الاقوال في الحروف المقطعة (4)
السيد رياض الحكيم:
ج ـ اختلف المفسّرون فيها على أقوال، فمنهم من جعلها تعبيراً عن التحدي القرآني للبشر، فانّ القرآن رغم تأليفه من الحروف العربية المألوفة إلاّ أن البشر يعجزون عنه. ومنهم من قال إنها رموز لأسماء أو معاني سامية لا يعلمها إلاّ الله والراسخون في العلم، ويشهد لهذا الرأي مجموعة من النصوص والأدعية والأذكار التي تتضمن التكريم و التوسل بمقام أو مضمون هذه الحروف المقطّعة.(1)
السيد محمد باقر الحكيم
ولم يؤثر عن الرسول (ص) شيء صحيح في تفسير هذه الحروف بل يكاد ان لا يؤثر عنه شيء في ذلك مطلقاً ليكون هو القول الفصل فيها. لعل هذا هو السبب في تعدد آراء العلماء واختلاف وجهاتالنظر فيما بينهم بصدد تفسير هذه الحروف :
وهناك اتجاهان رئيسان في تفسير هذه الحروف :
الاتجاه الاول :
هو الذي يرى ان هذه الحروف من الاشياء التي استأثر اللّه سبحانه بعلمها. ولذا فليس من الممكن لاحد ان يصل الى معرفة المراد منها. ويؤيد هذا الاتجاه ما روي عن عدد من الصحابة والتابعين.. من ان الفواتح سر القرآن وانها سر اللّه فلا تطلبوه. وذهب اليه كثير من العلماء والمحققين. كما جاء ذلك في بعض الروايات عن طريق اهل البيت (ع)
والاتجاه الآخر :هو الذي يرى انه ليس في القرآن الكريم شيء غير مفهوم لنا او معروف لدى العلماء والمحققين. وذلك انطلاقاً من حقيقة ان اللّه سبحانه وتعالى وصف القرآن الكريم بصفات متعددة لا تتفق مع هذا الخفاء والاستئثار فهو جاء بلسان عربي مبين كما انه نزل تبياناً لكل شيء وهدى للناس وغير ذلك. وحين يكون القرآن بهذه الصفة لا يمكن الا ان يكون مفهوماً للناس واضحاً لهم. وقد نسب هذا الاتجاه الى المتكلمين من علماء الاسلام. وموقفنا من هذه المذاهب يتحدد على ضوء بعض الظواهر العامة التي عاشتها مسألة (فواتح السور) وهي :
1 - عدم ورود تفسير واضح للفواتح عن الرسول.
2 - سكوت الصحابة عن سؤال الرسول بصدد هذا الموضوع.
3 - عدم تعارف استعمال العرب لهذا الاسلوب في كلامهم.
وهذه الظواهر الثلاث تجعلنا نؤمن بأن الموقف تجاه هذه الحروف من قبل معاصري الوحي والنبوة كان واضحاً وجلياً الامر الذي ادى الى سكوت النبي والصحابة معاً. وحينئذ فاما ان يكون هذا الوضوح نتيجة توضيحالنبي بأنها من المتشابهات التي يحسن السكوت والتسليم عندها. او انه كان نتيجة ان الغاية من استعمالها كانت جارية على نهج المذهب السابع. فأنه المذهب الوحيد الذي شرح القضية بشكل ينسجم مع هذه الظواهر ولا يستلزم السؤال والاستفسار.
ويكون هذا الاسلوب في الالفات من الاساليب التي برع القرآن في استعمالها(2)
الشيخ الصدوق:
فقد عقد باباً في كتابه معاني الاخبار بعنوان (معنى الحروف المقطعة في أوايل السور من القرآن)
حدثنا محمد بن القاسم الاسترابادي المعروف بأبي الحسن الجر جاني المفسر - رضي الله عنه - قال: حدثني أبويعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبوالحسن علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين أنه قال: كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا: سحر مبين تقوله، فقال الله: " الم ذلك الكتاب " أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو الحروف المقطعة التي منها " الف، لام، ميم " وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوابمثله إن كنتم صادقين واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم، ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله: " قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا(3)
تحليل كلام السيد محمد باقر الصدر:
فتعددت الاراء على ضوء ذلك في تفسير الحروف المقطعة هذه، وحين يحدد الامام الشهيد موقفه من هذه المذاهب والاراء فهو ينطلق في ضوء بعض الظواهر العامة التي تقول بعدم ورود تفسير واضح للفواتح عن الرسول وسكوت الصحابة عن السؤال عنها، وعدم تعارف استعمال العرب لهذا الاسلوب في كلامهم. ويفسر الامام الصدر ذلك في كونه امّا واضحاً جلياً مما ادى الى سكوت النبي والصحابة عنه او انها من المتشابهات التي يحسن السكوت عندها، او انه كان نتيجة ان الغاية من استعمالها كانت جارية على نهج أن هذه الحروف جاء ليفتح القرآن اسماع المشركين الذين تواصوا بعدم الانصات اليه كما جاء في قوله تعالى: (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه)فكانت هذه الحروف بطريقة عرضها وغموضها سبباً للفت انظار المشركين الى استماع القرآن الكريم، فانه المذهب الوحيد الذي شرح القضية بشكل ينسجم مع هذه الظواهر ولا يستلزم السؤال والاستفسار(4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مراجعات قرانية:ص6
2ـ علوم القران: ص438
3ـ معاني الاخبار:ج1/ص38
4ـ محمد باقر الصدر دراسة في حياته وأفكاره
