ما هي سمات المنتظر للإمام المهدي ( عليه السَّلام ) في زمن الغيبة ؟
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
من الطبيعي جداً أن يُولي الإنسان المؤمن مسالة إنتظار ظهور الإمام المهدي ( عليه السَّلام ) إهتماماً كبيراً ، حيث أن هذه المسألة من أهم المسائل التي تتعلق بإمام العصر و الزمان الإمام الثاني عشر ( عجَّل الله فرَجَه ) الذي بشَّرت الأحاديث الشريفة بظهوره و قيام دولة الحق و العدالة الشاملة على يده ، بعد أن يقضي على كل ألوان الباطل و على كل مظاهر الظلم و الجور و الحرمان و الكفر ، فتكون نهاية دولة الطغاة و الجبابرة و المستكبرين و الكفار على يده .
و مما يزيد من إهتمام الإنسان المؤمن بمسالة الانتظار هي البشارة التي حملتها الأحاديث الكثيرة للمنتظر في زمان الغيبة ، الأمر الذي يزيد من لهفة المؤمنين للتعرف على معنى الانتظار ، و صفات المنتظِر ، بغرض السعي إلى تحصيلها ، أو للتأكد من إنطباقها عليهم .
ثواب من مات منتظراً :
رُوِيَ عَنِ الإمام الرِّضَا ( عليه السَّلام ) ، عَنْ آبَائِهِ ( عليهم السلام ) أنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : " أَفْضَلُ أَعْمَالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ فَرَجِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " [1] .
وَ رَوَى السِّنْدِيُّ عَنْ جَدِّهِ ، أنَّهُ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ [2] ( عليه السَّلام ) : مَا تَقُولُ فِيمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ ، مُنْتَظِراً لَهُ ؟
قَالَ : " هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِمِ فِي فُسْطَاطِهِ " .
ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْئَةً ، ثُمَّ قَالَ : " هُوَ كَمَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) " [3] .
وَ عَنْ عَلَاءِ بْنِ سَيَابَةَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) : " مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مُنْتَظِراً لَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِمِ ( عليه السَّلام ) " [4] .
سِمات المنتظر :
لمعرفة سمات المنتظر للإمام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) لا بُدَّ لنا أولاً من معرفة معنى الانتظار و المنتظِر ، حيث أن معرفة المعنى الصحيح لهذين المصطلحين يعتبر مقدمة ضرورية لمعرفة سمات المنتظر ، و ذلك لأن الفهم الخاطيء للمصطلحين المذكورين يشكل عقبة كبرى في هذا المجال .
الفهم الخاطئ لمعنى الانتظار :
مما يؤسف له هو أن بعض الناس فهم معنى الانتظار فهماً خاطئاً حيث تصور هؤلاء بأن المراد بالانتظار هو التسليم للأمر الواقع و الرضا به أياً كان هذا الواقع ، و الوقوف أمام التيارات الفكرية الجارفة وقوف المشاهد المتفرج ، و مجارات الأحداث كيفما إتفقت دونما خشية من الإنجراف مع موجات الفساد العارمة ، بل و مسايرتها لأنها من الواقع الذي لا يمكن الوقوف في وجهه ، ضناً منهم بأنهم غير مسؤولين عن شيء أبداً ، و ليس عليهم سوى الصبر و الرضا بالواقع المُّر حتى يظهر الإمام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) فهو المأمور برفع الظلم عن شعوب العالم و إقامة دولة الحق .
و الأسوأ من هذا هو ما فهمه البعض من أن معنى الإنتظار هو الامتناع عن أي عمل إصلاحي تربوي أو إجتماعي أو سياسي من شأنه إصلاح ما فسد من أمر الأمة ، أو تغيير الفاسد إلى الحَسن ، أو الحسن إلى الأحسن .
و كذلك ترى البعض يمتنع عن أي عمل استنكاري يقاوم المنكر و الفساد و الظلم ، كل ذلك بحجة أن مثل هذه الأمور سوف تؤخر قيام دولة الإمام المهدي ( عليه السَّلام ) الذي لا يظهر إلا بعد أن تمتلئ الأرض ظلماً و جوراً ، و ذلك لما ورد في الحديث عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) أنَّهُ قال : " ... يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً " [5] ، زاعمين بأنه لا بُدَّ أن تمتلئ الأرض ظلماً و جوراً حتى يظهر الإمام ( عليه السَّلام ) فيملأها قسطاً و عدلاً !
لكن أدنى مراجعة للأحاديث الشريفة تكشف لنا أن هذا الفهم لا يتطابق مع روح الإسلام و تعاليمه البناءة ، و هو فهم خاطئ يغاير التعاليم الإسلامية و النصوص الدينية الصريحة .
الفهم الصحيح لمعنى الانتظار :
إذا راجعنا الأحاديث التي تتحدث عن الانتظار و حقيقته ، و المنتظر الحقيقي و وظيفته ، فسوف نعرف بأن " الإنتظار " إنما هو مدرسة نموذجية تصنع الأبطال المتميزين ، فتلميذها المتخرج منها بدرجة امتياز هو " المنتظِر " .
