الأول:أصبح سارقاً
أما الثاني: فأصبح مسؤل أكبر جمعية خيرية في مدينته
1- كنت ذات يوم جالسا في مكتب المحامين، وهناك تعرفت على رجل مسجل أنه شقي ، خطر ، سرقات (حرامي كبير)، وله قضية عند هذا المحامي، فسألت الرجل: كيف أصبحت على ما أنت عليه ؟ ( أقصد حراميا.. لكنني احترمت الرجل )
فقال مبتسما: أمي هي السبب، فقلت:وكيف ذلك ؟ فازدادت ابتسامته وقال:
كنت في الصف الرابع الابتدائي وذات يوم رجعت من المدرسة وقد ضاع قلمي الرصاص، وعندما علمت أمي بالخبر ضربتني بانتقام وشتمتني بأبشع الشتائم ووصفتتي بالعبط، وعدم تحمل المسؤولية وغيرها، ونتيجة لقسوة أمي الزائذة عن الحد قررت ألا أعود لأمي فارغ اليدين، لقد قررت أن أسرق أقلام زملائي، وفي اليوم التالي نفذت الخطة ولم أكتفِ بسرقة قلم أو قلمين، بل سرقت جميع زملائي في الفصل، في بادئ الأمر كنت أسرق خائفا، وشيئا فشيئا تشجعت ولم يعد للخوف في قلبي مكان، واستخدمت في ذلك حيلا كثيرة، ومن الطرائف أنني كنت أسرق الأقلام من زملائي وأبيعها لهم، وبعد شهر كامل من سرقة زملائي في الفصل لم يعد للأمر تلك اللذة الأولى، قررت أن أنطلق نحو الفصول المجاورة، ومن فصل إلى آخر انتهى بي المطاف في حجرة مدير المدرسة لأسرقها، وذلك العام كان عام التدريب الميداني، تعلمت فيه السرقة نظريا وعمليا، ثم انطلقت بعد ذلك وصرت محترفا.
2- عندما كان ابني في الصف الثاني الابتدائي رجع يوما من المدرسة وقد ضاع قلمه الرصاص، فقلت له: وماذا فعلت؟ قال:أخذت قلما من زميلي، فقلت له: تصرف جيد، ولكن ماذا كسب زميلك عندما أعطاك قلما لتكتب به ؟ هل أخذ منك طعاما أو شرابا أو مالا ؟ قال ابني: لا، لم يفعل، فقلت له: إذا لقد ربح منك الكثير من الحسنات، يابني، لماذا يكون هو أذكى منك؟ لماذا لا تكسب أنت الحسنات؟ قال: وكيف ذلك ؟ فقلت:سنشتري لك قلمين: قلما تكتب به والقلم الآخر نسميه ((قلم الحسنات))، وهذا لأنك ستعطيها من نسي قلمه أو ضاع منه، طبعا ستعطيه له ثم تأخذه بعدما تنتهي الحصة، وكم فرح ابني بتلك الفكرة، وزادت سعادته بعدما طبقها عمليا، لدرجة أنه أصبح يحمل في حقيبته قلما يكتب به وستة أقلام للحسنات، والعجيب في الأمر أن ابني هذا كان يكره المدرسة، ومستواه الدراسي ضعيف، وبعد أن جربت معه الفكرة فوجئت بأنه بدأ يحب المدرسة، وهذا لأنه أصبح نجم الفصل في شيء ما، فكل المعلمين أصبحوا يعرفونه، وزملاؤه يقصدونه في الأزمات، كل واحدٍ قلمه ضائع يأخذ منه واحدا، وكل معلم يكتشف أن أحدهم لا يكتب، لأن قلمه ليس معه فيقول: اين فلان صاحب الأقلام الاحتياطية؟ ونتيجة لأن ابني أحب الدراسة بدأ مستواه الدراسي يتحسن شيئا فشيئا، والعجيب أنه اليوم قد تخرج من الجامعة وتزوج ورزقه الله بالاولاد، ولم ينس يوما قلم الحسنات، لدرجة أنه اليوم مسؤول عن أكبر جمعية خيرية في مدينتنا.
فلنحذر في تربيتنا لأبنائنا ولنعاملهم بالرحمة ولنحول المواقف السلبية إلى موقف تربوية سليمة
تعليق