كان في معسكر أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يوم صفين، فلا يثبت أيضا مدعى من يحاول نسبته إلى أنصار وشيعة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه لان جيش صفين كان خليطا من الناس المتشعبة آراؤهم المختلفة عقائدهم المتفرقة قلوبهم، فقد كان فيهم المؤمن المخلص بوده وانتمائه إلى أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وهم الأقلية عددا، وهؤلاء قد استشهد أكثرهم دفاعا عن أمير المؤمنين ونصرته.
ومنهم من كان يقاتل حمية وعصبية، من دون اعتقاد لإمامة أمير المؤمنين أو الإيمان بأفضليته على من سبقوه، وهؤلاء لا يستهان بعددهم، وقد نقلت الروايات بان قسما كبيرا من جيشه صلوات الله وسلامه عليه كانوا يصلون في رمضان صلاة التراويح التي سنها وابتدعها عمر بن الخطاب، فلما نهاهم الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه عن إتيان هذه البدعة ضجوا وتململوا حتى خاف الإمام على جيشه من التفرق فتركهم، فقد روى الشيخ الكليني في الكافي: (عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين «عليه السلام» فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان: إتباع الهوى وطول الأمل... والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري...)[14].
وقسم ثالث قد التحق بالجيش كجاسوس ينقل إلى معاوية بن أبي سفيان أخبار الجيش وتحركاته، كمثل الأشعث بن قيس وأمثاله، والشمر إن ثبت التحاقه بجيش صفين فهو من القسم الثاني أو الثالث يقينا، لأنه كان ولمدّة قصيرة قبل حرب صفين متواجداً في الشام عند معاوية بن أبي سفيان، يجلس على باب قصره الخضراء، وكان من قواده، فقد أورد الشيخ المفيد في كتابه الاختصاص رواية تكشف هذه الحقيقة فقال في رواية طويلة نقتطع منها قدر الحاجة: (كتب معاوية بن أبي سفيان إلى علي ابن أبي طالب صلوات الله عليه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لأضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح ولا يطفئه الماء إذا اهتز وقع وإذا وقع نقب والسلام.
فلما قرأ علي عليه السلام كتابه دعا بدواة وقرطاس ثم كتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا معاوية فقد كذبت، أنا علي بن أبي طالب، وأنا أبو الحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك، وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم أحد، وذلك السيف بيدي، تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي، لم أستبدل بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبالسيف بدلا والسلام على من اتبع الهدى.
ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي وكان رجلا مفوها طوالا، فقال له: خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه، فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته، ثم ركب جملا... فسار حتى نزل مدينة دمشق فسأل عن قواد معاوية، فقيل له: من تريد منهم ؟ فقال: أريد جرولا...وأبا الأعور السلمي، وعمرو بن العاص، وشمر بن ذي الجوشن... فقيل إنهم يجتمعون عند باب الخضراء، فنزل وعقل بعيره وتركهم حتى اجتمعوا ركب إليهم، فلما بصروا به قاموا إليه يهزؤون به، فقال واحد منهم: يا أعرابي أعندك خبر من السماء ؟ قال: نعم جبرئيل في السماء وملك الموت في الهواء وعلي في القضاء فقالوا له: يا أعرابي من أين أقبلت؟ قال: من عند التقي النقي إلى المنافق الردي، قالوا له: يا أعرابي فما تنزل إلى الأرض حتى نشاورك؟ قال: والله ما في مشاورتكم بركة ولا مثلي يشاور أمثالكم، قالوا: يا أعرابي فإنا نكتب إلى يزيد بخبرك وكان يزيد يومئذ ولي عهدهم، فكتبوا إليه: أما بعد يا يزيد فقد قدم علينا من عند علي بن أبي طالب أعرابي له لسان يقول فما يمل، ويكثر فما يكل والسلام...)[15] فالرواية كما ترى صريحة في جعل الشمر بن ذي الجوشن من قواد جيش معاوية بن أبي سفيان لعنه الله.
ثم وفجأة ومن دون سابق إنذار ينتقل من الشام ومن جبهة معاوية بن أبي سفيان إلى جيش أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، ثم يتحول من جبهته إلى جبهة الخوارج الذين انقذوا معاوية بن أبي سفيان في اللحظات الأخيرة من أن يناله السيف والقتل، كل هذا وغيره يجعلنا متيقنين بأن وجود الشمر بن ذي الجوشن في ضمن جيش أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه في أثناء معركة صفين متردد بين فرضين، فأما أن يكون وجوده مكذوباً مفتعلاً لإغراض لا تخفى، وأما أن يكون قد حضر لأجل التجسس والتخريب وإشاعة الفوضى وبث الضعف والفتنة في صفوف جيش أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، كما فعل مع مسلم بن عقيل سلام الله عليه وقد ذكر خبره.