السيد رياض الحكيم:
ج ـ اختلف المفسّرون فيها على أقوال، فمنهم من جعلها تعبيراً عن التحدي القرآني للبشر، فانّ القرآن رغم تأليفه من الحروف العربية المألوفة إلاّ أن البشر يعجزون عنه. ومنهم من قال إنها رموز لأسماء أو معاني سامية لا يعلمها إلاّ الله والراسخون في العلم، ويشهد لهذا الرأي مجموعة من النصوص والأدعية والأذكار التي تتضمن التكريم و التوسل بمقام أو مضمون هذه الحروف المقطّعة.(1)
السيد محمد باقر الحكيم
ولم يؤثر عن الرسول (ص) شيء صحيح في تفسير هذه الحروف بل يكاد ان لا يؤثر عنه شيء في ذلك مطلقاً ليكون هو القول الفصل فيها. لعل هذا هو السبب في تعدد آراء العلماء واختلاف وجهاتالنظر فيما بينهم بصدد تفسير هذه الحروف :
وهناك اتجاهان رئيسان في تفسير هذه الحروف :
الاتجاه الاول :
هو الذي يرى ان هذه الحروف من الاشياء التي استأثر اللّه سبحانه بعلمها. ولذا فليس من الممكن لاحد ان يصل الى معرفة المراد منها. ويؤيد هذا الاتجاه ما روي عن عدد من الصحابة والتابعين.. من ان الفواتح سر القرآن وانها سر اللّه فلا تطلبوه. وذهب اليه كثير من العلماء والمحققين. كما جاء ذلك في بعض الروايات عن طريق اهل البيت (ع)
والاتجاه الآخر :هو الذي يرى انه ليس في القرآن الكريم شيء غير مفهوم لنا او معروف لدى العلماء والمحققين. وذلك انطلاقاً من حقيقة ان اللّه سبحانه وتعالى وصف القرآن الكريم بصفات متعددة لا تتفق مع هذا الخفاء والاستئثار فهو جاء بلسان عربي مبين كما انه نزل تبياناً لكل شيء وهدى للناس وغير ذلك. وحين يكون القرآن بهذه الصفة لا يمكن الا ان يكون مفهوماً للناس واضحاً لهم. وقد نسب هذا الاتجاه الى المتكلمين من علماء الاسلام. وموقفنا من هذه المذاهب يتحدد على ضوء بعض الظواهر العامة التي عاشتها مسألة (فواتح السور) وهي :
1 - عدم ورود تفسير واضح للفواتح عن الرسول.
2 - سكوت الصحابة عن سؤال الرسول بصدد هذا الموضوع.
3 - عدم تعارف استعمال العرب لهذا الاسلوب في كلامهم.
وهذه الظواهر الثلاث تجعلنا نؤمن بأن الموقف تجاه هذه الحروف من قبل معاصري الوحي والنبوة كان واضحاً وجلياً الامر الذي ادى الى سكوت النبي والصحابة معاً. وحينئذ فاما ان يكون هذا الوضوح نتيجة توضيحالنبي بأنها من المتشابهات التي يحسن السكوت والتسليم عندها. او انه كان نتيجة ان الغاية من استعمالها كانت جارية على نهج المذهب السابع. فأنه المذهب الوحيد الذي شرح القضية بشكل ينسجم مع هذه الظواهر ولا يستلزم السؤال والاستفسار.
ويكون هذا الاسلوب في الالفات من الاساليب التي برع القرآن في استعمالها(2)
الشيخ الصدوق:
فقد عقد باباً في كتابه معاني الاخبار بعنوان (معنى الحروف المقطعة في أوايل السور من القرآن)
حدثنا محمد بن القاسم الاسترابادي المعروف بأبي الحسن الجر جاني المفسر - رضي الله عنه - قال: حدثني أبويعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبوالحسن علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين أنه قال: كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا: سحر مبين تقوله، فقال الله: " الم ذلك الكتاب " أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو الحروف المقطعة التي منها " الف، لام، ميم " وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوابمثله إن كنتم صادقين واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم، ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله: " قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا(3)
تحليل كلام السيد محمد باقر الصدر:
فتعددت الاراء على ضوء ذلك في تفسير الحروف المقطعة هذه، وحين يحدد الامام الشهيد موقفه من هذه المذاهب والاراء فهو ينطلق في ضوء بعض الظواهر العامة التي تقول بعدم ورود تفسير واضح للفواتح عن الرسول وسكوت الصحابة عن السؤال عنها، وعدم تعارف استعمال العرب لهذا الاسلوب في كلامهم. ويفسر الامام الصدر ذلك في كونه امّا واضحاً جلياً مما ادى الى سكوت النبي والصحابة عنه او انها من المتشابهات التي يحسن السكوت عندها، او انه كان نتيجة ان الغاية من استعمالها كانت جارية على نهج أن هذه الحروف جاء ليفتح القرآن اسماع المشركين الذين تواصوا بعدم الانصات اليه كما جاء في قوله تعالى: (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه)فكانت هذه الحروف بطريقة عرضها وغموضها سبباً للفت انظار المشركين الى استماع القرآن الكريم، فانه المذهب الوحيد الذي شرح القضية بشكل ينسجم مع هذه الظواهر ولا يستلزم السؤال والاستفسار(4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مراجعات قرانية:ص6
2ـ علوم القران: ص438
3ـ معاني الاخبار:ج1/ص38
4ـ محمد باقر الصدر دراسة في حياته وأفكاره
اترك تعليق: