بسم الله الرحمن الرحيم
كانت مكة المكرمة وعموم الجزيرة العربية ملتهبة بنيران النزاعات القبلية والثارات العشائرية الى انبثاق نور الاسلام والشريعة المحمدية على صاحبها اكرم السلام والتحية فتغيرت مفاهيم الناس من مفاهيم قائمة على الحقد والطمع الى اخرى قائمة على مبادئ الاسلام السامية فصار كل واحد منهم يبحث عن الحقيقة التي غيبتها ظلمات الجهل فكانت الحرب اذا نبذت قتيلا صار ذلك سببا للثأر بين القبائل وهكذا تستمر هذه الحالة حتى جاء الاسلام فنظم العلاقة بين افراد المجتمع من خلال نظام القصاص والديات اذا كان القتل خطأ وبالتالي صار القصاص سببا لانحسار هذه الظاهرة من المجتمع فقال تعالى:
" ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون"[1] وقوله تعالى " يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى"[2] وعن النبي صلى الله عليه واله: "يا ايها الناس احيوا القصاص واحيوا الحق واسلموا تسلموا"[3] فكان القصاص حياة لمن يُراد ان يُقتل وحياة للقاتل فلا يتجسر على فعل ذلك اصلا فكان حياة لهما وللمجتمع وهذا هو السر في وصف القران له بالحياة وهذا ما اشار اليه الامام امير المؤمنين عليه السلام انه قال: "اربع انزل الله تصديقي بها في كتابه ...وقلت القتل يقل القتل فانزل (ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب)[4]. وورد في خطبة الزهراء "والقصاص حقنا للدماء" وبهذا المعنى ايضا ورد عن الامام امير المؤمنين عليه السلام[5]. وورد عن صادق العترة قوله: "ان الله تعالى بعث محمدا بخمسة اسياف: سيف منها مغمود سله الى غيرنا وحكمه الينا فأما السيف المغمود فهو الذي يقام به القصاص قال الله جل وجهه (النفس بالنفس)..الاية، فسله الى اولياء المقتول وحكمه الينا"[6].
[1] البقرة: 179.
[2] البقرة: 178.
[3] امالي المفيد: ص33.
[4] تفسير نور الثقلين ج1 ص158.
5. غرر الحكم ص353.
[6] بحار الانوار ج104 ص388.
تعليق