و المنتظر يتروَّض في مدرسة الإنتظار و يتربى فيها تربية كاملة تجعله يتحمل أعلى مراتب المسؤولية ، و هذه التربية تمكنه من أن يتحلى بكل صفات المؤمن الصادق الذي لا تأخذه في الله لومة لائم .
و متى استطاع هذا التلميذ " المنتظر " من إجتياز المراحل التربوية العالية و النموذجية من خلال جهاد النفس و الورع و التقوى و الأخلاق الإسلامية ، عندها يكون عبداً صالحاً مطيعاً لله و رسوله ( صلى الله عليه و آله ) و الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) ، و مقتدياً بإمام زمانه ( عليه السَّلام ) فيصح أن يُطلق عليه لقب " المنتظِر " و يكون مؤهلاً لأن يكون من أعوان الإمام المهدي المنتظَر و أنصاره ( عليه السَّلام ) حال غيبته و لدى ظهوره .
فعَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ [6] ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ذَاتَ يَوْمٍ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : اللَّهُمَّ لَقِّنِي إِخْوَانِي " ـ مَرَّتَيْنِ ـ .
فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ : أَ مَا نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟!
فَقَالَ : " لَا ، إِنَّكُمْ أَصْحَابِي ، وَ إِخْوَانِي قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ آمَنُوا وَ لَمْ يَرَوْنِي ، لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ اللَّهُ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَصْلَابِ آبَائِهِمْ وَ أَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ ، لَأَحَدُهُمْ أَشَدُّ بَقِيَّةً عَلَى دِينِهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ [7] فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ ، أَوْ كَالْقَابِضِ عَلَى جَمْرِ الْغَضَا [8] ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الدُّجَى [9] ، يُنْجِيهِمُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ " [10] .
وَ قَالَ أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " الْآخِذُ بِأَمْرِنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ ، وَ الْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَا كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " [11] .
فحقيقة الانتظار ليست إلا الإلتزام الديني و الورع عن محارم الله التي نهى عن إرتكابها ، و العمل بما افترض الله عَزَّ و جَلَّ على الإنسان من الواجبات و التكاليف الشرعية حتى في أحلك الظروف .
و المنتظر وفقاً لهذا الفهم لا يُفوِّت أي فرصة لرفع مستواه العلمي و الإيماني و التحلي بالأخلاق الحسنة ، و إيجاد حالة الجهوزيته التامة لنفسه من كل النواحي لكي يكون من جند الإمام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) .
فالمنتظر الحقيقي هو دائماً على أهبة الاستعداد التام لإمتثال أوامر الإمام ( عليه السَّلام ) حال ظهوره و حال غيبته على حد سواء ، فحاله حال من يعيش مع الإمام المهدي ( عليه السَّلام ) و يرتبط به ارتباطاً وثيقاً ، بل كمن يلازم الإمام ( عليه السَّلام ) في غرفة قيادته .
فعَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ : " تَمْتَدُّ الْغَيْبَةُ بِوَلِيِّ اللَّهِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أَوْصِيَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) وَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ .
يَا أَبَا خَالِدٍ : إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ غَيْبَتِهِ الْقَائِلُونَ بِإِمَامَتِهِ الْمُنْتَظِرُونَ لِظُهُورِهِ ، أَفْضَلُ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ وَ الْأَفْهَامِ وَ الْمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدَةِ ، وَ جَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) بِالسَّيْفِ ، أُولَئِكَ الْمُخْلَصُونَ حَقّاً ، وَ شِيعَتُنَا صِدْقاً ، وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِ اللَّهِ سِرّاً وَ جَهْراً " [12] .
وصايا و بشارات للمنتظرين :
1 ـ عَنْ جَابِرٍ أنَّهُ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ [13] ( عليه السَّلام ) وَ نَحْنُ جَمَاعَةٌ بَعْدَ مَا قَضَيْنَا نُسُكَنَا ، فَوَدَّعْنَاهُ وَ قُلْنَا لَهُ أَوْصِنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ .
فَقَالَ : " لِيُعِنْ قَوِيُّكُمْ ضَعِيفَكُمْ ، وَ لْيَعْطِفْ غَنِيُّكُمْ عَلَى فَقِيرِكُمْ ، وَ لْيَنْصَحِ الرَّجُلُ أَخَاهُ كَنُصْحِهِ لِنَفْسِهِ ، وَ اكْتُمُوا أَسْرَارَنَا ، وَ لَا تَحْمِلُوا النَّاسَ عَلَى أَعْنَاقِنَا ، وَ انْظُرُوا أَمْرَنَا وَ مَا جَاءَكُمْ عَنَّا فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُ فِي الْقُرْآنِ مُوَافِقاً فَخُذُوا بِهِ ، وَ إِنْ لَمْ تَجِدُوا مُوَافِقاً فَرُدُّوهُ ، وَ إِنِ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَيْكُمْ فَقِفُوا عِنْدَهُ وَ رُدُّوهُ إِلَيْنَا ، حَتَّى نَشْرَحَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا شُرِحَ لَنَا ، فَإِذَا كُنْتُمْ كَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَ لَمْ تَعَدَّوْا إِلَى غَيْرِهِ ، فَمَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ قَائِمُنَا كَانَ شَهِيداً ، وَ مَنْ أَدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ ، وَ مَنْ قَتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أَجْرُ عِشْرِينَ شَهِيداً " [14] .