السلام عليكم
مسألة حضوره لعنه الله في جيش صفين، فقد روي ذلك في روايتين نوردهما ونورد ما فيهما من إشكال، الأولى عن: (عمر بن سعد، حدثني يونس بن أبي إسحاق قال: قال لنا أدهم بن محرز الباهلي ونحن معه بأذرح: هل رأى أحد منكم شمر بن ذي الجوشن؟ فقال عبد الله بن كبار النهدي، وسعيد بن خازم السلولي: نحن رأيناه. قال: فهل رأيتما ضربة بوجهه؟ قالا: نعم. قال: أنا والله ضربته تلك الضربة بصفين)[1].
والرواية الثانية عن: (عمر، عن الصلت بن زهير النهدي، عن مسلم قال: خرج أدهم بن محرز من أصحاب معاوية بصفين إلى شمر بن ذي الجوشن فاختلفا ضربتين، فضربه أدهم على جبينه فأسرع فيه السيف حتى خالط العظم، وضربه شمر فلم يصنع سيفه شيئا، فرجع إلى عسكره فشرب من الماء وأخذ رمحا، ثم أقبل وهو يقول:
إني زعيم لأخي باهله *** بطعنة إن لم أمت عاجله
وضربة تحت الوغى فاصله *** شبيهة بالقتل أو قاتله
ثم حمل على أدهم وهو يعرف وجهه، وأدهم ثابت له لم ينصرف، فطعنه فوقع عن فرسه، وحال أصحابه دونه فانصرف، فقال شمر: هذه بتلك)[2].
والروايتان ضعيفتان من حيث السند، لان الأولى فيها يونس بن أبي إسحاق، وهو السبيعي، وقد اجتمعت كلمة الشيعة والسنة على تضعيفه، وعدم الاحتجاج بحديثه، قال السيد الخوئي: (إنه كان من العامة وشديد التعصب)[3]، وفي كتاب العلل لأحمد بن حنبل: (يونس بن أبي إسحاق قال حديثه حديث مضطرب)[4]، وقال الرازي عن: (عبد الرحمن قال سألت أبي عن يونس بن أبي إسحاق فقال: كان صدوقا إلا انه لا يحتج بحديثه)[5].
والرواية الثانية نقلت عن مسلم، وهو مسلم بن كيسان الأعور، فعن احمد بن حنبل قال: (لا يكتب حديثه ضعيف الحديث)[6]، وقال العجلي: (مسلم الأعور كوفي ضعيف الحديث)[7]. وقال العقيأتي: (كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن مسلم الأعور وهو مسلم أبو عبد الله وكان شعبة وسفيان يحدثان عنه وهو منكر الحديث جدا)[8].
ثم ان الروايتين منقولتان عن عمر بن سعد، وهو عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي، وهو مجهول لم يذكروا له ترجمة، كما صرح بذلك الشيخ علي النمازي الشهرودي بقوله: (عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي: لم يذكروه)[9].
وقد نقل ابن أبي الحديد الروايتين بقوله: (قال نصر: وحدثنا عمرو...)[10] بدلا من (عمر بن سعد) وعمرو المقصود من رواية ابن أبي الحديد هو (عمرو بن شمر أبو عبد الله الجعفي) والذي قال عنه النجاشي: (عمرو بن شمر أبو عبد الله الجعفي عربي، روى عن أبي عبد الله عليه السلام، ضعيف جدا)[11]، وقال العلامة الحلي: (عمرو بن شمر بالشين المعجمة، والراء أخيرا أبو عبد الله الجعفي، كوفي روى عن أبي عبد الله «عليه السلام» وعن جابر، وهو ضعيف جدا...فلا اعتمد على شيء مما يرويه)[12].
وقال الرازي: (عمرو بن شمر الجعفي أبو عبد الله روى عن عمران بن مسلم والسدي وجابر الجعفي روى عنه أحمد بن يونس سمعت أبي يقول ذلك، نا عبد الرحمن نا محمد بن إبراهيم نا عمرو بن علي أن عمرو بن شمر منكر الحديث حدث بأحاديث منكرة، نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن شمر ليس بثقة، نا عبد الرحمن قال سألت أبي عن عمرو بن شمر فقال منكر الحديث جدا ضعيف الحديث لا يشتغل به تركوه، نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن عمرو بن شمر فقال ضعيف الحديث)[13].
ثم لو سلمنا جدلا ان الشمر بن ذي الجوشن لعنه الله كان في معسكر أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يوم صفين، فلا يثبت أيضا مدعى من يحاول نسبته إلى أنصار وشيعة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه لان جيش صفين كان خليطا من الناس المتشعبة آراؤهم المختلفة عقائدهم المتفرقة قلوبهم، فقد كان فيهم المؤمن المخلص بوده وانتمائه إلى أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وهم الأقلية عددا، وهؤلاء قد استشهد أكثرهم دفاعا عن أمير المؤمنين ونصرته.
ومنهم من كان يقاتل حمية وعصبية، من دون اعتقاد لإمامة أمير المؤمنين أو الإيمان بأفضليته على من سبقوه، وهؤلاء لا يستهان بعددهم، وقد نقلت الروايات بان قسما كبيرا من جيشه صلوات الله وسلامه عليه كانوا يصلون في رمضان صلاة التراويح التي سنها وابتدعها عمر بن الخطاب، فلما نهاهم الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه عن إتيان هذه البدعة ضجوا وتململوا حتى خاف الإمام على جيشه من التفرق فتركهم، فقد روى الشيخ الكليني في الكافي: (عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين «عليه السلام» فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان: إتباع الهوى وطول الأمل... والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري...)[14].
وقسم ثالث قد التحق بالجيش كجاسوس ينقل إلى معاوية بن أبي سفيان أخبار الجيش وتحركاته، كمثل الأشعث بن قيس وأمثاله، والشمر إن ثبت التحاقه بجيش صفين فهو من القسم الثاني أو الثالث يقينا، لأنه كان ولمدّة قصيرة قبل حرب صفين متواجداً في الشام عند معاوية بن أبي سفيان، يجلس على باب قصره الخضراء، وكان من قواده، فقد أورد الشيخ المفيد في كتابه الاختصاص رواية تكشف هذه الحقيقة فقال في رواية طويلة نقتطع منها قدر الحاجة: (كتب معاوية بن أبي سفيان إلى علي ابن أبي طالب صلوات الله عليه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لأضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح ولا يطفئه الماء إذا اهتز وقع وإذا وقع نقب والسلام.
فلما قرأ علي عليه السلام كتابه دعا بدواة وقرطاس ثم كتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا معاوية فقد كذبت، أنا علي بن أبي طالب، وأنا أبو الحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك، وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم أحد، وذلك السيف بيدي، تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي، لم أستبدل بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبالسيف بدلا والسلام على من اتبع الهدى.
ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي وكان رجلا مفوها طوالا، فقال له: خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه، فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته، ثم ركب جملا... فسار حتى نزل مدينة دمشق فسأل عن قواد معاوية، فقيل له: من تريد منهم ؟ فقال: أريد جرولا...وأبا الأعور السلمي، وعمرو بن العاص، وشمر بن ذي الجوشن... فقيل إنهم يجتمعون عند باب الخضراء، فنزل وعقل بعيره وتركهم حتى اجتمعوا ركب إليهم، فلما بصروا به قاموا إليه يهزؤون به، فقال واحد منهم: يا أعرابي أعندك خبر من السماء ؟ قال: نعم جبرئيل في السماء وملك الموت في الهواء وعلي في القضاء فقالوا له: يا أعرابي من أين أقبلت؟ قال: من عند التقي النقي إلى المنافق الردي، قالوا له: يا أعرابي فما تنزل إلى الأرض حتى نشاورك؟ قال: والله ما في مشاورتكم بركة ولا مثلي يشاور أمثالكم، قالوا: يا أعرابي فإنا نكتب إلى يزيد بخبرك وكان يزيد يومئذ ولي عهدهم، فكتبوا إليه: أما بعد يا يزيد فقد قدم علينا من عند علي بن أبي طالب أعرابي له لسان يقول فما يمل، ويكثر فما يكل والسلام...)[15] فالرواية كما ترى صريحة في جعل الشمر بن ذي الجوشن من قواد جيش معاوية بن أبي سفيان لعنه الله.
ثم وفجأة ومن دون سابق إنذار ينتقل من الشام ومن جبهة معاوية بن أبي سفيان إلى جيش أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، ثم يتحول من جبهته إلى جبهة الخوارج الذين انقذوا معاوية بن أبي سفيان في اللحظات الأخيرة من أن يناله السيف والقتل، كل هذا وغيره يجعلنا متيقنين بأن وجود الشمر بن ذي الجوشن في ضمن جيش أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه في أثناء معركة صفين متردد بين فرضين، فأما أن يكون وجوده مكذوباً مفتعلاً لإغراض لا تخفى، وأما أن يكون قد حضر لأجل التجسس والتخريب وإشاعة الفوضى وبث الضعف والفتنة في صفوف جيش أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، كما فعل مع مسلم بن عقيل سلام الله عليه وقد ذكر خبره.
[1] وقعة صفين لابن مزاحم المنقري ص267 ــ 268.
[2] المصدر السابق ص268.
[3] معجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج21 ص199.
[4] العلل لأحمد بن حنبل ج2 ص519.
[5] الجرح والتعديل للرازي ج9 ص244.
[6] العلل لأحمد بن حنبل ج2 ص476.
[7] معرفة الثقات للعجلي ج2 ص279.
[8] ضعفاء العقيلي للعقيلي ج4 ص154.
[9] مستدركات علم رجال الحديث للشيخ علي النمازي الشاهرودي ج6 ص90.
[10] شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي ج5 ص213 من اخبار يوم صفين.
[11] رجال النجاشي ص287.
[12] خلاصة الأقوال للعلامة الحلي ص378.
[13] الجرح والتعديل للرازي ج 6 ص 239 ــ 240.
[14] الكافي للشيخ الكليني ج8 ص58 ــ 63.
[15] الاختصاص للشيخ المفيد ص139 كتاب معاوية إلى علي عليه السلام وجواب علي عليه السلام على يد الطرماح إليه.