2 ـ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ الصَّادِقِ ، عَنْ آبَائِهِ ( عليهم السلام ) أنَّهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه و آله ) لِعَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) : " يَا عَلِيُّ ، وَ اعْلَمْ أَنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ يَقِيناً قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَمْ يَلْحَقُوا النَّبِيَّ وَ حُجِبَ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ ، فَآمَنُوا بِسَوَادٍ فِي بَيَاضٍ " [15] .
3 ـ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ أنَّهُ قَالَ : قَالَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ ( عليه السَّلام ) : " مَنْ ثَبَتَ عَلَى وَلَايَتِنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ أَلْفِ شَهِيدٍ مِثْلِ شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ " [16] .
4 ـ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيِّ ، أنَّهُ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السَّلام ) : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ، وَ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْنَا أَسْوَاقَنَا انْتِظَاراً لِهَذَا الْأَمْرِ ، حَتَّى أَوْشَكَ الرَّجُلُ مِنَّا يَسْأَلُ فِي يَدَيْهِ !
فَقَالَ : " يَا عَبْدَ الْحَمِيدِ ، أَ تَرَى مَنْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجاً ، بَلَى وَ اللَّهِ لَيَجْعَلَنَّ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجاً ، رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَيْنَا ، رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً أَحْيَا أَمْرَنَا " .
قَالَ : قُلْتُ : فَإِنْ مِتُّ قَبْلَ أَنْ أُدْرِكَ الْقَائِمَ ؟
فَقَالَ : " الْقَائِلُ مِنْكُمْ إِنْ أَدْرَكْتُ الْقَائِمَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ نَصَرْتُهُ كَالْمُقَارِعِ مَعَهُ بِسَيْفِهِ ، وَ الشَّهِيدُ مَعَهُ لَهُ شَهَادَتَانِ " [17] .
5 ـ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ أنَّهُ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) : الْعِبَادَةُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْكُمُ الْمُسْتَتِرِ فِي السِّرِّ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ أَفْضَلُ أَمِ الْعِبَادَةُ فِي ظُهُورِ الْحَقِّ وَ دَوْلَتِهِ مَعَ الْإِمَامِ الظَّاهِرِ مِنْكُمْ ؟
فَقَالَ : " يَا عَمَّارُ ، الصَّدَقَةُ فِي السِّرِّ وَ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ ، وَ كَذَلِكَ عِبَادَتُكُمْ فِي السِّرِّ مَعَ إِمَامِكُمُ الْمُسْتَتِرِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ أَفْضَلُ ـ لِخَوْفِكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ وَ حَالِ الْهُدْنَةِ ـ مِمَّنْ يَعْبُدُ اللَّهَ فِي ظُهُورِ الْحَقِّ مَعَ الْإِمَامِ الظَّاهِرِ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ ، وَ لَيْسَ الْعِبَادَةُ مَعَ الْخَوْفِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ مِثْلَ الْعِبَادَةِ مَعَ الْأَمْنِ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ .
اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلَاةً فَرِيضَةً وُحْدَاناً مُسْتَتِراً بِهَا مِنْ عَدُوِّهِ فِي وَقْتِهَا فَأَتَمَّهَا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِهَا خَمْساً وَ عِشْرِينَ صَلَاةً فَرِيضَةً وَحْدَانِيَّةً ، وَ مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلَاةً نَافِلَةً فِي وَقْتِهَا فَأَتَمَّهَا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ نَوَافِلَ ، وَ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ حَسَنَةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِشْرِينَ حَسَنَةً ، وَ يُضَاعِفُ اللَّهُ تَعَالَى حَسَنَاتِ الْمُؤْمِنِ مِنْكُمْ إِذَا أَحْسَنَ أَعْمَالَهُ ، وَ دَانَ اللَّهَ بِالتَّقِيَّةِ عَلَى دِينِهِ وَ عَلَى إِمَامِهِ وَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَ أَمْسَكَ مِنْ لِسَانِهِ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً كَثِيرَةً ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَرِيمٌ " .
قَالَ : فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ رَغَّبْتَنِي فِي الْعَمَلِ ، وَ حَثَثْتَنِي عَلَيْهِ ، وَ لَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ كَيْفَ صِرْنَا نَحْنُ الْيَوْمَ أَفْضَلَ أَعْمَالًا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مِنْكُمُ الظَّاهِرِ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ ، وَ نَحْنُ وَ هُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ ، وَ هُوَ دِينُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟!